ناقشت مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام في ملتقاها الأسبوعي موضوع تحطيم آثار الموصل والدور التركي فيها. وقال الشيخ مرتضى معاش رئيس المؤسسة في مقدمته : يقال ان الشرق محسود على الثروة التاريخية والحضارية والموارد الطبيعية وخصوصا الشرق الإسلامي، ويتحول هذا الحسد إلى حقد وكراهية. ويقال إن مدينة حلب في سوريا قبل الأحداث الأخيرة كانت تنافس الصناعة والتجارة في تركيا والعراق كان مطمع كثير من القوى الإقليمية التي تريد أن تسرق آثاره وحضارته.
وأضاف معاش ان البعض يرى ان الدور التركي كان هداما منذ 500 عام ومنذ نشوء الدولة العثمانية ومن ناحية الحروب الإقليمية التي كانت تخوضها الدولة العثمانية وكان فيها استباحة لكثير من المدن المقدسة. وبعد 2003 كان هناك دور تركي سلبي رغم ان تركيا أكثر دولة منتفعة من وضع العراق كسوق لتصريف منتجاتها فضلا عن النفط التي تحصل عليه بأسعار رخيصة.
وبالمقابل فان دور تركيا من الناحية السياسية والأمنية والدينية هو دور سلبي وهدام فهي تستخدم المياه كسلاح ضد العراق ويكون داعم للإرهاب في أكثر الأحيان. والنقطة الثانية إن تركيا تطمح بالاستحواذ الكامل والسيطرة الاستعمارية وهي تريد ان تستحوذ على كل شيء في سوريا والعراق واهم أسلحتها هو داعش وهو سلاح تركي بامتياز إذ ان معظم الإرهابيين يمرون عبر تركيا قبل دخولهم إلى العراق وسوريا.
واتهام تركيا بانها دمرت حلب والآثار العراقية يأتي من كونها لاتريد اي معلم سياحي وآثاري في العراق وتريد العراق مجرد منتج للنفط ومستهلك لمنتجاتها.
وأسفرت المقدمة عن ثلاثة أسئلة تحيط بجوانب الموضوع وتسلط الضوء عليه كان أولها،
ماهي الدوافع الحقيقية لتحطيم الآثار في الموصل ؟.
أجاب احمد المسعودي، باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية، انه من خلال استقرائنا للتاريخ المعاصر وجدنا إن هناك اطماع تركية لضم الموصل لها وهذا حلم الأتراك الأزلي. وإذا ربطنا بين الآثار والأطماع التركية مع اختفاء مهم وهو ملف الاتفاقية التركية العراقية بخصوص الموصل وقد اثبت فيه ان عمق الموصل التاريخي والحضاري هو أهم الأسباب التي منحت به الموصل للعراق وتركيا خسرت الموصل بسبب هذه الآثار وهذا الإرث الحضاري.
وتابع المسعودي إن هناك علاقة بين تحطيم الآثار والحلم التركي للسيطرة على الموصل والتحكم بالعلاقات الكردية التركية واعتقد إن هناك محاولة لتتريك الموصل.
احمد جويد من مدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات يعضد ماجاء به احمد المسعودي ويؤكد علاقة تركيا بتهديم الآثار وأشار إلى إن هناك خطوة استباقية للجيش التركي ودخوله للأراضي السورية ونقل رفاة سليمان باشا وتهدف هذه الحركة إلى إشاعة الفوضى أولا في المنطقة وثانيا إزالة الملامح والتاريخية
الأستاذ حمد جاسم، باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية، تحدث عن الأصول التاريخية، قبل 2003 لم تكن هناك أطماع واضحة لتركيا بسبب سيطرة المكون السني على الحكم وبعد 2003 اتجهت تركيا إلى دعم السنة في العراق ودعمت القادة في العراق ثم دعمت داعش. وهناك يد تركية في فصل المناطق السنية عن الشيعية في العراق. وعن الدوافع يعتقد حمد ان الوهابية في السعودية قامت بتهديم كافة القبور وخاصة قبور أهل البيت وداعش امتداد للقاعدة ويعتقد إن تركيا لاتقدم على تحطيم الآثار العراقية ففي باكستان عندما هدم تمثال بوذا لم يكن دور لتركيا في ذلك.
وهناك فرق تنقيب وجدت آثار عام 2014 غير مسجله في اليونسكو وكان مفروض تنقل إلى بغداد وبعد سقوط الموصل حطمت هذه الآثار بما فيها الحقيقية المسجلة لدى اليونسكو وبالتالي يتم التلاعب بها وتهريبها وتصديرها عبر منفذين هما اسطنبول وعمان.
من جهته حيدر المسعودي لايؤيد الآراء التي ترجح الدور التركي في تهديم الآثار وقد تكون هناك عدة دوافع منها مايخص داعش ومنها مايعكس من المواقف الدولية تجاه داعش والتعاطي مع ما يأتيه من خلال الإعلام والبناء الأيديولوجي لداعش هو اشتقاق من القاعدة التي تحرم (الأصنام) وتقوم بتهديمها وهذا التحطيم والتكسير مصحوب بعملية إعلامية. لان داعش احتاجت إن تقوم بممارسات لتنال إعجاب السلفيين ولاسترجاع هيبتها التي أصبحت مهددة بسبب الحملة الإعلامية التي ترجح سقوط داعش وتحرير الموصل ويوكد حيدر ان الدوافع التي تم تسقيطها على تركيا يمكن تسقيطها على دول أخرى في المنطقة.
وعن سؤال الدور التركي في عملية تحطيم الآثار قال الشيخ مرتضى معاش ان السعودية وتركيا لعبت دور الفوضى الخلاقة في المنطقة لذلك فان تحطيم الآثار يعبر عن اليأس التركي بمعنى إننا مستعدون لحرق المنطقة أو إغراقها وتهديمها، وهي تهدف إلى تغيير ديموغرافي في المنطقة لتأسيس إقليم سني تابع لتركيا ومصادرة هويتها وحضارتها وتحطيم أصولها لتستطيع السيطرة عليها وهناك توجه عربي لإلغاء التنوع في المنطقة وخصوصا المسيح.
من جهته قال احمد جويد إن تركيا تحصل على فوائد اقتصادية من وراء تهرب الآثار والتوجه لامتدادات التركية في المنطقة وهذا مابينه حزب الرفاه التركي وبدت طموحاته تكبر مع وجود الفجوة الكبيرة بنسيج العراق وتحطم أحلامه في سوريا. وعليه فان البصمة التركية واضح في من خلال عدم اشتراكها في التحالف الدولي ضد داعش.
والسؤال الثاني فكان عن فقرة الدور الكردي في عملية تحطيم الآثار في الموصل؟
فقال احمد جويد ان الدور الكردي الهدف منه توجيه ضربه للحكومة الاتحادية وإضعافها في الموصل ولان هناك مناطق في الموصل يعتبرونها مناطق كردية، ولديهم دور خبيث لإثارة الفوضى في الموصل لإمكانية السيطرة على المناطق المتنازع عليها.
ويرى الشيخ مرتضى معاش ان الدور الكردي هو احد الاحتمالات لان التوسع الكردي والدولة الكردية هو حلم الأكراد وإذا لاحظنا دعم اربيل لكوباني بالنتيجة يمثل عملية مسخ الهويات بالنسبة للأكراد وتهجير الأقليات وضربها لتحقيق دولة الأكراد وهذا الطمع واضح عند الأكراد.
ولفت معاش إلى إن هذا المشروع هو أوربي مع وجود صراع بين ثلاث جهات على المنطقة وهم الأوربيون والأتراك (الذين يعارضون التمدد الكردي)، والأمريكان الذين يدعمون وجود الأقليات، وأوربا التي ترغب في إحداث تغير ديموغرافي في المنطقة وأعاد صياغة سايكس بيكو لتحقيق مصالحها الاستعمارية التي فقدتها، لذلك فان ضرب الآثار ومحاول التكريد والتتريك هي احد معارك الحرب عالمية الباردة.
استشراف مستقبل المنطقة
وقد استشرف الحاضرون مستقبل المنطقة على ضوء هذه الأحداث الأخيرة بقولهم:
يعتقد حيدر المسعودي ان القادة السياسيين والدينيين سيلتفتون إلى أهمية وجود الآثار وعمقها التاريخي وبالتالي عندما تقدم داعش على هذه الخطوة ممكن ان يلتفت إلى الآثار وأهميتها وتسجيلها ويحثون الشعب على احترامها.
جويد استشرف المصالح الإسرائيلية التركية الغربية في المنطقة. وبالتالي سيكون الدعم الإسرائيلي من خلال لوبيهم وصفقات الأسلحة ستكون معلنة مع الأكراد وليست سرية. أما الأتراك يهمهم أن لاتكون سوريا دولة مستقلة حتى لايتم تصدير نفط العراق عبر سوريا ويبقى عن طريق تركيا عن طريق الشاحنات أو أنابيب النفط، فضلا عن الأطماع السياسية الأخرى، واستشرف جويد إن الأمريكان سيكونون الأقوى في المنطقة.
ويؤيد التدريسي حمد جاسم ان الدور الأمريكي سيكون فاعلا في المستقبل ولاتسمح أمريكا بقوة الدولة الإسلامية في المنطقة وهي ترتب ان يكون السنة هم حلفاء المستقبل ولاتعطي اي دور للأكراد او تركيا.
احمد المسعودي يعتقد إن خطط بريطانيا هي التي ستنتصر على أمريكا وغير أمريكا وحينما حاولت أمريكا السيطرة على مسار الربيع العربي تدخلت بريطانيا لإيقاف هذا التدخل. وعليه يعتقد احمد ان العقلية البريطانية هي التي ستتحكم بالعقلية التركية وتوجهها دون ان تشعر، وسيكون هناك سياسات باتجاه سايكس بيكو جديدة في المنطقة وهذا ماتقوده وتروج له بريطانيا.
واستشرف معاش إن المعركة في المستقبل هي معركة الموصل وهي التي ستحسم كل المواقف وهناك صراع دولي على الموصل لان خط الغاز الذي سيمد أوربا بالغاز قد يمر عبرها. وعليه فيمكن ان تحسم المعركة عسكريا على يد أمريكا ولا يستبعد أن يدخل الغرب المتوحش في حرب عالمية استعمارية جديدة.
اضف تعليق