المرحلة الحرجة التي يسعى العراق والعراقيون لعبورها بأقل الخسائر، تستوجب جهودا فكرية وتنظيمية عملية استثنائية، حتى يتم عبور هذا المرحلة بطريقة استثنائية أيضا، هذا يعني أننا كعراقيين نحتاج الى فكر استثنائي ينقذنا من دوّامة التيه التي تعصف بنا، وطالما أن هذا البلد يمثل أرض الأنبياء وأئمة أهل البيت عليهم السلام، فإن الفكر والمبادئ الكفيلة بإنقاذه مما يعصف به اليوم، هو فكر ومبادئ أهل البيت عليهم السلام، فالعراق عراق أهل البيت.
كما نقرأ ذلك في قول شديد البلاغة والوضوح، يأتي في إحدى الكلمات التوجيهية القيمة التي وجهها سماحة المرجع الديني الكبير، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله)، الى المسلمين عموما والى العراقيين على وجه الخصوص، حيث يؤكد سماحته في معرض كلمته هذه بأن: (العراق بحاجة إلى تعبئة واسعة من الأدوار والمواقف، التي تكون في إطار أهل البيت صلوات الله عليهم، فقط وفقط).
وهذا التأكيد والتركيز الذي يبديه سماحة المرجع الشيرازي، على أولوية وحتمية اعتماد فكر أهل البيت عليهم السلام لإنقاذ العراق والعراقيين من معاناتهم المستمرة، يأتي من باب المعرفة العميقة لما يحتويه مضامين هذا الفكر والمبادئ والثقافة الإسلامية المحمدية الإنسانية الفريدة، وطالما أن هذا البلد أرضا وشعبا وتاريخا هو بلد سلالة الدوحة المحمدية، من أئمة أهل البيت عليهم السلام، فإنه محميّ بهذا الفكر الوقّاد وبهذه المبادئ العظيمة، فهي كفيلة بإنقاذ هذا البلد هو وأهله، ويكفي أنه عراق الأئمة الأطهار عليهم السلام.
يقول سماحة المرجع الشيرازي: إن (العراق بلد أهل البيت، وعراق أمير المؤمنين، وعراق الحسين، وعراق الأئمة الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين، وعراق مولانا بقيّة الله الإمام المهديّ المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف).
شباب الشيعة في العراق مستهدَفون
إذاً هي حرب حامية الوطيس، يشنها أعداء العراق على الأرض والعرض والأموال والثروات والمقدسات وكل ما يجعل العراق والعراقيين كرماء أقوياء، فما يحدث من مسلسل إرهابي متواصل يستهدف الأبرياء من العراقيين وينشر الرعب بينهم يعد من أوضح الأدلة على غايات الأعداء، وما يضمرونه من غل وأحقاد على هذا البلد وأهله، لذلك ليس هنالك سوى حفظ فكر أئمة أهل البيت وعقائدهم وفكرهم ومبادئهم، فهذه وحدها كفيلة بإنقاذ هذا البلد وشعبه من شرور المعدين له.
فثمة عقائد معروفة لأئمة أهل البيت مستقاة من أخلاق المربي لهم، ألا وهو الرسول الكريم، فهو الحاضنة الأولى للأئمة الأطهار، حيث تربوا على أخلاقه وعقائده وسجاياه وإنسانيته، وعندما يأخذ العراقيين بعقائد أهل البيت ويحفظونها، فإنهم إنما يأخذون بفكر الرسول الكريم (ص) وأخلاقه، لذلك تعد خلاصهم الأبدي مما يعانونه اليوم من مشكلات كبرى تهدد وجودهم وتحدد مصيرهم وتشكل خطرا كبيرا عليهم، لذا يجب التمسك بعقائد وفكر وأخلاق أئمة أهل البيت عليه السلام.
كما يؤكد ذلك سماحة المرجع الشيرازي فيما ورد بكلمته نفسها، إذ يقول سماحته: (كلمتان مهمّتان في العراق اليوم. والله سبحانه وتعالى هو وليّ الجزاء في الدنيا والآخرة، والتاريخ هو وليّ الحكم في المستقبل، لنا وعلينا. الكلمة الأولى: التحفّظ بإطار أهل البيت صلوات الله عليهم، في كل مجال، أي عقائد أهل البيت، وأخلاق أهل البيت، وأحكام أهل البيت صلوات الله عليهم. فالعراق اليوم بحاجة ماسّة إلى هذا الأمر).
هكذا ينبغي النظر الى ما يمر به العراق من تعقيدات ومخاطر جمة تحاصره في الداخل والخارج، أما في الداخل فهنالك من لا يريد الخير للعراقيين، وما مسلسل التفجيرات والإرهاب والفساد الذي يضرب أطنابه في مؤسسات الدول، إلا جانب يعد الأكثر وضوحا لما يبتغيه الأعداء من أهداف مدمرة للعراق والعراقيين، فقد انتشر أخلاقيات غريبة بين العراقيين، وشاعت قيم دخيلة ما أنزل الله بها من سلطان، حتى باتت بعض القيم مقبولة ومتداولة على الرغم من أنها تخالف الدين والأعراف والفطرة الإنسانية، لكن إيغالا بتدمير العراقيين يتم نشرها على أنها من القيم المقبولة، كالرشوة والتجاوز على المال العام وما الى ذلك من مخرجات مبررة بحجج وأعذار لا ترقى الى مكانة الحق والعدل مطلقا.
فالتركيز هنا يقع على الشباب العراقيين لإفسادهم والإيقاع بهم في شرك الفكر الشرير والأعمال الطالحة، وطالما أن شريحة الشباب هي الأكبر والأهم في المجتمع العراقي، فإن الخطر هنا سوف يكون كبيرا، من هنا يركّز سماحة المرجع الشيرازي على أهمية حماية الشباب من الفكر الدخيل المنحرف.
إذ يضيف سماحته في كلمته التوجيهية القيمة قائلا: أما (الكلمة الثانية: الشباب، الشباب، الشباب. فشباب الشيعة في العراق اليوم مستهدفون من الشيوعية والبعثية والعلمانية).
اعلموا إن الثقافة هي الأهم
بطبيعة الحال الأهداف العظيمة ينبغي أن يتصدى لها المتميزون، ويكملون طريق الأجداد والآباء، وهنا لابد أن يتحرك العراقيون من الشباب والأخيار الكرماء والشرفاء المؤمنين بمبادئ وأفكار أئمة أهل البيت، لكي يتصدوا ببسالة لكل من وما يسعى لتخريب عقوله وأفكارهم ويستهدف عقائدهم، حيث المستهدّف الأول والأخير بلدهم ووجودهم وحياتهم برمتها، لهذا ينبغي أن يكون هناك موقف مميز للعراقيين في قضية التصدي لكل من يريد الشر بهذا البلد وأهله، ليكمل ما بدأه الأجداد في حماية البلاد.
يقول سماحة المرجع الشيرازي حول هذا الجانب بالتحديد: إن (الدنيا أدوار ومواقف. والسابقون أدّوا أدوارهم ومواقفهم، على اختلاف الأصعدة. واليوم يوم المتواجدين). بالفعل لقد أنجز السابقون ما عليهم من مهام فكرية عقائدية عملية، وجاء الدور اليوم على من هو حي أو على قيد الحياة، اليوم ينبغي أن يؤدي الأحياء من الأبناء دورهم لتكملة مسيرة وأهداف الأجداد.
والسؤال المهم هنا، هو كيف نقوم نحن الأحياء بما ينبغي أن نقوم به من دور مهم ومتميز يضاهي أصالة وقوة ومتانة تلك الأدوار العظيمة لأجدادنا؟، من المؤكد أننا كمتواجدين ومستمرين على قيد الحياة نحتاج الى وسائل وسبل وأفكار نستطيع من خلالها مواصلة المسيرة، في هذا الجانب يركّز سماحة المرجع الشيرازي على أهمية الثقافة ودورها الأصيل الفاعل في تحقيق الانتصار على الفكر المعادي، نعم هنالك صعوبة تواجهنا في المجال الثقافي، فليس هذا الأمر سهلا أو بسيطا، ولكن متى كانت الأهداف العظيمة سهلة، أو أن تحقيقها سهلا وبسيطا، بالعكس كلما كان الهدف عظيما وكبيرا وخارقا، كانت الجهود المبذولة لتحقيقه وإنجازة كبيرة ومضاهية لقيمته.
لذلك ينبغي أن يؤمن الجميع بدوره الكبير المتميز في اعتماد الثقافة والفكر العظيم لأئمة أهل البيت عليهم السلام، وأهمية نشره وتعميقه وزرعه في نفوس وقلوب العراقيين وجعله خريطة عمل يومي لهم، إذ لا يكفي أن نؤمن بالفكر وإنما ينبغي أن نلتزم بها عمليا ونحوّل مفرداته الى واقع عملي في حياتنا اليومية، فإذا التزمنا بذلك حرفيا، فإن النتائج ستوفي تكفلها التاريخ، وهي حتما ستكون من صالحنا إذا ما قمنا بالدور المطلوب منا على أفضل وجه.
هنا يقول سماحة المرجع الشيرازي بوضوح مباشر: (اعلموا إن الثقافة هي أهمّ شيء، ومتعبة جدّاً. فحاولوا أن يكون دوركم أكثر وأكثر، وموقفه أحسن. والله وليّ الجزاء، وأهل البيت صلوات الله عليهم أولياء الشفاعة، والتاريخ يتولّى الحكم، لا سمح، علينا وعليكم، أو لنا ولكم).
اضف تعليق