q

العراق

لرمضان نكهتُه لدى المسلمين في كل الديار العربية والإسلامية، ولهذا الشهرِ الفضيل في العراق طعمٌ مميز آخَر، لا تجده في غيره من الشهور الأخرى، وأهل العراق لهم عاداتُهم في استقباله قبل مجيئه أولاً، وصيام أيامه حين يُطلُّ ببركته عليهم، وعادات في توديعه حين يشدُّ الرحال في الأيام الأخيرة، وهذه العادات بعضُها مُتوارَث عن العثمانيين أيامَ ولايتهم على العراق، وبعضها طبائع تجذَّرت في نفوس العراقيِّين خلال عقود طويلة.

فمن تلك العادات التي تربَّينا عليها نحن وقد حُفرت بذاكرتنا أطفالاً، ونمَتْ معنا كبارًا مِدفَع رمضان أو (الطوب) بالتركيَّة، والأصل في حكايته أنَّه يعود إلى العصر العثماني؛ حيث كان يُستخدَم هذا المدفعُ لتنبيه أهل بغداد بموعد الإفطار، وذلك بإطلاق إطلاقة صوتية في الهواء، وكان السبب في استخدام المدفع هو انعدام الإذاعات ووسائل الإعلام آنذاك، وبقي هذا المدفعُ إلى يومنا هذا تقليدًا تَحرِص وسائل الإعلام العراقية الرسميةُ وغيرها غلى التمسُّك به، إلا أنَّ مِدفَع اليوم هو رسمٌ ثلاثي الأبعاد مُصمَّم بـ(الكومبيوتر)، وينتظره الأطفال خاصَّةً بشغفٍ منقطع النظير قبل أذان المغرب مباشرةً.

ومن عادات أهل العراق في رمضان كثرةُ التزاور فيما بينهم في رمضان، وإقامة الولائم العائلية، وكذلك يتميَّز العراقيون بإخراج الطعام قبل الإفطار إلى الجيران، فيحصل تبادلٌ رائع بأطباق الطعام المختلفة، حتى يجد صاحب الدار الواحد أن ليس في سفرة طعامه مما صنَعه هو إلا القليل، أما الباقي فهي أطباق منوَّعة جاءت من هنا وهناك.

أمّا المساجد، فتعيش أجواء مميَّزة في رمضان بطبيعة الحال؛ فتمتلئ بالمصلين وتَشتغِل المساجد قبل رمضان بصيانة دورية مكثَّفة للإنارة وأجهزة التبريد، وخصوصًا إن جاء رمضان صيفًا وفي العراق كما أنَّ المساجد تَنشَط في مُسابقات فكريَّة توزَّع خلالها جوائزُ ومصاحف وكتبٌ للفائزين في جوٍّ إيمانيٍّ وتنافُسي ممتع.

وتُقام موائد إفطار الصائمين في المساجد بعضها من نفقات المسجد، وبعضها مما يَحمله المُحسنون، وأشهى موائد الإفطار عند العراقيين هو التمر العراقي، والمعروف بـ(تمر البصرة) أو (الخستاوي) واللبن، كما تشتهر موائد العراقيِّين في رمضان بشراب (النومي بصرة)، وهو شرابٌ مميَّز يحتسيه العراقيون عند السحور والإفطار، ويقولون عنه إنَّه دواء للصداع.

مهما قال العراقيُّ عن رمضان وأيامه في العراق، ومهما تحدَّث المِصريُّ عنه وعن موائد الرحمن في مصر، يبقى رمضان شهر الله المبارك، شهر المسلمين جميعهم، شهر العبادة والرحمة، شهر الأوبة إلى الله والرجوع إلى شرعته.

البحرين

ولشهر رمضان الكريم قديما في مملكة البحرين نكهة خاصة فإلى جانب غبقاته الروحانية له ذكريات جميلة يستمتع بها أهالي البحرين، حيث كان لقدوم هذا الشهر في الماضي عادات تجرى في اغلب مناطق البحرين فما أن يهل شهر شعبان حتى ترى الكثير من العائلات في البحرين، وقد بدأت بالاستعداد لاستقبال هذا الضيف الكريم.

ولبساطة الناس في ذلك الوقت كانوا يتعاونون في دق الحب (طحن الدقيق) أمام البيوت، وقد كست وجوهم الفرحة والبهجة في انتظار هذا الشهر أما المجالس فيعاد تهيئتها وقد صفت في جوانبها المصاحف حيث يستدعى عادة في بداية هذا الشهر الكريم عدد من الدراريس هكذا يطلق عليهم وذلك لتلاوة القرآن الكريم طوال شهر رمضان.

وهناك العديد من مجالس بعض العائلات التي اعتادت أن تفتح مجالسها للجيران والزوار فما أن يطلق مدفع الإفطار حتى ترى العشرات من أبناء الحي وقد جلسوا ملتفين حول تلك المائدة العامرة بالأكلات الشعبية الرمضانية و بعد الصلاة يبدأ الدراريس في قراءة القرآن حتى وقت قريب من السحور وإذا صادف مجيء شهر رمضان.

في فصل الصيف فالعشرات من العائلات يذهبن إلى المصايف كمناطق القضيبية وعراد وام الحصم والسويفية والجا بور ويعتبر الأطفال والشباب ليالي رمضان من أمتع وأجمل الليالي ففي كل الأحياء والطرقات كانت تمتلئ بالأطفال والشباب وهم يمارسون الألعاب الشعبية الرمضانية مثل الصعكير والخشيشة وظلا لوه فلم يكن أجهزة تلفزيونية و مسلسلات في البيوت تشغلهم . ومن الأطباق التي لاغنى عنها في المجتمع البحريني والتي تتواجد بشكل يومي على السفرة الرمضانية هي التمر والثريد والهريس واللقيمات والخنفروش والكباب والمحلبي والفالودة والطابي وأيضا من العادات المتبعة حتى يومنا هذا هي تبادل اطباق الاكلات الرمضانية بين الجيران والأهل والأصدقاء حيث ترى الحي يعج بالأطفال الذين يسعون في توصيل تلك الأطباق قبيل إطلاق مدفع الإفطار.

كذلك من الولائم التي تقام في منتصف ليالي رمضان وتسمى (الغبقة) وعادة ما تتكون من الرز المحمر بالسكر او الدبس ويسمى محلياً (بالمحمر) والسمك وتأتي ليلة النصف من شهر رمضان ليخرج الأطفال مرتدين الأزياء الشعبية و هم يحملون الأكياس المصنوعة من القماش الملون (لجمع المكسرات والحلويات والتي تسمى محليا القرقاعون) و جماعات أخرى من الشباب حاملين الدفوف والطبول ومجسم على شكل فرس مغطى بالأقمشة الملونة يسمى "الفريسة" وهم يطوفون مابين البيوت مرددين الأهازيج الشعبية الرمضانية.

ويتسم هذا الشهر الفضيل كذلك بالتواصل بين الاهل والاصحاب والاصدقاء عن طريق الزيارات سواء للرجال أو النساء بشكل مكثف وهذا بالرغم من أن البعض من الشريحة الشبابية وبعض من الكبار يتغاضون عن الزيارات ويذهبون للمجمعات التجارية والمقاهي التي تعج بالحركة في شهر رمضان كما تتكاثر الخيم الرمضانية بشكل ملحوظ وتأخذ مقراً للسهرة والتجمع لعامة الناس وهو تقليد عصري متبع في أيامنا هذه.

اما المسحر وهو شخص يحمل معه طبلة بصحبة عادة مجموعة من الشباب يتكفل في الليالي الرمضانية بالتطبيل بين الفرجان والازقة بغرض مناداة الاهالي للاستيقاظ وتناول طعام السحور، اما في الوقت الحالي فيتسم شهر رمضان الكريم بروح الفرح والالفة والتواصل بين الناس حتى قبل حلول هذا الشهر فقد اصبحت التهاني تتبادل عبر الهواتف النقالة والتي اخذت حيزا من الروح الاجتماعية الاصيلة.

مصر

أهم ما يميز رمضان في مصر مدفع الإفطار حيث تؤكد كثير من الروايات التاريخية أن والي مصر "محمد علي" كان قد اشترى عددًا كبيرًا من المدافع الحربية الحديثة في إطار خطته لبناء جيش مصري قوي، وفي يوم من الأيام الرمضانية كانت تجري الاستعدادات لإطلاق أحد هذه المدافع كنوع من التجربة، فانطلق صوت المدفع مدويًّا في نفس لحظة غروب الشمس وأذان المغرب من فوق القلعة الكائنة حاليًا في نفس مكانها في حي مصر القديمة جنوب القاهرة، فتصور الصائمون أن هذا تقليد جديد، واعتادوا عليه، وسألوا الحاكم أن يستمر هذا التقليد خلال شهر رمضان في وقت الإفطار والسحور، فوافق، وتحول إطلاق المدفع بالذخيرة الحية مرتين يوميًّا إلى ظاهرة رمضانية مرتبطة بالمصريين كل عام، ولم تتوقف إلا خلال فترات الحروب العالمية, ويستقر المدفع الآن فوق هضبة المقطم، وهي منطقة قريبة من القلعة، ونصبت مدافع أخرى في أماكن مختلفة من المحافظات المصرية.

الفانوس يميز الشارع المصري

وما يميز مصر أيضا موائد الرحمن التي يبدأ العمل فيها قبل رمضان بعدة أيام لتكون جاهزة لاستقبال ضيوفها من الصائمين مع أول أيام شهر رمضان الكريم حيث تقام الخيام القماشية مستندة على أوتار من الخشب، ويتم تصميمها بحيث تسمح بالتهوية وتمنع المارة من رؤية روادها.

وكما يقول إبراهيم عناني عضو اتحاد المؤرخين العرب بجريدة "الأهرام" المصرية أن داخل محافظات مصر يتم الاحتفال برمضان بطرق مختلفة فنجد في محافظة الغربية أن عددا من النساء يقمن بمهنة المسحراتي في حين يحرص سكان منطقة "بسيون" على تناول وجبة الفسيخ المملح والرنجة في آخر يوم من شهر شعبان ويطلقون على هذه العادة "الشعبنة" أما في قرية "ميت يزيد" بالغربية فيتناول أهلها إفطار اليوم الأخير من رمضان وسط المقابر في احتفالية جماعية ويشترط أن يتضمن الإفطار الحمص والبيض.

وفي محافظة بورسعيد يحرص الأهالي على تناول البط في أول أيام الشهر ويتبارى نساء المناطق الشعبية على تربية البط قبل بداية رمضان بعدة شهور وفي مدينة "بلطيم السياحية" يحرص الأهالي على أن يتضمن إفطار اليوم الأول من شهر رمضان الفول النابت.

ولا يعرف أهل مطروح المسحراتي في حين يرتبط المسحراتي في معظم محافظات مصر بشهر رمضان ارتباطا وثيقا.

سلطنة عمان

في سلطنة عمان شهر رمضان له سحره الخاص وخاصة في الولايات والقرى العمانية التي تتحول طوال أيام الشهر إلى أسرة واحدة يجمعها نداء الأذان بالصلاة وهو يرتفع من مئات المآذن التي تنتشر في كل ربوع عمان يجمعها الحب والتآلف على مأدبة الإفطار.

ومع أذان المغرب يخرج أبناء عمان من كل حدب وصوب يتجهون إلى المساجد لأداء الصلاة التي يحرصون عليها وبعد العودة من أداء الصلاة يبدءون بتناول الإفطار، وعادة ما يتكون من وجبة خفيفة تختلف من منطقة لأخرى وتتكون وجبة الإفطار من أنواع الفاكهة المختلفة والتمور واللبن والعصائر المختلفة، وبعدها يذهبون لأداء صلاة العشاء وعقب الصلاة يجتمع أبناء القرية وشبابها وشيوخها في حلقات يستمعون فيها إلى بعض الدروس والمحاضرات الدينية التي عادة ما تدور حول أفضال الشهر الكريم.

ومع اقتراب الساعة من العاشرة مساء تبدأ وجبة العشاء التي تتكون من اللحوم والدواجن والثريد والهريس وأنواع مختلفة من الأطباق الرمضانية، بالإضافة إلى بعض أنواع الحلوى المحلية وخلال أيام شهر رمضان الكريم تبدأ كل القرى العمانية في إعداد بعض الدورات الرياضية التي تشمل العديد من الألعاب الرياضية وحلقات السمر التي يشارك فيها شباب القرية أو المنطقة.

كما تتخذ الأسواق كل الاستعدادات لاستقبال الشهر الكريم من بينها إصدار سلطان عمان السلطان قابوس توجيهاته بتوفير كل المواد الغذائية بأسعار تدعمها الدولة وذلك في إطار تخفيف الأعباء عن المواطنين، وفي المجال الرياضي تنظم الأندية العمانية دورات رمضانية خاصة وفق برامج لتبادل الزيارات بين أندية الولايات وشبابها.

المغرب

يمكن لأي مسلم يعيش في المغرب أن يلحظ مدى احتفاء الشعب المغربي بقدوم شهر رمضان المبارك، ويظهر هذا جليّا في الأيّام الأخيرة من شهر شعبان، حين يبدأ استعداد المغاربة لاستقبال شهر الصوم في وقت مبكر، ومن تلك المظاهر تحضير بعض أنواع الحلوى الأكثر استهلاكًا، والأشد طلبًا على موائد الإفطار.

وبمجرّد أن يتأكّد دخول الشهر حتى تنطلق ألسنة أهل المغرب بالتهنئات قائلين:(عواشر مبروكة) والعبارة تقال بالعامية المغربية، وتعني (أيام مباركة) مع دخول شهر الصوم بعواشره الثلاثة: عشر الرحمة، وعشر المغفرة، وعشر العتق من النار.

ثم إنك ترى الناس يتبادلون الأدعية والمباركات والتهاني فيما بينهم سرورًا بحلول الضيف الكريم الذي يغير حياة كثير من الناس تغييرًا كليًا, وكما هو المعهود فإن رمضان يعدّ فرصة عظيمة للتقارب والصلة بين الأرحام بعد الفراق والانقطاع، فلا عجب أن ترى المحبة ومباهج الفرح والسرور تعلو وجوه الناس، وتغير من تقاسيمها وتعابيرها بعد أن أثقلتها هموم الحياة.

ويستوقفنا التواجد الرمضاني الكثيف داخل المساجد، حيث تمتليء المساجد بالمصلين، إلى حدٍّ تكتظ الشوارع القريبة من المساجد بصفوف المصلين، مما يشعرك بالارتباط الوثيق بين هذا الشعب وبين دينه وتمسّكه بقيمه ومبادئه.

هذا وتشرف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية هناك على ما يسمى بـ(الدروس الحسنية الرمضانية) وهي عبارة عن سلسلة من الدروس اليومية تقام خلال أيام الشهر الكريم بحضور كوكبة من العلماء والدعاة، وتلقى هذه الدروس اهتماما من الأفراد، لما يلمسونه من أهمية هذه الدروس ومدى ارتباطها بواقعهم وإجابتها عن أسئلتهم، وتقوم وزارة الأوقاف بطباعة هذه الدروس وتوزيعها إتماما للفائدة.

ليالي رمضان عند المغاربة تتحول إلى نهار فبعد أداء الصلاة، يسارع الناس إلى الاجتماع والالتقاء لتبادل أطراف الحديث وهنا يبرز "الشاي المغربي" كأهم عنصر من العناصر التقليدية المتوارثة، ويحكي المهتمون من أهل التاريخ عن عمق هذه العادة وأصالتها في هذا الشعب الكريم، وظلت هذه العادة تتناقل عبر الأجيال.

وفي بعض المدن المغربية تقام الحفلات والسهرات العمومية في الشوارع والحارات، ويستمر هذا السهر طويلا حتى وقت السحر وهنا نقول: إن شخصية (الطبّال) أو (المسحراتي) - كما يسميه أهل المشرق- لا تزال ذات حضور وقبول، فعلى الرغم من وسائل الإيقاظ التي جاد بها العصر فإن ذلك لم ينل من مكانة تلك الشخصية، ولم يستطع أن يبعدها عن بؤرة الحدث الرمضاني حيث لا زالت حاضرة في كل حيّ وكل زقاق، يطوف بين البيوت قارعا طبلته وقت السحر، مما يضفي على هذا الوقت طعماً مميّزا ومحبّبا لدى النفوس هناك.

وبعد صلاة الفجر يبقى بعض الناس في المساجد لقراءة القرآن وتلاوة الأذكار الصباحية، بينما يختار البعض الآخر أن يجلس مع أصحابه في أحاديث شيّقة لا تنتهي إلا عند طلوع الشمس، عندها يذهب الجميع للخلود إلى النوم بعد طول السهر والتعب.

الفترة ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر تشهد فتورًا ملحوظًا وملموسًا، حيث تخلو الشوارع من المارة والباعة على السواء لكن سرعان ما تدب الحياة في تلك الشوارع، وينشط الناس بعد دخول وقت العصر –خصوصا في الأسواق– لشراء المستلزمات الخاصة بالإفطار من الحلويات والفواكه وغيرها من المواد التموينية المهمة، مما يسبب زحاما شديدا في المحلات التجارية وعند الباعة المتجولين.

يفضّل أكثر الناس الإفطار في البيوت، إلا أن هذا لا يمنع من إقامة موائد الإفطار الجماعية في المساجد من قبل الأفراد والمؤسسات الخيرية لاسيما في المناطق النائية والقرى والبوادي, وفيما يتعلّق بالإفطار المغاربي فإن (الحريرة ) تأتي في مقدّمه، بل إنها صارت علامة على رمضان، ولذلك فإنهم يعدونها الأكلة الرئيسة على مائدة الإفطار ، وهي عبارة عن مزيج لعدد من الخضار والتوابل تُقدّم في آنية تقليدية تسمّى "الزلايف" ويُضاف إلى ذلك (الزلابية ) والتمر والحليب والبيض، مع تناول الدجاج مع الزبيب.

وللحلوى الرمضانية حضورٌ مهم في المائدة المغربية، فهناك (الشباكية) و(البغرير) و(السفوف)، والكيكس والملوزة والكعب، والكيك بالفلو وحلوى التمر، وبطبيعة الحال فإن تواجد هذه الحلوى يختلف من أسرة إلى أخرى بحسب مستواها المعيشي, وبالرغم مما يتمتع به هذا الشهر الكريم من مكانة رفيعة، ومنزلة عظيمة في نفوس المغاربة عمومًا، إلا أن البعض منهم يرى أن مظاهر الحياة الجديدة ومباهجها ومفاتنها، كالتلفاز والفضائيات وغير ذلك من الوسائل المستجدة، قد أخذت تلقي بظلالها على بركات هذا الشهر الكريم، وتفقده الكثير من روحانيته وتجلياته.

ويعبر البعض - وخاصة الكبار منهم - عن هذا التحول بالقول: إن رمضان لم يعد يشكل بالنسبة لي ما كان يشكله من قبل.

الكويت

تعيش الكويت خلال شهر رمضان المبارك أجواء خاصة، وتشهد حراكاً اجتماعياً ملحوظاً، وتطغى مشاعر المحبة والود والإخاء والتراحم ولرمضان في الكويت طقوس مختلفة لا تجدها في الشهور الأخرى، إذ يعتبر أهل الكويت رمضان فرصة لإحياء العادات والتقاليد الأصيلة واستعادة القيم التي تعزز التجانس بين أفراد المجتمع يتميز رمضان بالديوانيات التي تجمع مجالس الكويتيين وتكون عامرة بالرواد وتقام فيها حفلات الإفطار الجماعي الذي يعمر بمناسف الأرز واللحم والسمك وهريس القمح والتشريب واللحم والمجبوس، وغيرها من الأكلات الكويتية.

وفي الديوانيات يتسامر الحضور وتدور النقاشات حول القضايا التي تمس حياتهم اليومية، وتجرى بعض المسابقات الخفيفة بينهم فتضفي على الأجواء متعة ومرحاً كما تقام مآدب عارمة (موائد الرحمن) في كثير من المساجد للفقراء والمحتاجين، وهي منتشرة بشكل كبير في أرجاء البلاد، وفيها يتم تقديم الطعام والشراب للصائمين بإشراف الوزارات والمؤسسات والشركات العامة والخاصة طوال الشهر الفضيل.

وفي منتصف الشهر، يجري الاحتفال بأيام "القرقيعان"، وهو عبارة عن خليط من المكسرات والملبس والحلاوة والشوكولاته يتم توزيعه على الأطفال الذين يدقون أبواب الأهل والأقارب والجيران بعد الإفطار ووقت السحور، فيعطيهم أصحاب البيوت خلطة "القرقيعان" في الأكياس التي يحملونها ليجمعوا أكبر مقدار من الحلوى.

ويرتدي الأطفال في أيام "القرقيعان" الملابس الكويتية التقليدية ويرددون الأغاني الوطنية وأناشيد معينة ومن العادات المرتبطة بشهر رمضان في الكويت احتفال الناس يومياً عند غروب الشمس بانطلاق مدفع الإفطار، حيث يجتمعون بكثافة قرب مكان المدفع منذ العصر، وعندما ينطلق يهلّلون ويزغردون.

وقرب مكان المدفع يقع سوق المباركية التراثي قبلة الكويتيين في الشهر الفضيل، اذ يزدحم بالرواد من كل الجنسيات، ويتحول إلى ملتقى يجمع الأهل والأصدقاء، حيث المقاهي والمطاعم والمشروبات والمأكولات الشعبية الشهيرة مثل الكباب والكشري والفطير المشلتت والمشروبات الساخنة والباردة، والسهر حتى وقت السحور وساعات الفجر.

والمباركية من الأسواق التراثية القديمة، ويقع في قلب مدينة الكويت، ويجد الزائر فيه كل احتياجاته من سلع ضرورية وتراثية وهدايا وتحف ومجوهرات من الفضة والذهب وملابس شعبية وغير شعبية وخزفيات ومشغولات يدوية ومأكولات بمختلف أصنافها، إلى جانب البخور والعطور ولوازم التجميل.

ولـ "أبو طبيلة" أو "المسحراتي" مكانة خاصة في هذا الشهر، وهو يسهر ليالي رمضان ويجوب الشوارع وهو يقول "لا إله إلا الله محمد رسول الله" بغرض إيقاظ النائمين وحضهم على تناول طعام السحور ويقدم له أهل الكويت الطعام والشراب، وهكذا حتى أواخر ليالي رمضان، وفي النهاية يودع الشهر ويردد بصوت حزين "الوداع ... الوداع يا رمضان وعليك السلام شهر الصيام" وفي الأيام الأخيرة من رمضان تزدحم الأسواق بالناس الذين يشترون ملابس العيد ولوازمه، وبعد انقضاء الشهر الفضيل يذهب أهل الكويت إلى الأمير لتهنئة الأسرة الحاكمة بالعيد، ويتبادلون الزيارات.

ومع قرب انقضاء أيام هذا الشهر تختلط مشاعر الحزن بالفرح ، الحزن بفراق هذه الأيام المباركة بما فيها من البركات ودلائل الخيرات، والفرح بقدوم أيام العيد السعيد، وبين هذه المشاعر المختلطة يظل لهذا الشهر أثره في النفوس والقلوب وقتاً طويلا.

ايران

يحتفل الإيرانيون بقدوم شهر رمضان المبارك، ويسمونه شهر ضيافة الله وربيع القرآن، حيث تكتظ المساجد بالناس، وتشارك كل المساجد في ختم القرآن، كما هو الحال في مصر لا تختلف الأجواء الرمضانية في إيران عن باقى بلاد العالم الإسلامي، إلا أن ما يميز إيران أن هناك لكل إقليم أجواءه التي يتميز بها.

الإيرانيين يستقبلون شهر رمضان بالفرح والسرور وترتسم البهجة على وجوه الأطفال فالناس هناك يشعرون بأجواء روحانية كبيرة، وهناك جو روحي يعم إيران كلها وعن العادات الرمضانية للإيرانيين، هناك تقاليد إيرانية مخصوصة يقوم بها الإيرانييون لاستقبال الشهر الكريم، فقد جرت العادة أن يتطوع البعض لغسل المساجد وتنظيفها في الأسبوع الأخير من شهر شعبان.

ويأتى "شهر ربيع القرآن" كما يسمونه الإيرانيون، ففي هذا الشهر تتسابق المراكز الدينية كالمساجد في وضع برامج ‏ثقافية وحث الميسورين ‏‏على المساهمة في مساعدة الفقراء والمحتاجين، والسيدات يذهبن لمنازل بعضهن ويتجمعون لختم القرآن فالكل يتسابق لرضا الخالق وطاعته.

وتختلف العادات والتقاليد الرمضانية في ايران من ‏مدينة إلى أخرى ففي مدينة أصفهان يفطر الصائمون على دوى المدفعية الرمضانية التي تقع بإحدى الساحات القديمة في المدينة أما عن سفرة الإفطار الإيرانية فلها مميزات، حيث يضع الإيرانيون أكلات ثابته عليها طوال شهر رمضان وأولها "زولبيا" وهي تشبه المشبك المصري وأحد أصناف الحلويات وتسمى "باميه"

وتتناول الأسر الإيرانية الوجبة الرئيسية من الإفطار بعد ساعة ‏من أذان المغرب يبدأ الافطار بشكل تدريجي على كوب ماءٍ فاتر وبعض حبات التمر إقتداءً بسنن النبي محمد(ص)؛ ثم يصبرون عن تناول الطعام حتى أداء صلاة المغرب وبعد ذلك فقط يباشرون بتناول الوجبة الأصلية الأكبر حجماً بعد يوم كامل من الصيام.

ولا تخلو المائدة الرمضانية الرئيسية من "آش رشته" وهى ‏عبارة عن حساء دسم ملئ بأنواع البقوليات والمكرونة والخضروات و(آش حليم)، والشوربة التي تعتبر طبق رئيسي في رمضان في المطاعم الإيرانية ويحتفل الإيرانيون بليلة القدر أو "ليلة الإحياء" كما يسمونها في يوم 19و 21و 23 كما يحيونها أيضاً يوم الـ27، ولديهم مناسبات يحتفل بها الشيعة في شهر رمضان وهي يوم التاسع عشر وهو يوم ذكرى ضرب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بسيف ابن ملجم، ويوم الواحد والعشرون وهو يوم إستشهاد الإمام علي، وفي ليلة القدر يذهب الشعب الإيراني إلى المساجد يرفعون أكفتهم بالدعاء إلى الله ويتوبوا ويبكون للصباح، كما أن الحكومة تسمح بأن يتأخر الموظفون عن ساعات العمل في أيام الاحتفال بليلة القدر ساعتان بدلا من ساعة واحدة، كما يقام معرض للقرآن ومسابقات لحفظة القرآن.

وتكون الجمعة الأخيرة من هذا الشهر الفضيل جمعة لإخواننا بالقدس، وأطلق عليه "يوم القدس"، ففي هذا اليوم يخرج ملايين الصائمين إلى الشوارع في مسيرات منددة بإسرائيل وأعمالها الوحشية.

الصين

لمسلمي الصين عادات وتقاليد خاصة جدا تميزهم عن غيرهم، إذ يسمى شهر رمضان في الصين "باتشاي"، ويبلغ عدد المسلمين حوالي 20 مليون مسلم يتركزون في شمال غرب البلاد.

فالمساجد تنتشر وتحيط بها المطاعم الإسلامية، التي تنشط في رمضان وتقدم الحلويات الرمضانية المشهورة في الدول العربية والإسلامية، بجانب أكلات وحلويات المطبخ الصيني الذي يخلو من الكولسترول، لأنهم لا يستعملون الدهون في الأكل.

فرمضان في المجتمع الإسلامي الصيني يشمل المناطق ذات التجمع الانفرادي للمسلمين أو يشكلون أغلبية سكانية، وهذا يشمل منطقة نينغشيا ذاتية الحكم ذات الأغلبية السكانية من قوميه الهوى، إحدى الـ56 قومية التي تتكون منها الصين، وهي أكبر القوميات المسلمة العشر في الصين، إضافة إلى منطقة شينجيانغ ذات الأغلبية من قومية الويغورية المسلمة ذات الحكم الذاتي المستقل أيضا.

وحسب الإحصائيات الرسمية، يشكل المسلمون يشكلون حوالي 20 مليون مسلم مقارنة بالتعداد السكاني الهائل المكون لدولة الصين (ربع سكان العالم، مليار و300 مليون نسمة).

ووفقا لوكالة شينخوا الصينية للأنباء، فإن المسلمين الصينيين عند دخول وقت الافطار يأكلون أولا قليلا من التمر والحلوى ويشربون الشاي بالسكر، وعقب ذلك يتوجهون إلى المساجد القريبة لصلاة المغرب، وبعد الانتهاء يتناولون الفطور مع أفراد العائلة.

أما عن المسلمين أنفسهم فهم يتعايشون مع طائفة "الهان"، أكبر مجموعة عرقية في الصين، وفي المناسبات الدينية، يقدم هؤلاء المسلمون لجيرانهم من " الهان" أطعمتهم التقليدية وفي نفس الوقت يعطي "الهان" بدورهم الهدايا لجيرانهم من المسلمين.

ومن أقدم المساجد في بكين العاصمة، نجد مسجدي "نيوجيه" الذي بني منذ ما يقرب من 1000 عام، ومسجد "دونغ سي" الذي يعود تاريخ بنائه إلى 500 عام، وقد تم تجديدهما عدة مرات خلال 50 عامًا.

وبحلول شهر رمضان يبدأ الدعاة وأئمة المساجد في إلقاء دروس للمسلمين حول تعاليم القرآن وآداب السنة النبوية، خاصة تلك التي ترتبط بالصيام وأخلاق الصائمين, ويوجد في الصين أكثر من 988 مطعم ومتجر للأطعمة الإسلامية، ومن أشهر الأطعمة التي تنتشر في رمضان بين المسلمين في رمضان لحم الضأن المشوي، ويحرص المسلمون أيضا على تبادل الحلوى والتمر والشاي.

أما فوانيس رمضان فهي تعد من أشهر السلع التي تصدرها الصين للعالم العربي والإسلامي، فهي بدأت منذ القدم إذ استخدمها الناس في الانارة وكذلك لتزيين المنازل والأحياء السكنية ولكنها تحولت الى عادة واستمر الناس عليها كل عام وبناء علية تحولت فوانيس رمضان إلى تجارة كبيرة.

بعض التجمعات الريفية ذات الأغلبية المسلمة صوم رمضان يكون إلزاميًا منذ مراحل العمر المبكرة, فيلزمون الإناث بأداء الصيام في التاسعة من العمر، ويلزمون الذكور في سن الثانية عشرة، ومن خرج عن هذه القاعدة دون عذر واضح قوبل بالطرد والنفي من المجتمع حتى التدخين يشكل حرمة كبيرة، ويمنع ممارسته كشرب الخمر تمامًا.

وشهر رمضان في هذه الأماكن مثله مثل باقي البلاد الإسلامية، حيث يستعد المسلمون لرمضان بأحسن ما يملكون، فيكون الاستعداد اقتصاديا ،بجمع الأموال لشراء مستلزمات العادات المتبعة في رمضان، واجتماعيًا حيث يُجمع شمل الأسرة في رمضان الأغنياء ينفقون بسخاء من أموالهم ويعطون فقراء المسلمين، وتمتلئ المساجد بالموائد الرمضانية الغنية بشتى أنواع المأكولات، وكل مسلم يأتي إلى المسجد وقد أحضر من بيته ما يستطيع حمله من المأكولات والمشروبات حتى يشارك إخوانه وحتى يستمتع بتناول الإفطار بين إخوانه.

ومن ثم يصرف المسلمون الى الصلاة والتهجد ، وكذا دروس توعيه دينيه يقوم بها الأئمة في المساجد, إما المناطق التي لا تكون قليلة الكثافة من المسلمين، ولكن المسلمين يشكلون أعدادًا لا بأس بها قد تصل إلى عشرات الآلاف، وهنا يكون الجو الرمضاني أقل حيوية من.

ومن عادات مسلمي الصين قبيل حلول شهر رمضان، أن تنشط جهود التوعية الدينية المُتعلِقة بالصوم ، وما إن يأتي شهر رمضان حتى تمتلىء مساجد الأقاليم الإسلامية بالمصلين ، وتمتلئ البيوت بالحلوى الخاصة وتقام حلقات الدرس التي يقدم فيها أئمة المساجد الدروس للمسلمين وخاصة تلك التي تتعلق بالصوم وآدابه.

اليابان

على الرغم من بُعد المسافة بين اليابان التي يطلق عليها “بلاد الشمس المشرقة” وبين الدول الإسلامية، إلا ان في اليابان يشكل المهاجرون غالبية المجتمع الإسلامي، ويصعب أن تجد مسلمًا ياباني إلا إنهم موجودين على قلة عددهم، لذا يمثل شهر رمضان فرصةً للمسلمين من أجل ممارسة شعائر دينهم في أجواء احتفالية تذكِّرهم بالوضع في بلادهم التي جاءوا منها.

دخل الإسلام في اليابان منذ حوالي 100 عام عن طريق التجار وبعض المسلمين من اليابانيين الأصليين، الذين أسلموا خارج بلادهم، وعادوا إليها ناشرين دعوة الله تعالى، ويبلغ عدد اليابانيين المسلمين حوالي 100 ألف ياباني، أما المسلمون غير اليابانيين من المقيمين في البلاد فيبلغ عددُهم حوالي 300 ألف مسلم، ويبشر مستقبل الإسلام في اليابان بالخير الكثير, حيث تقدر أعداد اليابانيين الذين يدخلون في الإسلام في اليوم الواحد من 5 إلى 50 يابانيًّا.

وفي اليابان هناك مؤسسة إسلامية لرعاية شئون المسلمين وممارسة الدعوة الإسلامية، وهي “المركز الإسلامي في اليابان” والذي يضم أيضًا لجنة لإشهار الإسلام لتحقيق التكامل بين أنشطة الدعوة ورعاية المسلمين الداخلين في الدين حديثًا، أيضًا فإن الإعلام الياباني يتيح الفرص للمسلمين من أجل الرد على أية اتهاماتٍ توجَّه للإسلام وتوضيح موقف الإسلام في العديد من القضايا التي يثيرها الغرب ضد الدين الحنيف، إلا أن المجتمع الياباني بصفة عامة متأثرٌ بالإعلام الغربي المعادي للإسلام.

وتحرص المساجد في اليابان على فتح أبوابها أمام المسلمين وغير المسلمين خلال شهر رمضان من أجل تعريفهم بالدين الإسلامي، ومن أبرز مظاهر شهر رمضان في اليابان هو تنظيم مآدب الإفطار الجماعي, وذلك من أجل زيادة الروابط بين المسلمين في هذا المجتمع الغريب وخاصةً بين العرب الذين يكونون قادمين لأغراض سريعة ولا يعرفون في هذه البلاد أحدًا تقريبًا، وتكون هذه المآدب بديلاً عن التجمعات الإسلامية المعروفة في أيٍّ من البلدان الأخرى بالنظر إلى غياب هذه التجمعات في اليابان.

وفي خصوص صلاة العيد فإن الدعوة لها تبدأ من العشر الأواخر في شهر رمضان، وقد كانت تقام في المساجد والمصليات فقط، لكن في الفترة الأخيرة بدأت إقامتها في الحدائق العامة والمتنزهات والملاعب الرياضية الأمر الذي يشير إلى إقبال المسلمين في اليابان من أهل البلاد أو الأجانب عنها على الصلاة، كما يساعد على نشر الدين بين اليابانيين وتعريفهم به حين يرون المسلمين يمارسون شعائرهم، ويشير هذا أيضًا إلى الحرية الممنوحة للمسلمين في اليابان.

إسبانيا

تبدأ الأسر الإسبانية المسلمة في الاستعداد لشهر رمضان في احتفالية تسودها عادات وتقاليد قديمة، واشترت الأسر ما يلزمها من توابل ومستلزمات لتحضير الحلويات، وما تحتاجه من أوان منزلية، من المحلات المنتشرة بكل أرجاء العاصمة الإسبانية، مما يخلق انتعاشا لدى أصحابها في هذا البلد، حيث لا زالت الأزمة الاقتصادية تلقى بضلالها، خاصة على الجاليات الأجنبية المقيمة هنا.

ولا تختلف طقوس رمضان في مدريد عن غيرها في باقي مدن إسبانيا، وحيث يبدأ المسلمون إفطارهم بالتمر والحليب، ثم الأطباق والوجبات التقليدية، كما أنهم يترددون على المساجد، البالغ عددها في هذا البلد، نحو 300 مسجد ومصلى، وأكبرها يوجد في العاصمة مدريد وهو المركز الإسلامي الثقافي المعروف اختصارا بمسجد "إم ترينتا". كما تسهم الجمعيات الإسلامية بدورها في تنشيط ليالي المسلمين خلال هذا الشهر، التي تتوزع بين أداء الشعائر الدينية والإقبال على الدروس والمحاضرات التي يلقيها أئمة ووعاظ بينهم مغاربة جاءوا لتأطير الجالية المسلمة في الحقل الديني.

وبدأت هذه المساجد تلفت الأنظار إليها وتتحول إلى أماكن للقاء وتضيء أبوابها ومآذنها احتفالا بشهر رمضان الكريم، وفي أماكن وجود تلك المساجد بدأت تنتشر عادات جديدة لم تكن معروفة من قبل، مثل "موائد الإفطار، ومدارس تعليم اللغة العربية وتحفيظ القرآن الكريم لأبناء المسلمين حتى لا تضيع لغتهم مع مرور الأجيال".

كما تقوم مؤسسة الدار العربية في إسبانيا بتنظيم "الليالي الرمضانية" التي تحتفل بها العديد من المدن الإسبانية، مثل مدريد ولاس بالماس وجزر الكناري، والتي يعرض فيها جميع مظاهر الاحتفال بشهر رمضان المبارك, لذلك فتعتبر إسبانيا بوابة الإسلام في أوربا ومستقبل التعايش والتعاون والحوار.

وأجلت إسبانيا امتحانات الثانوية العامة وامتحانات الجامعات لبعد شهر رمضان الكريم، وذلك بعد طلب الجالية الإسلامية في إسبانيا لوزارة التعليم الإسبانية بتغيير مواعيد الامتحانات التى تتزامن مع شهر رمضان وعيد الفطر وأشارت وزارة التعليم الإسبانية أنها تقيم توصيات للمدارس في سبتة ومليلية بشكل خاص، موضحة أنه وفقا للاتفاقية التى وقعت عام 1992 بين إسبانيا واللجنة الإسلامية في إسبانيا، فإن الطلاب المسلمين الذين يدرسون في التعليم الخاص أو العام أو المدعومة، تعفي من الحضور أو عقد الامتحانات في يوم الجمعة، وذلك لالتزامهم بصلاة الجمعة.

والتقى رئيس اللجنة الإسلامية في إسبانيا مسئولين من وزارة التربية والتعليم لمعالجة هذه المسألة، واتفقوا على الاجتماع مرة أخرى وفي الوقت الراهن، فهناك 281725 طالبا مسلما في إسبانيا، وذلك وفقا للبيانات الصادرة عن اتحاد الجاليات الإسلامية في إسبانيا (UCIDE) في 31 ديسمبر 2015، ويوجد العديد منهم في مناطق الحكم الذاتي، كتالونيا (80743 )، تليها أندلوسيا (44636) ومدريد (37150) وفالنسيا 29781.

ونظرا لشدة درجات الحرارة تزامنا مع شهر رمضان فقد طالب رئيس اللجنة الإسلامية في إسبانيا رياض تاتارى الشركات التى يعمل بها مسلمون باتباع المرونة في ساعات العمل، حيث يعانى العمال أثناء الصيام من حرارة الصيف، وأيضا جدد دعوته السنوية بإعفاء العمال من العمل يوم الجمعة وذلك لأهمية صلاة الجمعة بالنسبة للمسلمين خاصة في شهر رمضان.

الدنمارك والنرويج

بالرغم من طول مدة الصيام في هذه الدول إلا أنهم يعتزون برمضان ويحيون شعائره، فقد جاء أبناء الجالية المسلمة في الدنمارك من دول عربية و إسلامية مختلفة العادات والتقاليد ولكنهم يمارسون كافة الطقوس الدينية في رمضان ويقيمون موائد للفقراء يدعون إليها غير المسلمين من أبناء المجتمع الدنماركي تعبيرا عن روح المشاركة والانتماء والتعاون التي يتسم بها المسلمون خلال هذا الشهر الكريم أكثر من أي شهر آخر، وسعيا نحو تعزيز معرفة الآخرين بالقيم والعادات الإسلامية وتصحيح الصورة الخاطئة عن الإسلام والمسلمين.

يتسم شهر رمضان في النرويج بظروف صعبة يفرضها المناخ بحكم قربها من القطب الشمالي المتجمد، ولذلك لا يتم رؤية الهلال بسهولة إلا بعد حلول الشهر بيومين أو بثلاثة، و يتم التأكد من دخول شهر الصيام من خلال محاولة رؤية الهلال من أي نقطة واضحة في العالم أو انتظار أي دولة اسلامية تعلن عن بدء الشهر الكريم والصوم معها .

الهند

169 مليون مسلم هندي يستقبلون شهر رمضان المبارك بترحاب كبير وفق التقاليد المتوارثة في ولاية كيرالا الهندية، تعلن أكبر امرأة سنا دخول الشهر المبارك، وفي هذه السنة أعلنت ابنة المرأة العجوز ساينبا أيشابي، 92 عاما، نيابة عن والدتها، عن بداية شهر رمضان، وتعد ساينبا أيشابيا المرأة الوحيدة، في شمال مالبار التابعة لولاية كيرالا الهندية، التي تعلن سنويا عن موعد بدء شهر رمضان المبارك، لكبر سنها في عرف تقليدي يمارس في الولاية الهندية.

وأيضاً يحتفـل المسلمــون في كــلكتا إحدى المدن الرئيسية في الهند بفرحــة وبهــاء بقــدوم شهــر رمضـــان شهر الرحمــة والغفران, ويشكل المسلمون 4 ملايين من إجمــالي عــدد سكان المــدينة حلول رمضــان المبارك ويعتبر طعـــام بيــريــاني المشهــور والمعــروف في هــذا المــدينة من بين الأطعمــة والمــأكولات الشهية التي تتم تهيئتها في وجبــات الإفطـــار الرمضانية

وتوزع في مــدينة كلكتــــا أطعمـــة ومــأكولات شهيــة متنوعــة على كــافة المشاركين في مراسيــم الإفطـــار في شهــر رمضــان، التي تتم في ساحات الجــوامع والمساجــد حسب عـــادات وتقـــاليد الشعوب المسلمـة، وبعــد تنــاول وجبة الإفطـــار يهــيئ المسلمــون أنفسهــم لأداء صلاة المغرب والعشاء .

وعموما يستقبل المسلمون في الهند الذين يشكل عددهم قرابة (169) مليون مسلم، من إجمالي عدد سكان الهند، البالغ عددهم نحو المليار نسمة أو يزيد شهر رمضان بترحاب كبير، ويحتفلون به من خلال طقوس يؤدون خلالها فريضة الصيام والقيام كباقي المسلمين عبر العالم، لكنهم يصطبغون بميزات خاصة تؤكد على تضامنهم وتكاتفهم في هذا الشهر الفضيل، حيث يأتون بالطعام إلى المساجد قبل أذان المغرب، ليتم توزيعه في وقت لاحق على الفقراء والمحتاجين.

وتمتاز مائدة الإفطار في الهند بأطباق خاصة أبرزها أكلة "دهى بهدى" المكونة من الفلفل والجبن، وشربة "الغنجي" المكونة من دقيق الأرز واللحم والبهارات، ومشروب "الهريس" المكون من القمح واللحم والمرق والفلفل الحار، حيث يعتبر المشروب المفضل لدى الهنود في رمضان لأنه يمدهم بالطاقة والحيوية طيلة اليوم.

وفيما يتعلق بتحديد تاريخ بداية شهر رمضان في الهند، فتعتمد الدولة على اللجنة المركزية لرؤية الهلال، وذلك باعتماد الرؤية بالعين المجردة من قبل اثنين من المسلمين الموثوق بهما ونظراً لاحتكاك الهنود بثقافات مختلفة متواجدة داخل بلدهم فإن لهم من العادات والتقاليد ما يخالف عادات وتقاليد المسلمين خارج هذه البلاد.

ففور ثبوت شهر رمضان في المناطق المسلمة في الهند تعم الفرحة جميع المسلمين، ويتبادلون عبارات التهاني والفرح، وتكتسي الشوارع في الأحياء المسلمة حلة جديدة، حيث تضاء المساجد ومآذنها، وتكثر حلقات تلاوة القرآن، وتمتلئ المساجد بالمصلين، ويبدأ الأطفال بالتجول في الأحياء الشعبية فرحين مسرورين بما أنعم الله عليهم من خيرات هذا الشهر، وهم ينشدون الأناشيد الدينية بلغتهم المحلية, ويجتهد كل مسلم بقراءة ختمة واحدة على الأقل في شهر رمضان، وتهتم المساجد في الهند بتنظيم الدروس الدينية والمحاضرات التي يقدّمها دعاة يحضرون من شتى بقاع الدولة.

جزر القمر

يستعدُّ المسلمون في جزر القمر لاستقبال شهر رمضان، بدءًا من بداية شهر شعبان, حيث يعدون المساجد فيشعلون مصابيحها ويعمِّرونها بالصلاة وقراءة القرآن الكريم، خلال الشهر المبارك الذي تكثُر فيه حلقات الذكر وتلاوة القرآن الكريم، كما تكثُر فيه الصدقات وأفعال الخير.

وفي الليلة الأولى من رمضان يخرج السكان حاملين المشاعل ويتجهون إلى السواحل, حيث ينعكس نور المشاعل على صفحة المياه، ويضربون بالطبول إعلانًا بقدوم رمضان، ويظل السهر حتى وقت السحور.

ومن الأطعمة الرئيسية على مائدة الفطور في جزر القمر "الثريد"، إضافةً إلى اللحم والمانجو والحمضيات، وهناك مشروب الأناناس والفواكه الأخرى, حيث يحتل الثريد مكانةً خاصةً لديهم بين بقية الأطعمة، سواءٌ كان ذلك على الإفطار أم على السحور وتتحول الجزر القمرية طوال أيام الشهر إلى أسرة واحدة، يجمعها نداء الأذان بالصلاة، ويجمعها الحب والتآلف على مأدبة الإفطار، ومع أذان المغرب يخرج أبناء الجزر من كل حدب وصوب، يتجهون إلى المساجد لأداء الصلاة التي يحرصون عليها، وبعد العودة من أداء الصلاة يبدؤون بتناول الإفطار.

وعادةً ما يتكون من وجبة خفيفة تختلف من منطقة لأخرى، وبعدها يذهبون لأداء صلاة العشاء وعقب الصلاة يجتمع أبناء القرية وشبابها وشيوخها في حلقات يستمعون فيها إلى بعض الدروس والمحاضرات الدينية التي -عادةً- ما تدور حول فضائل الشهر الكريم وآداب الصوم.

نيجيريا

مع ثبوت هلال رمضان يتجمع المسلمون في نيجيريا في احتفال حاشد وكبير يطوف شوارع المدن الرئيسة، يدقون الطبول، ويرددون الأغاني ابتهاجًا بقدوم شهر الخير، شهر الصيام والقيام وشهر الجود والإحسان ويعتمد المسلمون في نيجيريا في ثبوت شهر رمضان على رؤيتهم الخاصة لهلال رمضان، فهم لا يتبعون أو يقلدون أي دولة أخرى ثبت لديها شهر رمضان ما لم يثبت رؤية الهلال عندهم.

ومن العادات الشائعة عند مسلمي نيجيريا أن تتناول الأسر المتجاورة وجبة الإفطار معًا, فتجمع الصواني والأواني من البيوت وتوضع في أماكن قريبة من المساجد، وبعد أن يؤدي الجميع صلاة المغرب جماعة، يجلس الرجال يتناولون طعام إفطارهم معًا، وأيضًا تجلس النساء معًا في المكان الذي خصص لهن لتناول طعام إفطارهن.

ومن أشهر الأكلات الرمضانية في هذا البلد المسلم أكلة (العصيدة) وهي أكلة تصنع مع (اللحم) وتعد من أفخر الأكلات التي تعد خلال هذا الشهر الكريم وأيضًا هناك أكلة تسمى (الدويا) وهي تحضر من (اللحم) و(الأرز) و(القمح) وإلى جانب هذه الأكلات الشهيات توجد سلطة الخضار، ويسمونها (أذنجي) مع (اللوبيا).

وبعد الإفطار يذهب الرجال والنساء إلى المساجد لتأدية الصلاة، ولسماع دروس الوعظ، ويعودون إلى منازلهم حوالي منتصف الليل ويعظم المسلمون النيجيريون ليلة القدر، ويبدأ السحور في ساعة متأخرة من الليل ومن الأكلات المشهورة في وجبة السحور (التو) وهي عبارة عن صلصة الأرز والخضار، و(العصيدة ) ثم اللبن والشاي.

ماليزيا

في ماليزيا يستقبل المسلمون شهر رمضان كما يستقبله المسلمون في سائر أنحاء المعمورة، إلا أن لشهر رمضان طعم خاص في ماليزيا، خصوصاً في العاصمة كوالالمبو، حيث يعيش فيها مجموعات عرقية متنوعة من المسلمين، فترى فيها العديد من الجاليات العربية، والإفريقية، ويمثل الطلبة نسبة كبيرة من هؤلاء الجاليات المسلمة في العاصمة كوالالمبور، وتراهم مع الشعب الملايوي كالبنيان يشد بعضه بعضا, حيث تكاتف العرب وخاصة الطلبة منهم في ماليزيا تكاتف جميل.

مبني على مبدأ الوحدة الإسلامية، فالعرب هنا يجتمعون في رمضان وغير رمضان على المودة والمحبة، وتزداد أواصر المحبة فيما بينهم في شهر رمضان المبارك، فيقومون بالعديد من النشاطات، كالإفطار الجماعي، وتنظيم المحاضرات الدينية، وحلقات تحفيظ القرآن وتكون العبادة بعيداً عن أماكن العامة والأسواق ذات جو روحاني، تشجع على العبادة والتقرب إلى الله.

تشيع في مساجد القرى وبعض المدن الماليزية أجواء الروحانية والخشوع عند استقبال هذا الشهر، حيث يتدارس فيها المسلمون القرآن الكريم، والأحاديث النبوية، وتقام فيها المحاضرات الدينية، والدروس الرمضانية، وتؤدى فيها صلاة التراويح وقيام الليل، كما يقدم التلفاز والراديو بإعداد برامج في الدين والسيرة والفقه والتفسير وتلاوة القرآن، وذلك ابتداء من الأسبوع الذي يسبق شهر رمضان، حتى يهيئوا للمسلمين جو الروحاينة والعبادة في هذا الشهر.

من الجوانب الاجتماعية والاقتصادية، يزين الماليزيون بيوتهم بالأسرجة والأنوار، ويبسطون على شوارعهم الأسواق الشعبية، المسماة بــ(بسار رمضان)، وتعني سوق رمضان، فيبتاعون ما لذ وطاب من الأطعمة الماليزية، ويقيمون فيها مهرجانات ونشاطات رمضانية، وعادة ما تكون هذه الأسواق في المجمعات السكنية، حيث يسارع إليها أبناء المنطقة قبيل أذان المغرب لشراء الأطعمة والمشروبات والحلويات.

كما تتسابق الفنادق والمطاعم في تنظيم موائد الإفطار والسحور، والتي تتراوح أسعارها مابين ثلاثين إلى 100 رينجت ماليزي وقد يشاركهم في ذلك غير المسلمين، حيث يتفهم غير المسلمين معنى احترام الأديان، فيمتنع بعضهم عن الأكل أو الشرب جهاراً أمام المسلمين، وكثيراُ مايدخل غير المسلمين في الإسلام أثناء هذا الشهر الفضيل، لما يرون من تلاحم المسلمين في رمضان، وإقامتهم لشعائر الدين، وأدائهم لزكاة الفطر في نهاية شهر رمضان.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
1- قصة الاسلام
2- صحيفة الايام
3- صحيفة الهانم elhanem
4- محيط
5- اسلام ويب
6- الحياة
7- الوفاق
8- سكاي نيوز عربي
9- arabic.people
10- اخبار مصر
11- اليوم السابع
12- بوابة الفجر الاليكترونية
13- صحيفة IIN
14- دجلة
15-المعرفة

 

- مركز النبأ الوثائقي يقدم الخدمات الوثائقية والمعلوماتية
للاشتراك والاتصال www.annabaa.org
[email protected]

اضف تعليق