تبرُز حرب أسعار البطاريات التي أشعلت فتيلها كبرى الشركات عاملًا مهمًا مؤثرًا في معروض السيارات الكهربائية -عالميًا- التي يُعوّل عليها في تسريع جهود تحول الطاقة، وتدور رحى حرب خفية بين الصين والغرب للهيمنة على سوق بطاريات السيارات الكهربائية، غير أن البلد الآسيوي ما يزال يمسك بخيوط اللعبة...
تبرُز حرب أسعار البطاريات التي أشعلت فتيلها كبرى الشركات عاملًا مهمًا مؤثرًا في معروض السيارات الكهربائية -عالميًا- التي يُعوّل عليها في تسريع جهود تحول الطاقة، وتدور رحى حرب خفية بين الصين والغرب للهيمنة على سوق بطاريات السيارات الكهربائية، غير أن البلد الآسيوي ما يزال يمسك بخيوط اللعبة في تلك الحرب لسيطرته على سلسلة إمدادات المركبات النظيفة، وقد تحتوي السيارة الكهربائية الجيدة على بطارية ذات كثافة طاقة تتراوح بين 150 و250 واط/ساعة لكل كيلوغرام، وفق معلومات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
تكلفة البطاريات
تُعد البطارية المكون الأهم والأعلى كُلفة في السيارة الكهربائية، وتعني التكلفة المرتفعة للبطاريات كثيفة الاستهلاك للطاقة أن السيارات الكهربائية أعلى ثمنًا من محركات الوقود الأحفوري، ما يسلط الضوء على أهمية حرب أسعار البطاريات، وفق ما أورده موقع ذا كونفيرزيشن (The Conversation).، لكن قد يتغيّر هذا النمط بوتيرة أسرع من المتوقع، إذ تزعم شركة كاتل (CATL) الصينية، أكبر مصنع لبطاريات السيارات الكهربائية في العالم، أنها ستخفض تكلفة بطارياتها بنسبة تصل إلى 50% خلال العام الجاري (2024)، معلنةً بدء حرب أسعار البطاريات مع مواطنتها شركة فاين دريمز (FinDreams) ثاني أكبر مصنع للبطاريات في العالم، والتابعة لرائدة صناعة السيارات الصينية بي واي دي (BYD)، وبعدما شهدت نموًا كبيرًا في العام قبل الماضي (2022)، واجهت صناعة السيارات الكهربائية رياحًا معاكسة، إذ سجلت نموًا بأسرع من الطلب، ما يستلزم بذل الجهود لخفض الأسعار، من خلال خفض تكاليف الإنتاج وأسعار البطاريات.
لكن حتى التعهدات بخفض أسعار البطاريات تُعد علامةً واضحةً على التقدم، إذ خطا الباحثون خطوات واسعة في إيجاد أنواع بطاريات بكيمياء جديدة، وتصنع شركتا كاتل وبي واي دي بطاريات السيارات الكهربائية التي لا تحوي عنصر الكوبالت النادر مرتفع التكلفة والمرتبط بعمالة الأطفال وممارسات التعدين الخطيرة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وفق ما علمته منصة الطاقة المتخصصة.
وتُتيح اقتصادات النطاق والإمدادات الجديدة من الليثيوم إمكان بيع البطاريات بتكلفة أرخص، وتعلق شركة تويوتا (Toyota)، أكبر مصنع للسيارات في العالم، الآمال على بطاريات الحالة الصلبة كثيفة الطاقة، في تشغيل السيارات الكهربائية بنطاق يزيد على 1200 كيلومتر لكل مَرة شحن.
معضلة التكلفة
تبرز الصين أكبر سوق للسيارات الكهربائية والسيارات الهجين في العالم، غير أن الطلب على تلك المركبات النظيفة قد تراجع من زيادة نسبتها 96% خلال 2022 إلى ارتفاع نسبته 36% في العام الماضي (2023).
ونتيجة لذلك شهدت أرباح شركة كاتل هبوطًا، وذلك للمرة الأولى في قرابة عامين، وفق بيانات اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
ولعل أحد أفضل الطرق لتعزيز الطلب على مُنتَج ما هو خفض تكلفته، وهو ما يفسر حرب أسعار البطاريات التي أشعلت فتيلها شركتا كاتل وبي واي دي.
وأحد التحديات الرئيسة في التحول إلى السيارات الكهربائية العاملة بالبطاريات هو كيفية الحصول على المواد الخام الداخلة في تصنيع تلك المركبات.
ويعتمد مستقبل السيارات الكهربائية على سلاسل الإمدادات الخاصة بالمعادن الحيوية مثل الليثيوم والنيكل والنحاس والكوبالت والمعادن الأرضية النادرة.
وحتى وقت قريب كانت الكيمياء الخاصة ببطارية السيارات الكهربائية تعتمد على 4 معادن رئيسة؛ الليثيوم والنيكل والمنغنيز والكوبالت.
وإذا كان بمقدور الشركات أن تتفادى -أو حتى تقلل إلى أدنى حد- من استعمال معادن مرتفعة التكلفة أو مثيرة للجدل، فيمكنها حينئذٍ أن تخفض أسعار البطاريات، وهذا ما يفسر احتكار الشركات الصينية، مثل كاتل، للسوق في بطاريات الليثيوم أيون فوسفات منخفضة التكلفة والخالية من الكوبالت.
ولا تقتصر مزايا بطاريات الليثيوم أيون فوسفات عند هذا فحسب، وإنما تتميز كذلك بعمر وظيفي أطول ومخاطر أقل في الاحتراق مقارنة بكيمياء بطاريات الليثيوم أيون التقليدية، ولعل وجه القصور الوحيد في هذا النوع من البطاريات هو السعة والجهد القليلين.
أسعار الليثيوم
قفزت أسعار كربونات الليثيوم، الشكل الملحي للمعدن الأبيض الفضي الخفيف للغاية، 6 مرات خلال المدة بين عام 2020 و2022 في الصين قبل أن تهبط في العام الماضي (2023)، وقاد الطلب العالمي الهائل على الليثيوم إلى نمو قوي في المعروض، إذ تتنافس شركات التعدين على إيجاد مصادر جديدة، فعلى سبيل المثال، تنفق شركة كاتل 2.1 مليار دولار أسترالي (مليار و397 مليون دولار أميركي) على مصانع استخراج الليثيوم في بوليفيا.
ومن المتوقع أن يفوق النمو في إمدادات الليثيوم الطلب بنسبة 34% خلال العامين الحالي (2024) والمقبل (2025)، ما يساعد في استقرار أسعار البطاريات.
خيارات بطاريات متعددة
سيطر صانعو البطاريات في الصين على سوق بطاريات فوسفات الليثيوم والحديد. لكنها ليست النوع الوحيد من البطاريات في السوق الصينية، وتعمل سيارات تيسلا (Tesla) الكهربائية منذ مدة طويلة ببطاريات تنتجها شركتا باناسونيك (Panasonic) اليابانية، وإل جي (LG) الكورية الجنوبية.
وبُنيت تلك البطاريات على كيمياء الليثيوم والنيكل والمنغنيز والكوبالت القديمة وألومينات النيكل والليثيوم والكوبالت، ومع ذلك، تستعمل شركة تيسلا -الآن- بطاريات فوسفات الليثيوم والحديد من إنتاج شركة كاتل في سياراتها ميسورة التكلفة.
شكوك تويوتا
وفي سياق تناول حرب أسعار البطاريات، لطالما أبدت شركة تويوتا شكوكها في جدوى بطاريات الليثيوم أيون، وركزت بدلًا من ذلك على السيارات الهجينة وخلايا الوقود الهيدروجينية، لكن يتغير هذا التوجه -حاليًا-، إذ تركز الشركة بصورة كبيرة على جعل بطاريات الحالة الصلبة حقيقة واقعة، وتساعد تلك البطاريات على التخلص من الإلكتروليتات السائلة لنقل الكهرباء لصالح البطارية الصلبة، وفي سبتمبر/أيلول (2023) كشفت تويوتا النقاب عن نوع بطاريات زعمت أنه سيتيح أوقات إعادة شحن أسرع ومدى يصل إلى 1200 كيلومتر قبل إعادة الشحن.
اضف تعليق