يحسن تصالح الإنسان مع ذاته من مستوى علاقاته الشخصية، فذلك يؤدي إلى بناء تواصل أكثر فاعلية مع الآخرين وتعزيز جودة العلاقات الاجتماعية. فمن سمات الأفراد المتصالحين مع ذواتهم أنهم اجتماعيون ومشاركون لمحيطهم الاجتماعي وفي أغلب المناسبات الاجتماعية، فهم يعتبرون ذلك جزءًا من إنسانية الإنسان...
وسط عالم مليء بالضغوطات والمشاغل الحياتية والتحديات التي أصبحت جزءًا من الواقع، يصارع الإنسان من أجل البقاء، مما قد يؤثر على مستوى سلامه الداخلي. وفي سبيل المحافظة على الاتزان النفسي والعاطفي، يحتاج الإنسان إلى التصالح مع ذاته، وهو أحد المفاهيم التي تهدف إلى تعزيز الهدوء النفسي وتحقيق التوازن في الحياة، بدلًا من التدهور الصحي الذي لا يُحمد عقباه.
فماذا يعني التصالح مع الذات؟ وما هي انعكاساته على الإنسان؟
ما هو التصالح مع الذات؟
يُعرَّف التصالح مع الذات على أنه قبول الشخص لنفسه كما هي، بكل نقائصه وميزاته، والسعي لتحقيق السلام الداخلي من خلال التخلص من مشاعر القلق والندم والضغط الناتجة عن رفض الذات أو مقارنة النفس بالآخرين.
وهو يعني أيضًا أن يكون الإنسان في حالة تقبل تام لنفسه كما هي. لا يعني هذا أن يتوقف الشخص عن السعي للتطوير أو التحسين، بل أن يتعلم أن يحب نفسه ويقدرها دون انتظار أن يكون مثاليًا. والتقبل الذاتي يساعد على الابتعاد عن جلد الذات أو الإحساس المستمر بالتقصير، مما يمهد الطريق لتحقيق التوازن النفسي.
وللتصالح مع الذات ثلاث ركائز أساسية وهي: أولًا: قبول العيوب الذاتية والعمل على معالجتها دون أن يشعر بالدونية أو الندم الدائم، والتعامل مع الميزات بتعقل وبساطة من دون تسلط على أحد. ثانيًا: القدرة على التعامل مع المشاعر السلبية مثل الخوف والخجل والإحباط والتعامل معها كواقع حال من دون إنكارها، مع محاولة فهمها وإدارتها بشكل صحيح. ثالثًا: الابتعاد عن جلد الذات الذي يقلل من المناعة النفسية، ولا يدفع الإنسان لتصحيح أخطائه، بل يكتفي باللوم والتوبيخ.
ما هي أبرز عائدات تصالح الإنسان مع ذاته؟
حين يتصالح الإنسان مع ذاته، فإنه سيتمكن من الحصول على الميزات التالية:
أول ما يعود على الفرد المتصالح مع ذاته بالإيجاب هو زيادة مستوى إنتاجيته. فهذا الأمر يجعله أكثر تركيزًا وأقل تشتتًا، مما ينعكس إيجابًا على قدرته على تحقيق أهدافه بأقل جهد ووقت. وعلى العكس، فإن انخفاض الإنتاجية يأتي نتيجة انشغال الفرد بلوم نفسه على الأخطاء التي ارتكبها في مجال العمل أو في الحياة الخاصة، وبالتالي قد تنخفض إنتاجيته إن لم تتوقف.
ويؤدي التصالح مع الذات إلى تحقيق الرضا والسعادة النسبية، حيث يساهم ذلك في زيادة الشعور بالسعادة والرضا العام عن الحياة والعيش في سلام داخلي. فالإنسان حين يعرف ذاته ويعرف نقاط ضعفه وقوته سيتمكن من إدارة نفسه بسلاسة وأمان، بعيدًا عن التوتر والقلق والخوف المرضي. فيرضى عما يحققه لنفسه من عائدات مهمة، وبالتالي يشعر بالسعادة والارتياح النفسي.
ومن انعكاسات التصالح مع الذات أنها تزيد من مرونة الإنسان، مما يعزز قدرة الشخص على التأقلم مع تحديات الحياة دون أن ينقص ذلك من هدوئه الداخلي وسلامه النفسي. أما على العكس، فإن غياب الأريحية في التعامل مع التحديات والمصاعب وربما الفشل في تخطي أزمة أو عقبة نفسية ألمت به، يجعل هذه النقطة تهدد أمنه إلى فترات متأخرة من عمره.
كما يحسن تصالح الإنسان مع ذاته من مستوى علاقاته الشخصية، فذلك يؤدي إلى بناء تواصل أكثر فاعلية مع الآخرين وتعزيز جودة العلاقات الاجتماعية. فمن سمات الأفراد المتصالحين مع ذواتهم أنهم اجتماعيون ومشاركون لمحيطهم الاجتماعي وفي أغلب المناسبات الاجتماعية، فهم يعتبرون ذلك جزءًا من إنسانية الإنسان، وبالتالي لا بد له أن يؤدي حق الجماعة عليه.
في الخلاصة نقول: إن تصالح الإنسان مع ذاته يحسن من جودة حياته، ويدفع بصحته النفسية نحو الزيادة، وبالتالي يشعر بالسعادة النسبية وهذا ما يريده ويبحث عنه.
اضف تعليق