اول الاحتماليات هي ان يكون الفرد المصاب برهاب الانفراد هو تعرضه للقلق الاجتماعي في وقت سابق وبالتالي لا يريد البقاء بمفرده تجنباً لتكرار الألم النفسي الذي تعرض له سابقاً، اذ ان المتعرضين للقلق الاجتماعي يعانون من نوبات الهلع، وهي رد فعل شائع لدى المصابين به...

في الوقت الذي يفضل فيه الكثير من الناس العزلة تحاشياً للسلوكيات المحرجة والمزعجة التي يصدرها أبناء المحيط الاجتماعي، يهرب الكثير من الناس ايضاً من البقاء منفردين في مكان ما، وهو ما يعرف نفسياً برهاب الانفراد، فما هو الوصف العلمي له، وما هي انعكاساته على الانسان الذي يقبع تحت تأثيره؟، وما هي الأسباب المؤدية اليه؟، وكيف يمكن معالجته؟

يعرف رهاب الانفراد على انه أحد أنواع الرهاب الذي يعد خوف مرضي أو رهبة من الذات أو من الوحدة أو العزلة أو الهجر أو التجاهل، ويرتبط هذا الرهاب بالوحدة مما يسبب قلقاً وتوتراً شديدين بحيث يخشى المصابون به بشكل غير مبرر التعرض للعزلة أو الوحدة. 

من الواقع

أحد زملائي يحرص على الخروج من الدوام قبل وصول ابنه للمنزل وهو ما يجعله قلقاً بأستمرار، ذات مرة سألته عن المبالغة في الوصول الى المنزل قبل الابن، أجاب بأن ابنه الذي يدرس في مرحلة الدراسة الإعدادية يخشى البقاء وحيداً حتى في وضح النهار، وهو ما يجعلهم يسبقونه الى المنزل لئلا يحصل له مكروه نتيجة لخوف المبالغ فيه من الوحدة، حينها أدركت ان الامر حقيقة وليس ضرباً من ضروب التلاعب الذي يستخدمه الاب للخروج المبكر من الدوام. 

رهاب الانفراد قد يرتبط أو يصاحبه رهاب آخر مثل رهاب الخلاء، وهو يعد بشكل عام جزءاً من مجموعة رهاب الخلاء، مما يعني أنه يتضمن العديد من الخصائص نفسها مثل بعض اضطرابات القلق واضطرابات فرط التنفس، وقد يكون موجوداً في حالة مصاحبة لهذه الاضطرابات، على الرغم من أنه يمكن أن يكون مستقلاً.

الخشية من هذا الرهاب يمكن يتمثل في الصعوبة التي في الاعتماد على أنفسهم في ابسط المهام فما بالك في المهام المعقدة؟، مما يجعلهم خائفين من الخروج من جو الأماكن العامة وتفضيل التواجد وسط الحشود أو البقاء بمفردهم لأنهم يعتقدون انهم سيغرقون في حال بقائهم بمفردهم وهذا هو الضياع بعينه.

ومن ناحية أخرى قد يظل الاشخاص المصابون بهذه الحالة يعانون من الخوف من الهجرة او الذهاب لمكان آخر للدراسة او العمل والحفاظ على العلاقات حتى عندما يكون الأشخاص الذين تربطهم به علاقات عاديين او ليسوا بمستوى الطموح، وما يجعلهم متمسكين بهم هو الحصول على الامن النفسي الذي يحتاجه أي انسان للعيش براحة واطمئنان والعكس بالتأكيد هو المنطقي بالنسبة لهذه الفئة.

ما هي الأسباب المحتملة؟

ثمة أسباب يحتمل ان تكون أسباب تدفع بالإنسان لان يسيطر عليه رهاب الانفراد أهمها ما يلي:

اول الاحتماليات هي ان يكون الفرد المصاب برهاب الانفراد هو تعرضه للقلق الاجتماعي في وقت سابق وبالتالي لا يريد البقاء بمفرده تجنباً لتكرار الألم النفسي الذي تعرض له سابقاً، اذ ان المتعرضين للقلق الاجتماعي يعانون من نوبات الهلع، وهي رد فعل شائع لدى المصابين به.

السبب الآخر المحتمل هو ان المصاب قدر ترك يوماً وحيداً وقد تعرض الى القلق والاكتئاب وهو لا يريد ان يمر بنفس الموقف مرة أخرى وبالتالي هو يحاول ان يقطع المشكلة او يمنعها من جذورها وذلك يتم عبر الابتعاد عن المسببات لها.

كما قد يحدث رهاب الانفراد كنتيجة لمواجهة المصابون احتمالية الذهاب إلى مكان غير مريح أو غير مألوف بالنسبة لهم مما يترك صورة ذهنية غير مريحة لا يود تكرارها. 

ما السبيل الى العلاج؟

في وقتنا الحالي أكثر العلاجات فاعلية هو العلاج السلوكي المعرفي الذي هو أحد أوجه العلاج النفسي، اذ يعمد المعالجين النفسيين الى استخدام هذا العلاج الذي يعمل على تغيير الأفكار التي أدت الى هذه المشكلة ومحاولة استبدالها بأفكار أكثر عقلانية وواقعية تعيد المصاب الى حالة التوازن بعد ان يقتنع بكون ما يمر به ليس طبيعياً وبعدها يكون مستعداً لتقبل العلاج ومنه العلاج النفسي وحينها سيغادر المصاب علته تدريجاً وصولاً الى الشفاء التام.

اضف تعليق