متلازمة الحياة المؤجلة هي نمط فكري سلبي يقود الفرد لتأجيل الراحة والاستمتاع بالعيش في الحاضر لحين تحقيق أهداف المستقبل، والتي غالباً ما تكون بعيدة الأجل وصعبة التحقيق، والمصابون بهذه المتلازمة في الغالب يميلون الى الانتظار وليس التأني في العمل على تحقيق الاهداف...
يصادفنا احياناً افراد تشعر انهم ليس لديهم اهدافا في الحياة او انهم ليسوا مهتمين سواء تحققت اهدافهم اليوم او بعد سنوات، فهم لا يعنيهم الاستعجال في تحقيق الاحلام والوقت لديهم يمكن ان يعوض، فمثل هؤلاء الاشخاص يميلون الى تأجيل احلامهم وتطلعاتهم الى اجل غير محدد من المستقبل، وهذه الحالة المزاجية النفسية تعرف بـ(متلازمة الحياة المؤجلة) فما هي هذه الملازمة؟، وما هي تأثيراتها على حياة الانسان؟، وما هي سبل مواجهتها والتخلص منها.
يعرف أخصائي الطب النفسي الدكتور (مازن مقابلة) متلازمة الحياة المؤجلة بأنها "نمط فكري سلبي يقود الفرد لتأجيل الراحة والاستمتاع بالعيش في الحاضر لحين تحقيق أهداف المستقبل، والتي غالباً ما تكون بعيدة الأجل وصعبة التحقيق".
المصابون بهذه المتلازمة في الغالب يميلون الى الانتظار وليس التأني في العمل على تحقيق الاهداف، فالتأني امر جيد ومطلوب للخروج بأقل نسب من الخطأ، لكن المشكلة تكمن في انعدام الاحساس بالهدف وبالتالي فقدان البوصلة في الحياة بمداد الافتقار الى الحافز الحقيقي الذي يوصلهم الى اهدافهم ومن ثم الشعور بالرضا عن الذات الذي لو توفر سيوفر معه قدر كبير من الصحة النفسية للانسان والعكس هو الصواب.
مثال واقعي
لي صديق منذ الطفولة يكبرني سنناً بأكثر بقرابة العشرة اعوام، هذا الشاب منذ سنوات عديدة ونحن نستعلم منه عن موعد نيته بالزواج ففي كل مرة نلتقي نسأله (ما قررت تخطب؟، شوكت تتزوج، شمنتظر العمر يمشي) وغير ذلك من الاسئلة التي نطرحها عليه بدافع الحب له والرغبة بأن نراه مستقراً عاطفياً ومحققاً لهدف من اهداف حياته.
في كل يسأل يجيب بما معناه ان العمر لازال طويلا وهناك متسعاً من الوقت وهكذا سار به العمر وصولاً الى سن ال(43) عام وهو لايزال على حاله، فهذا احد الامثلة الحية على اصابة الانسان بمتلازمة الحياة المؤجلة.
يشيع هذا النمط من التفكير لدى جميع الفئات العمرية لكن يتركز لدى الفئة العمرية الممتدة بين (20-50) عاماً لكون هذه الفترة هي فترة تحديد مصير الانسان او فترة البناء الحقيقي للذات وصولاً الى مرحلة النضج الكامل التي تحتم على الانسان تحمل الكثير من المسؤوليات الدراسية والوظيفية والاجتماعية والعاطفية وغيرها من المسؤليات التي يجب على الانسان التصدي لها لان الهروب منها يعني هروباً من الواقع وهذا هو الفشل بحد ذاته.
ماهي انعكاسات هذه المتلازمة؟
حين يقبع الانسان تحت تأثير هذه المتلازمة غير المريحة فأن يظل يدور في دائرة مفرغة من الضغوطات النفسية التي لا تنتهي فلا يشعر الا وحياته مرت دون ان يحقق ماريد من اهداف ومن هذا ينتج لديه شعور عالي بالندم والحسرة على ضياع الوقت وضياع الحياة وحينها لات حين مندم.
ماذا وراء متلازمة الحياة المؤجلة؟
ثمة دوافع تؤدي بالانسان الى مثل هذه السلوكيات الحياتية غير السليمة ومن اهمها ما يأتي:
قد يتأثر احدنا بالمحيط الاجتماعي الذي يمارس ذات السوكية فيقرر مجاراتهم وعدم الخروج على ضوابط ومحددات المجموعة فيستنتسخ ذات السلوكيات التي يقومون بها وهذه هي سلطة العقل الجمعي التي تقود الانسان الى ان يسلك سلوكيات وهو لا يعي لماذا يسلكها.
السبب الآخر وهو ضعف تقدير الذات لدى الفرد المصاب وتدني مستوى ثقته بنفسه الذي يدفعه الى الهروب من التصدي لمسؤولياته الحياتية، اذ ان الفرد المصاب يشعر بعدم الاستحقاق لما حققه أو يملكه في الحاضر وبالتالي يتوانى عن تحقيق ذاته عبر اهدافه التي يفترض انه وضعها لنفسه.
كيف يتخطى المصاب هذه المتلازمة؟
يتخطى المصاب هذه المتلازمة عبر العلاج المعرفي السلوكي الذي يركز على تغير الافكار والقناعات، فلابد للانسان ان يقتنع ان لكل مرحلة عمرية مقوماتها المادية والنفسية وما يفلت في مرحلة الشباب من التحقيق لا يمكن تحقيقه في مرحلة اخرى ومن هذا الفكرة يجب ان يعمل الانسان ويستمع في كل مرحلة من مراحل حياته بحسب معطياتها ولا يؤجل شيء لغدٍ لان التسويف قتل لطاقات الانسان واهدافه وهكذا يمكن ان يتخطى الانسان اثار هذه الحالة الباعثة على عدم التوزان الانساني.
اضف تعليق