إن هناك عدة عوامل قد تحصر البعض في زاوية الماضي وذكرياته خاصة المؤلم منها، وهي الاستسلام لهذه الأفكار، مما يجعلهم يفقدون السيطرة على تحجيم التفكير في هذه المشاعر، والتي قد تؤدي به إلى حالة نفسية سلبية وسيئة الأمر الذي قد يؤدي بالبعض بـ اللجوء للكتمان...

يقولون ان الذكريات تدفن في الانسان ولا تموت سيما الحزينة منها، وجميعنا او غالبيتنا يعرف مدى التأثير السلبي للذكريات المؤلمة على الانسان وكيف تختزل من صحته النفسية، اذ ان الكثير من الناس يقبعون تحت سطوة هذه الذكريات وبالتالي تهدد امنهم النفسي وتحط منه، فكيف يمكن للانسان ان ينسى او يتناسى على اقل تقدير الذكريات المؤلمة؟

يحتفظ الانسان بنوعين من الخبرات اولهما سارة وثانيهما حزينة او مؤلمة وغير مريحة، فالاولى تنعش الانسان حين يتذكرها وتعيد له طاقته وتتجدد فيه الروح الايجابية وتزيل عنه الصدأ الذي اصابه بفعل الزمن وتعقيداته والتزاماته التي تتفاقهم يوما بعد آخر فيتمنى الانسان استعادتها او المرور بمثلها ليتيح لنفسه فرص الارتياح الذي حصل له.

اما النوع الثاني من الذكريات وهو جانب الذكريات المؤلمة فهي التي تعيد الانسان الى الشقاء والتعاسة والحزن الذي حصل له بسبب الموقف الذي سبب له ذلك، فتثير فيه الحزن ومشاعر الاكتئاب والضيق النفسي وكأن الامر حصل للتو، ويتمنى حينها الانسان لو انه يتمكن من مسحها بالكامل من ذاكرته لشدة الالم التي تسببه في كل مرة تمر فيها على البال.

من الطبيعي ان يحتاج الانسان الى الوقت الكاف للتخلص من الذكريات المؤلمة او التخفيف من اثارها نفسيته، فبعض الاحيان تطول مدة ملازمة الاحزان لشخص تعرض لحادث حياتي مؤلم، ويتجدد لديه الالم كل ما عصفت به رياح الذكرى.

 بينما يتخطى احدهم ذكرياته المؤلمة التي تعرض لها من مصائب اكثر واشد قوة باقصر وقت، وذلك يعود الى الصلابة النفسية التي يمتكلها الانسان والتي تختلف من فرد لآخر، وعلى مؤثرات البيئة الاجتماعية التي تحيط بالانسان المتعرض للازمة.

لماذا نتذكر الذكريات المؤلمة؟

على هذا السؤال يجب استاذ الطب النفسي الدكتور (جمال فرويز) بالقول: " إن هناك عدة عوامل قد تحصر البعض في زاوية الماضي وذكرياته خاصة المؤلم منها، وهي الاستسلام لهذه الأفكار، مما يجعلهم يفقدون السيطرة على تحجيم التفكير في هذه المشاعر، والتي قد تؤدي به إلى حالة نفسية سلبية وسيئة الأمر الذي قد يؤدي بالبعض بـ اللجوء للكتمان الذي يجعلهم عرضة لخطر الإصابة بالأزمات والاضطرابات النفسية". 

ما هي خطوات التخلص من ذكريات الماضي السيئة؟

اول الخطوات بأتجاه التخلص من الذكريات السيئة هي عدم الاستسلام للذكريات والقبول بها كواقع حال وليس بالامكان التغلب عليها كما لدى الكثير ممن يصابون بأنواع الاحداث التي تخلف الحزن والالم، فعلى الفرد الذي تعرض لأحد المواقف السيئة عدم الاستسلام لها، وعدم حصر ذاته فهو لن يقدر على الاستمرار من بعد هذا الشعور السيء الذي أصابه.

ثاني الخطوات المساعدة على التخطي للذكريات المؤلمة هي الاندماج في الحياة، حيث من المهم ان يعود الانسان بعد الذي الم به الى عمله ووظيفته و وجميع سلوكياته التي كان يؤديها ليشغل حاله بها ولا يدع فرصة للذكريات بأن تنال منه الكثير، والابتعاد عن الاشخاص والمواقف والاماكن التي من الممكن ان تعيده الى تلك الذكريات المزعجة.

وثالث الخطوات المهمة في طريق التخطي هو الرضا والإيمان بما يقسم الله للانسان هو الخير وان الله يقدم الاصلح للانسان، كما على الانسان ان يؤمن بوجود العوض عن كل الألم الذي يشعر به وان الله لا يسلب من احد شيئاً الا وعوضه عنه وبذا يجب ان لا تتوقف الحياة مهما كان حجم الالم والمعاناة النفسية التي تحيط بنا الا ان بارقة الامل لابد ان تكون موجود ننقطة النور في نهاية النفق المظلم.

وفي الختام سيدي القارئ الكريم ان طبقنا هذه الخطوات الثلاث يمكننا ان نتجاوز احزاننا وآلامنا التي غرزتها فينا الذكريات الحزينة والمؤلمة تدريجياً، وبالتالي نتمكن من العودة الى الحياة ولا سبيل غير ذلك.

اضف تعليق