بعض الشباب يرون ان السيارة تمثل احد اركان المكانة الاجتماعية سيما مع اتجاه المجتمع العربي عموماً والعراقي على وجه الخصوص الى المادية المقيتة، والى حد بعيد اتفق ان الانسان لابد ان يمتلك ما يجعله عزيزاً في قومه ومنها السيارة الجيدة...
الانسان بصورة عامة في بحث دائم عما يحقق له الراحة الجسمانية وبالتالي الراحة النفسية، فيبحث عن الاكل الجيد، الشرب، الملبس، المنزل، السيارة، الرتبة العلمية، وغيرها من ضروريات الحياة التي تبقي الانسان على قيد الحياة الكريمة، هذا الامر بديهي ومسلمة متفق عليها لكن ان يتحول البحث عن هذه الرغبات بصورة مشوهة فهذا يعني ان الانسان مصاب بهوس والامر ليس عادياً بالمرة، اليوم وودت الكتابة في موضوعة هوس السيارات في محاولة منا لتخفيف الوطئة عن المهوسون وكفايتهم مؤنة الاستمرار في هذه الرحلة المرهقة.
مجتمع المهووسون يضج بالحديث عن السيارات عالية الاثمان فما ان تصادفهم مرة حتى تجد احدهم يخبر اصحابه بمميزات سيارة نوع (بي ام) اما الاخر فيريد عبر حديثه ان يقول ان ماركة(مرسيدس) هي الاكثر كفاءة ومتانة والثالث يروج لماركة (جيب) وهكذا تراهم هائمين في اجواء صخب وتيه حقيقي لا نتيجة منه، وللأمانة اقول انني احياناً اجد نفسي وقد انزلقت الى الحديث معهم لحبي للسيارات ايضاً لكني لم اصل الى مرحلة الهوس ولله الحمد.
المشكلة تمكن في اكثر المهوسين في شراء السيارات ومتابعة احوالها واصداراتها ومميزاتها هم من الذين لا يملكون عشر ثمن شراءها مما يجعلها متعبين نفسياً في التفكير في اقتناءها في محاولة منهم لإرضاء ذواتهم وربما لم يصلوا الى مناهم وهذا هو الجهد ليس هيناً فكرياً مما يقلل ارصدة الصحة النفسية لهم.
بعض الشباب يرون ان السيارة تمثل احد اركان المكانة الاجتماعية سيما مع اتجاه المجتمع العربي عموماً والعراقي على وجه الخصوص الى المادية المقيتة، الى حد بعيد اتفق ان الانسان لابد ان يمتلك ما يجعله عزيزاً في قومه ومنها السيارة الجيدة لكني اختلف في كونها تمنح الانسان مكانة ان كان هو وضيع او تسلب مكانته ان كان هو محترماً.
المثال الواقعي لهذا الاعتقاد الخاطئ هو ما يحصل للمستشيخيين الجدد الذي يحاولون التغلب على عقد النقص بدواخلهم المريضة، اذ ان الطريق الرسمي لإعلان انفسهم شيوخ هو شراء سيارة فخمة تدلل على كونه كذلك، والذي يملئ القلب قيحاً ان المجتمع المريض هو الآخر يقيم على هذا الاساس فيستقبل الناس هذا النموذج بحفاوة كبيرة وباهتمام عال وهو ما يوهمهم بكونهم مقدرين وذوي شأن.
المضحك المبكي ان بعض الشباب المهموسون بالسيارات يصل بهم الحال الى الاستقراض من البنوك او الدخول في المعاملات الربوية للحصول على الاموال اللازمة لشراء سيارة فخمة ومن مخاطر هذا الامر انهم يعجزون عن استيفاء الاموال وهو ما يعرضهم الى دخول السجن او بيع منزل العائلة لتسديد الديون وفي كلتا الحالتين خسارة كبيرة، ناهيك عن نظرة المجتمع اليهم، اذ ان ذات المجتمع الذي رفع من شأنهم سابقاً ادار وجهه عنهم هذه المرة لان الامر ليس فيه رضا الله وتقيمهم السابق لم يكن صحيحاً بل وفق محددات بالية.
الاسباب:
لا توجد اسباب مؤكدة لهذا الهوس بقدر ما يتوجد احتماليات او فرضيات منها:
ان الانسان قد تعرض الى الحرمان في سنواته الاولى من عمره في نواح عديدة ومنها عدم قدرته على اقتناء سيارة وحين تيسر حاله واصبح قادراً مارس شيئاً من التعويض لذلك الحرمان، والاحتمال الاخر هو ان الامر يمكن ان يصبح عدوى فالإنسان يتأثر ويؤثر بمحيطه الاجتماعي والشباب على وجه التحديد تدفعهم مثل هذه الامور الى بذل كل الجهود في سبيل الظهور بمظهر المتمكن وهذه نتيجة طبيعية.
كيف يغادر الانسان هذا الهوس؟
مثلما هناك سببين محتملين فهناك سببين مقترحين ايضاً وهما:
العلاج المعرفي السلوكي الذي يمكن للمعالج النفسي ان يغير وجهة نظر الفرد المصاب للموضوع بالتالي اقناعه بأن السيارة هي وسيلة من وسائل راحة الانسان وليست غاية والانفاق المبالغ فيه ليس مبرراً على الاطلاق، اما الامر الاخر فهي ضرورة ان يبتعد الانسان عن الاقران الغير مسؤولين في قراراتهم ويختلفون في نظرتهم للحياة ولاقتناع بالمتوفر وفق قاعدة (كل واحد يتمدد على كد غطاه)، وهنا يمكن ان يغادر هذا الهوس وهو مرتاح ومطمئن وراض بما عنده.
اضف تعليق