الاشتياق هو الشعور بفقدان أحدهم والتفكير فيه باستمرار والرغبة في رؤيته أو التحدث معه، والسبب في ذلك هو عمل العقل على إظهار الإيجابيات وتلافي سلبيات الطرف الآخر وعدم التفكير في تصرفاته المزعجة أو بعض العادات التي كان لا يتقبلها الإنسان في وقت ما وبالتالي يحدث الشعور بالوحدة والاشتياق له...
لكل فرد عالم خاص كان يعيشه وهذا العالم ترك له الكثير من الذكريات منها ماهو سيئ يحاول نسيانه وكبته ومنها ماهو ايجابي يبقى يتذكره بين الفينة والاخرى، فما ان يختلي احدنا بنفسه او يدور حديث حول شخص او مكان او مرحلة عمل او دراسة او سفر حتى يتمنى ان تعود به الايام الى حيث تلك النقطة المثار في باله، هذه العملية بأختصار هي عملية الاشتياق، فماهو؟، وماهي علامته؟، وهل للاشتياق انواع؟، وكيف نتعامل مع الاشتياق ان نحل بربوع ذاكرتنا؟
الاشتياق حسب علم النفس هو "الشعور بفقدان أحدهم والتفكير فيه باستمرار والرغبة في رؤيته أو التحدث معه، والسبب في ذلك هو عمل العقل على إظهار الإيجابيات وتلافي سلبيات الطرف الآخر وعدم التفكير في تصرفاته المزعجة أو بعض العادات التي كان لا يتقبلها الإنسان في وقت ما وبالتالي يحدث الشعور بالوحدة والاشتياق له".
اعتقد ان الاشتياق نعمة من نعم الله على بني البشر تسهم وبشكل كبير في ابقاء التقارب بينهم والعمل على ادامته، فيحثنا اشتياقنا الى شخص ما الى التواصل معه والسؤال عن احواله ومعرفة فيما اذا كان بحاجه الى امر ما، بينما المغيبون فنستذكرهم بقراءة الفاتحة لهم او سور من القران الكريم والتصدق بالإنابة عنهم فيصل الثواب كتعبير منا لاستذكاره.
اذن المحرك الاساسي للشعور هو الفقد فلم يحدث اشتياق بدونه، ولعل اصعب انواع الاشتياق لشخص غيبته الحياة بعد كان قريب وشريك في الجزيئيات الحياتية المختلفة، وفي هذا النوع من الاشتياق غصة في القلب ويشعر الانسان حياله بالعجز الكامل عن انهاء هذا الشعور وليس في اليد من حيلة سوى التسليم المطلق لإرادة الله وقدرته وهو الحاكم والبصير في شؤون عباده.
ثم اننا في مواقف اخرى نشتاق لاناس احياء لكن الظروف منعتنا كالانشغال او السفر او ظروف اخرى منعت من لقائهم سيما بعد تعقيدات الحياة وزيادة متطلباتها ومافرضته على الانسان من العمل المستمر في سبيل توفير هذه المتطلبات التي نحتاجها في حيواتنا، فرغم توفر الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي الى ان الانشغال نال من جرف علاقتنا الكثير واصبحنا لا نلتقي بالكثير من علاقتنا واقاربنا الى في المناسبات الاجتماعية كالأعراس والوفيات او الطقوس والشعائر الدينية وغيرها من المناسبات التي تجمع الناس.
وللاشتياق ضرب آخر ليس اشتياقاً لانسان بل اشتياق لمناسبة اجتماعية او دينية كأشتياق الناس سيما الاطفال الى الاعياد لانهم يذهبون فيها المتنزهات ويمارسون الالعاب، بينما يشتاق اخرون لمناسبة دينية يمارس فيها شعائر كزيارة الاربعين التي يعد لها الناس بلهفة فيتلقون ايامها بشوق عال لارتباط هذه الايام نفسياً بالأفراد الذين يمارسون فيها انشطتهم الدينية وهو ما يترجم الحب لها وانتظارها.
الاسباب التي تدفع الانسان للاشتياق هو شعوره بعدم الامان والاستقرار الا بتواجده مع من يحب لان هذا التواجد يجعل الإنسان يشعر بالراحة والطمأنينة، ومن الاسباب التي تجعل الانسان يشتاق الى الانسان الاخر هو التشابه في الصفات والهوايات والاهتمامات بينهم وهو ما يجعل غياب احد اطراف العلاقة يشكل نقصاً لطرفها الاخر بالتالي يجعله غير قادر على القيام بنفس الأنشطة والاهتمامات التي كانوا يمارسونها سويًا وبالتالي يشعر بالاشتياق له، ومن ثم الذكريات التي عاشها الانسان مع افراد في المحيط الاجتماعي هي التي تحفز الاشتياق لدى الانسان رغبة في تكرارها مرة ثانية.
كيف يمكننا التغلب على مشاعر الاشتياق؟ يمكننا التغلب على مشاعر الاشتياق عبر ممارسات بسيطة وهي عدم البقاء في فترات طويلة من الاختلاء بالنفس والشعور بالفراغ والدخول في انشطة تقتل الوقت وتجعل الانسان لاهياً، ومن ثم لا بأس بالاتصال بالأشخاص الاحياء الذي نشتاق اليهم والتعبير عن الاشتياق او طلب موعد للقاء لإطفاء جمرة الاشتياق اللاهبة، اما اذا كان متوفي بالأحرى بنا تذكره بما ينفعه والتحدث بحسناته وافعاله الطيبة ومحاولة تقليدها افضل من البكاء الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، وبذا يمكن للانسان ان يقبع في غياهب الاشتياق التي تجعل الانسان اسيرها.
اضف تعليق