تحول التركيز من الذات إلى الآخرين بمعنى ان الانسان يتحول من الانانية والتطلع الى الحاجات الفردية الى الاهتمام بحاجات الاخرين واعتبار نفسه واحد من الكل وليس واحدا منعزلاً عن الكل، هذه الخاصية هي السمة الأبرز والأكثر أهمية من خصائص وعلامات السمو الذاتي...
لأي فرد فينا الحق في البحث عن ذاته والعمل على تحقيقها والوصول بها الى المكانة التي يتعقد انها تناسبه، في هذا الطريق الوعر من اجل الوصول الى اعلى نقطة من الانجاز سواء اكان علمي او مهني او اي نقطة حياتية يسعى الانسان الى تحقيقها.
قد يكون الانسان انانياً الى الحد الذي يجعله ينسلخ من الجماعة من اجل تحقيق مصالحه الخاصة فقط، والعكس من هذا انه يسير ما يخدم الجماعة قبل تسيير ما يخدمه وان تعارض الامران، هذه الحالة تعرف بـ(السمو الذاتي) الذي يعد من اعلى القيم الانسانية واثمنها.
في علم النفس يعتبر السمو الذاتي بمثابة الطفل الصغير المهمل لواجباته، فقد كان مفهوم تحقيق الذات موجوداً منذ فترة طويلة وكان معروفاً بمكانه على قمة تسلسل ماسلو الهرمي للحاجات ولم يتم تجاهله بالكامل، لكن الباحثون المهتمون بسمات السلوك الإيجابي على دراية تامة بالمفهوم لذلك تم أدراجه في عملهم بشكل خاص، وربما يكونون أولئك المرتبطين بعمل ماسلو بشأن الاحتياجات البشرية على دراية جيدة بها.
في خضم الحديث عن السمو الذي ينبغي ان ننوه الى حقيقة مفادها إن تحقيق الذات هو هدف نبيل وجدير للتنمية ولا ينبغي استبعاده لصالح الحاجة الجديدة اللامعة، ولكن تجاوز الذات هو المستوى التالي من التطور، فهو يركز على الآخر بدلاً من التركيز على الذات ويتعلق بأهداف أعلى من تلك التي تخدم الذات.
كثيرة هي الامثلة التي تشير الى السمو الذاتي الانساني نذكر منها "تجربة فيكتور فرانكل في معسكرات الاعتقال في الحرب العالمية الثانية، على الرغم من معاناته الشخصية الكبيرة ورغم كونه كان لديه القليل من احتياجات التسلسل الهرمي أو لم يتم تلبيتها أو ربما بسبب ذلك، وجد فرانكل هدفاً أعلى في حياته، كان قادراً على تنحية احتياجاته واهتماماته جاناً ورؤية الصورة الكبيرة وكيف يلائمها".
من خصائص السمو الذاتي انها: تحول التركيز من الذات إلى الآخرين بمعنى ان الانسان يتحول من الانانية والتطلع الى الحاجات الفردية الى الاهتمام بحاجات الاخرين واعتبار نفسه واحد من الكل وليس واحدا منعزلاً عن الكل، هذه الخاصية هي السمة الأبرز والأكثر أهمية من خصائص وعلامات السمو الذاتي.
كما ان من خصائص السمو الذاتي انه يحدث تحولاً في القيم اذ ان أولئك الذين لديهم سمواً ذاتياً لم يعودوا يجدون أنفسهم مدفوعين بدوافع خارجية، أو مكافآت ومطالب خارجية ، ولكن بدافع جوهري، ويعمل السمو الذاتي على زيادة الاهتمام الاخلاقي فاهتمام الانسان بمن حوله يجعله اكثر اخلاقاً وتركيزاً أكثر كثافة على فعل الصواب.
واخير الخصائص للسمو الذاتي انه يعبر بالضرورة عن رقي العواطف وانسانيتها اذ يمكننا القول ومن خلال الخصائص الثلاث السابقة الذكر ان السمو الذاتي يؤدي الى الشعور بالارتياح، والشعور بالارتفاع، وحين ترى ثلاثة من اربعة من هذه الخصائص اجتمعت في سلوك انسان فهذا يمثل اعلى درجات السمو الذاتي الجميل.
في الختام نقول: ان السمو الذاتي للانسان من انبل السمات الانسانية التي تتجاوز الذات نحو مصلحة الجماعة والارتباط بما هو اعظم من الذات، وبه يتم ادراك ان الفردية لا تأتي بما تأتي به الجماعية ووفق هذا المعطيات والفوائد لابد من اعادة النظر بالكثير من تصرفاتنا حيث أن البشر بشكل يفترض ان لا يهم ما هو الشيء الأعظم فقط أن هناك شيئاً أعظم من الذات، وبذا تعمر المجتمعات وتسود المحبة ويعم الخير كل الناس دونما استثناء لان الجميع يبحث عن رضا الجميع.
اضف تعليق