في حياتنا اليومية تستخدم الازاحة النفسية كثيراً دون ان نشعر، وللأطفال نصيب عال من الاذى فقد نستخدم معهم الازاحة فنعاقبهم بشدة بالضرب خاصة على هفوة عابرة أو حتى دون مبرر فقط لوجودهم بجورنا في حالة غضبنا، وهنا نمارس سلطتنا عليهم وضعفهم امامنا وفي الامر ظلم كبير للحلقة الاضعف في دائرة الغضب...
ربما اغلبنا حدث معه ذات يوم ان قام احد بالصراخ بوجهه تعبيراً عن الغضب منه رغم انه لم يكن في تماس سابق معه، الحيرة تحظر الموقف فتتبادر اسئلة عدة الى الذهن من قبيل لماذا تصرف معي المقابل بهذه الطريقة فليس بيننا تقاطع ولم اتسبب له بأذى نفسي يدفعه لان يقوم بمثل هذا السلوك غير الطبيعي؟، هل ثم امر حصل مني تجاهه دون ان اقصد مثلاً؟، وان كان كذلك لماذا لم يعاتبني او يصارحني بخطئي بحقه؟، وتستمر التساؤلات ربما من دون جدوى لمعرفة السبب من وراء هذه السلوكيات.
هذه الحالة تعرف في علم النفس بحالة (الإزاحة النفسية) وهي احدى حيل او ميكانزمات الدفاع اللاشعورية والتي يمارس فيها الشخص لغاضب تفريغاً انفعالياً مريحاً له لكنه مزعجاً للمقابل لكون تحمل خطيئة شخص اخر قام بأغاضته، والمضحك ان الشخص الاول الذي يصادف الشخص المثار بعد الاثارة يتحمل تبعات ليس له فيها ناقة ولا جمل فذنبه الوحيد هو انه اول المصادفين له فحسب.
الوصف العلمي للإزاحة النفسية
"هي تفريغ الشحنات السلبية في شخص أوهدف آخر من خلال موقف لا علاقة له بموقف الغضب نفسه، ولم يتسبب بحالة الشخص الانفعالية، ولكن لأنه لا يستطيع الانتقام أو تفريغ ما يجده في نفسه في المصدر الأصلي؛ لمكانته الاجتماعية أو سلطته عليه كأن يكون مديره في العمل مثلاً، أو أي جهة أقوى من الجهة التي يعمل على إزاحة غضبه بها، على اعتبار أن نتائج إزاحة غصبه بها لا تُشكل تهديداً له من الناحية الاجتماعية كسابقتها فلذلك يستهدفها بتفريغ بمشاعره السلبية".
وتعتبر الإزاحة النفسية من الآليات التي يجنح اليها الفرد بقصد الحفاظ على الذات وحمايتها من التوتر بتخفيف الضغوط عليها، والتي نتجت عن الإخفاق في مواجهة المشكلات وحلها في محاولة لإحلال التوافق النفسي بدل الصراع الداخلي الناتج عن تراكم الانفعالات السلبية.
في حياتنا اليومية تستخدم الازاحة النفسية كثيراً دون ان نشعر، وللأطفال نصيب عال من الاذى فقد نستخدم معهم الازاحة فنعاقبهم بشدة بالضرب خاصة على هفوة عابرة أو حتى دون مبرر فقط لوجودهم بجورنا في حالة غضبنا، وهنا نمارس سلطتنا عليهم وضعفهم امامنا وفي الامر ظلم كبير للحلقة الاضعف في دائرة الغضب.
حقيقة الامر ان العقاب في هذه الحالة ليس بسبب إسهام احد في اثارة الغاضب بل بسبب ما يمتلكه الأقوى (الاكبر سناً، الاب، الام، الاخ الاكبر... الخ) من شحنات غضب من مصادر متعددة وضغوط مختلفة لكن مع الأسف يتم إزاحتها في الاضعف لأنهم المصدر الذي يستقبل الانفعال وان كان غير مبرر دون ردة فعل.
وعلى مبدأ الازاحة ايضاً تتم الإزاحة لكن بأهداف أخرى فقد نرمي الهاتف بقوة بعد مكالمة مزعجة، أو نغلق الباب حتى يكاد البيت يتزلزل من قوة إغلاقه بعد خلاف عائلي لم نتوصل خلاله إلى حل مرضٍ لنا، او نقوم بكسر ادوات المطبخ او جهاز التلفاز والى غير ذلك من السلوكيات التي نسلكها كتعبير منا عن حالة الغضب التي نحن فيها لكن الحقيقة ان حماقة ليس لها مبرر نرتكبها بحق انفسنا اولا ومن ثم بحق الاخرين كما الاشياء الجامدة.
كيف نوقف او نحد من استخدام الازاحة النفسية؟
باستراتيجيات عديدة يمكننا ان نتعامل مع الافراد الذين يكثرون استخدام الإزاحة النفسية ومن اهمها ما يلي:
1- احتواء الفرد الغاضب وامتصاص غضبه ومن ثم محاولة نقله من حالة الغضب إلى الهدوء بالتعاطف والتفهم لحالته الانفعالية ومن ثم مناقشة المشكلات والمواقف المسببة لغضبه وسبل حلها.
2- محاولة اقناع الافراد الذي يستخدمون الازاحة ان هناك حيلاً اكثر رقياً منها كالتسامي الذي يعمل على تحويل السلوك من سلوك غير مقبول إلى سلوك مقبول مجتمعياً عبر التنفيس بالرياضة بالتدرب على الملاكمة وقد تظهر في صورة إبداعك الرسم وغير ذلك.
3- واخيراً لابد من تبصرة الانسان الذي يمارس الازاحة بأن بمثل هذه السلوكية يظلم الناس وهذا الامر لا يتفق مع الانسانية ولا الاخلاق ولا الضمير فلابد من التغيير.
اضف تعليق