حين يتجنب الانسان المواجهة ويفضل الانهزام ستكون هذه السلوكية نمط يمتد على طول خطوط طول الحياة، فالبالغين يفضلون اختيار الوظائف ذات المجهود المتوسط او الصغير رغم ادراكهم ان مثل هذه الوظائف لا تجني لهم مردوداً مالياً كبيرا يجعلهم يعيشون برخاء مالي مناسب مع ذلك كله...

كثير هي صنوف الشخصيات الانسانية على وجه العموم، ولكل شخصيتها صفاتها ومعالمها الخاصة، اليوم نحن بصدد الاضاءة حول احدى هذه الشخصيات وهي التي تعاني من التردد وضعف العزيمة والاقبال على تنفيذ اية مهمة حتى اليسير منها، ويغيب عنها التخطيط فهي تعمل بصورة ارتجالية اكثر غير منظمة كل ذلك يجري ربما بدافع الخوف او الارتباك.

ما نتحدث عنه هي الشخصية الانهزامية التي تعرف انها الشخصية التي تقبع تحت تأثير الانهزام الذاتي رافضةً محددات المجتمع وغير مستثمرةً لخواصها وامكانتها العلمية والجسدية والعقلية والمعرفية ومعتاشة على فتات غيرها لعجزها وضعفها.

ولعل سبب تسميتها بالشخصية الانهزامية يأتي من كونها منهزمة في المواقف التي يراد لها ان تصمد وتواجه، ولكونها تفضل دائماً الاختباء وان تسبب لها ذلك باللعن والاساءة، وفي احيان اخرى تضع نفسها في موضع الضعف في محاولة منها لكسب التعاطف معها لتخفيف ما ترى انه عبئ كبير عليها.

وحين يتجنب الانسان المواجهة ويفضل الانهزام ستكون هذه السلوكية نمط يمتد على طول خطوط طول الحياة، فالبالغين يفضلون اختيار الوظائف ذات المجهود المتوسط او الصغير رغم ادراكهم ان مثل هذه الوظائف لا تجني لهم مردوداً مالياً كبيرا يجعلهم يعيشون برخاء مالي مناسب مع ذلك كله الا انهم يبقون سائرين (بجانب الجدار) هرباً وخوفاً من التمرد على الذات وكسر رغبتها.

ومن خبث هذه الشخصية انها تحاول ان "تضغط على الناس بشدة أو تحرجهم أو تطالبهم بما هو فوق طاقتهم وتستمر في مضايقتهم حتى ينفجروا فيها، وبذلك تحقق هذه الشخصية بغيتها في إيقاع الناس في خطأ عدم سيطرتهم على انفعالاتهم الغاضبة، ويهمها في النهاية أن تعمق احساس الآخرين بالذنب لخطئهم في حقها.

المسببات

ما يدفع بأتجاه تكون هذه الشخصية اسباب كثير ومتشعبة لعل ابرزها هو العامل الوراثي الجيني الذي يكسي الطفل الصغير ضعفاً معنوياً من الصغر وقد يستمر هذا الضعف مع الانسان حتى فناءه ان لم يعالج وبالطرق النفسية والعلمية الصحيحة، ثاني الاسباب هي معركة الارادة التي تحدث بين الاباء والابناء نتيجة لرغبة الاباء في السيطرة ورفض الابناء لها، اذ ان الآباء يريدون الاحتفاظ بالطاعة والخضوع من آبائهم من خلال السيطرة على تصرفاتهم بأي طريقة وبأي ثمن ولا مجال للطفل للتعبير عن أراءه أو ما يحتاج إليه حيث ان الآباء يرون أن الطفل لا حق له بالاختيار وذلك بسبب أنه مازال طفل ومن هذا تنشأ شخصية الطفل متضعضعة لا تصمد بوجه اية ازمة او موقف او مهمة تناط بها.

ومن الاسباب ايضاً عدم تكليف الاطفال بمهام ومسؤوليات في صغره بداعي انه غير قادر على القيام بها وهذا خطأ تربوي كبير يقترف الآباء بحق ابنائهم وهو ما يبقيهم معتمدين كلياً على من يرون انهم اقوى منهم ومنهم الاهل او زملاءهم في المدرسة او العمل او اي مجال حياتي آخر، كما ان من اهم الاسباب هو الاسلوب العقابي الذي يمارسه الابوين ضد اطفالهم مهما كبر الخطأ او صغر سيجعل الفرد يتجنب اية مبادرة او محاولة للقيام بشيء معين خشية ذلك العقاب المهين، هذه أهم الطرق التي تجعل الانسان يفتقر إلى وجود القوة لمواجهة مشكلاته أو التعامل معها، مما يولد لديه شخصية انهزامية غير قادرة على التعبير عن نفسها.

المعالجات

اما المعالجات فجلها يكمن في اعطاء فرص للطفل للتعبير عن ذاته وقول قولته التي تمكنه من بناء شخصيته بناءاً رصيناً مما يجعله معتمداً على نفسه ومتصدياً لواجباته لا متهرباً منها، كما يجب على الابوين الابتعاد عن اسلوب العقاب القاسي الذي يجعل الطفل يتجنب القيام بأي فعل وبذا يلازمه الخوف وبالتالي يفضل التجنب، كما على الابوين ايضاً عدم فرض الارادة وطلب الطاعة العمياء على ابنائهم لان ذلك يجعل الشخصية ضعيفة، وبهذه المعالجات يمكن ان تجنب المشكلة ودواعيها.

اضف تعليق