q
شعور أساسي بعدم الكفاءة وانعدام الأمان، ناجم عن نقص جسدي أو نفسي أو متخيل"، والشعور بالنقص اكثر المشكلات النفسية اثراً على المجتمع من الفرد ذاته لأنه نتاجه سيصيب المجتمع بالكثير الارهاصات والاخفاقات في طريقة تعويضها او معالجتها، فهي من المشكلات الاجتماعية النفسية وليس اعتباطاً ان قدمنا الاجتماعية على النفسية...

الانسان في طبيعته تواق الى مالم ينل دائما لكن ايمانه بعدم وجود كمال للانسان وان لكل انسان مكامن ضعف وقوة هو من يجعل اليقين يسكن قلبه ويريح نفسه، على عكس ذلك تنتاب الفرد حالة من الشعور بالقصور في بلوغ كل ما يحلم به وان كان غير واقعي مثيل المقارنة بأناس ناجحين او المقارنة بالناس الخارقين للعادة، فالإنسان حين لم ينجح فيما نجحوا فيه او لم يحقق ما حققوا او لم يرزق بما رزقوا اذا ما اتفقنا ان جزء كبير من النجاح والتوفيق هو ضرب من ضروب الرزق وهذا ما يرهق الانسان.

وهذه المقارنات متعبة حقاً من الممكن أن تتوقف حياة أحدهم بسببها او بسبب اليأس والإحباط الذي سيُرسلُه عقلُه الباطن إليه، في هذا السياق يقول علماء النفس: ان مقارنة الفرد لذاته مع الآخرين تُؤدي إلى انخفاض تقديره الذاتي وبالتالي نظرة تشاؤمية للمستقبل حينها سيصاب الانسان بحالة تدعى بـ(عقدة النقص).

عقدة النقص او عقدة (الشعور بالدونية) يعرفها العالم النفساني (ادلر) على انه "شعور أساسي بعدم الكفاءة وانعدام الأمان، ناجم عن نقص جسدي أو نفسي أو متخيل"، والشعور بالنقص اكثر المشكلات النفسية اثراً على المجتمع من الفرد ذاته لأنه نتاجه سيصيب المجتمع بالكثير الارهاصات والاخفاقات في طريقة تعويضها او معالجتها، فهي من المشكلات الاجتماعية النفسية وليس اعتباطاً ان قدمنا الاجتماعية على النفسية لأنها اثرت في بناء وتقدم المجتمع وسرت عدواها وطغت مضاعفاتها على المجتمع من ثم لها تأثير خطير في التكوين النفسي وتوجيه الشخصية ونجاحها ورقيها.

إن الشعور بالنقص هو واحد من تلك المركبات النفسية المعقدة التي قد تتعارض مع الكثير من القيم والمفاهيم السائدة، فيحطمها أو يتجاهلها من يعاني منها، ويتصف سلوك المصاب به بالنزعة التعويضية فهو يتكلم بتعالي مع كونه دائم المحاولة لجذب الانتباه ويتقمص شخصية ليست شخصيته الواقعية ويحاول ان يثبت انه الافضل وينتقد ويهاجم الأشخاص الناجحين أو المتميزين ويلجأ إلى التقليل من قيمتهم الفعلية، ويتظاهر بالثقة بالنفس وهو لا يجدها في حقيقة نفسه، اضافة محاولة ابراز نفسه كأنه يفهم في كل شيء وكل موضوع يكون محور حديث ويرفع صوته بقصد لفت النظر لان تقديره القاصر للأمور لم يسعفه للهضم الجيد للوقائع كما هي.

العديد من الدراسات اجريت لفئات مختلفة في العمر والجنس والمكان اجمعت على ان المصابين بعقدة النقص هم انفسهم مرهقين منها داخلياً غير انهم لا يحبذون ان يظهروا بهذا المظهر امام المجتمع لان ذلك سيقلل من شأنهم ويضع من قيمتهم، سيما لدى الشخصية العربية التي تولي للمجتمع اهمية اكثر من اهمية معالجة المشكلة ذاتها.

النجاح امر نسبي تلك حقيقة لابد من ادراكها وكذا السعادة والتفوق وتحقيق الاهداف، على سبيل المثال تجد انسان ناجح في علاقاته الاجتماعية ويستمد سعادته منها، واخر ضعيف في جانب تكوين العلاقات لكنه ناجح في المجال المهني، كما ان احد على مستوى معيشي متدني غير انه راضٍ وقانع بما اعطاه اياه الله لأنه متقين بأن عطاء الله ومنعه لحكمة و انه اعطاه ما يتمناه الاغنياء، وعلى سبيل المثال ايضاً ان شخص اكمل دراسته بعناء وصعوبة بالغتين وهو سعيد بما كسب في المقابل يوجد من اتت الفرصة لكنه لا يعرف كيف يستثمرها وبذا لم تكن الفرصة سبباً في سعادته، فالراحة في هذه الحياة نسبي وليس بالضرورة ان ما يريحنا يريح غيرنا والعكس ممكن.

من ابرز ما يكرس عقدة الشعور بالنقص بحسب الدراسات النفسية هو تبعية الانسان لغيره سيما الاطفال، وعدم اعطاءهم قدراً من الثقة لبناء ذاتهم وانضاجها مما يسبب ضعفاً في الشخصية وقصوراً في بلوغ المبتغى، وقد يرتكب الوالدين خطأً جسيماً حين يقارنوهم بأحد اخوانهم او زملائهم والحديث الدائم عن نجاحهم وفي هذه الحالة يساهمون من دون وعي بإصابة اطفالهم بهذه المشكلة، كما ان اغراق الوالدين ابناءهم عاطفياً ومادياً سيؤدي الى التبعية التامة اليهم وعدم الاعتماد على نفسه مما يفوت عليه الكثير من الفرص التي ستشعره فيما بعد بالنقص مقارنة بزملائهم او اقرباءهم، هذا في جانب المسببات في صيرورة وتشكل العقدة.

اما في جانب ما يحد منها فهو فلابد ان يلتفت المربون الى اهمية تعزيز الثقة بالنفس لدى اطفالهم منذ الصغر، ومن المهم ان يساعدوهم عبر تقديم الارشاد لهم لاستثمار الفرص التي من خلالها يحققون ذواتهم بشكل صحيح، ودفعهم إلى الاعتماد على أنفسهم في تلبية الكثير من احتياجاتهم ما من شأنه ان يجعلهم يقدرون اهمية الوقت والعمل في سبيل تحقيق فردية الانسان واستقلاله وبذا لا ينقصه شيء ولايشعر بعقدة اطلاقاً.

ومن الحكمة ان يعلم المصاب مواجهة مواضع نقصه بهدوء ودونما مساس بكرامته بدافع تلافيها قدر الممكن والابتعاد عن المقارنة غير الواعية بالأشخاص المحيطين مهما كان وضعهم، واخيراً يفضل التربويون الابتعاد عن توبيخ الاطفال ومعاقبتهم على اخطاءهم لان ذلك سيشجعهم على تحطيم الحواجز وتخطيها مهما عظمت وبذلك يمكن للانسان المصاب بعقدة النقص يحقق الاستقرار النفسي والتوازن.

اضف تعليق