تعد مشكلة التجنيس من المشاكل الأساسية المؤثرة في المجتمع البحريني واحد الأسباب المباشرة لقيام الحراك الشعبي البحريني الذي اندلع عام 2011م، وما يزال مستمراً إلى يومنا هذا، على اثر قيام ثورات الربيع العربي في بعض البلدان العربية بسبب تمادي النظام الحاكم في توسيع هذه المشكلة وتفاقمها من خلال زيادة أعداد المجنسين الأجانب ومن مختلف البلدان وزجهم في مفاصل الدولة المختلفة.

أن عملية تجنيس الأجانب في البحرين وبهذا الشكل المنظم من خلال تهجير وترحيل السكان الأصليين ما هو إلا دليل واضح على أن الأسرة الحاكمة في البحرين تنفذ سياستها وهي تقريباً نفس الإستراتيجية والسياسة التي اتبعتها بريطانيا في فلسطين، واليوم تقدم بريطانيا الدعم للسلطات البحرينية من اجل قمع ومواجهة الاحتجاجات المؤيدة والداعية للديمقراطية التي تشهدها البلاد اليوم.

أن قانون التجنيس البحريني الذي صدر عام 1963م هو احد نقاط الخلاف الحديثة التي شكلت معارضة لسياسة السلطة الحاكمة التي تتبعها داخل الدولة، مع الإشارة إلى أن قانون منح الجنسية البحرينية للأجنبي يشترط تمتعه بالمؤهلات التالية:

1- أن يكون قد جعل بطريق مشروع اقامته العادية في البحرين مدة 25 سنة متتالية على الأقل أو 15 سنة متتالية على الأقل أن كان عربياً،على أن تبدأ هذه المدة من تاريخ العمل بهذا القانون.

2- أن يكون حسن السيرة.

3- أن يعرف اللغة العربية معرفة كاملة.

4- أن يكون لديه في البحرين عقار ثابت مسجل باسمه لدى حكومة البحرين.

تتهم الشيعة في البحرين العائلة الحاكمة بالتشدد في تطبيق هذا القانون عند بعض الحالات وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بتجنيس الشيعة في وقت يتم فيه الإسراع بتجنيس السنة العرب وحتى الأجانب السنة، في حين أن العدد الدقيق للأشخاص الذين تم تجنيسهم غير معروف ولكن قدرت وزارة الخارجية الأمريكية في كانون الثاني/2011م عدد المجنسين في البحرين وخلال 50 عاماً حوالي (40000) ألف مجنس.

ومن بين الأسباب المباشرة للتجنيس في البحرين ما يلي:

1- تغيير التركيبة الديموغرافية للسكان.

2- تغيير الهوية والثقافة لأبناء البلد الأصليين.

3- غاية الحكومة في الحصول على أغلبية في الانتخابات من خلال تجنيس هؤلاء الأجانب من باكستانيين وهنود وغيرهم، أي لأغراض انتخابية.

لقد أتاح الصراع الدائرة في سوريا للسعودية والبحرين فرصة نادرة لعلاج معضلة التركيبة الديموغرافية من خلال اعادة توازن الهيكل الاجتماعي للسكان، حيث قامت الحكومة البحرينية ببناء مجموعة من المدارس في الأردن من اجل كسب هذه الفئات إلى جانبها وتدعيم حملة التجنيس التي تقوم بها وبصورة غير مباشرة بحجة القيام بأعمال إنسانية، ولكن الحقيقة غير ذلك.

كان التجنيس في البحرين مرفوضاً تماماً من قبل شريحة واسعة من أبناء الشعب البحريني وخاصة الشيعة، لكون هذا التجنيس يسعى إلى تغيير التركيبة الديموغرافية والسكانية في البلاد من خلال تغليب طائفة على أخرى وهذا ما تسعى السلطات البحرينية إلى تنفيذه، فكان مسعى عدد من الجمعيات السياسية والمتحالفة ضد قضية التجنيس ينصب أساساً على إيقاف هذا العمل.

وقد شهدت البحرين خمس انتخابات تشريعية (2002م – 2006م – 2010م - وتكميلية في 2011م – وأخرها 2014م)، حيث سعت هذه الجمعيات في الأعوام السابقة وخاصة عام 2010م أن تقوم برفع عريضة شعبية للملك تطالب بإيقاف التجنيس العشوائي الذي تقوم به، أو قيام النظام الحاكم بإعطاء سبب مقنع حول قيامها بهذا التجنيس العشوائي وما الغاية منه، وتأتي هذه العريضة ضمن الحملة الوطنية لمناهضة التجنيس في البحرين بعد أن بلغ عدد المجنسين بحسب تقدير قيادات الحملة بـ (100) ألف مجنس.

ويترتب على التجنيس مجموعة من الآثار أهمها: -

1- انتشار البطالة بين صفوف أبناء المجتمع وتخص طائفة دون أخرى، أي الشيعة دون السنة، وتم إقصائهم من التوظيف الحكومي وخاصة سلكي الجيش والشرطة.

2- ضعف الخدمات بعد أن ازداد الضغط على الحكومة وخاصة في قطاعات الصحة والإسكان والتعليم.

3- ضعف كبير وخلل واضح على المستوى الاقتصادي وانخفاض دخل الفرد البحريني.

4- تغيير هوية أبناء البلد وثقافتهم الشعبية وتركيبتهم السكانية.

5- زيادة المشكلات الاجتماعية مثل تفشي الجريمة والانحرافات السلوكية.

6- ارتفاع نسبة الأمية بعد أن حققت البحرين انجازاً كبيراً في خفضها إلى أدنى المستويات.

في ضوء ما تقدم، وبالرغم من قيام الاحتجاجات الأخيرة في البحرين لإيقاف عمليات التجنيس إلا أن الحكومة البحرينية ماضية في تحدي المطالب الشعبية والتي كان أخرها إعلان وزير الخارجية الباكستاني عن قيام السلطات البحرينية بتجنيس (30000) ألف باكستاني، لذا يجد المتابع أن اغلب المشاركين في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي حدثت في البحرين هم من الهنود والباكستانيين في ظل ضعف مشاركة أبناء البلد، أن لم نقل غيابهم الكلي وامتناعهم عن المشاركة فيها.

* باحثة مشاركة في مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية
www.fcdrs.com

................................
مصادر تم الاعتماد عليها:-
1) هبة رؤوف عزت – في مجموعة باحثين، الحركات الاحتجاجية في الوطن العربي (مصر – المغرب – لبنان – البحرين)، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى، بيروت، 2011م.
2) عبد الله مؤمن، التجنيس والتغيير الديموغرافي في البحرين، دار الفنون للنشر، الطبعة الأولى، بيروت، 2002م.
..........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق