قالت نقابة الصحفيين إن حرية الصحافة في تونس أصبحت في "وضع سيء للغاية" بسبب الانتهاكات المتزايدة وتقييد السلطات الوصول إلى المعلومات، متهمة الرئيس قيس سعيد بتهديد حرية التعبير في البلاد، وحرية الصحافة هي أبرز مكسب ناله التونسيون من ثورة 2011 التي أنهت الحكم الاستبدادي للرئيس الراحل زين العابدين بن علي...
قالت نقابة الصحفيين إن حرية الصحافة في تونس أصبحت في "وضع سيء للغاية" بسبب الانتهاكات المتزايدة وتقييد السلطات الوصول إلى المعلومات، متهمة الرئيس قيس سعيد بتهديد حرية التعبير في البلاد، وحرية الصحافة هي أبرز مكسب ناله التونسيون من ثورة 2011 التي أنهت الحكم الاستبدادي للرئيس الراحل زين العابدين بن علي. بحسب رويترز.
لكن صحفيين يشكون حاليا من زيادة الانتهاكات والمحاكمات منذ سيطرة سعيد على جميع السلطات تقريبا في 2021 وإغلاق البرلمان، وهي خطوة وصفتها المعارضة بأنها انقلاب، ودافع سعيد عن هذه الخطوة ووصفها بأنها قانونية وضرورية لإنقاذ تونس من أزمات وفوضى على مدى سنوات، وقال مهدي الجلاصي رئيس نقابة الصحفيين في مؤتمر صحفي إن التلفزيون الرسمي تحو إلى "بوق دعائي تافه يستبعد كل أصوات المعارضة"، بعد أن كان صوتا للجميع في العقد الماضي.
وأضاف أن عدة صحفيين حوكموا بموجب قانون النشر على الإنترنت المعروف بالمرسوم 54، معتبرا أن هذا المرسوم الذي وقعه سعيد كان "أكبر انتكاسة لحرية التعبير منذ 2011"، وقالت أميرة محمد، نائبة رئيس النقابة، إن أعداء حرية الصحافة في تونس هم الرئيس الذي خنق حرية الصحافة، ووزيرة العدل التي تستعمل النيابة العامة لتحريك قضايا ضد الصحفيين، وقوات الأمن، التي تواصل انتهاكاتها بحق الصحفيين وغالبا ما تعرقل عملهم.
ويرفض الرئيس قيس سعيد باستمرار الاتهامات بتقييد الحريات وقال إنه لم يسجن أي صحفي بسبب رأيه. وقال يوم الثلاثاء إن من يدعي إنه لا حرية تعبير في تونس "إما انه عميل أو في غيبوبة فكرية مستمرة"، وردد باستمرار قوله بأن "لا حرية تعبير دون حرية تفكير"، وتقول وزارة الداخلية إنه لا توجد انتهاكات ممنهجة من الشرطة بحق الصحفيين، وأن ما يحدث أحيانا هو "أخطاء فردية" لا تمر دون محاسبة.
وفي العام الماضي، سُجن الصحفي صالح عطية بسبب الحديث عن دور للجيش في السياسة، والصحفي عامر عياد لتوجيهه انتقادات لاذعة للرئيس. كما يواجه الصحفي نزار بهلول رئيس تحرير موقع بزنس نيوز المحاكمة لانتقاده رئيسة الوزراء.
وتحقق الشرطة أيضا مع الصحفي محمد بوغلاب والصحفية منية العرفاوي بتهمة التشهير بعد انتقادهما وزير الشؤون الدينية، سجنت السلطات هذا العام نور الدين بوطار رئيس إذاعة موزاييك، وهي أهم وسيلة اعلام مستقلة في تونس، بشبهة التآمر على الدولة وغسل الأموال، بحسب محاميه، الذين قالوا إن المحققين سألوه عن الخط التحريري للإذاعة.
قالت اميرة محمد إن العديد من النشطاء أو المواطنين سُجنوا بسبب تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي تنتقد الرئيس أو غيره من المسؤولين في الاشهر الاخيرة، قالت منظمة مراسلون بلا حدود يوم الأربعاء إن تونس تراجعت بشكل ملحوظ في حرية الصحافة من المرتبة 94 إلى 121، وعزت ذلك إلى القوانين المقيدة للحريات.
هل عادت الرقابة في تونس؟ تباينت الآراء السبت في معرض تونس الدولي للكتاب غداة سحب مؤلف ينتقد الرئيس قيس سعيّد وغلق جناح دار النشر المعنية، أعاد ناشر كتاب "فرنكنشتاين تونس" الذي يرسم صورة كاريكاتورية لسعيّد، فتح جناحه صباحا مؤكدا لوكالة فرانس برس أنه "أزال سوء التفاهم" مع منظّمي المعرض.
وكان رجال الأمن قد صادروا الجمعة جميع نسخ الكتاب المعروضة وأغلقوا جناح "دار الكتاب" بدعوى "حيازة كتاب غير مصرّح به"، جاء ذلك بعد أقل من ساعة من افتتاح المعرض بحضور الرئيس سعيّد الذي شدد في تصريح على أهميّة "تحرير الفكر".
بعد إزالة الغطاء عن منصته التي وضعت عليها لافتة تقول "هذا الجناح مغلق بقرار تعسفي"، تراجع حبيب الزغبي السبت عن اتهاماته بـ"الرقابة"، وأكد الناشر أن "الكتاب المعني لم يصادر بسبب محتواه بل لأنه لم يكن مدرجًا في القائمة التي قدمت في البداية إلى إدارة المعرض كما تنصّ اللوائح"، قدم صاحب الكتاب كمال الرياحي مؤلفه باعتباره نصا "سياسيا" يستلهم قصة فرانكشتاين مجسدة في قيس سعيّد الذي انتُخب في رأيه على خلفية استثماره في غضب وإحباطات شعب خاب أمله من النظام القائم منذ ثورة 2011.
وتراجع الناشر عن "تصريحاته المتسرعة" التي أدلى بها الجمعة، مشددا علتى أن سحب الكتاب "لم يكن رقابة بل مسألة إجرائية". وأوضح أنه لم يدرج العنوان في قائمته الأولية جراء تأخر طباعته، وأكد الزغبي أن بعض النسخ "متوافرة في المكتبات في تونس العاصمة"، وأنه ستتم إعادة طبع الكتاب ويعود إلى المعرض قبل اختتامه في 7 أيار/مايو.
في الجناح المجاور للناشر "مسكلياني" الذي أغلق الجمعة "تضامنًا" مع "دار الكتاب"، لا يزال المدير مقتنعًا بأن رفض عرض كتاب بحجة عدم تسجيله مسبقًا هي مجرد "ذريعة لفرض الرقابة عليه"، وقال مرتضى حمزة إن "الكتاب يتتبع ما يحدث لمعارضي الرئيس" الذين يستنكرون "الانحراف الاستبدادي" منذ الاجراءات التي أعلنها في 25 تموز/يوليو 2021 وتفرّد بموجبها بالحكم.
غير معقول
وأضاف "من غير المعقول أن تفرض في عام 2023 رقابة على الفكرة والكتابة تحت أي ذريعة"، رغم ذلك، أعاد الناشر فتح منصته السبت "أول يوم حقيقي للمعرض" مع تزاحم الزوار للاستفادة من التخفيضات الكبيرة على الكتب الباهظة عادة.
على منصة الناشر "نيرفانا" المقابلة لمنصة "دار الكتاب"، قلل محمد بنور الذي يعمل منذ أربعة عقود في النشر، من أهمية الجدل حول سحب الكتاب، وقال بنور إن الالتزام بتقديم قائمة بالكتب المعروضة مسبقًا "موجود منذ فترة طويلة" ويعود تاريخه إلى عهد أول رئيس للجمهورية الحبيب بورقيبة (1956-1987).
وأضاف أن الغاية من تقديم قوائم بالكتب هي تجنب عرض كتب "سلفية وأصولية تروج للإرهاب أو محاربة الدولة المدنية"، استمر هذا الإجراء في عهد الدكتاتور زين العابدين بن علي الذي أنشأ أيضًا لجان رقابة على الأدب والسينما.
كما تواصل العمل به بعد ثورة 2011 وسقوط النظام خوفا من عرض أعمال "تحرّض على صنع أسلحة أو متفجرات"، حسب محمد بنور، وأردف الناشر "هذه القاعدة معروفة وقد قبلها الناشر مثلنا جميعًا. لذلك، إما أن نلتزم بها وإما نقرر عدم المشاركة في المعرض كما فعل بعض الناشرين"، لكن بنور رأى أيضا ضرورة مراجعة هذا الإجراء "بالتشاور بين السلطات الثقافية والناشرين والمكتبات"، وأقرّ بأن "فرض القائمة هو شكل من أشكال الرقابة والسيطرة على الكتب المعروضة، وهذا أمر غير طبيعي".
مصادرة كتاب ينتقد الرئيس التونسي
صادرت السلطات التونسية الجمعة كتابا ينتقد الرئيس قيس سعيّد وأغلقت جناح دار النشر في معرض دولي للكتاب، على ما أفاد الكاتب والناشر وكالة فرانس برس، وجاء ذلك بعيد تأكيد سعيّد على أهميّة "تحرير الفكر".
وعرضت "دار الكتاب" مؤلف "فرانكشتاين تونس، تأملات في الشأن السياسي التونسي في عهد قيس سعيّد" للروائي التونسي كمال الرياحي، خلال الدورة ال37 لمعرض تونس الدولي للكتاب التي انطلقت الجمعة بحضور الرئيس قيس سعيّد واتخذت شعارا "لنحلق بأجنحة الكتاب"، ونقلت وسائل إعلام محلية مقطع فيديو لسعيّد خلال افتتاح المعرض يقول فيه "المهم هو تحرير الفكر لأنه لا يمكن أن نحقق أي شيئ في ظل فكر جامد". بحسب فرانس برس.
من جهته، قال كمال الرياحي لفرانس برس في رسالة بالهاتف "تم إعلامي بمصادرة الكتاب وغلق الجناح في معرض الكتاب اليوم"، بدوره، أكد صاحب دار النشر حبيب الزغبي لفرانس برس أن "رجالا من أمن وزارة الثقافة جاؤوا وصادروا الكتاب وأغلقوا الجناح بعد زيارة سعيّد" خلال افتتاح المعرض، يرافقه سفراء ووزراء تونسيون وأجانب.
ورسمت على غلاف الكتاب صورة شخصية خيالية لـ"فرانكشتاين تونس"، أظهر مقطع فيديو نشرته "دار الكتاب" صورا للجناح المغلق وكتب عليه "هذا الجناح مغلق بقرار تعسفي"، وفي حركة تضامنية، قامت خمس دور نشر أخرى على الأقل بغلق أقسامها بالمعرض، طبعت دار النشر 100 نسخة من الكتاب، تمت مصادرة عشرين منها فيما بيعت البقية، وعلّلت السلطات القرار "بدعوى حيازة كتاب غير مصرّح به"، بحسب الزغبي الذي يدير واحدة من أهم دور النشر في البلاد، ولم تصدر وزارة الثقافة توضيحا حول الموضوع.
وأضاف الرياحي أن "الكتاب سياسي ويلاحق منذ أيّام صدوره ويبحثون (السلطات) عن سبب لمنعه"، والكتاب مكون من مجموعة مقالات حول حكم قيس سعيّد و"انهيار الحريّات وتتبع الانقلاب يوما بيوم وتحليل شخصية الرئيس من وجهة نظر ثقافية ويعود قسم من الكتاب الى ما قبل وصوله إلى الحكم"، بحسب الرياحي الذي يقيم في كندا.
تفرد سعيّد بالسلطات في تونس منذ العام 2021، واقترح دستورا جديدا أقر عبر استفتاء، كما أجرى انتخابات برلمانية بعد أن حلّ المجلس التشريعي السابق، ويواجه الرئيس التونسي انتقادات واسعة بالتضييق على الحريات وتصفية خصومه السياسييين بعد أن تم توقيف قيادات حزبية وشخصيات نافذة تعارضه، وكمال الرياحي (49 عاما) كاتب وروائي وصحافي تونسي يدرّس الكتابة الابداعية في جامعة بكندا وصدر له 15 مؤلفا بين كتب نقدية وروايات من بينها "المشرط" في العام 2006 و"الغوريلا" في العام 2011.
اضف تعليق