تعرضت المواقع الأثرية في عموم العراق إلى تدمير وسرقة وإهمال كبير، خلال الحروب التي مرت بالبلاد خلال السنوات الماضية، خصوصا في المرحلة التي أعقبت غزو الأمريكي للعراق في العام 2003، وسرقت من متحف بغداد وحده نحو 15 ألف قطعة أثرية، و32 ألف قطعة من 12 ألف موقع أثري...
يستردّ العراق 17 ألف لوح طيني مسماري أثري مهرب من الولايات المتحدة، هي "أكبر مجموعة" أثرية تستردها البلاد وفق وزارة الثقافة، من بين العديد من القطع ثمينة الأخرى العائدة لحضارات ما بين النهرين والتي سلبت خلال سنوات من الحروب والأزمات.
وأعلن وزير الثقافة العراقي حسن ناظم في بيان حصلت فرانس برس على نسخة منه، أن تلك القطع ستعود إلى الأراضي العراقية بعد ظهر الخميس على الطائرة نفسها التي تقلّ رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي من واشنطن إلى بغداد، بعد زيارة رسمية الى واشنطن التقى فيها الرئيس الأميركي جو بايدن.
وأوضح الوزير أن غالبية القطع المستردة من الولايات المتحدة تأتي من جامعة كورنيل الأميركية التي تملك أرشيفاً واسعاً لألواح مسمارية قديمة، على موقع الأرشيف الالكتروني للرُّقم المسمارية التابع للجامعة، تظهر ألواح مسمارية تعود لحقب متعددة من حضارات بلاد ما بين النهرين أسهمت في مساعدة الباحثين في الجامعة على التوصل إلى فهم أفضل للحياة اليومية لسكان تلك الحضارات القديمة. بحسب فرانس برس.
وتوثق غالبية الألواح المستردّة "تبادلات تجارية جرت خلال فترة الحضارة السومرية"، إحدى أقدم حضارات بلاد ما بين النهرين، عمرها نحو 4500 عام، وفق بيان وزارة الثقافة، وكانت وزارة العدل الأميركية أعلنت أنها ستعيد للعراق لوحاً مسمارياً أثرياً عمره 3500 عام يوثّق جزءاً من "ملحمة غلغامش"، بعدما تبيّن لها أنّه "مُلكية ثقافية مسروقة" أُدخلت إلى سوق الفن الأميركية بطريقة احتيالية.
وتتعرض الآثار العراقية للتهريب منذ عقود طويلة، وفق ما أوضح مدير آثار وتراث البصرة قحطان العبيد لفرانس برس. ويشرح الخبير أنه "ليس ممكناً إحصاء عدد القطع الأثرية التي سرقت من المواقع الأثرية مباشرةً، لأنها غير مرقمة"، وأيضاً غير معروفة أو غير مكتشفة بعد، بالأخص في المناطق التي شهدت نزاعات مسلحة.
ويوضح أن "عمليات السرقة تلك بعضها مقصود ويأتي في إطار الجريمة المنظمة"، فيما أخرى "تكون غير مقصودة، لا سيما في المناطق النائية حيث يلجأ السكان المحليين إلى البحث عن الأحجار الكريمة وبيع قطع أثرية بهدف تأمين المعيشة اليومية ولا يعرفون مدى قيمتها وأهميتها"، وتعرضت المواقع الأثرية في عموم العراق إلى تدمير وسرقة وإهمال كبير، خلال الحروب التي مرت بالبلاد خلال السنوات الماضية، خصوصا في المرحلة التي أعقبت غزو التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لإسقاط نظام صدام حسين العام 2003، وسرقت من متحف بغداد وحده نحو 15 ألف قطعة أثرية، و32 ألف قطعة من 12 ألف موقع أثري بعد الغزو الأميركي، وبالنسبة للقطع التي سرقت من المتاحف، "فهي موثقة، وتمت استعادة البعض منها التي كانت تعرض في الأسواق العالمية"، وفق العبيد، من خلال هيئة الآثار والتراث العراقية.
ودمّر تنظيم داعش الارهابي الذي سيطر على ثلث مساحة البلاد في حزيران/يونيو 2014، الكثير من المواقع الأثرية غالبيتها في شمال العراق. ويقول خبراء الآثار أن الجهاديين دمروا قطع الآثار الكبيرة وسرقوا القطع الصغيرة للاتجار بها، ويعمل العراق جاهداً لاستعادة الآلاف من القطع الأثرية بالتنسيق بين وزارة الثقافة ووزارة الخارجية، وقال وزير الثقافة إن استعادة القطع من الولايات المتحدة "حدثٌ كبيرٌ، وآمل في المستقبل القريب العمل الجاد أيضاً مع سفاراتنا في العالم، وفي أوروبا تحديداً لنستعيد بقية آثارنا".
وأعلنت وزارة العدل الأميركية أنّ الولايات المتحدة ستعيد للعراق لوحاً مسمارياً أثرياً عمره 3500 عام بعدما تبيّن لها أنّه "مُلكية ثقافية مسروقة" أُدخلت إلى سوق الفن الأميركية بطريقة احتيالية، واللّوح الأثري مصنوع من الطين ومكتوب عليه بالمسمارية جزء من "ملحمة غلغامش" التي تُعتبر أحد أقدم الأعمال الأدبية للبشرية وتروي مغامرات أحد الملوك الأقوياء لبلاد ما بين النهرين في سعيه إلى الخلود.
وكان تاجر أعمال فنيّة أميركي اشترى هذه القطعة الأثرية في 2003 من أسرة أردنية تقيم في لندن وشحنه إلى الولايات المتحدة من دون أن يصرّح للجمارك الأميركية عن طبيعة هذه الشحنة. وبعد وصول اللوح إلى الولايات المتّحدة باعه التاجر في 2007 لتجّار آخرين مقابل 50 ألف دولار وبشهادة منشأ مزوّرة.
وفي 2014 اشترت هذا اللوح بسعر 1.67 مليون دولار أسرة غرين التي تمتلك سلسلة متاجر "هوبي لوبي" والمعروفة بنشاطها المسيحي وذلك بقصد عرضه في متحف الكتّاب المقدس في واشنطن.
لكن في 2017، أعرب أحد أمناء المتحف عن قلقه بشأن مصدر اللوح بعدما تبيّن له أنّ المستندات التي أُبرزت خلال عملية شرائه لم تكن مكتملة، وفي أيلول/سبتمبر 2019 صادرت الشرطة هذه القطعة الأثرية إلى أنّ صدّق قاضٍ فدرالي يوم الإثنين على مصادرتها، ونقل بيان لوزارة العدل عن المدّعية العامة جاكلين كاسوليس المسؤولة عن هذه القضية قولها إنّ القرار الصادر الإثنين "يمثّل خطوة مهمّة نحو عودة هذه التحفة الأدبية العالمية إلى موطنها الأصلي"، وكان القضاء الأميركي أمر في تمّوز/يوليو 2017 شركة هوبي لوبي بأن تعيد إلى العراق آلاف القطع الأثرية التي تعود إلى حقبة بلاد ما بين النهرين والتي جرى تصديرها إلى الولايات المتّحدة بشكل غير قانوني، في كنوز أثرية تضمّ خصوصاً ألواحاً مسمارية أخرى وأختاماً قديمة.
اضف تعليق