عقب مناقشات الطاولة المستديرة حول التماسك الاجتماعي بين الأطراف الاجتماعية والسياسية العراقية الفاعلة والتي عقدت في بغداد في تشرين الثاني 2014، ومتابعةً للتوصيات التي قدمتها تلك الأطراف، ترأس الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، السيد نيكولاي ملادينوف يوم الاحد في محافظة كربلاء المقدسة المنتدى الأول من سلسلة منتديات الطاولة المستديرة التي تعقد مع المجتمع المدني والجماهير وشيوخ العشائر ورجال الدين وباحثين من محافظات كربلاء المقدسة والنجف الأشرف وبابل.
وقال السيد ملادينوف في ختام أعمال المنتدى "ان الدعوة الجماعية التي أطلقها المشاركون لتعزيز التعايش السلمي والحوار الوطني والمصالحة تعد مشجعة جداً"، وأضاف قائلاً "ان هذا الدعم سيقوي جهود الحكومة لتنشيط برنامجها في الإصلاح والمصالحة".
وشدد المشاركون خلال الاجتماع على أهمية تمتين التلاحم الاجتماعي والديني فضلاً عن معالجة الانقسامات الموجودة داخل المجتمع العراقي.
وأضاف المبعوث الأممي "من المشجع ان نرى رجال الدين ووجهاء المجتمع يتواصلون مع مجتمعاتهم لغرض وضع القضايا التي تؤثر في جهود المصالحة وتقوية الحوار الشامل في العراق ضمن أولويات. وينبغي ان تستمر هذه الرسائل بالانتشار من أجل تكريس مبادئ الشمول والثقة والتوافق بين مكونات العراق".
وأضاف ميلادينوف، ان كربلاء هي قلب العراق النابض وجئنا لنطلق منها رسالة الوحدة الوطنية ونبدأ بعملية المصالحة بين جميع مكونات المجتمع العراقي.
واكد ميلادينوف ان "رسالة الامام الحسين قامت على العدل والمساواة والرحمة وهي لم تقتصر على اهل العراق ولا على اتباعه وانصاره بل تعدت ووصلت الى كل العالم وكل الديانات ومنها الديانة المسيحية التي انتمي لها"، مشددا على "ضرورة ان يكون سكان كربلاء واهلها منطلقا لرسالة الحسين الانسانية والوحدة الوطنية". وأضاف "ان كربلاء تمثل مكانا مقدسا في قلب العراق والذي أصبح يضم بعد استقباله عددا من النازحين من مختلف الطوائف والأديان فإن الأمم المتحدة اختارتها لتكون منطلقا لعملية وحدة وطنية شاملة ستنفذها بجهود دولية من اجل إعادة الاستقرار إلى البلاد".
وأشار الى أن "كربلاء عانت كثيرا ابان الحكم الدكتاتوري السابق وعلى الرغم من ذلك سكان كربلاء واهلها استلهموا مثل ورسالة الامام الحسين (عليه السلام) ولذلك يجب ان يكونوا انطلاقا لرسالة الوحدة الوطنية والمصالحة الان". ولفت الى "انا بوصفي مسيحي اقول لكم ان رسالة الامام الحسين عليه السلام) تعدت العراق ووصلت للعالم كله لانها تقوم على المساواة والعدل والرحمة".
هذا قدمت ثلاث مجموعات نقاشية قسمت في اجتماع الطاولة المستديرة مجموعة توصيات هامة في طريق تحقيق المصالحة الوطنية في الابعاد الدينية والتربوية والثقافية والاقتصادية والسياسية والأمنية.
وقال الشيخ مرتضى معاش رئيس مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام الذي شارك في اجتماع الطاولة المستديرة حول المصالحة الوطنية، ان مفهوم المصالحة لا يتحقق بمجرد وجود التشريعات والقوانين التي تجرم دعوات الكراهية والتطرف، بل لابد من تحقيق جوهر المصالحة الوطنية وروحها من خلال نشر ثقافة التعايش وتعميم سلوكيات اللاعنف، ودعا الشيخ معاش الى التحذير من المعادلة الصفرية التي تستنزف الأطراف المتصارعة وتدمرها حيث يحاول البعض ان يربح لوحده مهما خسر الآخرون، فلابد من تحقيق الربح للجميع دون خسارة أي طرف حتى يتم تحقيق مجتمع المصالحة الوطنية.
واكد الشيخ مرتضى معاش على أهمية تحقيق الانصاف ونبذ الطبقية الجديدة التي بدأت تظهر في العراق مما يؤدي الى انتشار الكراهية والتطرف، فالمواطن العراقي اليوم يشعر بالإحباط واليأس لعدم انصافه وعدم توفر ابسط شروط الحياة الكريمة من السكن والعمل والتعليم الجيد والرعاية الصحية الكفوءة.
كما أشار الشيخ معاش الى ضرورة نبذ المركزية القمعية المتسلطة بالروتين القاتل والبيروقراطية الفاسدة، مما يسبب استياء المحافظات التي بدأت تتجه نحو دعوات الاقلمة وظهور ملامح الانقسام والتقسيم، مؤكدا على أهمية ترسيخ اللامركزية وتفويض السلطة للمواطنين والشروع بتطبيق انتخابات المجالس المحلية التي هي أساس حركة الديمقراطية الحقيقية حيث تبدأ من القاعدة وليس من القمة.
ومن المقرر ان يعقد المنتدى الثاني للمصالحة الوطنية في محافظة البصرة في الأسبوع الأول من شهر شباط.
اضف تعليق