بين الذكاء الاصطناعي الذي يولد أو يقوم بتدوير المعلومات، وكذلك الأخبار المضللة المثيرة للإعجاب تأثر الجمهور في تلقي الأخبار المزيفة ثم مشاركتها في ظل التحول البيئي للمعلومات نحو عالم لن نستغرب فيه بأن نمو المعلومات المضللة أصبح أسوأ ومن السهل صنعه وتوزيعه. الحل في بناء...
مع تطور العالم الرقمي، شهدت صناعة الأخبار تحولات هائلة وتغيرت الطريقة التي نتلقى فيها الأخبار، وفي وقت كانت الصحف المصدر الرئيسي للمعلومات لكن اليوم اختلف الوضع تماما من خلال قضاء أوقات طويلة أمام شاشة الموبايل أو الحاسوب.
بوقت سابق كانت المؤسسات الإعلامية تتنافس مع نظيراتها، ولكن في العالم الرقمي عليها التنافس مع كل موقع على الإنترنت ينتج شكل من أشكال المحتوى، ومع تطور استخدامات الذكاء الاصطناع أصبح تحرير أي نص، أو مونتاج مقطع فيديو في دقائق ومشاركته وبالتالي قد يخلق جمهورا متحيزا يتأثر بطبيعة إنتاج الأخبار وخضوعه للاتجاهات والأهواء في ظل المنافسة الشديدة بين شركات التكنولوجيا الكبرى والخوارزميات ونزواتها.
مزارع خادعة
أصبحت مزارع المحتوى "مواقع الإنترنت" تقوم بجمع محتوى آخر وإعادة إنتاجه على أنه محتوى خاص بها، ولنأخذ مثال صحيفة نيويورك تايمز ومعركتها القانونية مع شركة "أوبن أل"، مدعية أن نماذج الذكاء الاصطناعي قامت بنسخ واستخدام الملايين من المقالات الإخبارية المحمية بحقوق الطبع والنشر والتحقيقات المتعمقة وغيرها من الأعمال الصحفية.
أحد التغييرات هي الخوارزميات ودورها في تدوير الأفكار والموضوعات من نفس المنفذ الإخباري الذي يتم تنظيمه بشكل مختلف بناء على استجابة الجمهور، ومع أن هذه القضايا ليست جديدة بالنسبة لصناعة الصحافة، لكن الأهم هو التفكير في أخلاقيات العمل، التي باتت تتلاشى، مما أحدث ردة فعل العديد من المنظمات والمؤسسات الإعلامية ودفعها لنشر الارشادات.
تحديات المستقبل
تحاول الأبحاث المتعلقة بالصحافة تقييم عواقب التغيرات التكنولوجية على الصحافة بناء على الأدلة العلمية، لذا يمكن تشخيص التحديات الرئيسية التي تواجه الصحافة الحقيقية.
1- تطورات سريعة ومتزايدة للتقنيات التي تصل إلى أعداد كبيرة وعلى سبيل المثال الوقت الذي استغرق فيه ظهور الهاتف منذ 50 عاما وتطور فيما بعد وأصبح هاتف ذكي وصل إلى ملايين المستخدمين، فيما استغرق انتاج وانتشار لعبة فيديو معينة أقل من شهر واحد لتحقق الانتشار الكبير.
2- التحدي الثاني الذي يواجه شركات الإعلام هو فقدان استقلاليتها، أو فقدانها نفوذها على التقنيات التي تسمح لها بتوزيع محتواها فإذا كان دور الطباعة في الماضي جزءا من دور النشر، فإن الصحافة ووسائل الإعلام في الوقت الحاضر تعتمد بشكل متزايد على مقدمي الخدمات (شركات التكنولوجيا الكبرى) ومن المرجح أن يؤدي ذلك فقدان الاستقلالية والشفافية.
3- تدخل التكنولوجيا في عملية الإنتاج الصحفي، وهو ما يعني المخاطرة باستبدال الصحفيين.
بين الذكاء الاصطناعي الذي يولد أو يقوم بتدوير المعلومات، وكذلك الأخبار المضللة "المثيرة للإعجاب" والتغيرات الكبرى في اتجاهات الاستهلاك، تأثر الجمهور في تلقي الأخبار ثم مشاركتها، وهكذا شاهدنا هذا التحول الجديد في النظام البيئي للمعلومات نحو عالم لن نستغرب فيه بأن نمو المعلومات المضللة أصبح أسوأ ومن السهل صنعه وتوزيعه.
ببساطة، الحل في بناء صحافة المستقبل الذي يعتمد على علاقات قائمة على الثقة، والاقتراب أكثر من الجمهور الذي بدوره يتابع الأخبار بمستويات مختلفة، ومن الجدير ذكره ضرورة الدعم النفسي والعاطفي للصحفيين أوقات الأزمات، وتوفير الحماية القانونية والسلامة في ميدان العمل، والتسلح بالتدريب المستمر.
اضف تعليق