وضعت \"هيئة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب\" السوريّة 615 شخصاً و105 كيانات على \"قائمة محليّة\" أصدرتها في 29 كانون الأوّل من عام 2018 من ضمنهم عراقيّان، أحدهما مسرور بارزاني رئيس مجلس أمن إقليم كردستان والمرشّح لرئاسة وزراء الحكومة الجديدة للإقليم والنجل الأكبر لرئيس الإقليم السابق...
بقلم عدنان أبو زيد
من غير المتوقّع أن تكون هناك تأثيرات قانونيّة على إدراج رئيس مجلس أمن إقليم كردستان في العراق مسرور بارزاني على قائمة الإرهاب السوريّة، فيما دواعي إصدارها السياسيّة تشير إلى علاقة بأوضاع الأكراد في العراق وسوريا.
وضعت "هيئة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب" السوريّة 615 شخصاً و105 كيانات على "قائمة محليّة" أصدرتها في 29 كانون الأوّل من عام 2018 من ضمنهم عراقيّان، أحدهما مسرور بارزاني رئيس مجلس أمن إقليم كردستان والمرشّح لرئاسة وزراء الحكومة الجديدة للإقليم والنجل الأكبر لرئيس الإقليم السابق وزعيم الحزب الديمقراطيّ الكردستانيّ مسعود بارزاني.
لم يتأخّر كثيراً ردّ الإقليم، إذ اعتبر مجلس أمن كردستان، في بيان صدر الإثنين بـ31 كانون الأوّل/ديسمبر من عام 2018، "الأمر مثيراً للسخرية"، لأنّه "صادر عن نظام شوفينيّ وقمعيّ ومعاد للشعب الكرديّ، قام بدعم الإرهابيّين من أجل ضمان بقائه في الحكم"، وذلك على حدّ تعبير البيان الذي اتّهم أيضاً "النظام السوريّ بأنّه استخدم الأسلحة المحرّمة دوليّاً ضدّ المدنيّين من شعبه".
أمّا نائب رئيس كتلة الحزب الديمقراطيّ الكردستانيّ بشّار الكيكي، الذي أصدر بياناً في 31 كانون الأوّل/ديسمبر من عام 2018، فطالب بـ"رفع اسم مسرور بارزاني من قائمة الإرهاب السوريّة"، وقال في اتّصال لـ"المونيتور": "إنّ الرفض الذي أعلنّاه وصل إلى السلطات السوريّة، وعليها تصحيح الخطأ برفع اسم بارزاني من القائمة".
وعن الإجراءات المستقبليّة للردّ على القرار السوريّ، قال: "إنّ حكومة الإقليم تطالب الحكومة السوريّة بتقديم اعتذار رسميّ إلى الدولة العراقيّة والإقليم".
ورأى أنّ "حكومة الإقليم تعتبر التصرّف السوريّ مضرّاً حتّى بالعلاقات بين العراق وسوريا، وأنّها ستطالب حكومة العراق بالردّ بالمثل".
وعزا الخطوة السوريّة إلى "أهداف سياسيّة تتعلّق بوضع الأكراد في سوريا، ودعم إقليم كردستان في العراق لحقوقهم ومطالبهم المشروعة"، معتبراً "القرار السوريّ بأنّه لا ينسجم مع الحرب التي يخوضها الإقليم والقوى الإقليميّة ضدّ الإرهاب لأنّ مسرور بارزاني أحد أبرز القادة الذين قاتلوا ضدّ داعش".
ولقد عبّر أكراد في كلّ من العراق وسوريا عن تضامنهم مع مسرور بارزاني ضدّ القرار السوريّ. وفي هذا الإطار، قال الكاتب فاروق حجّي مصطفى في مقال: "إنّ القرار السوريّ يتزامن مع قرب استلام مسرور بارزاني منصبه في إدارة حكومة كردستان، وهو خطوة رحّبت بها الأطراف الدوليّة والأمميّة والعراقيّة". وتساءل: "من هو الطرف الكرديّ المصنّف إرهابيّاً حتّى قام مسرور بتمويله ودعمه؟".
وبالضدّ من ذلك، بدا عضو مجلس الشعب السوريّ محمود جوخدار ممتلكاً للأدلّة التي تدين بارزاني، إذ اتّهم في تصريحات إعلاميّة، الأربعاء في 4 كانون الثاني/يناير من عام 2019، رئيس الحزب الديمقراطيّ الكردستانيّ مسعود بارزاني ونجله مسرور بـ"ارتكاب جرائم في مناطق شمال شرق سوريا عبر دعم المسلّحين الكرد بالمال والسلاح"، مشيراً إلى أنّ "بلاده تحتفظ بحقّ ملاحقة بارزاني محليّاً ودوليّاً".
من جهته، قال الخبير القانونيّ والقاضي السابق طارق حرب لـ"المونيتور": "من غير الممكن وصف مسرور بارزاني بالإرهابيّ، بالمعنى الذي حدّدته قرارات مجلس الأمن الدوليّ أو قانون مكافحة الإرهاب العراقيّ لسنة 2005 الذي يعرّف الإرهاب بأنّه فعل إجراميّ يستهدف فرداً أو جماعات أو مؤسّسات أوقع الإضرار بالممتلكات بغية الإخلال بالوضع الأمنيّ والوحدة الوطنيّة أو إثارة الفوضى، وهو ما لا ينطبق على بارزاني".
وتعرّف اتفاقية جنيف لقمع ومعاقبة الإرهاب تحت إشراف عصبة الأمم سنة 1937 في مادّتها الأولى الفقرة الثانية الإرهاب بأنّه "الأعمال الإجراميّة الموجّهة ضدّ دولة ما، ويقصد بها خلق حالة رعب في أذهان أشخاص معيّنين أو مجموعة من الأشخاص أو عامّة الجمهور".
والجدير بالذكر أنّه لا يوجد حتّى الآن أيّ حزب أو فصيل كرديّ عراقيّ تصنّفه اللوائح والقوائم في خانة الإرهاب.
وفي حال أخذ القائمة على محمل الجدّ، قال الخبير القانونيّ والقاضي السابق علي التميمي في حديث لـ"المونيتور":
"حتّى في الحالات التي يدرج فيها اسم شخص على لوائح إرهاب الأمم المتّحدة أو الدول الأخرى فلا قيمة قانونيّة لها، إلاّ إذا صدر قانون أو قرار من القضاء العراقيّ أو من إقليم كردستان يؤيّدها".
واعتبر أنّه كان "يتوجّب على حكومة العراق الردّ على الحكومة السوريّة بشكل رسميّ"، وقال: "في كلّ الحالات، فإنّ العراق لا يسلّم مسرور أو غيره بموجب هذه القوائم، إلاّ إذا كان مطلوباً لدولة أخرى عبر الإنتربول الدوليّ. وحتّى في مثل هذه الحالة، فإنّ العراق يمكنه رفض تسليمه إذا أراد ذلك".
بدوره، تحدّث الكاتب والمحلّل السياسيّ كاظم الحاج من شبكة الهدف للتحليل السياسيّ والإعلاميّ في حديث لـ"المونيتور" عن "اعتبارات سياسيّة وراء القائمة السوريّة لأنّ بارزاني يتدخّل في الشأن السوريّ"، وقال: "إنّ الدستور العراقيّ في المادّة 7 ثانياً، يمنع أن تكون الأرض العراقيّة مقرّاً أو ممرّاً أو ساحة لنشاط الإرهاب، بمعنى عدم دعم أيّ مجموعة تتبنّى فكراً إرهابيّاً متطرّفاً على مستوى أفراد أو جماعات. وكذلك، نصّت المادّة 8 على أن يرعى العراق مبدأ حسن الجوار ويلتزم بعدم التدخّل في الشؤون الداخليّة للدول الأخرى".
أضاف: "على مسرور بارزاني الالتزام بالدستور والقوانين العراقيّة، وألاّ يتبنّى أيّ توجّه لدعم مجموعة دينيّة أو إثنيّة في دولة أخرى، لأنّ هذا الأمر ممنوع وفق الدستور والقوانين، خصوصاً أنّ الإرهاب الذي ضرب سوريا هو نفسه في العراق".
وفي حين اقترح كاظم الحاج على الإقليم "الاستفسار الرسميّ عبر بوّابة الخارجيّة العراقيّة عن أسباب إدراج بارزاني على لائحة الإرهاب السوريّة وأن يستأنف الخطوات والآليّات القانونيّة عبر القنوات الرسميّة"، فإنّ ردود الأفعال من بغداد والخارجيّة العراقيّة لا توحي باهتمام في أمر القائمة السوريّة، فيما يبدو الإقليم مكتفياً بردود الأفعال الإعلاميّة التي اقتصرت على الشجب فقط.
اضف تعليق