يوجد شعور متزايد بعدم الرضا، هل سيكون 2019 عام الانفصال عن هواتفنا الذكية؟ لا يبدو المحلل بين وود مقتنعاً بالفكرة فقد أجاب قائلاً: \"بالنسبة لي 2019 ستكون سنة يزداد فيها وعي الناس بالوقت الذي يقضونه في استخدام هواتفهم أما الانفصال عنها فهذا مطلبٌ كبير جدا\"...
زوي كلاينمان-مراسلة الشؤون التقنية -بي بي سي
يوجد شعور متزايد بعدم الرضا في أوساط العديد من مستخدمي أجهزة الهواتف الذكية بشأن الوقت الذي يقضونه في استخدامها.
وحسب غوغل فإن نحو 70 في المئة من مستخدمي أنظمة آندرويد يرغبون في "تحقيق توازن أفضل" في استخدامهم التكنولوجي. ولكن هذا يضع قطاع التكنولوجيا في موقف غريب إذ كيف له أن يساعد مستهلكيه على الانفصال عن هواتفهم المحمولة في الوقت الذي يعتمد فيه النموذج التجاري للعديد من الشركات على عمل العكس تماماً؟
وقد أطلقت كل من آبل وغوغل هذا العام أدوات رقمية تسمى "وقت الشاشة" و"الصحة الرقمية" على الترتيب وهي تسمح لمستخدمي آيفون وآندرويد بمعرفة كم من الوقت يمضون في استخدام التطبيقات المختلفة وعدد المرات التي يستخدمون فيها أجهزتهم
لكن الأداة الرقمية التي أطلقها غوغل ليست متاحة بعد لبعض مستخدمي آندرويد لأنها جزء من نظام التشغيل "آندرويد باي" الذي أطلقه عدد قليل من شركات الهواتف حتى الآن.
أما أولئك الذين استخدموها فقد تكون النتائج صادمة لهم بعض الشيء.
في يومي الأول مع متتبع الصحة الرقمية لأندرويد، أظهرت النتائج أني قمت بفتح هاتفي النقال 200 مرة وقضيت أكثر من ثلاث ساعات في استخدامه.
وكان هذا إلى جانب عملي لساعات طويلة في غرفة أخبار بي بي سي وممارسة دوري كأم. أنا متأكدة أن استخدامي لم يكن كله مزاح على الواتس آب أو متابعة حسابات القطط على انستغرام ولكني، مع ذلك، أُصبت بالفزع.
روز لا برايري، هي مهندسة في غوغل تعمل من لندن وقد كانت من ضمن فريق المهندسين والتقنيين الذين طوروا أداة الرصد هذه.
وقد أخبرتني أن عملاق التكنولوجيا كان على تمام الوعي بأن الناس قد يشعرون "بالذنب أو العار" عندما يُجابهون بالنتيجة للمرة الأولى، ولذا فقد كان من الضروري تصميم الأداة دون أن تكون "مطلقة للأحكام".
كما قالت:" جزء منه كان التأكد من أننا لا نقوم بأشياء من قبيل أسهم حمراء كبيرة أو أسهم خضراء كبيرة أو محاولة إطلاق أحكام أو تقييمات لما هو جيد أو سيء".
وأضافت:" عندما نتحدث للناس ندرك أن الأمر يتعلق إلى حدٍ كبير بالفرد؛ فما هو جيد بالنسبة لي قد لا يكون جيدا لشخص آخر".
وتعتقد روز أن معظم الناس لابد وأن لديهم القدرة على وضع القواعد لأنفسهم من خلال استخدام المنتج وتضيف: "بالنسبة لبعض الناس ستكون رؤية البيانات كافية. إنها تذكير بالطريقة التي تقضي بها وقتك وما الذي تفعله بهاتفك النقال. وهناك بعض الناس الذين سيكونون في حاجة إلى تذكير إضافي وأنا أعتبر نفسي إحدى هؤلاء".
بالنسبة لهؤلاء الناس، يمكن ضبط لوحة البيانات بحيث تكون الإشعارات على وضعية الصمت، أو جعل شاشة النقال تتغير ما بين الأسود والأبيض في أوقات معينة مثل وقت النوم، أو وضع منبه بعد قدر محدد من استخدام تطبيق ما. ولكن الحقيقة هي أنه ليس من مصلحة غوغل ألا تستخدم هاتفك، أليس كذلك؟
تجربة جيدة
على خلاف النموذج التجاري لآبل الذي يركز على تطوير المنتجات الصلبة (هاردووير)، يعتمد غوغل على الإعلانات التي تتطلب إلى حدٍ كبير جذب الانتباه إلى الشاشات. تقول روز: "أعتقد أن أكثر ما يهمنا هو التأكد من أن يختبر المستخدمون تجربة جيدة"، وتضيف:" يحتاج الناس إلى معرفة السبيل لاستخدام أجهزتهم بطريقة مختلفة ونحن نرغب في مساعدتهم في ذلك".
من الجدير بالملاحظة هنا أنها لم تقل: "أغلقوا هواتفكم النقالة".
واستجابة قطاع صناعة الهواتف النقالة مثيرة للاهتمام فبعض الشركات تعتقد أنها يمكن أن تفطمنا عن استخدام الهواتف الذكية ذات الشاشات الكبيرة بمساعدة هواتف ذكية بشاشات أصغر.
فأجهزة مثل هواتف نوكيا التي تنتجها شركة اتش.إم.دي غلوبال وأجهزة بالم الصغيرة يتم ترويجها كأجهزة مرافقة (صديقة) (حيث تقوم أجهزة نوكيا بوظائف أقل أما أجهزة بالم فهي أصغر حجماً) لإعطائنا استراحة من أجهزتنا الأساسية. يقول المحلل التقني في موقع سي سي إس إنسايت، بين وود: "من الواضح جداً أن قطاع تصنيع الهواتف النقالة ما يزال يرغب في بيعنا هواتف". ويضيف: "من دواعي السخرية أنهم يحاولون بيعك هاتف نقال صغير للقيام بنفس الأمور التي يقوم بها هاتفك الكبير". وقطعاً يؤمن وود بأن الأمر رهن بقوة الإرادة ويقول: "من الممكن أن يكون لديك كل الأنواع المختلفة من الأجهزة ولكن الأمر يعتمد عليك كفرد إذ يمكنك أن تحدد كم من الوقت ترغب في تمضيته مستخدماً هاتفك".
كاثرين برايس ألّفت كتاباً بعنوان: "كيف تنفصل عن هاتفك النقال" وذلك بعد أن أنجبت طفلة وأدركت في أحد الأيام أن طفلتها تراقبها فيما هي تراقب هاتفها.
تقول كاثرين:" أدركت أنني لا أريد لها أن تأخذ هذا الانطباع عن العلاقة الإنسانية ولكني أيضاً لم أكن أرغب أن يكون الأمر على الطريقة التي عشت بها حياتي". وتوضح: "الانفصال عن هاتفك لا يعني إهماله أو إلقائه تحت عجلات الباص. الأمر يعني فقط أن تأخذ خطوة للوراء لتخلق علاقة هي في الواقع لصالحك: أن تصبح صديقاً مع هاتفك".
وفي كتابها، تدرج كاثرين نصائح على مدار ثلاثين يوماً لاستعادة علاقة "الصداقة" مع هاتفك. هذه هي أبرز النصائح:
أغلق كل الإشعارات التي يمكنك إغلاقها. اترك فقط ما تريده حقيقةً. بالنسبة لي يعني هذا إشعارات المكالمات الهاتفية والرسائل النصية لأنها تتعلق بأناس حقيقيين يحاولون التواصل معي، بالإضافة إلى التقويم والخرائط.
أعد ترتيب الشاشة الرئيسية بحيث تضم فقط التطبيقات ذات الأغراض العملية غير المغرية. وعليه لا يجب أن تضم الشاشة الرئيسية البريد الإلكتروني أو تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي أو الأخبار أو تطبيقات المواعدة أو الألعاب. فهذه يمكنك وضعها جميعاً في حافظة على صفحة داخلية ولذا لن يمكنك أن ترى رموزها إلا إذا قصدت فتحها.
أخرج هاتفك من غرفة نومك. سوف تحتاج شيئاً ما على الطاولة المجاورة للسرير ليحل محل الهاتف ككتاب مثلاً. وعندما تحاول الوصول لهاتفك ستجد الكتاب بدلاً منه.
ليكن عندك ساعة منبه عادية. فإذا كنت تستخدم الهاتف كساعة منبه فبالتأكيد سيكون هذا الهاتف أول ما تتفاعل معه في الصباح.
هناك خاصية في فيسبوك تمنعك من رؤية عدد مرات "الإعجاب" على منشورك. يمكنك بالطبع رؤية عدد مرات الإعجاب ولكن لن يكون بمقدورك أن تفحص ذلك بشكلٍ قهري بحيث ترى كيف أصبح عدد مرات الإعجاب 20 بعد أن كان 17 أو كيف ارتفع من 25 إلى 30، هذه الخاصية يمكنها كسر هذه العادة.
بالنسبة لي، أعتقد انني تجاوزت صدمة معرفة عدد المرات التي ألتقط فيها هاتفي ولكن هل تغيرت؟
الشعور بالذنب
ما أزال مدمنة على جهازي، ألتقطه مثلاً للاطلاع على التوقعات الجوية لأفاجأ بعدها بنفسي وقد أمضيت عشر دقائق على مواقع التواصل الاجتماعي وما أزال دون أدنى فكرة عن الطقس وما إذا كنت سأحتاج مظلة أم لا.
وبعد الإقرار بذلك، أعتقد أنني حقيقةً أستخدم هاتفي لغرض العمل كثيراً، وكي أجد طريقي للأماكن التي أزورها أو لمواكبة المراسلات التي لا تنتهي من مدرسة أطفالي.
أخبرت المهندسة روز لابريري أنني أرغب في أن أكون قادرة على التفريق بين الوقت الذي أُحسن قضاءه على هاتفي الذكي والوقت المهدر. يبدو أنني لست الوحيدة التي تواجه هذه المعضلة وقد أجابتني قائلة: "نحن نفكر في طريقة استخدامنا للهاتف على أنها مقصودة أو غير مقصودة والناس حقيقةً يولون اهتماماً لما هو غير مقصود لأنه يجعلهم يشعرون بالذنب".
ومضت قائلة: "ستكون خطوة كبيرة لو أمكننا معرفة كيف لنا أن نكسر الجوزة ونفرق بين ما هو مقصود وما هو غير مقصود".
لذا هل سيكون عام 2019 عام الانفصال عن هواتفنا الذكية؟ لا يبدو المحلل بين وود مقتنعاً بالفكرة فقد أجاب قائلاً: "بالنسبة لي سنة 2019 ستكون سنة يزداد فيها وعي الناس بالوقت الذي يقضونه في استخدام هواتفهم أما الانفصال عنها فهذا مطلبٌ كبير جدا".
اضف تعليق