ارتفاع نسبة التضخّم، الأمر الذي انعكس سلباً على المستثمرين العراقيّين داخل إيران. وقد تعرّض المستثمرون العراقيّون في إيران، إلى خسائر كبيرة جدّاً، بعد هبوط العملة الإيرانيّة، ولكنّ الحكومة العراقيّة ترفض الكشف عن عددهم وحجم استثماراتهم، حيث امتنع كلّ من وزارة التجارة العراقيّة والقنصل التجاريّ العراقيّ الإجابة...
بقلم سلام زيدان
مصير مجهول يواجه المستثمرين العراقيّين داخل إيران، إذ خسر الآلاف منهم أكثر من نصف رأس مالهم بعد إيداع أموالهم في المصارف الإيرانيّة للحصول على فوائد 15% سنويّاً، كما أغلق العديد منهم أيضاً شركاتهم العاملة داخل المدن الإيرانيّة بسبب ارتفاع التضخّم.
فرضت الولايات المتّحدة الأميركيّة في 7 آب/أغسطس، عقوبات اقتصاديّة جديدة على إيران، أدّت إلى تدهور الاقتصاد الإيرانيّ بعد انخفاض قيمة عملته إلى مستويات كبيرة جدّاً، وارتفاع نسبة التضخّم، الأمر الذي انعكس سلباً على المستثمرين العراقيّين داخل إيران.
وقد تعرّض المستثمرون العراقيّون في إيران، إلى خسائر كبيرة جدّاً، بعد هبوط العملة الإيرانيّة، ولكنّ الحكومة العراقيّة ترفض الكشف عن عددهم وحجم استثماراتهم، حيث امتنع كلّ من وزارة التجارة العراقيّة والقنصل التجاريّ العراقيّ في السفارة العراقيّة داخل طهران الإجابة عن تساؤلات "المونيتور" في هذا الخصوص.
أجرى "المونيتور" لقاءات عدّة مع رجال أعمال عراقيّين يعيشون داخل إيران، للاطّلاع على الأضرار التي لحقت بهم بعد العقوبات الإيرانيّة، وتحدّث المستثمر سعد الزيدي، قائلاً: "وضعت في إحدى المصارف الإيرانيّة مبلغ 100 ألف دولار، كوديعة ثابتة لمدّة عام واحد لا يجوز سحبها مقابل الحصول على فائدة سنويّة بقيمة 15%"، مضيفاً أنّ "العملة الإيرانيّة بدأت تنهار في شكل مخيف جدّاً، والمصارف الإيرانيّة تمنع إعطائي أموالي بالدولار وإنّما بعملتها المحلّيّ".
وأوضح: "الـ100 ألف دولار التي أودعتها في العام الماضي تبلغ قيمتها حاليّاً نحو 50 ألف دولار"، مشيراً إلى أنّ "الآلاف من العراقيّين عملوا مثلي والآن خسروا أكثر من نصف رأس مالهم".
أنشأ العراقيّ جلال هاشم (40 عاماً) قبل 10 أعوام شركة سياحيّة داخل إيران، لجلب الإيرانيّين إلى العراق لزيارة أضرحة أئمّة الشيعة في مدن النجف وكربلاء وبغداد وسامراء، وقد اضطرّ حاليّاً إلى إغلاقها لهبوط عدد السيّاح، بسبب عدم القدرة على تغطية النفقات بعد انهيار العملة الإيرانيّة.
وقال هاشم في مقابلة مع "المونيتور" عبر الهاتف: "أغلقت الشركة السياحيّة منذ 3 أشهر، إذ كان يدفع الإيرانيّ مبلغ 500 دولار، ممّا يساوي مليوني ريال إيرانيّ قبل سنتين، أمّا الآن فسيضطرّ إلى دفع 5 ملايين ريال"، مشيرا إلى أنّ "مبلغ الـ5 ملايين ريال كبير جدّاً على الإيرانيّين، بسبب التضخّم الذي يرتفع يوماً بعد آخر".
وأضاف أنّ "قطاع السياحة داخل العراق شبه متوقّف لاعتماده على السياحة الدينيّة بنسبة 95%، لأنّ نحو 5 ملايين زائر إيرانيّ كانوا يتوجّهون إلى العراق سنويّاً، والآن هبط هذا العدد الى حدّ كبير بسبب ازدياد حالة الفقر"، مؤكّدا أنّ "أصحاب الفنادق العراقيّة في المناطق الدينيّة تضرّروا كثيراً لعدم وجود الزائرين الإيرانيّين، إذ يتحدّثون عن قيام بعضهم بإغلاق فنادقهم وتسريح العاملين فيها، لعدم قدرتم على توفير رواتب موظّفيهم".
يعتمد العراق في المرتبة الثانية على السلع الإيرانيّة، بعد تركيا، إذ بلغ التبادل التجاريّ غير النفطيّ بين العراق وإيران في العام الماضي 6 مليارات دولار، بينما بلغ التبادل النفطيّ 10 مليارات دولار.
تعرّضت أسواق محافظة البصرة ذات الغالبيّة الشيعيّة التي تقع في أقصى جنوب العراق، إلى الكساد، لقيام السلطات الإيرانيّة بالسماح للعراقيّين بدخول مدينتي عبادان والمحمّرة الحدوديتيّن، من دون الحصول على تأشيرة دخول من أجل التسوّق، مستفيدين من انهيار العملة الإيرانيّة.
وقال علي كريم (35 عاماً)، وهو بائع للمواد الغذائيّة في محافظة البصرة لـ"المونيتور"، إنّ "أسواق البصرة أصيبت بالكساد حاليّاً، اذ يتسوّق أهاليها من مدينتي عبادان والمحمّرة الإيرانيّتين، مستفادين من رخص البضائع"، مؤكّداً أنّ "السلطات العراقيّة تتفرّج على انهيار الأوضاع الاقتصاديّة في البصرة، من دون أن تفعل أيّ شيء أو تطبّق التعرفة الجمركيّة على بضائعها".
وأضاف أنّ "البضائع التي تباع في عموم العراق هي مرتفعة ونوعيّتها رديئة جدّاً، وهذا بسبب فساد التجّار، لذلك اضطرّ العراقيّ إلى الذهاب إلى مدن إيران وشراء حاجاته اليوميّة"، مؤكّداً أنّ "كيلو اللحم الواحد داخل العراق سعره 12 دولاراً، بينما يشتريه من إيران بسعر 5 دولارات، ممّا تسبّب في هجرة المتبضّعين من العراق إلى إيران".
وينفي رئيس اتّحاد الغرف التجاريّة في العراق جعفر الحمداني، وجود استثمارات عراقيّة داخل إيران، مضيفاً أنّ "اتّحاد الغرف التجاريّة حتّى الآن لم تصله تعليمات من الحكومة في شأن العقوبات الاقتصاديّة المفروضة على إيران".
شدّد المستشار الماليّ لرئيس الحكومة الدكتور مظهر محمّد صالح على ضرورة التزام العراق بالعقوبات الاقتصاديّة المفروضة على إيران، لتجنّب أيّ قرار من الولايات المتّحدة الأميركيّة في شأن الدول غير الملتزمة بالعقوبات.
وتابع أنّ "الرئيس الأميركيّ الأسبق جورج بوش وبعده الرئيس باراك أوباما ولغاية عام 2013، كانا يمنحان حسابات البنك المركزيّ العراقيّ حصانة قانونيّة بموجب أمر رئاسيّ تنفيذيّ يصدر سنويّاً، استناداً إلى قوانين الطوارئ الأميركيّة"، مضيفاً أنّ "عدم التزام العراق بالعقوبات على إيران مع عدم وجود حصانات كما كان سابقاً، قد يؤدّي إلى تعريض حساب البنك المركزيّ في الفيدراليّ الأميركيّ إلى التجميد، وسبق للعراق أن تعرّض إلى مثل هذا الأمر في تسعينيّات القرن الماضي وكانت شديدة الضرر على الشعب العراقيّ".
يتوقّع عدد كبير من الاقتصاديّين العراقيّين زيادة تهريب الدولار من العراق إلى إيران بعد انتهاء خزينها خلال الفترة المقبلة، من خلال مصارف لبنانيّة وسوريّة، على الرغم من إعلان البنك المركزيّ العراقيّ عدم تعامله بعملة الدولار مع إيران منذ عهد الرئيس الأميركيّ السابق أوباما.
اضف تعليق