قالت صحيفة لوموند الفرنسية في تقرير لها بعنوان "الاقتصاد العالمي: الصين تغير قواعد اللعبة"، إنّ الصين قد سجلت نقاطا ضد الولايات المتحدة في معركتهما المتواصلة من أجل السيطرة على الاقتصاد العالمي في القرن الحادي والعشرين.
وأوضحت الصحيفة أن الأمر يتجاوز مسألة الإنتاج المحلي الخام كثيرا، بل إنها معركة لتحديد هوية من سيضع القوانين، ويحدد المعايير، ويسيطر على المعاملات الاقتصادية للعالم أجمع خلال السنوات القادمة.
وأشارت الصحيفة إلى أن بكين ترى أنها حققت نجاحا باهرا و"نزيها" بدرجة غير معهودة سابقا، فهي اليوم تنشئ وتفرض، ضد رغبة واشنطن، مؤسسة عالمية جديدة متعددة الأطراف، وهي البنك الآسيوي، للاستثمار في البنية التحتية، وقد حددت تاريخ 31 آذار/ مارس الجاري آخر أجل للمشاركة في رأس مال البنك بصفة عضو مؤسس، وهو ما قبلته قرابة 40 دولة حتى الآن، بينها البرازيل وروسيا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا والدنمارك.
وفي سياق متصل، قالت لوموند إن البنك الذي تم تأسيسه لتمويل مشاريع البنية التحتية الكبرى في آسيا يعكس الوزن المتزايد لمنطقة آسيا والمحيط الهادي في ميزان الاقتصاد العالمي، كما تشهد هذه المؤسسة بأن الثروات قد تمت إعادة تقسيمها في العالم باعتبار أن آسيا اليوم، كما لم يسبق لها أبدا، هي صاحبة أعلى نسب تطور في العالم.
كما أوضح التقرير أن البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية يدخل في منافسة مباشرة مع البنك الدولي في واشنطن، الذي يمثل دعامة رئيسية للنظام الاقتصادي العالمي السابق المفروض من قبل الولايات المتحدة منذ اتفاقية بريتون وودز عام 1945، فهذه الاتفاقية التي تم توقيعها في هذه المدينة الصغيرة في ولاية نيوهامبشير غداة نهاية الحرب العالمية الثانية، عكست سلطة أمريكا المهيمنة، ومن بعدها الأوروبيون.
وقالت الصحيفة إن 31 آذار/مارس يمثل يوما تاريخيا شاهدا على دخول حقبة جديدة، فسواء كانت على صواب أو على خطأ، تعتقد الصين أن هناك فراغا يجب ملؤه. فالهياكل المنفذة لقرارات اتفاقية بريتون وودز، والمتمثلة في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، لا تأخذ بعين الاعتبار الوزن الحقيقي لآسيا في ساحة الاقتصاد العالمي، فإنشاء البنك الآسيوي للاستثمار إن دل على شيء فهو يدل على قوة إرادة الصين وتنصيبها لنفسها الزعيم الحقيقي لمنطقة آسيا والمحيط الهادي، وذلك على حساب الولايات المتحدة. فهذا البنك الذي يمكن القول إنه بنكها، قد دخل في مجال سيطرة بنك إقليمي آخر هو بنك التنمية الآسيوي الذي تهيمن عليه اليابان الحليف "المدلل" لأمريكا في هذه المنطقة.
كما لفتت الصحيفة النظر إلى أنه لم يتم تحديد سوى ثلاثة مقاعد فقط، من أصل 20 مقعدا، للبلدان غير الآسيوية في مجلس إدارة البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، ورغم هذا فللأوروبيين دافع مهم للمشاركة، حيث إنه سيتم تحديد بعض معايير اقتصاد القرن في الأماكن الجديدة المماثلة، وهذا ما فع بريطانيا ولوكسمبورغ إلى الاشتراك في هذا البنك، غير مبالين بغضب أمريكا، على عكس دول منطقة اليورو التي لم تتفاعل مع الحدث كتلة واحدة، ولم تنتهز الفرصة لإظهار تفردها.
وترى الصحيفة أن الولايات المتحدة لا تجيد اللعب الجماعي، فهي تطلب المزيد من النفوذ في "حكم" العالم، لتتفوق على الصين، في حين ترفض، كما أعلن الكونغرس في واشنطن، تطوير بنود معاهدة بريتون وودز لتأخذ بعين الاعتبار قوة آسيا المتنامية.
وتقل الصحيفة إنه لم يتم حتى الآن تقدير الأثر لهذه الجمهورية الجديدة الممتدة من الشرق الأوسط إلى آسيا، لكن "لا ينتظر الرفاق أحدا، إنهم يصنعون عالما جديدا بمقاييسهم، وعلى طريقتهم الخاصة".
اضف تعليق