ثقافة وإعلام - صحافة

بعد إقالة وزير الكهرباء

ما هي خطط الحكومة لحلّ موضوع الكهرباء في العراق؟

ويطرح السؤال عن الهدف من وراء هذا القرار ومدى قانونيّته، في ظلّ الوضع الحاليّ للحكومة، التي قد انتهت دورتها القانونيّة بالفعل، ومع العلم بأنّ الحكومة الجديدة ستحلّ مكانها بعد فترة قليلة. ويبدو أنّ الهدف الأهمّ وراء القرار هو محاولة إخماد موجة الاحتجاجات التي اتّخذت مسار...
بقلم علی معموري

 

بعد شهر من الاحتجاجات في العراق بسبب نقص الكهرباء والخدمات العامة الأخرى، فصل رئيس الوزراء العراقي وزير الكهرباء، دون أي رؤية واضحة حول حل مشكلة الكهرباء.

بعد حدود شهر من موجة الاحتجاجات العارمة في مختلف مدن الجنوب، أصدر رئيس الوزراء العراقيّ حيدر العبادي أمراً بإقالة وزير الكهرباء قاسم الفهداوي وإحالته على التحقيق في 29 تمّوز/يوليو الماضي، عازياً ذلك إلى "تردّي خدمات الكهرباء"، والذي كان وراء اشتعال الاحتجاجات في قمّة الصيف الحارّ جدّاً بالعراق.

ورحّب قاسم الفهداوي بالقرار، داعياً "الكوادر العليا في وزارة الكهرباء إلى التعاون مع لجان التحقيق لإظهار الحقيقة"، موضحاً أنّ "الكلام عن وجود نقص في تجهيز الطاقة الكهربائيّة غير صحيح، فالنقص حصل في الفترة الماضية، وما حصل ويحصل في الفترة الأخيرة ازدياد في تجهيز الطاقة".

ويطرح السؤال عن الهدف من وراء هذا القرار ومدى قانونيّته، في ظلّ الوضع الحاليّ للحكومة، التي قد انتهت دورتها القانونيّة بالفعل، ومع العلم بأنّ الحكومة الجديدة ستحلّ مكانها بعد فترة قليلة. ويبدو أنّ الهدف الأهمّ وراء القرار هو محاولة إخماد موجة الاحتجاجات التي اتّخذت مسار العنف في الفترة الأخيرة، وخلّفت أكثر من 12 قتيلاً حتّى الآن. وبالفعل، لم ينفع القرار بإقالة الفهداوي في إخماد موجة الاحتجاجات، إذ أقام المتظاهرون العراقيّون في محافظة البصرة الخيام أمام مجلس المحافظة بـ31 تمّوز/يوليو لبدء اعتصام احتجاجيّ ضدّ قطع الكهرباء ونقص الخدمات والوظائف، وسط إجراءات أمنيّة مكثّفة. كما أنّ مناطق أخرى من مدن الجنوب في العراق ما زالت تشهد الاحتجاجات المستمرّة ضدّ قطع الكهرباء ونقص الخدمات والوظائف.

ويعدّ منصب وزير الكهرباء في العراق من أسوأ المناصب حظّاً منذ عام 2003، إذ لم يحدث أن أكمل وزير دورته، بسبب العجز عن الوفاء بالوعود لحلّ هذه المشكلة.

وكانت المشكلة قد بدأت حين قامت إيران بقطع صادراتها من الكهرباء إلى العراق في قمّة الصيف، الأمر الذي أفقده نحو 1400 ميغاواط. وقد سارع العراق إلى البحث عن حلول للأزمة، منها الحوار مع إيران لإعادة التصدير، ولكن لم تؤدّ المفاوضات إلى نتيجة إيجابيّة حتّى الآن بسبب النقص الذي تواجهه إيران نفسها في تأمين حاجاتها من الكهرباء، إضافة إلى وجود عراقيل ماليّة في نقل الأموال إلى إيران، إثر خروج الولايات المتّحدة الأميركيّة من الاتفاق النوويّ وفرض عقوبات جديدة عليها.

كما بادر حيدر العبادي بإرسال وفد خاص تحت إشراف الفهداوي ووزير التخطيط سلمان الجميلي إلى السعوديّة، حيث وصل الوفد في 21 تمّوز/يوليو، بعد تأجيل الزيارة أكثر من مرّة لأسباب تتعلّق بعدم اكتمال الملفّات، التي من المقرّر مناقشتها خلال الزيارة.

وأعلن المتحدّث الرسميّ باسم وزارة الكهرباء مصعب سري أنّ السعوديّة قدّمت عرضاً مغرياً إلى العراق يتضمّن "بناء محطّة طاقة شمسيّة في المملكة خلال عام من توقيع الاتفاق بهدف بيع الكهرباء إليه بسعر يقلّ كثيراً عن السعر الذي تشتري به بغداد الكهرباء من إيران، وهي تنتج 3000 ميغاواط لتزويد العراق فيها"، وقال: "إنّ العراق بموجب هذه الصفقة سيشتري الكهرباء بسعر 21 دولاراً لكلّ ميغاواط/ساعة، أيّ بربع ما يدفعه مقابل إمدادات الكهرباء من إيران".

وكشفت وزارة الخارجيّة العراقيّة سابقاً عن وجود خريطة طريق لربط العراق بالشبكة الكهربائيّة لدول الخليج لحلّ أزمة انقطاع الكهرباء نهائيّاً. وعليه، إنّ المقترح السعوديّ من شأنه أن يمهّد الطريق لتحقيق هذا الهدف في مراحل مقبلة.

وأكّد المتحدّث باسم مكتب رئيس الوزراء العراقيّ سعد الحديثي أنّ الوفد الحكوميّ العراقيّ، الذي زار السعوديّة أخيراً، أنجز إتفاقيّات مع الجانب السعوديّ، لكنّه لم يفصح عن تفاصيل الاتفاقات سوى الاتفاق على آليّة عمل لإيصال وقود الجازولين إلى العراق لتشغيل محطّاته الكهربائيّة.

وطرحت إقالة الفهداوي، الذي كان يشرف على الوفد العراقيّ إلى السعوديّة، فور الإعلان عن العرض السعوديّ للعراق، تساؤلات حول وجود علاقة بين الإقالة والمفاوضات الأخيرة مع السعوديّة، إذ عزت تقارير صحافيّة سبب الإقالة إلى ضغوط إيرانيّة على العبادي، وذلك بسبب توجّه الفهداوي نحو السعوديّة المنافسة لإيران، إضافة إلى حصول مشادّة كلاميّة بينه وبين السفير الإيرانيّ إيرج مسجدي على أثر المفاوضات مع إيران لإعادة تصدير الكهرباء.

وفي اتصال لموقع "العربيّ الجديد" مع الفهداوي للاطلاع على حقيقة التقارير الآنفة الذكر، قال: "ليس لديّ أيّ تعليق عليها، ولا يمكنني نفيها أو تأكيدها، وأكتفي بهذا القدر".

ويتضمّن الجواب الديبلوماسيّ نوعاً من التأكيد على حقيقة التقارير المنشورة، إذ لم يرفض الفهداوي حقيقتها، ولكن يبدو أنّه لا يريد تحمّل المسؤوليّة في خصوص الإعلان عنها من قبله.

وما يدعم ذلك هو أنّ الإقالة جاءت في فترة متأخّرة جدّاً، إذ إن كان الهدف منها تهدئة الشارع فكان من المفروض أن تتمّ الإقالة في بداية الاحتجاجات لا بعد حدود شهر من اندلاعها. كما أنّه من غير الطبيعيّ أن يتمّ الكشف عن فساد أو عدم صلاحيّة الفهداوي بعد 4 سنوات من عمله في المنصب وأن تتمّ إقالته في الأيّام الأخيرة من الحكومة، التي قد انتهت دورتها القانونيّة بالفعل. وأخيراً، ما تظهره المؤشّرات السابقة كلّها أنّه ليست هناك خطّة عمل واضحة للحكومة العراقيّة للتغلّب على مشكلة الكهرباء بسبب ضعف القرار العراقيّ في العمل على الإنتاج الداخليّ للكهرباء أو التعاقد مع دول الجوار بشكل سريع وعمليّ.

http://www.al-monitor.com

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق