اجتاحت العراق موجة من الاحتجاجات العنيفة التي تمثلت بخروج مواطنين من محافظة البصرة الجنوبية الغنية بالنفط الى الشوارع للتنديد بالفساد والمطالبة بتوفير الماء والكهرباء والوظائف. فيما قُتل شخصان في احتجاجات غير مباشرة بمحافظة السماوة مما أدى إلى ارتفاع إجمالي عدد القتلى إلى خمسة منذ بدء...
الكاتب: سارا اليزابيث وليامز
الناشر: مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية، نقلا عن صحيفة التلغراف
ترجمة: هبه عباس محمد علي
اجتاحت العراق موجة من الاحتجاجات العنيفة التي تمثلت بخروج مواطنين من محافظة البصرة الجنوبية الغنية بالنفط الى الشوارع للتنديد بالفساد والمطالبة بتوفير الماء والكهرباء والوظائف.
فيما قُتل شخصان في احتجاجات غير مباشرة بمحافظة السماوة مما أدى إلى ارتفاع إجمالي عدد القتلى إلى خمسة منذ بدء الاحتجاجات، وبعدها بدأت بالانتشار الى المحافظات الأخرى.
وقال مسؤول في شرطة البصرة "اقتحم المئات من الأشخاص مبنى المحكمة في المحافظة وشرعوا بإطلاق النار علينا ولم يكن امامنا أي خيار سوى إطلاق النار".
ومن جانبها فرضت السلطات حظرا للتجوال وأصبحت القوات الأمنية في حالة تأهب وتم اغلاق الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي في محاولة لتهدئة احتجاجات السكان الثائرين بسبب النقص المستمر للخدمات الأساسية.
واستمرت الاحتجاجات في المناطق الشيعية واسفرت عن جرح سبعة اشخاص على الأقل عندما قامت القوات الأمنية بإطلاق الغاز المسيل للدموع والماء على المئات من المتظاهرين المحتجين امام مبنى محافظة البصرة.
تبلغ نسبة العائدات النفطية في محافظة البصرة حوالي ٩٥% من عائدات صادرات النفط في البلد، لكن تتأثر هذه المحافظة في كل صيف بسبب نقص المياه والكهرباء.
وأفادت تقارير بأن القوات الأمنية أطلقت طلقات تحذيرية بعدما هدد المتظاهرون بضرب المباني العامة.
وقال أحد المحتجين "انا أطالب بتوفير المياه الصالحة للشرب فقط، ومن المؤسف ان يكون لدي مطلب كهذا في عام ٢٠١٨ وبلدي يملك نفطا يغذي العالم".
وفي ظل ارتفاع درجات الحرارة التي بلغت حوالي ٤٨ درجة مئوية، تعرضت شبكات الكهرباء المحملة فوق طاقتها للتلف، كما تدهورت شبكات المياه في المدينة التي يغذيها نهري دجلة والفرات بشكل منتظم في أيام الصيف.
وعلى الرغم من المساعدات المالية التي تلقاها البلد والتي تقدر بمئات الملايين من الدولارات منذ الغزو الأمريكي عام ٢٠٠٣، لكن تعاني معظم مناطق البلاد وخاصة الجنوبية منها من تدهور الظروف المعيشية.
ويقول جوست هيلترمان مدير برامج الشرق الأوسط في مجموعة الازمات الدولية "بعد مرور خمسة عشر عامًا على تغيير النظام في العراق، ماتزال المشكلة مستمرة، اذ نلاحظ عدم قدرة او عدم رغبة الحكومة المركزية في معالجة المشاكل في جميع أنحاء العراق، فضلا على استشراء الفساد، وعجز الحكومة عن معالجته في ظل استمرار الاحتجاجات.
ويضيف ريناد منصور الباحث في مركز كارنجي للشرق الأوسط "يشعر العديد من العراقيين اليوم بخيانة السياسيين لهم، ويقولون لقد أصبح السياسيين اثرياء على مدى السنوات الماضية وقاموا ببناء نظام يخدم مصالحهم الشخصية، ويقولون اليوم بأنهم سيكافحون هذا النظام"، ان الإحساس بخيبة الامل يشهد تزايدا لدى العراقيين في هذه الأيام، اذ يعتقدون ان العملية السياسية لن تخدمهم ولن يتمكنوا من احداث تغيير مؤسسي.
ويذهب الكاتب الى القول بأن هذه الاحتجاجات تحدث في فترة الانتقال السياسي، حيث تنتظر البلاد النتائج النهائية لإعادة فرز الأصوات الخاصة بالانتخابات التي جرت في شهر آيار بنسبة تصويت بلغت ٤٤.٥، وشهدت نسبة كبيرة من التزوير.
وكان سبب الشرارة التي أشعلت الاحتجاجات هو قطع إيران الكهرباء التي تزود بها الكثير من المدن الجنوبية من العراق جنوب العراق بسبب عدم دفع مستحقاتها البالغة مليار دولار، وزادت حدة التظاهرات بعد قيام قوات الامن العراقية بقتل متظاهر وإصابة خمسة اخرين.
وبعدها انتشرت المظاهرات في محافظة ميسان المجاورة، اذ أحرق المشاركون في التظاهرات إطارات السيارات واقتحموا المباني الحكومية ومطار النجف، الامر الذي تسبب في الحاق الضرر بمحطة الركاب وتأخير الرحلات الجوية، وبعد هذا الحادث، علقت كل من الخطوط الجوية الكويتية والملكية الأردنية وفلاي دبي رحلاتها إلى النجف.
ومع الإجراءات المشددة التي اتخذتها القوات الأمنية، ماتزال الاحتجاجات مستمرة، ويقول الكاتب ريناد منصور في هذا الصدد "عندما اقتحم المتظاهرون المنطقة الخضراء عام ٢٠١٦، اضطر العبادي لتغيير بعض الوزراء. لذا، فإن حدوث هذه الاحتجاجات في الوقت الحالي مع تشكيل الحكومة يعد امر بالغ الأهمية".
وقال الناشطون " أصبح من الصعب على المواطنين التواصل والتخطيط للتظاهرات دون الوصول إلى الإنترنت أو استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، لكن على الرغم من ذلك ماتزال الاحتجاجات مستمرة، وقد أرغم المحتجون السلطات على إغلاق ميناء أم قصر الحيوي المطل على (الخليج الفارسي)، وقالوا إنهم يعتزمون التوجه إلى المعابر الحدودية مع الكويت وإيران.
اما في بغداد، فقد تظاهر مئات الأشخاص في ميدان التحرير والحي الشرقي في مدينة الصدر، واقتحم بعضهم مكتب منظمة بدر في مدينة الصدر، الامر الذي دفع الحراس إلى إطلاق النار.
اضف تعليق