اي نظرة جادة لتدهور العلاقات “المفاجيء” بين القوتين العظميين ينبغي ان تنطلق من جذر صراعهما الاستراتيجي حول النفوذ في سوريا، وما ادت اليه الغارة الصاروخية الاميركية من تبديد مناخات الانفراج والتفاؤل الاولى بقرب التوصل لآلية تفاهم بينهما تبعد شبح الحرب.
اما البحث في الدوافع الاميركية فمن الضروري بمكان النظر بدقة ورويّة في الاعتبارات الداخلية للمشهد الاميركي الذي اتسم بصراع “مراكز القوى” على النطاق العام منذ الانتخابات الرئاسية الاخيرة، رافقه “التهديد” بالكشف والمحاصرة بالكشف عن فضائح سياسية ومالية واخلاقية للرئيس ترامب؛ مما حثه على تقديم بعض التنازلات القاسية على الفور: اقالة مستشاره للأمن القومي، مايك فلين، واستبداله بمرشح من داخل المؤسسة العسكرية ونصير شن الحروب انطلاقا من خلفيته في العدوانين الاميركيين على افغانستان والعراق، هيربرت ماكماستر.
الغارة الصاروخية على سوريا جاءت في سياق تعزيز سيطرة ونفوذ اقطاب الحرب والتشدد على صانع القرار “القائد الاعلى للقوات المسلحة،” واغوائه باستعراض عضلات الترسانة الاميركية ليس في سوريا فحسب، بل استنهاض العدوانية الاميركية ضد كوريا الشمالية – بارسال بوارج حربية ومدمرات وبطاريات صواريخ متطورة لجارتها الجنوبية، واستخدام بعض أهم واحدث ما في الترسانة التدميرية، قنبلة خارقة مدمرة بزنة 11،000 طن من المتفجرات “التقليدية،” لارسال رسائل متعددة الاتجاهات والاطراف.
خان شيخون مسؤولية من
سارعت الادارة الاميركية فور انباء التفجير، 4 نيسان الجاري، بتسخير آلتها الاعلامية الضخمة لتحميل سوريا مسؤولية “التفجير الكيميائي” في بلدة خان شيخون بالقرب من مدينة ادلب السورية، والتي يسيطر عليها تنظيمات المسلحين “المسكوت عنهم اميركيا،” ابرزهم “جبهة احرار الشام – النصرة سابقا.”
ورافقت تحركها بالسعي المكثف لاستصدار قرار عاجل من مجلس الأمن الدولي، برئاسة اميركية لهذا الشهر، دون النظر بمطالب مشروعة لاجراء تحقيق مستقل لتحديد الفاعل الحقيقي.
وصدرت الاوامر لسلاح البحرية في مياه المتوسط، 6 نيسان الجاري، بشن غارة صاروخية مكثفة على قاعدة الشعيرات العسكرية السورية، دون تفويض دولي، ومن جانب احادي “باطلاق 60 صاروخ توماهوك فشل احدها وسقط في البحر.” كما تزامن الهجوم مع زيارة رسمية لرئيس جمهورية الصين الشعبية لنظيره الاميركي.
أصدر البيت الابيض يوم الحادي عشر من الشهر الجاري مذكرة ازيلت عنها صفة السرية، مكونة من اربع صفحات، جرى توزيعها بصورة منتقاة، هي ملخص تقرير استخباراتي اوسع حول حادثة خان شيخون، مكررا اتهامه للحكومة السورية بالمسؤولية، وكذلك روسيا لضلوعها في توفير “سردية كاذبة” وتغاضيها عن استمرارية امتلاك سوريا لمكونات وغازات سامة.
رمت المذكرة، من بين اهداف اخرى، الى مواصلة اتهامها لسوريا بالاستناد الى “معلومات استخباراتية” خاصة بها لن تفرج عنها. بيد ان المساعي الاميركية للدوائر الاستخباراتية صاحبة القرار ما لبثت ان تعرضت لسيل من الانتقادات ودحض مزاعمها على الرغم من قوة اخطبوطها الاعلامي في التضليل والرياء وحبك السيناريوهات.
أبرز من اطاح بالسردية الاميركية خبير التقنية العسكرية واستاذ العلوم بمعهد “ام آي تي” المرموق، ثيودور بوستول، استعرض في رده على المذكرة، وعلى امتداد 6 صفحات من الادلة والبراهين يعززها الجداول المناخية في تلك المنطقة، وصور للأقمار الصناعية لساحة الحدث وصورة للقاذف فوق حفرة بعد اطلاق مخزونه واحصائيات اخرى بحكم خبرته في صناعة الصواريخ.
من بين الاستنتاجات التي توصل اليها بوستول نشير الى التالي: القاذف الحامل لمخزون غاز السارين السام ليس من المعقول ان يكون اطلاقه قد تم من الجو بل جرى التفجير من على الارض – منوها في الآن ذاته الى ان مصدر هجوم الغاز “قد لا يكون ناجم عن غارة جوية سورية.”
واوضح بوستول ان “الحفرة” في وسط الشارع وبها جسم صاروخي، بطول 2 الى 2 ½ بوصة، اصابه الاعوجاج تشير الى انها ناجمة عن تفجير موضعي في النقطة عينها، بخلاف ما روجت له السردية الاميركية الرسمية، ويجري تداولها على نطاق واسع. اما الجسم “الصاروخي” فيرجح بوستول انه عبارة عن “جهاز مبتكر لانتشار ما بداخله.. يحتوي على نحو 8 الى 10 ليتر من غاز السارين.”
واردف بوستول بوضوح اكبر ان “الادارة سعت للاستناد الى دليل يناقض مزاعمها وادعاءاتها الاصلية.”
يشار الى ان د. ثيودور بوستول سبق وان دحض مزاعم ادارة الرئيس اوباما عن مسؤولية سوريا في حادثة قصف غوطة دمشق، 21 آب 2013، مستندا الى خبرته الواسعة في علم الصواريخ لتحديد مكان الاطلاق.
ايضا، يجري تداول مذكرة داخلية اعدتها ادارة ترامب حول الحادث تشير بوضوح الى “قيام النظام (السوري) شن غارة جوية على مخزن ذخيرة تابع للإرهابيين في الشطر الشرقي من ضاحية خان شيخون.”
مسؤول اميركي رفيع “لديه تواصل مباشر مع الاستخبارات العسكرية الاميركية وعلى اطلاع لدقائق الاتصالات الثنائية بين روسيا والولايات المتحدة،” كما قدم نفسه لبعض السياسيين، أخبر بعض المقربين من الصحافيين أن الجانب الروسي ابلغ الطرف الاميركي نية سلاح الجو السوري قصف مخزن أسلحة في خان شيخون قبل 24 ساعة من الموعد. وشدد المسؤول لمحادثيه ان الطبيعة السرية العالية للمذكرة اقتضت اقتصار التدوال على عدد محدود جدا من المسؤولين.
كما ان مسألة زمن التفجير ذو أهمية بالغة. سلاح الجو السوري أصدر بيانا اوضح فيه قيامه بشن غارة على ذاك الموقع عند الساعة الحادية عشرة صباحاً؛ اما السردية الاميركية فتحدد التفجير عند الساعة السابعة صباحا تقريبا. الأمر الذي دفع عديد خبراء الصواريخ الى التساؤل حول تضارب الروايتين وايهما اقرب الى الصواب.
في ظل تلك الاجواء من الاتهامات لسوريا ومساعي غربية حثيثة في الأمم المتحدة لإدانتها تحت البند السابع، الذي يجيز التدخل، سرعان من تحولت السردية الاميركية الرسمية شرقا الى كوريا الشمالية تبعتها الغارة الجوية بسلاح تقليدي مدمر على مواقع قيل انها تتبع تنظيم داعش في افغانستان.
احد أهم اقطاب المؤسسات الداعمة للبنتاغون بشدة، معهد راند، حذر الادارة الاميركية حديثا من “نفاذ صبر سوريا وروسيا وايران الذين تغاضوا عن انخراطها في الحملة ضد داعش.. ونهاية عصر التفاهم في الميدان؛ مما يعرض القوات الاميركية الخاصة المنتشرة هناك الى مخاطر اشتباك يتم عن مسافة قصيرة.”
واضاف المعهد محذرا الادارة الجديدة من اخفاقها ارساء معالم استراتيجية خاصة بها “تنطلق من وحي ادراك واضح للاولويات والواقعية الخاصة للحفاظ على المصالح الاميركية المنتشرة. اذ ان مكانة اميركا في الشرق الاوسط وعبر العالم قد تعتمد على مهارة الادارة في التعاطي مع هذه الأزمة.”
اميركا وروسيا: ارهاصات ام حافة الهاوية
واكب وزير الخارجية الاميركية، ريكس تيلرسون، زيارته لموسكو بإطلاق سلسلة تصريحات متناقضة، بدءا بإعلانه الاول ان بلاده “غير معنية بإزاحة الرئيس الاسد عن السلطة؛” والتصريح لاحقا بنقض الاصل، متبجحا امام وسائل الاعلام انه “سيطلب من روسيا وقف دعمها” للرئيس الاسد.
الانقلاب الاميركي “المفاجيء” لم يكن وليد اللحظة، بل يأتي في سياق الصراعات الداخلية المتناحرة وسيطرة البنتاغون وداعميها داخل المؤسسة الحاكمة على القرار السياسي؛ توّجه اقرار الرئيس ترامب عن المسؤول لقرار القصف باستخدام “ام القنابل” بأنه “يثق بجنرالاته،” وما ينذر بنية اميركية لتصعيد حدة التوتر مع كل من روسيا والصين.
استبقت روسيا زيارة تيلرسون بإصدار بيان “تاريخي” صادر عن “غرفة العمليات المشتركة لحلفاء سوريا،” 9 نيسان الجاري، يتوعد اميركا بعدم السماح لها بسط هيمنتها الدولية وفرض نظام القطب الواحد، والتعهد بزيادة الدعم للجيش العربي السوري والشعب السوري بمختلف الطرق؛ “والوقوف بوجه اميركا بكل قوة ولو بلغ ما بلغ.”
تلقت واشنطن الرسالة بوضوح شديد اذ اعتبرها اقطاب السياسة والحل بأنها “اعلان حرب صريح” للرد على اي محاولة مستقبلية من قبل اميركا وحلفائها.
لقاء تيلرسون بنظيره الروسي اتسم بالبرود وعدم الثقة المتبادلة، وفق توصيف الجانب الاميركي. اما لقاءه بالرئيس الروسي بوتين، الذي لم يدرج ضمن جدول مواعيد الاخير، فقد كان “عاصفاً” استخدم فيه “لغة الاهانة الديبلوماسية” بحمله على الانتظار لبضع ساعات. الطاقم الاعلامي الاميركي المرافق لتيلرسون اعرب ايضا عن خيبته لرفض تيلرسون مرافقته اللقاء الهام مع بوتين وعدم التقاط صور تذكارية لهما في الكرملين.
العلاقات الروسية الاميركية لا تقتصر على سوريا فحسب، بل على امتداد العالم اجمع، مما يفسر قرار الرئيس الروسي لقاء وزير الخارجية الاميركي في ظل تصميم الجانب الاميركي على توتير الاجواء والعودة الى مناخات الحرب الباردة، بتحالفات جديدة واصطفافات متعددة.
في لقاء العظيميين تتراجع المفردات الاعلامية وصخب التصريحات النارية لتتقدم عليها الادلة والبراهين للطرفين؛ الأمر الذي يعزز “خيبة” الطاقم الاعلامي الاميركي بعدم نقل صورة لقاء عاصف على غرار ما جرى بين بوتين والرئيس اوباما على هامش “قمة مجموعة الثمانية” في ايرلندا، منتصف حزيران 2013، وصورة الرئيسين تنقل مدى التوتر بينهما.
الازمة الاقتصادية الحادة التي عصفت بالولايات المتحدة عام 2008 كان لها تداعيات جمة وارخت ظلالها على مجمل الاستراتيجية الاميركية “بالتراجع” مرحليا عن سياسة التدخل بالقوة العسكرية لردم ما لحقها من اضرار. الأمر الذي حفز روسيا الصاعدة، وامتدادا الصين، الى ترجمة طموحهما الاستراتيجي نفوذا وحضورا فاعلا في منطقة “الشرق الاوسط” تحديدا، لا سيما عقب خروج ايران من تحت ضغوط العقوبات الدولية بالتوقيع على الاتفاق النووي، وتعافيها اقتصاديا.
روسيا، انطلاقا من مصالحها الاستراتيجية، عززت علاقاتها مع ايران وبشكل اكبر مع سوريا مما اسهم في ترجيح كفة الميدان ضد الجماعات المسلحة وتقهقرها في عدد من المناطق الكبرى، ابرزها مدينة حلب ومحيطها؛ وما لها من تداعيات مباشرة على مجمل المخطط الرامي لتفتيت سوريا.
تلك اضحت من المسلمات حتى في الحسابات الاميركية، وهي تراقب اداء سلاح الجو الروسي مباشرة في المعارك دون القدرة على اعتراضه او النيل منه في عموم سوريا، باستثناء حادثة اسقاط تركيا لقاذفة السوخوي، التي اعلنت روسيا انها لن تتكرر من قبل اي طرف كان.
الاداء المميز للسلاح الروسي، لا سيما الطائرات المقاتلة، عززت مكانته في اسواق السلاح الدولية، كمصدر دخل اضافي لا تستطيع العقوبات الاميركية والاوروبية النيل منه، وما رافقه من امتعاض ورفض اميركي منظم والتلويح مجددا بإنزال عقوبات اضافية على روسيا. اما أحدث الاسلحة الروسية في الدفاعات الجوية، إس-300 و إس-400، فقد بمتناول كل من ايران وسوريا، وما سيرافقها من اعتبارات ميدانية اضافية تؤخذ في حسبان القوى المعادية.
وشعرت اميركا ان لزاما عليها الرد باعتماد سياسة “الصدمة والترويع” القديمة، ليس لزرع الرعب في طرف خصومها، بل لطمأنة وكلائها المحليين وحلفاها الدوليين بجدية سياستها لمواجهة صعود روسيا. وكان الهجوم بصواريخ توماهوك الموجهة نحو قاعدة الشعيرات العسكرية السورية؛ سرعان ما اتبعتها باحدث ما لديها من قدرة تدميرية بإسقاط قنبلة “ام القنابل” على منطقة جبلية نائية في شرقي افغانستان، كلفتها تزيد عن 16 مليون دولار، استنفذت 314 مليون دولار اثناء مرحلة التطوير ودخول الخدمة. اما كلفة صاروخ توماهوك فتصل الى نحو 1,5 مليون دولار.
من غير المرجح ان تسفر زيارة تيلرسون عن تراجع ملحوظ في مواقف الطرفين، بل الاقرب هو سعيهما لاستنباط سبل وآليات “للتعايش” تحول دون الصدام المباشر – على الاقل في المستوى النظري؛ اما رؤى معسكر الحرب في اميركا فهي في مكان ثابت للتصعيد وعدم الاقرار بتعدد القطبية الدولية؛ لكن الى حين.
مستقبل ترامب
على ضوء التطورات الاخيرة، متغيرات سياسية في المواقف والتوجهات، خرج ترامب مزهوّا عقب الغارتين على سوريا وافغانستان، وضخ دماء جديدة في “ادارته” لما تلقاه من قبول، ولو مؤقت وآني، من مراكز القوى الاساسية في المؤسسة العسكرية والاستخباراتية وامتداداتهما السياسية، تجسدت في تأييد فوري من قادة الحزبين وتجميد الخلافات الحزبية بينهما.
واثبت ترامب بالمراوغة والاستدارة والانقلاب انه يفي بوعوده الانتخابية لشريحة مؤيديه، عبر ابراز القفاز الحديدي الاميركي والتصميم على المواجهة، مقابل “تردد” سلفه اوباما في القيام بخطوات مماثلة – على الرغم من اختلاف الظروف الموضوعية الداخلية والتغيرات الدولية في الخارطة الاستراتيجية.
ايضاً، رمى ترامب “انذار” اطراف آسيوية متعددة: الصين وايران وكوريا الشمالية على السواء، خاصة لتوقيته الغارة الصاروخية على سوريا خلال تناوله مأدبة عشاء مع الرئيس الصيني الزائر.
تتراوح التكهنات للمرحلة المقبلة من توجهات ترامب، اذ يسعى القطب المتشدد، ممثلا بالثنائي ماكين وغراهام وما وراءهما، لزيادة نوعية في الانخراط العسكري الاميركي في سوريا، سواء مباشرة بارسال قوات اميركية اضافية او رفع القيود الاميركية عن تزويد المسلحين بأسلحة نوعية متطورة، وتحقيق الحلم السابق بإنشاء “مناطق آمنة” يحظر على الحكومة السورية ممارسة سيادتها عليها.
اما هذه اللوحة السريعة، يرجح ثبات ترامب عند ما حققه من قصف صاروخي في سوريا برسائل سياسية مطمئنة للداخل الاميركي واطراف العدوان على سوريا. بيد ان الانخراط العسكري الاقوى لن يلقى ترحيبا مباشرا من ترامب، بعد سلسلة التنازلات القاسية التي اضطر لتقديمها لخصومه في المؤسسة الحاكمة.
من المنظور ايضا ان يحيل القرارات عسكرية الطابع الى “جنرالاته” وعلى رأسهم وزير الدفاع جيمس ماتيس ومستشار الأمن القومي هيربرت ماكماستر. سارع ترامب الى ترديد مقولاته السابقة عقب الغارة الصاروخية بأن “اولويات الادارة لا تزال تستند على سياسة القضاء على والحاق الهزيمة بتنظيم داعش،” وكررها وزير دفاعه برفقة رئيس الاركان جوزيف فوتيل.
التدقيق في أحدث تصريح لوزير الدفاع ماتيس يقود الى اعتماد لهجة بعيدة عن التصعيد. اذ حصر ماتيس قرار شن الغارة الصاروخية “كرد اوحد على استخدام الاسلحة الكيميائية.. ولمنع استخدامها كسلاح شائع.” وشدد ماتيس على ان الغارة “لم تكن باكورة تغيير في حملتنا العسكرية (ومستبعدا) توسيع رقعة الحرب في سوريا.”
محصلة الأمر، في ظل قتامة المشهد السياسي بين القوتين العظميين انهما سيلجئان لاشتراع سبل عملياتية يحفظ كل طرف مصالح الطرف الآخر، لا سيما في سوريا والاقليم. اما في الساحات الدولية الاخرى فمن غير المستبعد ان تعمد الولايات المتحدة الى توتير ساحة او ساحات متعددة للإبقاء على صيغة “التعايش في ظل شبح الحرب،” الى ان “يبلغ ما بلغ.”
اضف تعليق