زيارة الاربعين لها تأثير روحي ونفسي منذ الصغر وإلى الآن أول شيء تمدنا بالأمان والاستقرار والعدالة كونها ترجعنا إلى ثورة الحسين (ع) ومعركة الطف وكيف تمكنت من ترسيخ مبادئ العدل والمساواة في نفسي بتعاملي مع الجميع، أن زيارة الأربعين تهذب النفس المتغطرسة والمتعالية في الدنيا...

تعد زيارة الأربعين من أبرز المناسبات الدينية التي تجذب الملايين من المؤمنين من مختلف أنحاء العالم إلى كربلاء، حيث تتجلى فيها أسمى معاني الإيمان والولاء. وفي ظل هذه التظاهرة الروحية الكبيرة، أجرت (شبكة النبأ المعلوماتية) استطلاعاً صحفياً مع نخبة من أساتذة الجامعات، ومدربي التنمية المستدامة، والكُتاب وكاتبات، لاستكشاف التأثيرات العميقة لزيارة الأربعين على الصعيدين المعنوي والروحي. جاءت هذه المناقشات لتسلط الضوء على كيف تساهم هذه الزيارة في تعزيز الروحانيات لدى الزائرين وتنعش فيهم مشاعر الإيمان، التضحية، والعطاء، إلى جانب دورها في إحياء القيم الإنسانية والاجتماعية المشتركة، التي تتجاوز حدود الزمان والمكان.

مناسبة وطنية وروحية للعراقيين 

التقينا بالدكتور أمجد الربيعي، أستاذ الاعلام الرقمي في جامعة وارث الأنبياء، قال: من الناحية المعنوية، الزيارة الأربعينية هي مناسبة باتت تمثل للعراقيين أيامًا وطنية تعكس فيها حالة الاستقرار الأمني وتكشف للعالم لاسيما الزائرين من خارج العراق كرم وضيافة العراقيين، لاسيما اننا نلاحظ تطور عمل المواكب الحسينية سنويًا وتنوع نشاطاتها الخدمية والصحية والثقافية والدينية.

أما من الناحية الروحية، لان طريق الإمام الحسين (عليه السلام) والسير إلى كربلاء المقدسة فإنه مواساة للعترة الطاهرة واستذكار لصبر سيدتي ومولاتي زينب الكبرى (عليها السلام)، أن الزيارة الأربعينية هي رسالة لكل العالم بأن كربلاء المقدسة هي منارة الاحرار وقبلة الثوار.

منارة الحق وروح الثورة

زهراء الخزرجي، نائب رئيس مؤسسة بوصلة للتنمية المستدامة: زيارة الأربعين تعد من أكبر التجمعات الدينية في العالم. تأثيرها يكمن في تجسيد وتعميق المفاهيم التي نقدمها كشعائر تتبنى القضية الحسينية. فالحسين، كونه منارة الحق والكلمة الفاصلة، يمثل المفاهيم التي غرست في الثورة الحسينية، والتي يجب أن يتبناها كل مناصر لهذه القضية.

برأيي، المشاركة في تنظيم هذه الشعيرة تعد فرصة للتطهير الروحي وللتفكر والتأمل في أجندة نظمت منذ 1400 سنة ولا تزال راسخة، وتوجه وتجمع ملايين الناس من مختلف بقاع العالم. لذلك، يجب أن نقول إن الحسين هو البوصلة، وتمثيل ثمن هذه الكلمة هو مقياس لعبارة "مثلي لا يبايع مثله".

ملحمة الإيمان والولاء

ضياء أبو الهيل، كاتب: طوفان الاربعين ثروة من المعاني والعبر مشاعل على الطريق لها صدى معنوي مؤثر في شد الهمم جلاء للنفس المريضة مقوم للذات تضعنا بالفطرة على جادة الصواب وطريق الصحيح؛ زيارة الأربعين معين لا ينضب عطاء ثر شعلة من الطاقة والنشاط قائم دائم بريق اللجين إشعاع روحاني يرطب القلوب يحرك المشاعر والعبرات والاحاسيس تتفجر براكين من العواطف الجياشة؛ متلاطم الأمواج حراك مستمر خلجات لها أنين تعجز الكلمات عن السرد والتعبير عن الوصف المناسب للتأثير فينا من ناحية المعنوية الروحية والعقائدية كيف اعبر بفكري وقلمي البالي الفقير البائس عن زيارة الأربعين تقشعر الأبدان والعيون تطلق سراح الدموع لا اعرف من أين انطلق ومن اين اختم كيف اوصف السلسة البشرية للموالين وهي تتجه نحو الإمام الحسين (عليه السلام) وهذا الهدير والدوي نحو قبلة الأحرار ومنارة الإصلاح وصرخة الحق في وجه الباطل؛ دعني اعبر لكم ختاما أن زيارة الأربعين علامة في كل جبين موالي من المهد إلى اللحد.

رونق مسير الأربعين

زهراء الغريباوي، كاتبة: كان المسير للحسين له رونق وجمال خاص وأثر عظيم على الروح. فالمواكب الممتدة والخدام المتواجدون لتلبية النداء من نظرة عينيك، تجعل القلب وكأنه فتح أبوابه ليقرأ ما في الصدور. المسيرة للأربعين متكاملة وعظيمة، نمت وتزايدت عام بعد عام حتى أصبحت من أهم أحداث العالم التي يترقبها الجميع. لقد أضحت تثير قلق كل عدو ومبغض، إذ من خلالها تندثر أشكال العنصرية والفرقة والطبقية، ويتسابق الجميع في ميدان سيد الأحرار ما بين طالب حاجة ومواسي ومحب.

الأثر الكبير للزيارة ازداد وهجه وكماله بتوثيق الوحدة الإنسانية قبل الإسلامية بين جميع الأطياف من كافة بقاع الأرض، باختلاف ألسنتهم وألوانهم وعقائدهم. إن الحماس الذي يضيفه هذا الزحف المليوني ووقعه الكبير على النفس يجعل من هذه الرحلة تجربة فريدة تتجدد كل سنة. كل لحظة عشتها كانت مليئة بشعور وعالم غريب، وكنت أتصور مشاهد بين الماضي والحاضر، حتى أنني انفصلت تماما عن الوجود. للحظات تخيلت أبا عبد الله يرحب بهذه الجموع القادمة، فدمعت العيون شوقا وحبا له، وشاهدت بعين القلب عيال الحسين ومسير السبايا. بالإضافة إلى ما رأيته من كرم وتضحيات عظيمة من أصحاب المواكب الذين يثلجون الصدور، عجبا! لا يملون ولا يكلون من الطبخ والخدمة وتقديم كل غال ونفيس على مدار اليوم، بكل ما لذ وطاب، وحتى ساعات الفجر، والكل يتسابق لتقديم ما عنده بحب وامتنان. هنيئا لهم هذه الخدمة.

أعتذر إن قصرت في نقل مشاهد هذه المسيرة العظيمة، لكنني حقا عاجزة عن وصف أشكال البذل والعطاء، ولاسيما أثرها على الجانب الروحي في اكتساب كل جميل وإشباع الروح بكل ما ذُكر، مع الإيمان بفكر وقيادة الحسين وأهل بيته، وانعكاس ذلك في استمرار شعلة المقاومة والروح الثورية ضد النفس وهواها أولا، وضد كل طاغوت وظالم متكبر ثانيا. يجب أن نعلم أن الحق كلمة، وأن دين المرء هو كلمة، وإن كلفه حياته وما يملك. فمن أعطى كل شيء لله أعطاه الله كل شيء، وإن غذاء الروح الحقيقي هو بالتمسك والإيمان المطلق بالله وحكمته، والسير على خطى محمد وآل محمد الأطهار. فعندها، عاهدت سيد الشهداء أنني سأبقى دائما في خط الدفاع عنهم، فما قدمه لنا لا شيء أمام ما نقدمه اليوم.

 تجسيد للعدالة والوعي الإنساني

حيدر المعن، أكاديمي وروائي: الزيارة الأربعينية ليست مجرد شعيرة دينية، بل هي تهذيب للنفس ووسيلة لتخليد ذكرى من قُتلوا من أجل العدالة والرسالة الإنسانية. إنها ليست مخصصة لمكون أو طائفة واحدة، بل هي لمن يتمتع بالوعي الإنساني السليم.

روحياً، تحمل الزيارة الأربعينية تأثيراً عاطفياً عميقاً، فهي تخلد ذكرى الذين خرجوا طلباً للحق، وتعرضوا للإبادة والتهميش. هذه الزيارة هي مسيرة خالدة لا يمكن إطفاء نورها، وهي تعبير عن الرفض والاحتجاج والاستنكار ضد الظلم والمظلومية التي تتعرض لها الإنسانية.

رمز المساواة والوحدة الروحية

علي باسم محمد علي، مسؤول شعبة الإعلام في شؤون المعارف الإسلامية والإنسانية التابع للعتبة العباسية المقدسة: زيارة الأربعين تمثل حدثاً عالمياً كبيراً، يشارك فيه عدد كبير من المسلمين. من الناحية المعنوية، تعزز هذه الزيارة روح المساواة وتوحد الناس جميعاً، بغض النظر عن اختلافاتهم الاجتماعية أو الاقتصادية، حيث يتساوى الغني والفقير والمسؤول والعادي في طريقهم نحو الحسين وأخيه أبي الفضل العباس عليهما السلام.

في هذه الأيام المباركة، يتجسد الجانب الروحي والمعنوي لدى كل مشارك، من أصحاب المواكب إلى الخدام في العتبات المقدسة. يحس بهذه الروح بشكل أعمق عندما يشارك الشخص في فعاليات الزيارة الأربعينية. بينما يشعر المشاركون بالخدمة والروحانية، قد لا يدرك الذين لا يشاركون هذه الجوانب بشكل كامل.

من المهم أن يتعامل الجميع، خصوصاً أولئك القادمين من خارج البلاد، بلطف واهتمام خاص، ليتسنى لهم تجربة الروح المعنوية للزيارة الأربعينية بشكل كامل. هذه الزيارة هي رسالة عالمية تعكس التفاني في تقديم الخدمات لكل فئات المجتمع، من الطعام والملابس إلى الرعاية للأطفال والشيوخ والشباب. بعض الأشخاص يتركون بيوتهم وأموالهم خلال هذه الفترة، ويخدمون بكل حب وجدية. نسأل الله أن يديم علينا هذه النعمة ويجعل من زيارة الأربعين شفيعاً لنا يوم القيامة.

قيم زيارة الأربعين

مهدي الجابري، كاتب وقاص:

قال أحد العلماء: "إن شهر رمضان يجدد فينا الروح الإيمانية، وشهر محرم وزيارة أربعين الإمام الحسين عليه السلام تجدد فينا البطولة والشجاعة والتضحية والإيثار".

زيارة الأربعين هي ارتباط بالإمام الحسين عليه السلام، كفيلة بتعزيز الارتباط بالله تعالى. إن الولاء للإمام الحسين من قبل أتباعه ومحبيه هو الموالاة للحق والإنصاف والثبات والبراءة من الطواغيت والمستكبرين والظالمين. في زيارة الأربعين قيماً إنسانية وحضارية، خلودها خلود الدهر عبر تعهد الأجيال المتعاقبة بالعهد والبيعة على القدرة والصمود وحمل راية المظلومية ومقارعة الظالم.

زيارة الأربعين هي إعادة تجديد الولاء لله ورسوله والأئمة المعصومين عليهم السلام. معنوية زيارة الأربعين تكمن في موقف الفرد والجماعة من الثقة بالنفس والتمسك بالمثل العليا عند مواجهة الخطر والصعوبات.

من الأرصدة المعنوية التي يمتلكها أتباع أهل البيت عليهم السلام هو وجود إمام ثائر كانت ومازالت ثورته نبراس الثورات والتضحيات. نتولد لديهم ببركة ثورته ما لم يولد عند غيرهم، وهو عنصر الإصلاح ليس لمصلحة دنيوية ولو كلف ذلك الحياة، وأن الذلة لا وجود لها. كما قال الإمام الحسين عليه السلام: "ما خرجت أشراً ولا بطراً، إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم".

رحلة الروح والقيم

عذراء جمعة، محرر دسك القسم السياسي جريدة الصباح: ان لزيارة الاربعين لها تأثير روحي ونفسي منذ الصغر والى الآن اول شيء تمدنا بالأمان والاستقرار والعدالة كونها ترجعنا إلى ثورة الحسين عليه السلام ومعركة الطف وكيف تمكنت من ترسيخ مبادئ العدل والمساواة في نفسي بتعاملي مع الجميع، ان زيارة الاربعين تهذب النفس المتغطرسة والمتعالية في الدنيا، من يريد الإصلاح في الدنيا فليستمد العبر والصبر والتحدي والشجاعة والكبرياء من زيارة الاربعين، انها مناسبة مهمة تمر علينا كل عام لتجدد لنا هذه الميزات المعنوية والروحية تقبل الله من الجميع عزائهم .

مسيرة الإيثار والتضحية

إيمان كاظم خلف، كاتبة: في الأربعين، تتجدد أحزان آل محمد عليهم السلام وشيعتهم. في العشرين من صفر، يتوافد محبو الحسين من مختلف بقاع العراق وخارجه لإحياء ذكرى الأربعين، التي تمثل مرور أربعين يوماً على استشهاد الحسين وعائلته وصحبه. أصبح هذا اليوم يضم أكبر تجمع للمحبين وعشاق آل البيت، وتعد زيارة الأربعين من علامات المؤمن الخمس حسب الحديث المأثور.

ينطلق الزوار من أماكن بعيدة، قاطعين آلاف الكيلومترات حاملين رايات النصر، غير مبالين بالتعب أو الأجواء الحارقة، مواسين بذلك السيدة زينب عليها السلام التي اجبرت على السفر مشياً إلى بلاد الشام مع ما تبقى من أطفال وحريم الحسين عليهم السلام كسبايا.

زيارة الأربعين هي تجمع عالمي ومسيرة مليونية تلبي نداء الإمام الذي سقط وحيداً غريباً مغدوراً على أيدي جيش يزيد بن معاوية. كان الحسين ثورة ضد كل طاغية، وسيبقى قدوة لكل الأحرار في العالم. رغم أنه قتل منذ أكثر من ألف عام، إلا أنه حي في كل روح حرة ترفض الذل والخضوع. تأثر به العديد من القادة والمناضلين حول العالم من مختلف الجنسيات، وكتبوا عنه كلمات توصف بأنها تاريخية وملهمة للأجيال القادمة.

من بين تلك الكلمات، قال غاندي: "تعلمت من الحسين أن أكون مظلوماً فأنتصر." وقال الرئيس الإندونيسي أحمد سوكارنو: "كان الحسين راية خفاقة حملها كل من يريد أن يتحدى طواغيت زمانه الذين تمتعوا بالملذات وتركوا شعوبهم للفقر والحرمان." وأيضاً قال المفكر مايكل أنجلو: "لم يكن الحسين يريد أن يتولى السلطة ليحكم، بل كان يريد أن يعطي دروساً للحكام المستبدين الذين ظنوا أنهم باقون للأبد."

تجسيد الإيمان والفداء

ختامًا مع رباب طلال مدول، كاتبة وطالبة جامعية: أشعر بعظمة المناسبات الدينية وأحرص على إحيائها بالطريقة التي تليق بها، فهي ليست مجرد طقوس بل تذكرة عميقة بمدى تمسكنا بديننا وقيمنا. كمسلمة، تؤثر عليّ هذه المناسبات بشكل خاص، حيث تذكرني بأهمية هذه الشعائر كاختبار حقيقي لإيماننا. 

زيارة الأربعين لها مكانة خاصة جداً في قلبي، فهي لحظة أسترجع فيها بيعتي للإمام الحسين، الذي استشهد ليُعلي راية الحق ويجتث الظلم والجهل من أمة الإسلام. هذا الرجل العظيم ضحى بنفسه وأهله وماله من أجل المبادئ السامية.

ورغم أنني لم أتمكن من الذهاب لهذه الزيارة من قبل لأسباب صحية، إلا أنني أحييها بقلبي، وأردد بإيمان: "يا حسين، يا حسين". زيارة الأربعين تترك أثراً عميقاً في نفسي، فهي تجربة روحية تشعرني بطُمأنينة نادرة وتذكرني بأن التضحية من أجل الحق هي جوهر الإسلام. 

في كل عام، عندما يحين موعد زيارة الأربعين، أستحضر في داخلي كل معاني الفداء والشجاعة، وأشعر بأنني أقرب ما أكون إلى الله، مجددة عهدي بالوفاء للقيم والمبادئ التي ضحى الإمام الحسين من أجلها.

اضف تعليق