تعد الهوية الثقافية والدينية لأية أمة من الأمور الأساس التي تشكل معالم شخصيتها الفريدة وتؤثر في مسارها الحضاري والاجتماعي، وفي إطار المحافظة على الهوية والثقافة الإسلامية، يجب إيلاء اهتمام خاص بإحياء المناسبات الدينية التي تحمل في طياتها موروثات تاريخية وقيمية روحية وتراثية عميقة...

تعد الهوية الثقافية والدينية لأية أمة من الأمور الأساس التي تشكل معالم شخصيتها الفريدة وتؤثر في مسارها الحضاري والاجتماعي، وفي إطار المحافظة على الهوية والثقافة الإسلامية، يجب إيلاء اهتمام خاص بإحياء المناسبات الدينية التي تحمل في طياتها موروثات تاريخية وقيمية روحية وتراثية عميقة، ومن بين هذه المناسبات، يبرز يوم عاشوراء بأبعاده الدينية والتاريخية والتي تمثل جزءًا مهمًا من ذاكرة الأمة الإسلامية ووجدانها الجمعي.

يوم عاشوراء، الذي يصادف العاشر من شهر محرم، يعد واحدًا من أهم الأيام في التقويم الإسلامي. فهو يحمل ذكرى استشهاد الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) في معركة كربلاء، والذي جسد أسمى معاني التضحية والفداء والثبات على الحق. هذه الذكرى تغدو مناسبة للوقوف عند معانيها واستلهام دروسها في الحياة اليومية، وهي تمثل فرصة لتعزيز الروابط الروحية والثقافية بين المسلمين.

في هذا السياق، قامت (شبكة النبأ المعلوماتية) بتنظيم استطلاع صحفي شمل مجموعة من الإعلاميين والكتاب والأكاديميين ومحاميين ومدربين تنمية وشعراء وصحفيات وطلبة جامعات، بالإضافة إلى فئات أخرى من المجتمع، بهدف الوقوف على أهم الطرق والأساليب التي يمكن من خلالها المحافظة على الهوية والثقافة الإسلامية من خلال إحياء يوم عاشوراء.

تجديد الروح والهدف

محطتنا الأولى كانت مع (زهراء حكمت)، كاتبة وإعلامية في إذاعة الكفيل وقناة الأنوار، تقول: كذب الموت فالحسين مخلد، كلما أخلق الزمان تجدد، عاشوراء تحيي فينا كل شيء، فهي بذرة تؤتي ثمارها باستمرار بإذن الله. إن عاشوراء فرصة للعودة إلى الذات ومعرفة الهوية الداخلية، واكتشاف النفس ومعالجة الجروح النفسية، لتحقيق التكامل في مسيرتنا الخالدة والمستمرة بوجود الإمام الحسين (عليه السلام).

القضية الحسينية وعاشوراء ترسم لنا خارطة الطريق للوصول إلى الله سبحانه وتعالى، وتعزيز الهدفية في الحياة. إن مركزية الله سبحانه وتعالى هي الأساس، ويمكننا الاستدلال عليها من خلال بوصلة الإمام الحسين (عليه السلام)، الذي وصفه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأنه "مصباح الهدى وسفينة النجاة". وجود الإمام الحسين (عليه السلام) في حياتنا ينير الطريق ويبعدنا عن الضلال والعمى.

عاشوراء هي أيضاً فرصة لإحياء الوعي الديني والثقافي، والابتعاد عن الثقافات المغايرة للقيم الدينية. إنها تدفعنا نحو بناء مجتمع إسلامي قائم على القيم الحسينية السمحة. في الحياة، نواجه تحديات وصعوبات تتطلب سفينة نجاة، والإمام جعفر الصادق (عليه السلام) يقول: "كلنا سفن النجاة، لكن سفينة جدي الحسين (عليه السلام) أوسع وأسرع". هذه السفينة تنتشلنا من الظلمات إلى بر الأمان والخير والنور.

وجود الإمام الحسين (عليه السلام) في حياتنا يجعلنا أشخاصًا نورانيين، لأن الاتصال المباشر به يعزز معرفتنا ويزيد قربنا من الله. إن العلاقة مع الإمام الحسين (عليه السلام) تحقق لنا الصحة النفسية والسلامة الروحية، وتجعلنا نتواصل بعمق مع الله ومع أنفسنا. الحزن على الحسين يعيدنا إلى أعماق أنفسنا، مما يتيح لنا معالجة جروحنا الداخلية والتشافي منها بنور الإمام الحسين (عليه السلام).

في عاشوراء، سواء من خلال الندب والبكاء أو الخدمات المقدمة، يحقق لنا الإمام الحسين (عليه السلام) الاتصال بأعماقنا. هذه العلاقة العميقة هي من أهم العلاقات في حياة الإنسان، لأنها تجعله متصلاً بهويته ومعرفة هدفه في الحياة. التنوع في المشاركين في نهضة الإمام الحسين (عليه السلام)، من صغار وكبار، رجال ونساء، يعطينا مزيجًا خاصًا يجعل قلوبنا صالحة للزراعة والإنبات. عاشوراء لها أثر عميق في قلوبنا، وكلما زادت سعة وقوة إيماننا، كلما كان عطاء الإمام الحسين (عليه السلام) أوسع وأعظم.

عاشوراء تحيي فينا كل شيء، تربطنا بأنفسنا وبالله أكثر، وتجعلنا نحقق التوازن في علاقاتنا مع من حولنا. نحن سعداء بوجود الآخرين في حياتنا، وبفقدانهم أيضًا، لأننا ندرك أن كل شيء هو من الله. في عاشوراء، نجد الحياة الحقيقية، والموت ليس إلا جسرًا يعبر بنا إلى حياة أخرى، حيث يكون الإمام الحسين (عليه السلام) حاضرًا معنا في كل لحظة.

نداء للتغيير والمحافظة على التراث

التقينا بالأستاذة (فاطمة فرمان)، مدرسة، أجابت قائلة: تحتفظ كل القبائل والشعوب بتراثها من خلال بعض الطقوس والأماكن والرموز. فإذا أردنا نحن كمسلمين أن نحافظ على تراثنا وهويتنا الأصلية، فعلينا العودة إلى تراثنا ورمزنا الأعظم: القرآن الكريم، والنبي العظيم، والعترة الطاهرة. ينبغي علينا أن نفهم مدى تعمق الإسلام في ذواتنا وأفعالنا. أما يوم عاشوراء، فهو يوم غير حال الأمة بأكملها؛ لذا فإن إحياء هذا اليوم يعد من أهم الأمور للنهوض بالأمة الإسلامية من جديد. إن يوم عاشوراء هو يوم للتغيير، ويجب على الإعلام والمؤسسات الثقافية السعي إلى نشر ثقافة التغيير كما أرادها الحسين (عليه السلام).

الوعي والعلم في عصر الإعلام

ذكر الشاعر (عماد الدعمي)، ومشرف فني في تربية كربلاء، قائلا: تحتاج قضية عاشوراء إلى وعي معزز بالعلم والمنطق، خاصة في ظل التطور الإعلامي العالمي وانتشار شبكات التواصل الاجتماعي. من هنا، يجب علينا التأني والحذر لتجنب السلبيات التي قد تؤثر سلباً على ثورة الحسين عليه السلام، مما يتطلب منا تكثيف الجهود لتثقيف العامة حول الأسس الحقيقية لهذه الثورة. فهناك ممارسات لا تمت بصلة لرسالة الحسين عليه السلام، والتي تهدف إلى السلام ونبذ الجهل والطغيان.

لهذا، يتحمل رجال الدين، المثقفون، وكل فرد واعٍ مسؤولية تسليط الأضواء على مبادئ الثورة وأهدافها من خلال كافة الوسائل الإعلامية المتاحة. لأن الحسين عليه السلام ملكٌ للجميع، ولا يمكن حصره في طائفة معينة، نظراً إلى عمق الثورة وأهدافها السامية، والتي ما زالت موضوع اهتمام المفكرين والعلماء والأدباء.

إن أبعاد يوم عاشوراء وثورة الطف منذ أكثر من أربعة عشر قرناً وحتى الآن، ما زالت تهيمن على الأحداث التاريخية بقوة تُعد بمثابة معجزة. ولا بد من التنقيب في هذه الثورة للتأكد من أن أبعادها هي امتداد لرسالة السماء التي أوصلها المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم).

ملحمة يوم عاشوراء تحمل دلائل قوية تعزز قيم الحرية والكرامة والمعايير الإنسانية. فهي ليست مجرد حدث تاريخي بل هي مدرسة للأجيال نتعلم منها كيفية الوقوف في وجه الظلم والطغيان والتمسك بالمبادئ السامية.

يوم عاشوراء هو رمز للتضحية والفداء في سبيل الحق والعدل. علينا أن نتعلم من الحسين عليه السلام وأصحابه كيف يكون الإيمان الحقيقي، وكيف يمكن للإنسان أن يقف بوجه الجور مهما كانت التحديات. هذا اليوم يعلمنا أن الأحكام المستبدة والباطلة لا يمكن أن تدوم طالما هناك نفوس ترفض الظلم وتطالب بالعدل، عاشوراء ليست مجرد ذكرى، بل هي فصلٌ من فصول الإصرار الإنساني على التمسك بالقيم والمبادئ، ويجب أن نستلهم منها العبر والدروس في سعينا لبناء مجتمع يسوده الحق والعدل.

جوهر هوية الإسلام

طرحنا السؤال على المحامية (نبأ علي الفتلاوي)، فأجابتنا بالقول: المحافظة على هوية الإسلام تتمثل في التمسك بعقيدة الحسين وأهل بيت محمد، ومعرفتهم معرفة حقيقية نابعة من قلب طاهر موالٍ ومحِبّ لهم. يجب أن نتّبع نهجهم في جميع جوانب الحياة. ليس فقط من خلال محبة الحسين واستذكار يوم عاشوراء، بل من خلال ممارسة ما أمر به الحسين عليه السلام وسار عليه، مثل الصلاة في وقتها والحفاظ عليها، وصوم شهر رمضان دون إفساد صيامنا بالمحارم والغيبة، واحترام الآخرين، والعطف على الصغار، وبر الوالدين والعمل بما يرضيهم. 

يجب علينا أيضاً أن نحترم فاطمة الزهراء (عليها السلام) والسيدة زينب الحوراء (عليها السلام) بالاقتداء بهما في الحشمة والأخلاق التي أمر بها الإسلام. يوم عاشوراء هو رسالة لكل مسلم ومسلمة للحفاظ على هوية الدين والإسلام مهما كانت الظروف ومغريات الدنيا. يجب أن نتذكر الحسين (عليه السلام)، الذي تعرض لكل شيء ولكنه لم يتنازل عن دينه وبقي متمسكاً بدين جده، رغم كل الخسائر التي تعرض لها، حيث ضحى بالأهل والأصحاب والأموال في سبيل ربه.

علينا أن نستذكر أن الله عوض الحسين (عليه السلام) بما هو أعظم وأكبر بكثير مما فقده في الدنيا، وذلك من خلال الخلود في قلوب المؤمنين ورتبته العالية جداً في الآخرة. عمل الحسين (عليه السلام) كان رسالة توحيد وإيمان، وهي عبرة لكل العصور والأزمان. 

اليوم، في حياتنا اليومية، يجب أن نستلهم العبر من وقفة الحسين في رفضه للظلم والفساد، والتزامه بالقيم الإسلامية العالية، ونحول هذه القيم إلى سلوك مُعاش. التعامل بالصدق، وأداء الأمانة، والعمل بالإحسان، ونصرة المظلوم، كل هذه المبادئ يمكن أن تغير المجتمع نحو الأفضل إن تمسكنا بها.

نحن بحاجة إلى خلق بيئة تحاكي البيئة الروحية والإيمانية التي صنعها الحسين وأهل بيته (عليهم السلام)؛ بيئة تكون الإيمان فيها أساساً لكل فعل، والحرية والعدل فيها غايات لكل فعل. والحفاظ على هوية المجتمع الإسلامي تتطلب منا التأكيد على تلك القيم وصيانة حقوق الآخرين والوقوف ضد الباطل مهما كان الثمن.

لا يختلف الزمان من حيث التحديات التي تفرض عليه، ولكن بالإخلاص والتفاني والتمسك بالدين القويم المستلهم من أهل البيت عليهم السلام، يمكننا التصدي لأي تحدي والبقاء ثابتين على القيم والمبادئ الإسلامية.

لذلك، يجب علينا أن نتعلم من سيرة الإمام الحسين (عليه السلام) الصبر والتحمل في مواجهة الصعاب، والمثابرة في الدفاع عن الحق، والسعي إلى نشر العدل والسلام في مجتمعنا. علينا أن نقتدي بأخلاقه النبيلة ومواقفه الصادقة، وأن نحافظ على شعائر ديننا الإسلامي من خلال الالتزام بالأخلاق والمبادئ التي ضحى من أجلها الحسين (عليه السلام).

ختاماً، دعونا نستلهم من عاشوراء روح الوحدة والتكاتف، ونعمل سوياً من أجل بناء مجتمع يسوده الحق والعدالة، متذكرين دائماً أن كل عمل نقوم به يجب أن يكون خالصاً لوجه الله تعالى، وأن نتجنب الفساد والظلم بكل أشكالهما. بالحسين (عليه السلام) نتعلم كيف نكون أحراراً في دنيانا، ونكسب رضا الله في آخرتنا.

ثقافة إسلامية

أجابت الكاتبة (نور حسين سعيد)، على سؤالنا: يمكننا المحافظة على هويتنا وثقافتنا الإسلامية من خلال إحياء ذكرى يوم عاشوراء، عبر مشاركة قصص الواقعة وتوضيح حجم المصيبة التي ألمت بالإمام الحسين (عليه السلام)، يمكننا نشر ثقافتنا الإسلامية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وسرد القصص للأطفال لتشجيعهم على حضور المجالس الحسينية والمشاركة الفعّالة فيها.

تنظيم فعاليات لنشر الثقافة الحسينية يساهم في تعريف الناس بشخصية الإمام الحسين (عليه السلام) وأسباب قيامه، علينا أن نتعلم من الحسين قيم الصبر، التضحية، والعدالة، والسعي لجعل روح عاشوراء حاضرة في حياتنا اليومية، بهذا الشكل نحافظ على ثقافتنا وهويتنا الإسلامية.

تهذيب الأخلاق

توجهنا بالسؤال إلى الإعلامي الأكاديمي الدكتور (حيدر الموسوي)، قال: جاءت الأديان السماوية إلا لإتمام مكارم الأخلاق، لذا أي شعيرة سواء أكانت مدسوسة، إذا ما سلمنا بنظرية المؤامرة ومحاولات تشويه المذهب، أو المغالاة الناجمة عن جهل البعض، حفاظاً على هذا الخط الشريف. إضافة إلى ذلك، بعض الممارسات الشعائرية المألوفة التي تتسم بالعنف قد لا تتناسب مع المرحلة الحالية، حيث تم ترويج صفة العنف للإسلام من قبل أجهزة استخباراتية عالمية بمعية جماعات إرهابية تحت راية إسلامية. لذلك، يجب إعادة تثقيف المجتمع وتحصينه من الممارسات الدخيلة والشعائر غير المأثورة.

رسالة عالمية  

التقيت بالأستاذة (هدى عبد الحر)، النجف الأشرف، فأجابت قائلة: على الرغم من أن القضية الحسينية ليست محصورة بأحد بكونها ذات طبيعة عالمية وإنسانية، فإن الإمام الحسين يمثل رمزًا لكل أحرار العالم. إلا أن هناك خصوصية لنا، حيث لا نحيي هذه القضية فقط بوصفها مناسبة دينية، بل نعيشها بكل تفاصيلها الدقيقة وننتظر أيامها العاشورائية بفارغ الصبر، لأنها أصبحت جزءًا من هويتنا الاجتماعية والدينية التي تشكلت في صلب أفكارنا وضمائرنا. 

تعد هذه المناسبة فرصة لإظهار هويتنا الإسلامية بأبهى صورها، فبالتأمل في أسباب خروج الإمام الحسين، نجد أن هدفه الأول والأخير كان تصحيح مسار الدين والحفاظ على الشريعة. كما قال: "إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي محمد، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر."

يُمثل يوم عاشوراء يوم تجديد للهوية الإسلامية والحفاظ عليها من خلال إظهار مظلومية الإمام الحسين وما تعرض له هو وأهل بيته في كربلاء. إذ أن الهدف الأسمى من هذه التضحية هو الدين والحفاظ عليه. في الوقت الراهن، يجب علينا استغلال وسائل التواصل الاجتماعي بأفضل صورة لأنها تصل إلى كل أنحاء العالم، مما يمكننا من طرح القضية الحسينية بطريقة حضارية لأبناء جيلنا والأجيال القادمة. يمكن استخدام وسائل الإعلام المتنوعة لنشر ثقافة عاشوراء والقيم الإنسانية التي صمدت في وجه الظلم على مر العصور.

من خلال إقامة الندوات، وإنتاج الأفلام الوثائقية، وإنشاء المحتويات التثقيفية على وسائل التواصل الاجتماعي، نتمكن من إبراز الجوانب المختلفة من هذه الحركة الإصلاحية العظيمة وكشف الحقائق التاريخية المغيبة عن الكثيرين. يمكننا كذلك استخدام منصات التعليم الإلكترونية لنشر المعرفة بتاريخ كربلاء وتعاليم الإمام الحسين بطرق مبتكرة وجذابة للشباب.

وبالإضافة إلى الفعاليات التقليدية، يمكننا أيضاً تقديم الدعم للأعمال الخيرية في ذكرى عاشوراء. فالعطاء والمساعدة هما من صلب تعاليم الإمام الحسين، ويمكننا إحياء ذكراه عبر دعم المشروعات الخيرية ومساعدة الفقراء والمحتاجين، والمساهمة في بناء المجتمع وتعزيز العدالة الاجتماعية.

بهذا الشكل، يمكننا تأكيد عمق ارتباطنا بروح عاشوراء وتطبيقها عمليا في حياتنا المعاصرة، مما يعكس التزامنا بالمبادئ التي ضحى من أجلها الإمام الحسين وإحياء ذكراه بطرق بناءة وإيجابية تسهم في نشر الرسالة الحسينية العالمية.

ترسيخ القيم 

فكان جواب (فاطمة الشيخ)، معلمة متقاعدة وعضو نقابة الصحفيين العراقيين: نعم... عندما ندرك أن الإمام الحسين (عليه السلام) هو امتداد للرسالة المقدسة التي جاء بها النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنه يمثل خلاصة التبشير والتذكير، وأنه تجسيد للحق والعدل والتقوى والاستقامة، يتوجب علينا إظهار كل تلك القيم بأدق تفصيل وأجمل مظهر. 

أولاً، يجب أن نظهر الحزن العميق على ما جرى من مآسي وظلم للإمام وأهل بيته، لتحقق اليقين والإيمان العميق بمدى عظمة التضحيات التي قدمها الإمام الحسين. من الضروري أن نعرف للناس مكانة هذه التضحيات وعظمتها.

ثانياً، ينبغي أن يكون مظهر الحزن مصحوباً بأساليب تحاكي ما جرى لتوثيق الأحداث التاريخية، مثل تنظيم المسيرات والردات والقصائد، ولا بأس باستخدام بعض أدوات الحروب والملابس التي كانت معروفة في تلك الحقبة، مما يجعل الصورة والنقل أصدق وأعمق.

ثالثاً، يجب أن ترافق هذه الممارسات توعية بالنظافة والأخلاق الكريمة، وكذلك التجرد من النقاشات العقيمة والألفاظ السيئة التي لا تتناسب مع أخلاق أهل البيت عليهم السلام. يجب أن نتجنب التصرفات المبالغ فيها والشخصية التي قد تسيء لقداسة الرسول وآله، والتي قد تؤدي لنقل صورة غير صحيحة عنهم.

حفظ الهوية الثقافية 

أجاب الأكاديميّ (رامي الأسدي)، تدريسي في جامعة العميد، قائلا: للحفاظ على الهوية الثقافية الإسلامية من خلال تمثّل يوم عاشوراء يتم بطرائق متعدّدة:

التعليم: يجب أن نسعى جاهدين بأن نغذي قيم الحسين عليه السلام في إدراج أسباب النهضة الحسينية ونتائجها في مناهج التعليم الرسمية وغير الرسمية على أقل تقدير.

الممارسات اليومية: إخضاع ممارساتنا اليومية وخصوصا أمام أطفالنا بذكر مآثر آل البيت عموما وبطرائق غير مباشرة لكي تكون مؤثرة في نفوس الأطفال.

المؤسسات الدينية والثقافية: ارتياد المؤسسات الثقافية والمراكز الدينية، والحث على الاشتراك بالأنشطة التي تتاح فيها وتشجيع النشأ الجديد على ارتيادها.

التعاون بين الأجيال: مد جسور التواصل الفعّال بين الأجيال ومحاكاة أفكار الجيل الجديد وممارسة عصف ذهني لتوليد الأفكار التي تستقطبهم بطرائق محببة لهم.

الأسرة: الأسرة هي النواة الأولى للمجتمع، فبصلاحها يصلح، وبناؤها السليم يحتاج إلى الجهد والتركيز على تربية النفس وتهذيبها أولا؛ ليكون ذلك حافزا قويا ومؤثرا في سائر أفرادها.

اللغة: اللغة هي وعاء العلوم، لا سيما ما يرتبط بالثقافة الدينية، والسعي لاقتناص ما حسن منها ولطف على الذائقة لهو مدعاة للتقرب من أروماتها؛ ومن ثمّ تعزيز الهوية الثقافية التي لابد أن تقودنا إلى مظانها من لطائف أقوال أهل البيت وسيرهم الطيبة..

ولعل هذا غيض من فيض لمن أراد أن يخوض في غمار الحسين وتمثّل قيمه.

رسالة حضارية

قالت الكاتبة والمدربة التنمية البشرية (زهراء المرشدي): يمتلك يوم وشعيرة عاشوراء مكانة خاصة في قلوب المؤمنين، حيث تحمل أبعادًا فكرية وسلوكية وعاطفية تؤثر بشكل كبير على كيان الفرد الذي يشهدها. إذا نظرنا بعناية إلى الرسالة التي نقلها سبط الرسول إلى كربلاء، سنجد أنها تحمل أهم المفاهيم مثل الحرية والعدل والسلام، التي تمثل جوهر الثقافة الإسلامية الحقة. هذه المفاهيم تشكل رسالة لا يمكن الاستغناء عنها عبر العصور، ويمكن تعزيز دورها كثقافة وهوية اجتماعية جذورها في النفوس من خلال النقاط التالية:

1- التأكيد على أهمية ربط المشاعر بالأفعال، لأن المشاعر هي جزء لا يتجزأ من عملية توجيه وتحريك السلوك، وهي جزء أساسي من أي عملية تأثير مستهدفة.

2- تقديم هذه الأفكار كثقافة عصرية، لتناسب أفكار الشباب وأذهانهم، ويمكن ذلك من خلال ابتكار طرق إبداعية في تسويقها كثقافة عامة، عن طريق إنشاء منتديات ثقافية للشباب الواعي، مع فتح باب للحوار حول هذه الشعيرة خلال فترة تجهيز عاشوراء وبعدها. يمكن أيضًا تعزيز تقديمها للناشئة من خلال المسرح والسينما ومنصات التواصل الاجتماعي النشطة.

رسالة الوحدة والتآخي

توجهنا بالسؤال إلى الدكتورة (سبأ جواد عبد الكاظم)، أستاذة جامعية في الكلية التقنية المسيب، أجابتنا بالقول: نأمل أن تكون ذكرى عاشوراء في وطننا الحبيب مناسبة للعبرة وتحقيق الفائدة الحقيقية من قصية الحسين عليه السلام، الذي قال: "إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله"، إن في إحياء ذكرى عاشوراء إحياء لفريضتي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وما أحوج المجتمع المسلم إلى تكريس عمل المعروف فيه وكنس عمل المنكر منه، وهذا ما قاله الحسين (عليه السلام) لما بيّن فلسفة نهضته: «أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر». فمن قبلنا بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن رد علينا، نصبر حتى يقضي الله بيننا وبين القوم بالحق وهو خير الحاكمين.

من الضروري أن نطرح قضية الحسين عليه السلام بطريقة تناسب الجميع، مع الالتزام بالأهداف الأساسية واحترام وتقبل الرأي الآخر بروح الأخوة والإنسانية.

تكتسب فكرة الوحدة والتآخي أهمية كبيرة بين المسلمين، ولهذا يمكننا اتباع العديد من الأساليب لتعزيز هذه الروح بين الأفراد والمجتمعات. من خلال التوعية والتعليم، حيث يمكن نشر المعلومات الصحيحة حول أهمية عاشوراء ومعانيها التاريخية والدينية، مما يسهم في تعزيز الفهم المشترك لدى الجميع.

الاحترام المتبادل يعتبر خطوة بالغة الأهمية، فمن خلال احترام وجهات النظر المختلفة والممارسات الدينية المتنوعة التي يتبعها الناس خلال هذه الفترة، يتم تعزيز ثقافة الاحترام والتقبل بين مختلف الأطياف. كما يمكن تنظيم أنشطة مشتركة، مثل الاحتفالات والمناسبات التي تجمع الناس من مختلف الطوائف والفئات، لتمكينهم من التعرف على بعضهم البعض وتعزيز الروابط الاجتماعية والأخوية بينهم. وكذلك المشاركة في تنظيف الشوارع من مخلفات الطعام بعد انتهاء الزيارة تعتبر من أهم مظاهر التأخي والوحدة التي يتفق عليها الجميع.

رجوع إلى الله

فكان جواب (سرى علاء الياسري)، خبيرة مدربين تنمية وعضو نقابة المدربين العراقيين والعرب: بالاعتناء بتعاليم الإسلام التي قدّم الإمام الحسين (عليه السلام) تضحيته من أجلها، مثل الصلاة والتحلي بالتقوى والابتعاد عن المحرمات، يعد شهر محرم الحرام فرصة للتوبة والاقتراب من الله. إنّ هدف الإمام الحسين (عليه السلام) هو استقامة دين جده الذي حرفه آل أمية.

قال الإمام الحسين (عليه السلام): "إن كان دينُ محمدٍ لم يستقم إلا بقتليَ يا سيوفُ خُذيني".

السلام على الحسين (عليه السلام) في يوم ولادته، وفي يوم استشهاده، وفي يوم يبعث حيًا.

تاريخ وتراث وعبر

ذكرت الصحفية (زهراء الساعدي) في حديثها، يعد موضوع الشعائر الدّينيّة عموماً، والشعائر الحسينيّة خصوصاً، من المواضيع المهمَّة ذات الصلة بالمضمون الفكريّ والعقائديّ الذي تعكسه مراسم إحيائها. 

فلهذا الموضوع أبعاده المختلفة، سواء العقائديّة أو السياسيّة، أو التاريخيّة أو الاجتماعيّة، أو الفقهيّة أو التربويّة، أو غير ذلك.

ونكاد نجزم بأنّ كلّ الأديان والمذاهب، بل كلّ الحركات والتيّارات الفكريّة عبر التاريخ وإلى عصرنا الحاضر، كان لديها أشكال مختلفة من الطقوس والعبادات أو العادات، تعبّر من خلالها عن مبنياتها الفكريّة أو العقائديّة أو غيرها، وتحاول إيصالها من خلال ذلك بأساليب وأشكال متعدّدة، 

ويعد احياء الشعائر الحسينية لاسيما شعيرة يوم العاشر من الشهر المحرم هوية ثقافية إسلامية ضاربة الجذور في العراق ويمكن المحافظة عليها من خلال الاستمرار بإقامتها وتنبيه الاجيال جيل بعد جيل بأهميتها وضرورة احياؤها لما فيها من تاريخ مهم ودروس كثيرة في كل ميادين الحياة.

توازن الهويات

التقيت بالأستاذ الدكتور (أكرم الربيعي)، رئيس قسم الإعلام في جامعة المستقبل، أجاب قائلا: يجب أن نربط المحافظة على ثقافتنا وهويتنا الإسلامية بتعزيز الهوية الوطنية، وليس أن نفصلهما عن بعضهما، كما فعل الإمام الحسين عليه السلام عندما خرج للإصلاح. استشهد معه أتباعه من جميع الطوائف وقاتلوا معه، مما أعزز من الهوية الإسلامية السامية بجانب الهوية الوطنية. يمكننا المحافظة على هذه الهوية من خلال التثقيف الشامل بالقيم الإسلامية النبيلة، وتوثيقها بوقائع حية من التاريخ القديم والحديث، وتوفير ما يلزم لتعزيزها.

رمز التكافل الاجتماعي  

طرحنا السؤال على الدكتور (محمد وليد صالح)، تدريسي في كلية الإعلام/ الجامعة العراقية، أجاب بالقول: من أهم مكونات الثقافة هو الدين وله دور أساس في صياغة معالم الهوية الإسلامية الشاملة على العقيدة والتأريخ واللغة والأرض، وهذه الأسس عندما تقترب من بعضها تنتج الأمة والضامنة لجميع أفرادها. 

وتعد العقيدة المعتدلة بأصولها الثابتة من أبرز مكونات الهوية الثقافية والإسلامية التي تميز أفراد المجتمع وحريتهم من أجل إعلاء كلمة الله، من خلال هذه العقيدة وآدابها وتأريخها وحضارتها. 

إذا إنَّ إحياء يوم عاشوراء ذكرى استشهاد الإمام الحسين بن علي وآل رسول الله عليهم السلام، هو صورة للتكافل الاجتماعي الإنساني لنقل محتوى الرسالة الهادفة لبناء المجتمع القائم على أسس نصرة الحق وإشاعة ثقافة حقوق الإنسان.

مبادىء الدين 

أجابتنا (أوراس ستار الغانمي)، طالبة جامعية، بالقول: يمكنك المحافظة على هويتك وثقافتك الإسلامية من خلال إحياء يوم عاشوراء بطرق متعددة، مثل قراءة قصة عاشوراء والتعرف على أهميتها في تاريخ الإسلام، كما يمكن المشاركة في الصلوات والأدعية المخصصة لهذا اليوم، وكذلك ممارسة العمل الخيري والتصدق لإظهار التضامن والتعاطف مع الآخرين. تذكر أن الأهم هو أن تكون قريبًا من قيمك ومبادئ دينك في كل ما تقوم به.

تجديد الرسالة

وتوجهنا بالسؤال إلى الأستاذ (ولاء شاكر محمود الصفار)، أستاذ جامعي ومدير مؤسسة الإمام الحسين (عليه السلا) للإعلام، فأجابنا قائلا: ان عاشوراء الامام الحسين (عليه السلام) تعد القطب والمحور الرئيس للهوية الاسلامية لدى محبي اهل البيت (عليهم السلام)، كونها تمثل امتدادا حقيقيا لرسالة الاسلام، بيد ان الامام الحسين (عليه السلام) يتمثل بوجوده وجود جده الرسول الاعظم محمد الذي ورد عنه (صلى الله عليه واله) (حسين منّي وأنا من حسين، أحب الله من أحبّ حسيناً) بمعنى ان للإمام الحسين (عليه السلام) وجودان احدهما قائماً في ذاته، والاخر قائماً في النبي محمد صلى الله عليه واله).)

لذا فان احياء عاشوراء يمثل احياء لرسالة الاسلام، ولعل من مصاديق ذلك قول الامام الحسين (عليه السلام) (أَنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشِراً وَلَا بَطِراً وَلَا مُفْسِداً وَلَا ظَالِماً وَإِنَّمَا خَرَجْتُ لِطَلَبِ الْإِصْلَاحِ فِي أُمَّةِ جَدِّي)، فهذه الثورة التي رسم طريقها الامام الحسين (عليه السلام) بدمه الطاهر في واقعة كربلاء وتصدى لإحيائها وسار على نهجها اهل البيت (عليهم السلام) وورثوها من بعدهم شيعتهم وقدموا التضحيات لإدامتها وهم مستمرون على هذا النهج حتى ظهور قائم اهل البيت الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) الذي سيجدد مبادئ هذه الثورة الخالدة 

فالإسلام محمدي الوجود حسيني البقاء، وان احياء عاشوراء يمثل تطبيقا عمليا لوصية وحديث الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه واله (إني تاركٌ فيكم ما إن تمسَّكتُم به لن تضلُّوا: كتاب الله، وعِترتي أهل بيتي؛ فإنَّهما لن يفترقَا حتى يرِدَا عليَّ الحوضَ)، لذا فان الله اعز البشرية بالإسلام، واعز الاسلام بثورة الإمام الحسين (عليه السلام)، فمن اراد ان يعيش عزيزا فعليه ان يتمسك بالمبادئ التي ضحى من اجلها الامام الحسين (عليه السلام) وان يقرأها قراءة صحيحة ويطبق المنهج الذي رسمه سيد الشهداء عليه السلام، سيما ان ثورة عاشوراء لم تقتصر على وقت محدد او بقعة محددة بل انها ثورة الهية تصحيحية شاملة ومتجددة في كل عصر وزمان.

ختاما وللإجابة على ما ورد في السؤال (كيف يمكننا المحافظة على هويتنا وثقافتنا الاسلامية عبر احياء يوم عاشوراء)، اقول اننا لو سرنا في الطريق الذي رسمه الامام الحسين (عليه السلام) وطبقنا المبادئ والدروس التي جسدها في ثورته العظيمة، بشرط ان يكون التطبيق حقيقيا وعمليا وبشكل دائمي (ليس وقتيا) اي لا يقتصر على شهر او شهري الحزن، وانما على مدار العام فإننا سنحافظ على هويتنا، فثورة الامام الحسين (عليه السلام) تمثل كلمة حق امام سلطان جائر، وثورة تصحيح لمواجهة الانحراف، وثورة عِبرة وعَبرة، وثورة عزة وتماسك واعلاء للحق لمواجهة الخضوع والرضوخ والانحلال والانحراف، كما انها ثورة هدفها احقاق الحق ومقاومة الظلم والباطل.

أهمية نشر ثقافة عاشوراء

طرحت السؤال على الكاتبة والإعلامية (مروة حسن الجبوري)، أجابت: منذ انتهاء عصر عاشوراء وواقعة الطف بأحداثها المأساوية هناك مسؤولية عظيمة تقع على الفرد وإن كان لم يشهد الواقعة فقد نقلت بكامل الحجج والبراهين من إمامين معصومين هما زين العابدين والباقر عليهما السلام اضافة إلى المحدثة السيدة زينب (عليها السلام) غير أن هناك أحداث نقلها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل أن يولد الحسين (عليه السلام) واشارات سماوية عند مولده والكثير من الأخبار.

يلزم الاهتمام بالقضية الحسينية بمختلف أنواعها والسعي لنشر ثقافة عاشوراء والنهضة الحسينية مضافاً إلى التبليغ الديني فإن أفضل فرصة لخدمة العقيدة الإسلامية والتبليغ الديني على مستوى العالم، وإيقاظ وتوعية المسلمين، هو شهر محرم وصفر، وكذلك شهر رمضان وموسم الحج، وإن كانت أيام الحج قليلة ولكنها فرصة مناسبة.

من خلال إقامة مجالس العزاء في المساجد، الحسينيات، الطرقات، المكتبات، النوادي، المستشفيات، وحتى في منازلنا الشخصية طيلة أيام السنة ونجعل منها محلاً للتحرك والتوعية الصحيحة للناس.

ويلزم أن يبلغ عدد هذه المجالس الملايين، توزع خلالها ملايين الكتب الإسلامية والتوعوية وأشرطة الكاسيت المفيدة بين مختلف الناس، كي تتفهم الأمة الإسلامية قضاياها ومسائلها قليلاً، فيرتفع مستوى الثقافة عند الجميع.

تنظيم الشباب

كما يلزم علينا حد الإمكان تنظيم الشاب المسلم، هذه القوة العظيمة في كافة البلاد الإسلامية، عن طريق ملايين المنابر ومجالس الوعظ والخطابة، وتوزيع الكتاب وأشرطة الكاسيت، وإرشادهم نحو التطور والاكتفاء الذاتي في كافة المجالات، يعني أن لا نستورد شيئاً من الشرق ولا الغرب، وتشكيل السوق الإسلامية المشتركة، وبذلك يمكن القيام بتأمين وإنتاج كافة احتياجاتنا من البلاد الإسلامية.

واجب ديني وثقافي

ذكرت المهندسة (آمنة فاضل)، مدربة دولية في مجال التنمية وتطوير الذات، قالت: إحياء يوم عاشوراء يعد ذلك من أبرز الشعائر الدينية المقدسة والتاريخية المهمة على اختلاف الأصعدة...

في سياق الثقافة الإسلامية، ينبغي التمسك بالتقاليد والقيم الإسلامية الأصيلة التي تمتلك مصادرها ومراجعها التاريخية، يقع على عاتق التعليم ووسائل الإعلام مسؤولية كبيرة في نشر الوعي والثقافة والمعرفة الإسلامية السليمة والمبنية على الصحيح، هذا من أجل تهذيب السلوك وتعزيز الفهم الصحيح بين الناس، وليس لتشجيع الانقسامات أو السلوكيات الخاطئة التي قد تعمد إلى إثارة الانقسامات والرغبات الشاذة بين الناس...

في ما يتعلق بالهوية الدينية الإسلامية والحفاظ عليها:

١- الحرص على حفظ الإيمان وتعزيز العقيدة بدلاً من زعزعتها.

٢- تجنب تقسيم الدين إلى مستويات مختلفة، وإدراك أهمية اتباع تعاليم الإسلام بشكل كامل وواضح.

٣- الامتناع عن الانغماس في الترفيه والشهوات، يوم عاشوراء يجب أن يكون مناسبة لإحياء الأحداث الجليلة التي وقعت فيه، وتذكر المأساة التي تعرض لها الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته، وعلى الناس أن يعملوا على الاقتداء بسيرتهم وحفظ الدروس التي تركوها من أجل المحافظة على القيم الحقة.

يجدر التأكيد على الاهتمام بنشر الوعي الديني والثقافي، والحرص على تجنب الثقافات المغايرة للقيم الدينية، والسعي نحو بناء مجتمع إسلامي قائم على القيم الحسينية.

محاربة الظواهر السلبية 

فكان جواب الروائي والناقد (حسن الموسوي): يوم عاشوراء يعتبر منعطفًا رئيسيًا في حياة المسلمين، ويمثل الحدث الأهم في نشر ثقافة الثورة الحسينية، التي كانت تهدف إلى الإصلاح في أمة محمد صلى الله عليه وسلم. وللأسف، شهدت مراسيم إحياء الثورة الحسينية بعض الممارسات التي تتنافى مع قيمنا الإسلامية.

محاربة الظواهر السلبية في الشعائر الحسينية تعتبر مسؤولية الطبقة المثقفة، التي تعتبر عماد المجتمع. وستكون البادرة الأولى في هذا المجال خلال اربعينية الإمام الحسين هذا العام، حيث سيتم إنشاء مكتب لتوزيع الكتب على الزوار وتوزيعها مجانًا لتعريف القراء بأعمال الأدباء وتشجيعهم على القراءة.

الشعائر الحسينية

ختامًا مع الدكتورة (اسراء العكراوي)، شاعرة وتدريسية في كلية اللغات/ جامعة الكوفة، قالت: مثلما حفظت دماء ابي عبد الله الحسين (عليه السلام) تعاليم ديننا الاصيلة من الضياع، تحافظ ذكراه وشعائر حزنه على هويتنا الثقافية والاسلامية، لكننا يجب أن نبقى على حذر ووعي دائم من كل ما يشوه هذه الشعائر، او يدخل عليها ما لا ينتمي الى العقل او الشريعة، الشعائر الحسينية والمجالس تشكل جزءا كبيرا من ذاكرتنا ووعينا، وعلينا أن ننقلها بأمانة الى ابنائنا بكل بساطتها وروحيتها، وصدقها، بعيدا عن الرياء والتكلف والبهرجة الزائفة، فالحسين رسالة وموقف قبل كل شيء، وقضيته تشكل زاداً روحياً عميقا وعظيما لنفوس المحبين بشكل عام.

اضف تعليق