من خلال مشاركتك في خدمة المواكب الحسينية، قد تدرك عمق معاني الخدمة المجتمعية وتنمية شخصيتك، لتكتسب مهارات قيادية وتنظيمية، وتتعزز قيم التعاون والصبر والعطاء. كل مهمة تقوم بها لوجه الله وراحة الزوار تترك أثرًا عميقًا في وجدانك، مما قد يغير نظرتك للحياة...

في عالم متسارع تتباين فيه القيم والتطورات، تظل الرموز الدينية والثقافية تضيء دروب الأفراد بقيم ومعان سامية، اذ تشكل المواكب الحسينية إحدى هذه الرموز، حيث تتلاقى فيها الجوانب الروحية والاجتماعية مغرزة دروسًا من التضحية والإيثار والعمل الجماعي.

فمن خلال مشاركتك في خدمة المواكب الحسينية، قد تدرك عمق معاني الخدمة المجتمعية وتنمية شخصيتك، لتكتسب مهارات قيادية وتنظيمية، وتتعزز قيم التعاون والصبر والعطاء. كل مهمة تقوم بها لوجه الله وراحة الزوار تترك أثرًا عميقًا في وجدانك، مما قد يغير نظرتك للحياة.

تنبثق هذه التجربة من جذور الإيمان والتاريخ، لتبني جيلاً واعيًا ينشر القيم الإنسانية. 

ومن هذا المنطلق، اعدت (شبكة النبأ المعلوماتية) استطلاعا صحفيا حول أثر المشاركة في خدمة المواكب الحسينية على شخصيتك وسلوكياتك موجها لخدم زائري الامام الحسين عليه السلام.

نهدف من خلال هذا الاستطلاع إلى جمع روايات متعددة ونماذج حيّة من تجاربكم، لنشكّل معًا لوحة شاملة تجسد روح هذه الفعالية وتعطيها بعدًا جديدًا في الوعي الجماعي. انضموا إلينا في هذه الرحلة التأملية، وأرو لنا قصصكم وتجاربكم مع خدمة المواكب الحسينية، لنتعرف على كيفية تشكّل شخصية الإنسان من خلال هذه التجربة الفريدة.

اخدم الحسين بنفسك

قال الصحفي (حسين أحمد): تأثير مشاركتي في خدمة المواكب الحسينية كان بسيطاً نظراً لطبيعة الخدمة التي قدمتها، التي قد لا تكون ذات أهمية كبيرة. ومع ذلك، التأمل في المشاهد العامة لخدمة الحسين عليه السلام والاستعداد للبذل وتقديم العون كان له تأثير أعمق وأكبر عليّ. فهذه المشاهد دفعتني إلى طرح العديد من الأسئلة والبحث عن إجاباتها، سواء من خلال الاستنتاج والاستدلال الشخصي أو عن طريق استشارة أهل الاختصاص. هذه العملية من البحث والتساؤل تركت في نفسي أثراً عميقاً، وأثرت في شخصيتي من خلال حثي على القراءة أكثر عن واقعة عاشوراء وخطبة الإمام الحسين في ذلك اليوم وما تحمله من أهمية ورمزية عظيمة في كل جوانبها. إحدى أبرز مقاطع خطبته هي قوله: "يا أهل الكوفة، أنتم تعلموني من وابن من ... والله، ما كذبت منذ علمت أن الكذب يعود على صاحبه". إضافة إلى ذلك، زيارة الإمام الحسين تتضمن دعاءً يقول: "اللهم اجعلني وجيهاً بالحسين"، والذي يثير تساؤلات حول معناه وكيفية تحقيقه. مثلما تتردد الشعارات التي تشجع على خدمة الإمام الحسين (ع): "اخدم الحسين بنفسك ولا تخدم نفسك بالحسين".

اصلاح النفس اولاً

الشاعر والمسرحي (كفاح وتوت)، أجاب: ولكن بشكل عام يمكن القول أن المجالس الحسينية يمكن أن يكون لها دور كبير في نشر الوعي والثقافة الإسلامية وتنوير العقول وحثها على الالتزام بالمبادئ التي ضحى من أجلها الإمام الحسين (عليه السلام) وهي مبادئ الإسلام الحقيقي.. يبقى أن كل فعل وعمل من أجل الحسين هو حتما له دور ولكن بالشكل الذي لا يشوه القضية وصورة المذهب وكل شعيرة ليس لها قيمة ان لم تترجم إلى واقع عملي من خلال الفرد الذي يمارسها والا ستفقد قيمتها الدينية الأخلاقية والانسانية على الانسان ان يعرف حقيقة الحسين َينهج نهجه بالتزامه بتعاليم الإسلام وتعامله مع الآخرين ويترجم فعليا ما دعا اليه الإمام الحسين في خروجه على الظلم ودعوته لإصلاح الأمة والبداية تكون من إصلاح النفس أولا.

الانضباط والالتزام

الطالبة الجامعية (أوراس ستار الغانمي) تعبر في حديثها: من خلال مشاركتي في خدمة المواكب الحسينية، لاحظت تأثيرًا عميقًا وإيجابيًا على شخصيتي وسلوكياتي. بدايةً، علمتني هذه التجربة أهمية الإيثار والتفاني في خدمة الآخرين. عندما أشارك في تقديم الطعام والشراب للمشاركين والزوار، أشعر بالسعادة والرضا الكبيرين لأنه بوسعي تقديم شيء ذي قيمة للمجتمع، حتى ولو كان بسيطًا.

التعاون والعمل الجماعي هما درسان آخران تعلمتهما من هذه التجربة. في المواكب الحسينية، يتوجب على الجميع أن يعملوا كفريق واحد لتحقيق الهدف المشترك، وهو خدمة الزوار وإحياء ذكرى الإمام الحسين (ع). هذا النوع من العمل الجماعي علمني كيفية التعاون مع الآخرين، والاحترام المتبادل، وتحمل المسؤولية، وأهمية الثقة بالآخرين.

بالإضافة إلى ذلك، لاحظت كيف أن الانضباط والالتزام أصبحا جزءًا لا يتجزأ من حياتي. في فترة الخدمة، يكون هناك جدول صارم يجب الالتزام به، وهناك مهام محددة يجب إنجازها في أوقات معينة. الامتثال لهذا النظام جعلني أكثر تنظيماً وانضباطاً في جوانب حياتي الأخرى.

أكثر من ذلك، خدمت المواكب الحسينية غرست في نفسي روح التعاطف والتسامح. عندما أرى الأشخاص من مختلف الخلفيات والأعمار يجتمعون معًا لهدف مشترك، يدفعني ذلك للتفكير في كيفية تعزيز هذه الروح في حياتي اليومية. بدأت أنظر إلى تحديات الناس من حولي بعين أكثر تعاطفًا وتفهمًا، وأصبحت أكثر استعدادًا للمساعدة وخدمة الآخرين.

بالنهاية، يمكنني القول إن مشاركتي في خدمة المواكب الحسينية لم تؤثر فقط على سلوكياتي وشخصيتي، بل ساهمت أيضًا في تعزيز قيمي ومبادئي. حيث أصبحت أقدر أهمية الوحدة والتآخي، وتعلمت أن القوة الحقيقية تكمن في العطاء والخدمة دون توقع مقابل. يمكنني أن أقول بصدق إن هذه التجربة كانت بمنزلة درس حياتي مستمر يعزز من إنسانيتي ويحثني على أن أكون نسخة أفضل من نفسي.

المبادرة والريادة

الكاتب (محمد علي جواد تقي)، رئيس تحرير مجلة الهدى، أجاب قائلا: 1- منذ الطفولة تعلمنا التضامن لنصرة المظلوم من خلال سقي الماء وتوزيع الطعام للزائرين والمشاركة في مواكب العزاء.

2- تعلمنا من النهضة الحسينية كيفية العيش الكريم من خلال الالتزام بالقيم الاخلاقية والانسانية والدينية.

3- مبدأ التضحية له وقع عميق في النفوس يعلمنا كيفية التأثير على الآخرين من خلال المبادرة والريادة والعمل المضاعف والدؤوب وعدم التكاسل والتخاذل والتواكل والركون الى الراحة والرفاهية.

التضحية في سبيل الله

المراسل (ماجد حميد)، إذاعة الروضة الحسينية المقدسة، أجاب بالقول: حقيقة المشاركة في المجالس الحسينية أو الخدمة في المواكب والهيئات الخدمية هي توفيق من الله تعالى للمشاركين فيها وفخر وكرامة لمن يريد بها الثواب وخدمة الزائرين قربة لله تعالى، وهي كذلك تعد درسا من دروس العطاء والكرم والجود فبعضهم يشارك من ماله والآخر بوقته وجهده وتراهم لا يكلون ولا يملون بل يجددونها في كل عزاء على مر السنوات.. شهر محرم الحرام وذكر فاجعة الطف الأليمة فيها الكثير من العبر والمواعظ التي تؤثر في النفس البشرية كالغيرة والحمية على الأعراض وفداء الأخ لأخيه والتضحية في سبيل الله ضد الظلم والظالمين، كذلك ان البكاء على مصيبة الإمام الحسين عليه السلام واهل بيته تشعرك بالراحة والطمأنينة وتخفف الكثير من قساوة القلوب وهموم هذه الدنيا الزائلة عنك وتعطيك دفعة جديدة من الرحمة والمحبة للآخرين.

الترابط والتواصل

الأكاديمية (صبا هاشم سلطان)، تدريسية في جامعة كربلاء، أجابت بالقول: المواكب الحسينية لها تأثير إيجابي من عدة جوانب وعلى جميع الفئات العمرية. سواء على شخصيتي بشكل خاص أو على الشخصيات الأخرى، فإن التأثير يكون واحداً، لكنه يأخذ أبعاداً مختلفة، بما في ذلك الأبعاد الروحية والدينية، حيث تعزز قضية الإمام الحسين (عليه السلام) الارتباط الروحي والديني بشكل عميق في نفوس الناس. 

إضافة إلى ذلك، هناك بعد اجتماعي يعزز الترابط والتواصل بين مختلف الفئات العمرية من خلال خدمة زوار الإمام الحسين (عليه السلام). ولا يمكننا إغفال التأثير النفسي، حيث يلجأ الجميع إلى المجالس الحسينية لتفريغ مشاعرهم والتعبير عن عواطفهم تجاه الإمام الحسين (عليه السلام) وأولاده وأصحابه الذين بذلوا أرواحهم في سبيله. 

عليهم جميعاً سلام الله يوم ولدوا ويوم استشهدوا ويوم يبعثون أحياءً. نسأل الله أن يرزقنا وإياكم زيارته وخدمته في الدنيا وشفاعته في الآخرة.

الاهتمام بالاخرين

فأجابنا (عمار الصفار)، مونتير في قناة كربلاء الفضائية: انعكست مشاركتنا في المواكب الحسينية وخدمة زوار سيد الشهداء (سلام الله عليه) بشكل واضح على حياتنا اليومية وسلوكنا مع المجتمع. فأصبحنا نهتم بالآخرين واحتياجاتهم، ونمارس الإيثار ونبادر بتقديم المساعدة لمن يحتاجها، مستلهمين من منهج سيد الشهداء وتضحياته، التي أصبحت وستظل منهاجاً لنا في الحياة.

مصدر سعادة

أما الدكتورة (هجران علي الزبيدي)، فأجابت: تعد الخدمة الحسينية الصحيحة مصدر سعادة جسدية ونفسية عميقة. إنها تتجسد في العطاء بلا منّة والتعب المحمود الذي يشعر به الإنسان وهو يؤدي هذه الواجبات. عندما تخدم في سبيل الله وتعتني بزوار سيد الشهداء (سلام الله عليه)، تدرك أن أجرك عظيم وتستشعر الرضا الداخلي الذي لا يضاهيه شيء. هذه الخدمة تربي فيك روح الإيثار والمحبة، وتجعل من تفانيك نموذجاً يُحتذى به في حياتك اليومية.

عززت توجهاتي نحو التعاليم الزينبية

الكاتبة والإعلامية (آمنة الأسدي)، مستشارة شؤون المرأة والطفل، أجابت: من منطلق أهمية الخدمة الحسينية والفضل العظيم لخدمة الحسين عليه السلام، والتي ابتدأها جبرائيل عليه السلام وهو يتفاخر على سائر الملائكة بخدمته قائلاً: "من مثلي وأنا خادم الحسين"، يُلهمنا هذا الفعل الروحي والأخلاقي.

لقد منحتني هذه الخدمة تعزيزاً روحياً وأخلاقياً من حيث القرب من بنات الرسالة وأخلاقهن وسلوكهن. كلما ازددت قرباً، انكشفت لي الحقائق وتأملت بوضوح سلوكيات العائلة العلوية في كربلاء، مما أثرا نفسي وروحي.

أولاً: عرفت أهمية الحجاب من خلال تمسك الفاطميات به رغم هول المصيبة. رأيت كيف كانت السيدة زينب عليها السلام تؤكد عليه في كل موقف ولا تطلب سوى قماش للستر.

ثانياً: تعلمتُ الصبر من صغارهم وكبارهم، وكيف تحملوا الصعاب ومارسوا الإيثار. رغم مصائب عاشوراء، كان ارتباطهم بالله يتزايد ويعزز من عقيدتهم.

ثالثاً: استوعبت الحكمة والوفاء من هذه المدرسة العظيمة. تعلمت الكثير من العبر والدروس التي غُرست في سلوكياتي وعززت توجهاتي نحو التعاليم الزينبية.

القيم والمبادئ

جواب (سجاد الحلو)، رادود حسيني وصحفي: خدمة الإمام الحسين عليه السلام مدرسة عظيمة تعلم الإنسان ضبط النفس والتعامل بحذر بالغ مع جميع الخدام والمخدومين، سعياً لنيل رضا الإمام الحسين عليه السلام وبالتالي رضا الله تعالى. من خلال هذه الخدمة، يتعلم الخادم الصفات الحسينية الطيبة ويعمل بها، مما يجعله نموذجاً للخادم المخلص والوفي لسيده. فتجده يبتعد عن كل شائبة ويسعى دائماً إلى القيام بكل الأعمال الحسنة والجيدة باستمرار.

لهذا، أشعر أنني جزء من هذه القضية، وأشعر بالالتزام بهذه السلوكيات، كونها هي الشريعة التي أرادها الله. خدمتي عززت من عمق وارتباطي بهذه القيم والمبادئ، وأشعر بالفخر العميق لانتمائي لهذه الخدمة السامية.

صناعة الإنسان الواعي

التقينا الإعلامية (فتوح الأسدي)، مديرة اعلام كتائب سيد الشهداء فرع كربلاء، فأجابتنا قائلة: تأثير المواكب يتمثل في أنني تعلمت من السيدة زينب عليها السلام الإخلاص، وتعلمت من الإمام الحسين عليه السلام التسليم لأمر الله تعالى. الأروع من ذلك، هو عندما تسأل شخصاً عن مصدر تأثره فيجيب بفخر: تأثرت بسيدي أبي عبد الله. عندما أواجه مصيبة، أتذكر مصيبة الإمام الحسين فأقول: "اللهم ببركة مصيبة الحسين هوّن عليَّ ما أنزلت من بلاء وامتحان".

وطرحنا السؤال على الدكتور (إياد البنداوي)، تدريسي في جامعة الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)، فأجابنا قائلا: منذ الصغر نشأنا على حب الحسين ونهلنا من اهلنا عشقه السرمدي...كانت طفولتي في مدينة الصدر إحدى أشهر المدن الشعبية في بغداد وكنا في زمن الدكتاتورية والتضييق على الشعائر الحسينية نستمع للمجالس التي تقيمها النساء ونصغي إلى المحاضرات والقصائد الحسينية في جو من الحذر عبر كاسيتات المسجل حيث تختلط أصوات السيد جاسم الطويرجاوي بأصوات الملا حمزة الزغير والرادود جاسم النويني وغيرهم رحمهم الله تعالى.. إلى أن كبرنا وشاركنا في إحياء المجالس الحسينية التي كانت مدرستنا الأولى التي تعلمنا فيها رفض الظلم ونصرة المستضعفين وصناعة الإنسان الواعي وبناء روح المقاومة والتحدي لكل انحراف.

جواهر تصقل سلوك الانسان

وتوجهنا بالسؤال إلى الأستاذة (زهراء حسن خليل)، طالبة اعلام واستاذة عقائد في مدارس الكفيل الدينية النسوية، فأجابتنا بالقول: أولاً، من خلال الخدمة، أدركت أن القضية الحسينية تشبه الجواهر التي تصقل سلوك الإنسان وتقومه. وثانياً، عندما أخدم، أشعر بأنني قد استجبت لنداء مولاي عندما قال: "ألا من ناصر ينصرنا".

المجالس الحسينية

التقينا الأستاذ (ياسين العطواني)، كاتب وباحث: الحديث عن المجالس الحسينية حديث ذو شجون، فمنذ الصغر وجدنا أنفسنا وسط هذه المجالس المفعمة بالإيمان والإصلاح وكل ما يحث على التضحية والفداء. والحقيقة كان تأثير هذه المجالس واضح وجلي على سلوكيات اي فرد يتشرف بخدمة هذه المجالس بفعل ما تحتويه من منظومة قيم وأعراف اجتماعية وروحية، بحيث كان لها تأثير مباشر على حياتنا داخل المجتمع الذي نعيشه، خصوصا وأن هذه المجالس في حينها كانت تمتاز بالرصانة والتنظيم الجيد، وذلك بفعل المؤهلات التي يمتلكها من أشرف على أدارة هذه المجالس، ولاتزال الكثير من المفاهيم والقيم الروحية والسلوكية عالقة في الأذهان وفي التصرفات، ويمكن اعتبار هذا الأمر تحصيل حاصل، فقد استمدت المجالس الحسينية مفاهيمها الروحية والقيمة من مفاهيم ومبادئ الثورة الحسينية بكل ما تعنيه من إيثار وتضحية. واليوم ونحن نعيش هذه الأجواء الحسينية علينا إعادة النظر ببعض التصرفات والسلوكيات الدخيلة على الشعائر الحسينية وتهذيب هذه الشعائر من خلال الالتزام بالموروث الحسيني الذي ورثناها من الآباء والأجداد والذي كان له الأثر الواضح على ما نحن عليه اليوم... وفقكم الله بالسير على النهج الحسني.

وطرحنا السؤال على الإعلامي (إمام قاسم موسى)، فأجابنا قائلا: الخدمة في المواكب الحسينية تشكل جزءاً محورياً في حياة كل محب للحسين عليه السلام. يشعر الجميع بأنهم مقصرون اتجاه الإمام الحسين، وتمنحهم الخدمة شعوراً بالقرب منه.

مصباح هدى وسفينة نجاة

وتوجهنا بالسؤال إلى الأستاذ (محمد علي الربيعي)، اعلامي، فأجاب قائلا: كنت اسمع منذ طفولتي أن الحسين مصباح هدى وسفينة نجاة، لكني لم أعي هذا القول الا بعد أن بلغت سن الخامسة عشر عندما بدأت أدرك مبدأ التقرب إلى الله بواسطة الحسين عليه السلام، فكنت أسعى بشغف على الاستماع الى المحاضرات الدينية عبر المذياع إبان حكم الطاغية المقبور عبر أثير إذاعة الكوثر الإسلامية اذ كانت تمثل النافذة الحسينية الوحيدة في تلك الفترة، حتى بدأت تتشكل ملامح شخصيتي الثورية من خلال معرفتي بالحسين عليه السلام مضافا إلى تنشأتي الأسرية الرافضة للظلم والجور، حتى بدأ مشوار خدمتي وأحياء الشعائر الحسينية فعملت على المشاركة مع الاهل والجيران بإعداد الطعام يوم العاشر من المحرم من كل عام ونحن نعيش حالة من التحدي للنظام ملازمة للترقب والخوف من المجهول، حتى انعكس ذلك الضياء المقتبس من الخدمة الحسينية على شخصيتي فتدربت على الصبر والكرم والإيثار فضلا عن الوعي المصاحب للمعرفة، في محاولة لمعرفة مكانة الحسين الشهيد، فكل ما وصلت إليه وما منحني إياه ربي من نعم اليوم لهي بفضل الله عز وجل ومولاي الامام الحسين الوجيه.. لذا فإنني اشكر الله دوما وابدا على نعمة الحسين الذي هو باب الله الذي من يؤتى.

التكافل والعمل المشترك

التقينا الأستاذ (حسنين الحسون)، صحفي، أجابنا بالقول: لا شك فيه ان الخدمة في المواكب الحسينية سواء الخدمية ام العزائية ان صح التعبير، هي من المدارس التي تساهم في تنقية الذات اولا، ووسيلة للمواساة لفاجعة الطف، فضلا عن مشهد من مشاهد التكافل والعمل المشترك من اجل تقديم الخدمة او ممارسة طقوس العزاء والحزن لمصاب ابي الاحرار الامام الحسين عليه السلام واهل بيته واصحابه الكرام رضوان الله تعالى عليهم..

ان المواكب الحسينية ايضا كانت النواة الاولى لتأسيس الحشد الشعبي، وتلبية نداء المرجعية الدينية العليا في الجهاد الكفائي، اذ ان التربية الحسينية وتنظيم تلك المواكب اثرت الشخصية العراقية، بالكثير من معاني الفداء والشجاعة والصبر اسوة بما جرى في كربلاء المقدسة..

ان المواكب الحسينية ستبقى المعلم الاول لنا، واللافتة الكبيرة لحب اهل البيت عليهم السلام والاقتداء بهم دائما.

الخدمة النبيلة

من جهتها أجابت (زينب الطويل)، مسؤولة شؤون المرأة والطفل أتحاد نقابات العمال، قائلة: خدمة الإمام الحسين (عليه السلام) تحمل آثارًا وفجوات إلهية لا يدركها إلا المتطوعون لهذا العمل، الذين يكرسون أنفسهم لهذه الخدمة النبيلة. إذا كانت الخدمة خالصة لوجه الله تعالى، وكان الخادم يجاهد نفسه الجهاد الأكبر، فإنه يصل إلى مستوى من الإدراك للقضية الحسينية وغايتها. علينا كنساء أن نساهم في إحياء ذكرى هذه الملحمة البطولية الأخلاقية والتربوية، لما تضمنه من تهذيب للنفس والوجدان.

روح التفاني والإيثار

وطرحنا السؤال على الأستاذة (حوراء حرب البزوني)، أستاذة في معاهد العتبتين الحسينية والعباسية ومقدمة برامج، فأجابتنا قائلة: نظرًا لطبيعة عائلتنا المحافظة، لم أشارك أنا ولا نساء أسرتنا في المواكب الحسينية. ومع ذلك، كانت برانية الجد العلامة الشيخ محسن البزوني على مدار السنين وحتى الآن محط تجمع رؤساء ومنظمي الهيئات والمواكب طوال السنة وفي كل المناسبات. كان دورنا كنساء العائلة ونساء المنطقة يتمثل في إعداد الطعام وتجهيز الموكب الخاص بأسرتنا بكل ما يحتاجه الزوار من خدمة، علاوةً على طبخ الطعام وإقامة مجالس نسائية توعوية. تجدر الإشارة إلى أن من يقدم هذه المحاضرات النسائية هم شخصيات عراقية وعربية ومغتربة، يحضرون كل سنة خلال شهري محرم وصفر.

أما تأثيري الشخصي بهذا النظام الخدمي لسيد الشهداء، فقد تمثل في روح التفاني والإيثار وحب المساعدة من خلال تعزيز التغذية العقلية والروحية في خدمة سيد الشهداء، وذلك على الصعيد المعنوي. كما تجسد في تجنيد الجسد والنفس لتوظيف الجوارح من أجل الخدمة المادية، والانكباب على العمل في مساجد دوحة الخدمة الحسينية على مدار شهرين، وتفعيل القيادة الزينبية وتجسيد صوت السيدة زينب الإعلامي على أرض الواقع.

لا نسير مع مواكب الزنجيل، ولا نقف على ضفاف الشوارع لمشاهدة المعزين يلطمون، ولا نتزاحم بين أكتاف الرجال. لقد منحتنا أيام العزاء أيامًا في حضرة سيد الشهداء مليئة بغض البصر، والاحتشام، والعفة. نتعلم من المواكب أن كل صوت حق يبقى دائمًا ومدوياً.

اضف تعليق