يتخطى اجرامهم مخيلة العقول البشرية ويتغلب ارهابهم على كل التوقعات والأعراف وتسقط عندهم ادنى معايير الإنسانية من حساباتهم، لا تزال مشاهد الدم والقتل تلاحق مخيلة الأطفال النازحين نتيجة الأيام العصيبة التي عاشوها ابان تواجد التنظيمات الإرهابية (داعش) في مناطقهم مما ولد لدى البعض منهم حالات من العزلة والعدوانية والكآبة.
ان استغلال الأطفال ركن أساسي في استراتيجية زمر داعش الإرهابي حيث عمدت الى غسل ادمغتهم وتدريبهم على القتل والتفجير فضلا عن ضخ أفكارهم المسمومة المتشددة وغرسها في براءة الأطفال ليبنوا من خلالها جيل الخلافة.
انعزال ودموع رغم الأجواء المحيطة بهم هو حال الأطفال النازحين في منطقة الدورة حيث بدأت حياتهم بالإرهاب وانتهت الى مشاهد رعب تصاحبهم أينما ذهبوا بين الحين والأخر، هذا الامر جعل من شبكة النبأ المعلوماتية ان تتقصى الحقائق حول هذا الموضوع ومتابعته والوقوف على أسبابه لذلك أرتات الى اجراء تحقيق كامل عن هذه الحالات وإيجاد طرق كفيلة بمعالجتها.
سوء الأوضاع النفسية والمعيشية
في مخيم النازحين في منطقة الدورة جنوب غرب العاصمة بغداد أطفالا بدأت تسوء أوضاعهم النفسية وأصيبوا بصدمة نتيجة الحروب التي حصلت في المحافظات الشمالية والغربية لمحاربة زمر داعش الإرهابي هذا ما قاله أبو محمد في المخيم وهو والد لثلاثة أطفال عانوا من اضطرابات نفسية جراء حكم داعش وأساليبهم البشعة المستخدمة ضد الناس في الموصل.
ويضيف أبو محمد لـ"شبكة النبأ المعلوماتية" إن الكثير من العوائل هنا هم يفترشون الارض في ظل ارتفاع درجات الحرارة وانعدام التيار الكهربائي بسبب قلة الخدمات وكثرة النازحين المتواجدين هنا وهذا بدوره قد زاد من الطين بله (بحسب تعبيره) من خلال التأثير على الحالة النفسية للأطفال فوق ما تحملوه من سنوات الظلم والاستبداد من المجاميع الارهابية.
ومن جانبها ذكرت الطفلة مها وهي الابنة الأصغر لأبو محمد تبلغ الثامنة من العمر أن" زمر داعش الإرهابية كانت تعلمنا في المدرسة كيف ان نقوم بقتل الناس وفي بعض الأحيان يعاقبونا على أشياء مثل الملابس والمأكل والمشرب.
منظمات محلية ودولية تحذر بقاء الأطفال بلا رعاية
وحذرت منظمات محلية ودولية من ان هؤلاء الأطفال النازحين سيكونون أكثر عدائية للآخرين مستقبلا ان تم الابقاء عليهم في هذه المخيمات او بلا رعاية وتعليم.
وقال عضو في جمعية الهلال الاحمر العراقية محمد حسين بأن" اوضاع الاطفال هنا صعبة جدا وهم مصدومون بسبب الماسي التي مرت بهم والعمليات العسكرية التي شهدوها نتيجة تحرير الأراضي المغتصبة من قبل زمر داعش الاجرامي وتحرير المحافظات العراقية منهم وعلى العالم التحرك لإنقاذهم والوقوف معهم لأنهم سيكونون أكثر عدائية مستقبلا ان بقوا في المخيمات بلا تثقيف او تعليم.
وقال الطبيب والباحث في الشؤون الاجتماعية عادل العرداوي ان" هؤلاء الاطفال تعرضوا الى ضغوط من كافة الجوانب النفسية والاجتماعية والاقتصادية وذلك من خلال المعاناة التي عانوا منها خلال عمليات تحرير المناطق التي كانت مسيطرة عليها من قبل زمر داعش الارهابي والتعليم الذي تلقوه من على ايدي هذه المجاميع التي علمت الاطفال في المدارس من خلال تغيير المناهج الدراسية والتأثير على مستوى التفكير لديهم وهذا ادى الى تنشئة جيل عدواني لا يمكن السيطرة عليه.
ومن جانبها أوضحت الدكتورة أسراء الزبيدي الناطقة باسم مركز البحوث النفسية والعقلية في جامعة بغداد ان" الصحة النفسية والعقلية هي من الامور التي نركز عليها كثيرا هذه الصدمات المستمرة التي تعرض لها الاطفال لفترة أكثر من 3 سنوات سوف تترك اثار على المدى البعيد للطفل وسوف يعاني من اعرض الامراض المتوسطة وهنالك من يعاني من اعراض شديدة للصدمة وهذه الحالة تقدر كل شخص لكل 25 شخص وهذا الامر للأطفال أكثر مما هو للكبار.
مفوضية حقوق الانسان تتبنى برامج تعليمية وتربوية
أكد عضو مجلس مفوضية حقوق الانسان السابق هيمن باجلان والمسؤول عن ملف النازحين في المفوضية أن" التعليم يلعب دور كبير للوصول الى عقل الطفل والتأثير عليه بصورة مباشرة تختلف عن غيره لكونه يستطيع السيطرة على تفكيره وتوجيهه كما يشاء.
وقال باجلان لمراسل شبكة النبأ بان" هذه الحالات يمكن علاجها ولكنها تحتاج الى فترة طويلة ويجب وضع مدرسين او معلمين ذو اختصاص ويخضع لتأهيل معين لهذا الموضوع كي يستطيع ان يغير افكاره ويعلمه المسار الصحيح عما يدور حوله وما هو الصح والخطأ ونحن بدورنا قمنا بالعمل لإدارة هذا الموضوع وبمساعدة جهات حكومية منها وزارة التربية والتعليم والعمل والشؤون الاجتماعية والأمانة العامة لمجلس الوزراء من اجل وضعهم في مدارس خاصة لكي لا يكونوا عرضة للأفكار الإرهابية والمتطرفة.
وتابع بان" مفوضية حقوق الانسان قد تعاونت مع عدة منظمات محلية ودولية لتفعيل هذا الامر لما له من أثار إيجابية لكي نستطيع بناء قدرات تتعاطى مع المشاكل التي يعانون منها اطفال المخيمات، وكشف، عن بدأ بعض المنظمات بمعالجة المشاكل النفسية لبعض منهم والتي أثرت بشكل كبير عبى حياتهم وتصرفاتهم من خلال خلق أجواء تساعدهم للخروج مما يعانوه، وأوضح بان" الهدف من البرنامج وضع مساحة امنة وإخراجهم من الحالة المتقوقعة بعد التهجير والحرمان الى الحالة الطبيعية وانطوائية والخجل وعدواني.
العمل والشؤون الاجتماعية تطلق وثيقة لحماية الطفل العراقي
أعلنت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، عن إطلاق وثيقة سياسية لحماية الطفل في العراق، وذلك خلال مؤتمر أقامته بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسيف.
وقال الناطق باسم الوزارة عمار منعم إن" إطلاق هذه الوثيقة جاء مكملًا للانتصارات التي حققها جيشنا الباسل وقواتنا الأمنية على عصابات داعش الإرهابية في الموصل وصولًا إلى استكمال استعادة باقي المدن"، مشيرًا إلى أن السياسات الاجتماعية تمثل اليوم أهمية كبيرة وتشكل حجر الزاوية لنهضة المجتمعات وانتشال الفئات الهشة والضعيفة في ظل الأزمات التي تعصف بالبلدان في خضم التحولات الاقتصادية والاجتماعية.
وأوضح أن" سياسة حماية الطفل هي واحدة من تلك السياسات التي تمثل استجابة لرسم ملامح رؤية الدولة نحو طفولة آمنة تنعم بحقوقها من دون تمييز، لافتًا إلى أن" هيئة رعاية الطفولة تبنت ووضعت على عاتقها هذه المهمة وعملت بالتعاون والتنسيق مع شريكها الأساسي المتمثل في منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسيف على إعداد وثيقة السياسة انطلاقًا من الحاجة إلى تأمين الحماية للأطفال وضمان حقوقهم والحد من الآثار التي خلفتها الأوضاع المأساوية التي مرت بها البلاد خلال العقود الماضية.
وبيّن أن" هذه الوثيقة تجسد مسؤولية الحكومة العراقية تجاه أبنائها وحرصها على تحمل مسؤولياتها الدولية والتزاماتها بالقوانين الدولية لحقوق الإنسان إيمانًا بأن الاستثمار في مجال الطفولة ومراعاة متطلباتها وحقوقها أصبح ضرورة تنموية من شأنها أن تسهم في إعداد جيل قادر على تحمل مسؤولياته المستقبلية.
وأكد أن" تنفيذ هذه السياسة يتطلب جهدًا مشتركًا من كل وزارات ومؤسسات الدولة العراقية ومنظمات المجتمع المدني، كما طالب، الإعلام بوسائله كافة أن يكون شريكا أساسيا في عرض مشاكل المجتمع والبحث عن حلول ومعالجات لها.
وكشف المتحدث باسم الوزارة، عن وجود 200 ألف طفل عراقي إجمالا من أصل 36 مليون نسمة في مخيمات النزوح بمختلف المناطق أغلبهم من مدينة الموصل.
وذكرت مصادر طبية في مجالات البحوث العلمية والإحصائيات الخاصة بظاهرة العنف عند الاطفال، بان الجهات الحكومية تفتقر الى وجود بحوث علمية في هذا المجال خصوصاً في مجال العنف عند الاطفال ونسبة الزيادة الحاصلة فيه اذ لم تتمكن دائرة البحوث العلمية من تقديم أي بحث في هذا الخصوص، مشيرة الى ان، منظمة الصحة العالمية ومن خلال مكتب المستشار الوطني للصحة النفسية يعملان على تقديم دراسة حول الاضطرابات النفسية عند الأطفال النازحين.
اضف تعليق