ما هي تقنية التوأم الرقمي؟

إن الانتقال من المفهوم إلى السوق بشكل أسرع من المنافسين هو أحد السمات المميزة لاستراتيجية تطوير المنتج الناجحة والمستدامة، لقد أثبتت التوائم الرقمية أنها لها تأثير كبير على الشركات التي تستخدمها لتنسيق البيانات من مصادر متعددة وتفعيلها لتحسين النتائج في كل خطوة من خلال التصميم والتصنيع والدعم...

إن الانتقال من المفهوم إلى السوق بشكل أسرع من المنافسين هو أحد السمات المميزة لاستراتيجية تطوير المنتج الناجحة والمستدامة، لقد أثبتت التوائم الرقمية أنها لها تأثير كبير على الشركات التي تستخدمها لتنسيق البيانات من مصادر متعددة وتفعيلها لتحسين النتائج في كل خطوة من خلال التصميم والتصنيع والدعم.

إن إنترنت الأشياء يمكّن المهندسين من اختبار أجهزة الاستشعار المتكاملة داخل المنتجات التشغيلية للشركة والتواصل معها، مما يوفر رؤى في الوقت الفعلي حول وظائف النظام وضمان الصيانة في الوقت المناسب. كما يمكن للتوائم الرقمية أن تساعد الشركات في تحليل البيانات لتحديد الأجزاء ذات الأداء الضعيف في المصنع، وحتى تكرار "الدفعة الذهبية". إنها تمنح الشركات المصنعة أداة للتنبؤ بالنتائج المحتملة قبل الاستثمار في التغييرات. إنها تستخدم بيانات العالم الحقيقي والذكاء الاصطناعي لإنشاء سيناريوهات واختبار نتائج المنتج بناءً على مدخلات مختلفة.

على الرغم من أن هذه التقنية لها تطبيقات مفيدة في العديد من الصناعات، إلا أنها بالغة الأهمية لمصنعي المنتجات. دعونا نلقي نظرة على فوائد استخدام نموذج التوأم الرقمي، وما يجب مراعاته قبل اعتماده، وأمثلة واقعية لكيفية نشر الشركات له لتحسين الأداء وتسريع الإنتاج وتحقيق وقت أسرع لتحقيق القيمة.

التوأم الرقمي هو نسخة رقمية من كائن مادي أو شخص أو نظام أو عملية، يتم وضعها في سياق نسخة رقمية من بيئتها. يمكن للتوائم الرقمية أن تساعد العديد من أنواع المؤسسات على محاكاة المواقف الحقيقية ونتائجها، مما يسمح لها في النهاية باتخاذ قرارات أفضل.

ماذا ستفعل لو كان لديك نسخة من نفسك؟ نسخة رقمية مطابقة لك في كل شيء، في رسم رقمي دقيق لمنزلك أو مكان عملك أو حيّك أو مدينتك؟ والأفضل من ذلك: ماذا لو كانت النسخة الرقمية منك ــ توأمك الرقمي ــ غير معرضة للإصابة أو الألم أو الإحراج؟ إن العقل يذهل من الاحتمالات. ويكفي أن نقول إنك ربما تكون قادرا على اتخاذ القرارات بنفسك مع قدر أعظم كثيرا من اليقين بشأن النتيجة.

وفي مجال الأعمال، تشكل هذه الدرجة المتزايدة من اليقين قيمة بالغة الأهمية ــ وربما تساعد التوائم الرقمية الناشئة في تحقيق ذلك.

ببساطة، التوأم الرقمي هو نسخة طبق الأصل افتراضية لشيء مادي أو شخص أو عملية يمكن استخدامها لمحاكاة سلوكه لفهم كيفية عمله في الحياة الواقعية بشكل أفضل. ترتبط التوائم الرقمية بمصادر بيانات حقيقية من البيئة، مما يعني أن التوأم يتم تحديثه في الوقت الفعلي ليعكس النسخة الأصلية. تتألف التوائم الرقمية أيضًا من طبقة من الرؤى والتصورات السلوكية المستمدة من البيانات. عند الترابط داخل نظام واحد، يمكن للتوائم الرقمية إنشاء بيئة رقمية وغامرة غالبًا ما تكرر وتربط كل جانب من جوانب المؤسسة لتحسين عمليات المحاكاة وتخطيط السيناريوهات واتخاذ القرار .

يبدي قادة تطوير المنتجات الإبداعية حماسًا متزايدًا للتوائم الرقمية. وتشير تحليلات ماكينزي إلى أن السوق العالمية لتكنولوجيا التوائم الرقمية ستنمو بنحو 60% سنويًا على مدى السنوات الخمس المقبلة، لتصل إلى 73.5 مليار دولار بحلول عام 2027 .

ما هي أنواع تقنية التوأم الرقمي المختلفة؟

هناك عدة أنواع مختلفة من التوائم الرقمية. أولاً، هناك توأم المنتج، وهو تمثيل لمنتج. يمكن أن يتضمن هذا التوأم الرقمي منتجات في مراحل مختلفة من دورة الحياة، من تصميم المفهوم الأولي والهندسة إلى الوظائف الكاملة - مما يعني أنك تحصل على بيانات حية في الوقت الفعلي عن المنتج كما لو كان في الخدمة.

هناك نوع آخر من التوائم الرقمية وهو توأم البيانات. ربما لديك بالفعل مثال رائع لتوأم البيانات في جيبك: خرائط جوجل هي توأم رقمي لسطح الأرض. تربط البيانات في الوقت الفعلي عن حركة المرور للمساعدة في تحسين تنقلاتك.

وتشمل الأنواع الأخرى من التوائم النظامية، التي تحاكي التفاعل بين العمليات المادية والرقمية، بما في ذلك عمليات التصنيع، وإدارة سلسلة التوريد من البداية إلى النهاية، وعمليات المتاجر، ورحلات العملاء. وأخيرًا، تمثل التوائم البنية الأساسية البنية الأساسية المادية مثل الطريق السريع، أو المبنى، أو حتى الاستاد.

تتمتع التوائم الرقمية بإمكانية تقديم عمليات أكثر مرونة ومرونة. ولا يخفى على الرؤساء التنفيذيين إمكاناتها: تشير أبحاث ماكينزي إلى أن 70% من كبار المسؤولين التنفيذيين في مجال التكنولوجيا في الشركات الكبرى يستكشفون بالفعل ويستثمرون في التوائم الرقمية. وفق ما نشره موقع ”McKinsey & Company”.

ما هي فوائد التوأم الرقمي؟

1. تحسين رضا العملاء

نحن في سوق يركز بشكل متزايد على العملاء، ويمكن أن يكون تقديم رضا العملاء بمثابة عامل تنافسي مميز. يتوقع العملاء من الشركات أن تفهم احتياجاتهم ، وتُظهِر الأبحاث أن العملاء سينفقون المزيد إذا علموا أنهم سيحصلون على خدمة ممتازة.

يمكن للتوائم الرقمية دعم تحسين رضا العملاء من خلال حالات الاستخدام مثل الصيانة التنبؤية ، ولكن نظرًا لأنها تجمع بيانات في الوقت الفعلي عن المنتج، فإنها يمكنها أيضًا تمكين خدمة العملاء وعمليات الإصلاح بشكل أكثر سلاسة، مع إعلام تحسينات المنتج المستقبلية.

ووجد مسحنا الأخير أن هذه الفائدة تشكل أولوية قصوى لصناعات الطيران والدفاع والآلات الصناعية والمعدات الكهربائية والأدوية.

2. تحسين جودة المنتج

وتأتي هذه الفائدة مع مرور الوقت وجمع البيانات من خلال التوأم الرقمي. وبعد إجراء الاستثمارات الأولية، يمكن للتحسينات التي تطرأ على المنتج على مر الأجيال ــ استناداً إلى البيانات التشغيلية في العالم الحقيقي من العديد من التوائم الرقمية ــ أن تساعد المهندسين والمصممين عند تطوير منتج أو إصدار جديد.

تشكل هذه الميزة أولوية قصوى في الصناعات التالية: السيارات، والمواد الكيميائية، والتكنولوجيا الفائقة، والآلات الصناعية والمعدات الكهربائية (التعادل)، والأجهزة الطبية.

3. تقليل الوقت اللازم لطرح المنتج في السوق

بفضل التوائم الرقمية، تحصل الشركات على رؤى مستمرة حول أداء منتجاتها في الميدان. وبفضل هذه الرؤى، يمكنها تكرار المنتجات وابتكارها بشكل أسرع وبكفاءة أكبر.

عند استخدامه مع النماذج الرقمية وأدوات المحاكاة، يتيح التوأم الرقمي للمهندسين التحقق من أداء المنتج قبل النمذجة الأولية المادية. وبالنسبة للمنتجات باهظة الثمن، يؤدي هذا إلى توفير كبير في كل من التكاليف والوقت. ويمكن أن تساعد التوائم الرقمية في تجنب إعادة التصميم في مرحلة متأخرة وتقليل الوقت اللازم لطرح المنتج في السوق.

ونظراً لتسارع الابتكار على مدى العقد الماضي، فإن هذه الميزة توفر ميزة تنافسية.

4. إعلام وقيادة جهود الاستدامة

إن الهدف المتزايد الانتشار للمنظمات هو دفع الاستدامة بأكبر قدر ممكن من الجهود. وهناك فرص عبر سلسلة القيمة مع التوائم الرقمية. ويمكن أن يعني ذلك استبدال مواد المنتج بخيارات أكثر استدامة، أو تقليل الانبعاثات الكربونية أو الخردة في عملية التصنيع، أو تقليل عدد لفات شاحنات الخدمة.

عند دمجه في استراتيجية التحول الرقمي الأكبر، يمكن للتوأم الرقمي توفير البيانات والرؤية والتصور اللازمين لتحسين الأداء عبر أبعاد متعددة تتعلق بالاستدامة.

على سبيل المثال، يمكن للشركة تطبيق نموذج التوأمة الرقمية على مستوى المصنع بالكامل لتحديد المجالات المحتملة للكفاءة من خلال دمج نماذج البيانات المختلفة واكتشاف فرص التحسين الجماعية. ومن خلال هذه الرؤى غير المتاحة سابقًا، يمكن للشركة بعد ذلك اتخاذ خطوات للحد من استهلاك الطاقة أو إيجاد طرق لزيادة القدرة الإنتاجية دون موارد إضافية.

5. تعزيز مرونة ومرونة سلسلة التوريد

إن اضطرابات سلسلة التوريد تؤثر على الشركات في أعقاب جائحة كوفيد-19 والغزو الروسي، وكلاهما سلط الضوء على المرونة والقدرة على الصمود.

لقد أتاح الجمع بين التقنيات والمنصات الناشئة إمكانية السعي إلى إنشاء توأم رقمي لسلسلة التوريد المادية من البداية إلى النهاية. وبفضل هذا النوع من التوأم الرقمي، تكتسب الشركات رؤية واضحة لسلسلة التوريد الخاصة بها، مثل أوقات التسليم، ويمكنها إجراء تعديلات في الوقت الفعلي داخليًا ومع شركائها.

6. تمكين نماذج الأعمال الجديدة (أي المنتج كخدمة)

قد يكون للتوائم الرقمية فائدة ثانوية إذا كنت قادرًا على التفكير في الاحتمالات. تصنع شركة Celli موزعات مشروبات تُستخدم في جميع أنحاء العالم. لقد دمجت تقنية التوأم الرقمي في موزعاتها لتقليل تكاليف الصيانة ووقت تعطل المنتج.

ومع ذلك، سرعان ما أدركوا أن البيانات التي تم جمعها كجزء من التوأم الرقمي لم تكن ذات صلة وقيمة لأعمالهم فحسب - بل يمكن أن تساعد في تحسين أعمال عملائهم. على سبيل المثال، كشفت البيانات عن أنماط في استهلاك المشروبات، مثل المشروبات التي كانت الأكثر مبيعًا والأماكن الأكثر شعبية. ثم تمكنوا من تقديم هذه التحليلات للعملاء على أساس الاشتراك. يمكن لأصحاب المطاعم والحانات استخدام هذه البيانات لتوقع الطلبات ومخزونات المخزون بشكل أفضل وأكثر فعالية.

7. تعزيز الكفاءة التشغيلية

ترغب الشركات في أن تتمكن من التنفيذ بكفاءة أكبر، ولكن من الصعب معرفة من أين تبدأ. توفر التوائم الرقمية الرؤى اللازمة لتحقيق تلك الكفاءات التشغيلية عبر سلسلة القيمة.

من الأمور ذات الصلة بشكل خاص بتوائم العمليات الرقمية، أن المنظمات تستطيع جمع مجموعات بيانات مختلفة لالتقاط معلومات في الوقت الفعلي عن أداء الأصول والإنتاج. ولا تستطيع المنظمات رؤية الاختناقات المحتملة فحسب، بل تستطيع أيضًا معرفة كيف يمكن للحلول المحتملة أن تؤثر على العملية الإجمالية.

8. تحسين الإنتاجية

إن التحدي المتمثل في دوران الموظفين والاحتفاظ بهم هو عالمي تقريبًا في جميع الصناعات. عندما يترك الموظف الماهر العمل، فإنه يأخذ معه دائمًا معرفته، مما يخلق حاجزًا يبطئ الإنتاجية. مع التوأم الرقمي، يمكن للمؤسسات التخفيف من بعض هذه التحديات من خلال المراقبة والمساعدة عن بعد.

يمكن للخبراء خارج الموقع مراقبة المعدات النشطة من خلال أنظمة تستخدم تقنية التوأم الرقمي. إذا تم اكتشاف مشكلة، يتم الاتصال بموظف في الموقع ويمكن توجيهه خلال إجراءات الصيانة بمساعدة الواقع المعزز. إذا لم يكن التوجيه بالواقع المعزز متاحًا وكان من الضروري نشر فني خدمة، فإن لديهم بالفعل المعلومات اللازمة لإجراء الإصلاح. يمكن أن يؤدي هذا إلى تقليل تدحرج الشاحنات وزيادة معدلات الإصلاح من المرة الأولى. وفق موقع “PTC”.

استخدامات تقنية "التوأم الرقمي"

أصدرت شركة "ماكينزي" (McKinsey) للتحليلات دراسة حول تقنية "التوأم الرقمي" واستخداماتها في الواقع ومستقبلها، وبناء على هذه الدراسة، فإن الشركة تتوقع أن تصل قيمة قطاع "التوأم الرقمي" إلى 73.5 مليار دولار بحلول عام 2027 فضلا عن كون 70% من المديرين التنفيذين للشركات التكنولوجية بدؤوا بالفعل في استخدام التقنية والاستثمار بها.

وبشكل عام، تتنوع استخدامات تقنية "التوأم الرقمي" بين القطاعات المختلفة، فمثلا في قطاع الصناعة والإنتاج يمكن الاعتماد على هذه التقنية لبناء محاكاة دقيقة وواقعية للمنتجات المختلفة في مراحل التطوير المختلفة، وبالتالي التعرف على التحديات والعوائق التي تحتاج الشركة التغلب عليها لتتمكن من بناء المنتج بشكل جيد ومناسب.

كذلك الأمر مع سلاسل التوريد والتوصيل، فعبر استخدام هذه التقنية يمكن للشركات محاكاة سلاسل التوريد المختلفة والتعرف على نقاط الضعف والخطر بها من أجل تحسينها بشكل كبير والتخلص من هذه النقاط، ويعد هذا الاستخدام أحد أكثر الاستخدامات شيوعًا وفق دراسة "ماكينزي" التي أشارت إلى أن 86% من الشركات بدأت في الاستثمار بها بالفعل.

كما يمكن استخدام تقنية "التوأم الرقمي" في قطاع التجارة الإلكترونية عبر بناء محاكاة متكاملة للمتجر في فضاء الواقع الافتراضي، ومن ثم توجيه المستخدمين وتقديم خدمات تسويقية أكثر فعالية موجهة إلى هؤلاء المستخدمين بكثافة. بحسب ما نشره موقع “الجزيرة نت”.