تؤدي وسائل التواصل الاجتماعي اليوم دورا كبيرا في نقل الصورة النمطية الثقافية السائدة عن المجتمعات المختلفة، وفي العراق نجد اليوم العديد من مستخدمي ورواد هذه المواقع هم من فئة النساء وبأعمار مختلفة فتيات ما قبل المراهقة، وفتيات مراهقات، وشابات، ونساء ناضجات...
تؤدي وسائل التواصل الاجتماعي اليوم دورا كبيرا في نقل الصورة النمطية الثقافية السائدة عن المجتمعات المختلفة، وفي العراق نجد اليوم العديد من مستخدمي ورواد هذه المواقع هم من فئة النساء وبأعمار مختلفة (فتيات ما قبل المراهقة، وفتيات مراهقات، وشابات، ونساء ناضجات).
وقد مر العراق بالعديد من الانعطافات الاستراتيجية المهمة في تاريخه الطويل لاسيما في الآونة الأخيرة من صراعات وحروب وحصار اقتصادي وحروب ناعمة لتغيير البنية القيمية لدى مجتمعه، وبالأخص الشباب منهم.
ويرى المتصفح المتخصص والناقد البصير لما ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة ان هناك استهداف واضح لفئة النساء العراقيات للتأثير على نظرتها للحياة واسلوبها في العيش وتغيير الصورة النمطية للمرأة العراقية التي انطبعت في الوجدان العراقي بانها الام الحنون والزوجة العطوف والفتاة البريئة، وهو ما حرص على تعزيزه واقع المجتمع العراقي المحافظ جدا في كل ما يتعلق بالمرأة خلال مئات السنين، عززته نصوص قرآنية كثيرة حثت على العفة والطهر وعدم الاختلاط الفاحش بين الاناث والذكور وتعزيز الحجاب كما في الآية 31 من سورة النور: ﴿وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ على جُيُوبِهِنَّ﴾، و سورة الأحزاب – في الآية 32. قوله تعالى: يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا.
والقول المأثور والمشهور لدى المجتمع العراقي انه خير للمرأة ان لا ترى رجلاً ولا يراها رجل. وأيضا ما ورد في السيرة العطرة للسيدة الحوراء زينب عليها السلام في مسيرتها الجهادية في معركة الطف هي والنساء المسبيبات من ال بيت النبوة الكرام وحفاظهن على حجابهن وضربن في ذلك أروع الأمثلة التي خلدها التاريخ في صفحاته عن عفتهن وصبرهن وجهادهن والتزامهن بتعاليم الدين القويم فأصبحن مثلاً لكل النساء العفيفات المحافظات على قيم العفة والطهر والشرف.
وقد انبرى العدد الكبير من الباحثين والكتاب في مختلف دول العالم في تناول موضوع التواصل الاجتماعي بحثاً وتحليلا وعرضاً لإثأره الإيجابية والسلبية على المستخدمين كلاً من وجهة نظره وغاياته البحثية.
وفي أحدث دراسة أكاديمية موثقة ومدعمة بالبيانات والإحصاءات قدمت من قبل إدارة السياسات في البرلمان الأوربي لحقوق المواطنين والشؤون الدستورية عام 2023 وجدت هذه الدراسة ان النساء أكثر استخدام لوسائل التواصل الاجتماعي من الرجال في جميع الفئات العمرية ويعد فيسبوك وانستغرام وسناب شات تيك توك وواتساب الأكثر شعبية في جميع دول الاتحاد الأوربي.
وان النساء في دول الاتحاد الأوربي تهتم عموما بالحفاظ على روابط اجتماعية قوية، وتولي الفتيات أهمية أكبر للتجارب الاجتماعية الإيجابية ويشعرن بتأثير التفاعلات السلبية مع الاخرين أكثر من الأولاد.
وان النساء والفتيات أكثر وعياً بمخاطر انتهاك الخصوصية الشخصية من الأولاد، فضلا عن ان قضاء وقت أطول على وسائل التواصل الاجتماعي ارتبط بزيادة اعراض الاكتئاب لدى الأولاد والبنات على حد سواء، لكن التأثير كان أكبر عند الفتيات، وشمل العوامل قلة النوم عالي الجودة، والتحرش عبر الانترنت، وانخفاض احترام الذات، وصورة الجسم السلبية.
ووجدت الدراسة كذلك ان "الجنس" هو عامل رئيس في الإعلانات المستهدفة على وسائل التواصل الاجتماعي الا انه لم تتوفر تفاصيل كافية حول كيفية عمل هذه الخوارزميات بالضبط.
وان السياسيات والصحفيات يتعرضن لمعدلات اعلى من الإساءة والتحرش الجنسي عبر الانترنت مقارنة بنظرائهن من الرجال وبالتالي كان لها تأثير سلبي على المشاركة المهنية والمدنية في المجتمع.
وان سهولة الوصول للمواد الإباحية العنيفة تؤثر على فهم الأولاد وتوقعاتهم للجنس، فضلا عن ان تعميم وتطبيع الكراهية ضد النساء بين الشباب شكل تهديدا كبيراً وعاجلا للنساء والفتيات على وسائل التواصل الاجتماعي.
اما في دراسة عن "استخدام المرأة العراقية لمواقع التواصل الاجتماعي والإشباعات المتحققة منه" ، فقد وجدت هذه الدراسة ان النساء العراقيات يستخدمن الفيسبوك ويوتيوب وتوتير وانستغرام اكثر من غيره ، وان الدوافع النفعية (الحصول على المعلومات، والاطلاع على الاخبار، والتثقيف، ولأغراض تعليمية، والتسوق) كانت بنسبة 54% وتفوقت على الدوافع الطقوسية (التواصل مع الاهل والمعارف، وتمضية الوقت، والمتعة والتسلية، والانفصال عن الواقع، والبحث عن علاقة عاطفية مع الجنس الاخر) لديهن، وان اكثر فئة عمرية من النساء العراقيات تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي كانت للفئة العمرية بين (18-27) سنة وبواقع 57% من النساء العراقيات في مدينة بغداد، وشكلت نسبة العازبات منهن اعلى فئة مستخدمة لمواقع التواصل الاجتماعي بواقع 54% من اللائي كان مستواهن التعليمي يتراوح بين حملة شهادة البكالوريوس وشهادة الدبلوم و بنسبة 58%، في حين سجلت النساء الموظفات اعلى الفئات المستخدمة لمواقع التواصل الاجتماعي بنسبة 48% من اجمالي عينة البحث، فضلا عن ذلك وجدت الدراسة ان اعلى فئة تستخدم وسائل مواقع التواصل الاجتماعي تراوح دخلها الشهري بين 500-750 الف دينار.
وفي دراسة مسحية أجريت في مدينة بغداد على نحو 500 امرأة وجدت هذه الدراسة ان 39% من النساء في بغداد يستخدمن مواقع التواصل الاجتماعي هن من الفئة العمرية بين (21-30) سنة، شكلت نسبة الجامعيات منهن اعلى مستوى (46%) من حجم العينة الكلي، وبمعدل استخدام يومي لمواقع التواصل الاجتماعي بنسبة 67% من حجم العينة. واتضح كذلك ان نسبة عدد الساعات المستخدمة كانت بين (3-5) ساعة يومياً كمعدل استخدام، وقد وجدت الدراسة ان النساء يفضلن استخدام الفيسبوك بنسبة 58% مقارنة بوسائل التواصل الاجتماعي الأخرى. وان النساء يستخدمن مواقع التواصل الاجتماعي لمعرفة كل ما هو جديد في حياة المرأة بنسبة 60%.
أ.م. علي عبد الحسين جبر/ رئيس قسم تقنيات إدارة المكتب/المعهد التقني كربلاء/ جامعة الفرات الأوسط التقنية
اضف تعليق