تعتبر ثورة تكنولوجيا المعلومات في المنظمات روح تبث شرايين الحياة فيها، حيث تؤدي المعلومات دوراً فاعلاً في تطور حياة المنظمات المتقدمة وتنظيمها السياسي والاقتصادي والاجتماعي بفضل هذه الثورة، والاقتصاد العالمي أصبح بشكل متزايد تقوده الابتكارات التكنولوجية، فإذا تمكنت منظماتنا العربية من استغلال الفرص القائمة والتغلب...

تعتبر ثورة تكنولوجيا المعلومات في المنظمات روح تبث شرايين الحياة فيها، حيث تؤدي المعلومات دوراً فاعلاً في تطور حياة المنظمات المتقدمة وتنظيمها السياسي والاقتصادي والاجتماعي بفضل هذه الثورة، والاقتصاد العالمي أصبح بشكل متزايد تقوده الابتكارات التكنولوجية، فإذا تمكنت منظماتنا العربية من استغلال الفرص القائمة والتغلب على التحديات القائمة والاستفادة من خبرات الدول المتقدمة، فإن ذلك سيساهم في الكثير من المكاسب الاقتصادية والخروج من الأزمات مجتمعة.

لا شك أن قطاع تكنولوجيا المعلومات في دول أوروبا والولايات المتحدة وباقي دول العالم المتقدمة هو العنصر المحرك لخلق الوظائف الجديدة وتنشيط الاقتصاد من خلال ما يسمى بالاقتصاد الرقمي، ومن المعروف أن ثورة تكنولوجيا المعلومات لها أهمية بالغة في تطور قطاعات الأعمال ونوعية الحياة، ولها تأثير في تطور الاقتصاد المحلي والعالمي، فقد خلقت هذه الثورة أيضاً نوعاً جديداً من التعاون والتبادل الاقتصادي أثر بشكل كبير على ثورة الأفراد.

إن الابتكارات التكنولوجية التي تقودها المنظمات في كلاً من الصين والهند، أصبحت أكبر مصدر في العالم لسلع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، في حين أن الهند تتصدر المبيعات عالمياً في مجال خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، كما تفوقت الصين على الولايات المتحدة باعتبارها أكبر مصدر في العالم لسلع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ولأن العمل بهذا القطاع يتطلب مهارات عالية، نجد أن مستويات الأجور لهذا القطاع مرتفعة مقارنة مع بقية القطاعات الإنتاجية الأخرى والفجوة باتساع مستمر.

وعلى الرغم من أن تبني ثورة تكنولوجيا المعلومات يبدو كأنه الحل الأمثل أمام منظماتنا لتحقيق التنمية إلاّ أنه توجد العديد من التحديات أمام تحقيق ذلك، من أبرزها البنية التحتية فهو أمر مكلف يقتضي جذب الدعم والتمويل الحكومي، كما أننا بحاجة بالغة الأهمية لوجود موارد بشرية مدربة قادرة على استخدام التكنولوجيا وتعد الموارد البشرية المدربة من أهم عوامل جذب الاستثمارات الأجنبية في جميع المجالات.

إن منظماتنا العربية اليوم يجب أن تضع رؤية متكاملة وبشكل موحد مع كافة القطاعات، وبذل أقصى الجهود والرؤى العلمية من أجل التعاون المشترك لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة والعادلة، وترسيخ ثقافة عربية، وخلق مستوى متميز وكبير قادر على المنافسة العالمية، لكن ما زالت منظماتنا لم تخطو الخطوة الكبرى لأجل ذلك، ولا سيما في مجال استثمار تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

كما أن المتابع والمدقق للتقارير الدولية والعربية في هذا المجال يجد فجوة مرعبة بين مخصصات الدول العربية والدول المتقدمة في مجال الإنفاق على تقنية المعلومات، وعلى الرغم من كل التحديات التي تواجه المنظمات العربية في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، إلا أن المنظمات العربية تمتلك عناصر القوة التي تؤهلها لتأسيس قاعدة متينة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ولإقامة الصناعات في هذه المجالات والتي تتمثل في الطاقات الشابة التي يجب استثمارها وتنميتها وتطويرها والحفاظ عليها.

إن عملية سد الفجوة والتقدم نحو القيادة الحضارية العالمية من قبل منظماتنا العربية يتطلب توافر الإرادة، وعبر تطوير برامج وطنية استراتيجية وتنفيذها وفق أسلوب مخطط له بشكل جيد، عبر استراتيجية واضحة وثابتة، إن صناع القرار بحاجة سريعة إلى توفير دعم ومساندة للمنظمات العربية من خلال بناء نظم المعلومات ورفع قدرات العاملين في مجال جمع وتنظيم ومعالجة وتحليل المعلومات العلمية والتكنولوجية.

إن تحقيق ذلك من الأمور الحيوية الهامة في عصر العولمة، بل يجب أن يكون في قمة الأولويات، وكل تقصير في وضعها أو تنفيذها هو تقصير في حق المجتمع، والشباب العربي ونكوص به إلى الوراء، بل بدونها تصبح جميع المحاولات الرامية إلى دخول عصر المعلومات مجرد هياكل ميتة لا فائدة منها.

* خبير في البحث العلمي والدراسات
phd.fadi@gmail.com

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق