نحن على أعتاب انترنت الجيل الخامس 5 G، الأسرع مائة مرة من الجيل الرابع، واستجابة لحظية لا تتعدى الملي ثانية، ما يفرض على الشعوب واقعا افتراضيا جديدا، ينعكس على حياة البشر، في السياسة والاقتصاد وتداول المعلومة، وفي حين لا تبدو دول العالم الثالث، مستعدة بالشكل الكافي...
نحن على أعتاب انترنت الجيل الخامس “5G”، الأسرع مائة مرة من الجيل الرابع، واستجابة لحظية لا تتعدى الملي ثانية، ما يفرض على الشعوب واقعا افتراضيا جديدا، ينعكس على حياة البشر، في السياسة والاقتصاد وتداول المعلومة.
وفي حين لا تبدو دول العالم الثالث، مستعدة بالشكل الكافي، لاستقبال هذه الثور التقنية، والمعلوماتية العظيمة، فانّ الدول المتقدمة، وفرّت فرص النجاح، لإدراكها بأنها ثورة اجتماعية أيضا، بمعنى الكلمة، تمهد لبناء مجتمعات ذكية، بشكل تام،
قادرة على التواصل مع بعضها بنفس الكفاءة، وللفرد فيها المهارة والمعرفة، والادراك على استيعاب التطور الجديد سواء بـ “المشاهدة والنقر” و “العرض والشراء”، فضلا عن القدرة على اجادة التقنيات، وتحليل المعلومة، واستيعاب إنترنت الأشياء (IoT) بشكل كامل والقدرة على الانسجام معه.
الجيل الخامس، سوف يُحدث تغييرا كبيرا في ميزان القوى لصالح الصين التي تحتكر تقريبا هذه التقنية وتتفوق على أوربا والولايات المتحدة، الى ان درجة ان مؤسسة الدفاع الأمريكية باتت تخشى من أن بكين قد تتمكن من تعطيل الاتصالات العسكرية الأمريكية أو شن حرب غير متكافئة.
مرجع هذا القلق يعود الى ان أجهزة شبكات الجيل الخامس تنتجها خمس شركات فقط في العالم، في المقدمة منها “هواوي”، و”زد تي إيه”، الصينيتان، وشركتان أوربيتان هما نوكيا وإريكسون، وشركة من كوريا الجنوبية، وفق خبراء أمن وتكنولوجيا المعلومات.
وإذا كان العراقيون قد عاشوا تفاصيل الجيل الثاني (2G) الذي شهد البث الصوتي، والجيل الثالث (3G) الذي فتح الباب أمام البيانات المتنقلة والمحتوى الغني، فيما الرابع أحدث (4G) زيادة في السرعة أطلقته ثورة بث الهاتف المحمول، فان الجيل الخامس سيكون أساس الاتصالات وحوسبة الغد، ما يفرض تحديات حاسمة أمام المعنيين بشؤون الاتصالات، والحكومة تحديدا.
وإذا كان الاهتمام في العراق بهذا الحدث العظيم، لا يتعدى استخدامات الانترنت التقليدية، من تصفح المواقع، ومشاريع غير متطورة في مجال الحكومة الالكترونية، حيث الوزارات والمؤسسات في العراق، لازالت بعيدة عن توظيف الذكاء الصناعي بشكل كامل في مفاصلها، وأساليب اداؤها، فان الدول المتقدمة تهيأت لهذا الحدث العظيم، في تطوير صناعاتها، وتأسيس المجتمعات الذكية، وإنتاج السلع المتطورة، وتحديث المصانع بالروبوتات الذاتية القيادة، فضلا عن القطارات والسيارات ومركبات الفضاء التي تقود نفسها بنفسها، وكل ذلك يتيح للدول مجالا حيويا أكبر في السياسة والاقتصاد وحتى الجغرافيا.
انه العصر الذي ينتهي فيه الصراع بالأسلحة التقليدية، الى الحروب الذكية بالتقنيات، التي تجعل من العالم كله عبارة عن لعب إلكترونية تدار بالريموت كونترول، فيما الهاتف المحمول عالي السرعة يوسّع نطاق سيطرته الى الروبوتات وأجهزة الاستشعار والتحكم عن بعد.
الجيل الخامس، يتدخّل حتى في الخصوصيات، حيث بيانات الأشخاص تتحول الى رقائق رقمية، تجعل السلطات لو شاءت ان تعرف اين يقف هذه الشخص، وماذا يفعل في تعقب الكتروني خاطف.
شوارع المدن، سوف يُسيطر عليها رقميا، فيما السيارات والقطارات تتحكم في مسارها الأقمار الصناعية، وسوف تكون الاتصالات عبر ارجاء المعمورة، بالمجان بشكل كامل، وبسرع تفوق عشرات المرات عن الجيل الرابع، فيما يُرجّح ان تتحول وسائل الاعلام الى رقمية بالكامل، والسيارات بدون سائق ستكون قادرة على “التحدث” مع بعضها البعض عبر أنظمة تحكم، عالية في الدقة.
تخيّل أسراب من طائرات بدون طيار تتعاون لتنفيذ مهام البحث والإنقاذ وتقييم الحرائق ومراقبة حركة المرور، وكلها تتواصل لاسلكيًا مع بعضها البعض.
العراق الذي كان سباقا في استعمال السيارة، والتلفزيون والراديو بين دول الإقليم، قبل ان تحطم الحروب، اقتصاده وبنيته التحتية، جدير اليوم بان يستعد لنيل القصب السبق في خدمات الجيل الخامس، لان ذلك سيكسبه نفوذا اقتصاديا وتقنيا واسعا في الشرق الأوسط.
اضف تعليق