المستويات المنخفضة جدًا من الإنسولين المرتبطة بالحمية الكيتونية، والتي تُعتبر غالبًا علامة إيجابية، قد تكون في الواقع دليلًا على خلل في خلايا بيتا. وقد لا تكون هذه المستويات المنخفضة كافية لكبت تحلل الدهون وتعزيز التخزين السليم للدهون، مما قد يفاقم الصحة الأيضية عن طريق زعزعة استقرار استقلاب الدهون...

إن اتباع نظام الكيتو الغذائي لفترة طويلة قد يسبب ضررًا أكثر من نفعه للصحة الأيضية. فقد أظهرت دراسة أجريت لمدة عام على الفئران أنه على الرغم من أن النظام الغذائي أدى في البداية إلى خفض وزنها، إلا أنه مع مرور الوقت أدى إلى الإصابة بمرض الكبد الدهني، وعدم تحمل الجلوكوز، وارتفاع نسبة الكوليسترول بشكل خطير.

يقدم هذا البحث، وهو مقال علمي، نظرة عامة على دراسة طويلة الأمد (ما يقرب من عام) أجريت على ذكور وإناث الفئران لتحديد الآثار الأيضية للنظام الغذائي الكيتوني (KD) مقارنة بالوجبات الغذائية الأخرى، مثل النظام الغذائي عالي الدهون التقليدي (HFD) والوجبات الغذائية منخفضة الدهون (LFD/LFMP). تكشف النتائج الرئيسية أن النظام الغذائي الكيتوني يمنع زيادة الوزن مقارنة بالنظام الغذائي عالي الدهون (HFD) ولكنه يؤدي إلى اضطراب شحميات الدم (ارتفاع الدهون في البلازما) وعدم تحمل الجلوكوز وتلف الكبد (خاصة في الذكور). 

على عكس النظام الغذائي عالي الدهون، لم يسبب النظام الغذائي الكيتوني مقاومة الأنسولين ولكن أدى إلى (ضعف حاد في إفراز الأنسولين)، والذي يرتبط بتغيرات في التعبير الجيني (transcriptomic) وتشوهات مجهرية (في جهاز جولجي) في خلايا بيتا في البنكرياس، مما يشير إلى أن الضرر الناجم عن النظام الغذائي الكيتوني قابل للعكس جزئيًا ولكنه يحذر من استخدامه المنتظم كتدخل لتعزيز الصحة على المدى الطويل.

المقدمة: جدل الحمية الكيتونية والتداعيات الأيضية طويلة الأمد

اكتسبت الحميات الكيتونية (Ketogenic Diets - KDs) شهرة واسعة في السنوات الأخيرة كتدخل علاجي ضد السمنة والسكري من النوع الثاني. وتتميز هذه الحمية بأنها منخفضة جدًا في الكربوهيدرات وعالية جدًا في الدهون. تاريخيًا، تم استخدام الحمية الكيتونية لأكثر من مائة عام لإدارة الصرع المقاوم للعلاج، حيث تتضمن النسبة النموذجية لها 4 غرامات من الدهون مقابل كل غرام من الكربوهيدرات أو البروتين، ما يعني أن حوالي 90% من السعرات الحرارية تأتي من الدهون.

الهدف من هذه النسبة العالية من الدهون هو دفع الجسم لاستخدامها كوقود أساسي بدلاً من الجلوكوز، والدخول في حالة من زيادة إنتاج الأجسام الكيتونية تُعرف باسم الكيتوزية (Ketosis). يتم إنتاج الأجسام الكيتونية بشكل أساسي في الكبد عندما تكون مستويات الجلوكوز والإنسولين منخفضة، كما يحدث أثناء الصيام المطول أو استهلاك الحمية الكيتونية. بناءً على فرضية خفض الجلوكوز والإنسولين وتفضيل استخدام الدهون على تخزينها، اُقترحت الحمية الكيتونية لعلاج السمنة والحالات الأيضية المرتبطة بها، وكذلك لعلاج السرطان ومرض الزهايمر وزيادة طول العمر.

ومع ذلك، تفتقر هذه الادعاءات إلى أدلة واسعة تدعمها. وقد أشارت دراسة حديثة إلى أن الحمية الكيتونية تزيد من مؤشرات شيخوخة الخلايا في الفئران، وفي عام 2019، صدر منشور في مجلة "جاما" بعنوان "الحمية الكيتونية للسمنة والسكري—الحماس يتجاوز الأدلة". كما أن الفوائد التي تحققها الحمية الكيتونية في السيطرة على نوبات الصرع قد لا تُترجم بالضرورة إلى علاج لأمراض أخرى. ومن منظور التغذية وصحة القلب والأوعية الدموية، من المفهوم أن استهلاك نظام غذائي يتكون أساسًا من الدهون مع القليل جدًا من الكربوهيدرات قد تكون له تداعيات طويلة الأمد غير مستكشفة إلى حد كبير.

النتائج السابقة حول تأثير الحمية الكيتونية على صحة التمثيل الغذائي في الفئران كانت متضاربة. فبينما لاحظت معظم الدراسات انخفاضًا في وزن الجسم (BW) مقارنة بالفئران التي تتناول نظامًا غذائيًا عاديًا (Chow diet)، أظهرت دراسات أخرى زيادة في الوزن. وعلى النقيض من فوائد الوزن، لوحظت مستويات عالية من كوليسترول الدم والأحماض الدهنية غير المستخلصة (NEFAs) في سلالات متعددة من الفئران التي تتناول الحمية الكيتونية. كما أن تأثير الحمية الكيتونية على استقلاب الجلوكوز كان غير حاسم؛ حيث أبلغت بعض الدراسات عن تحسن في تحمل الجلوكوز، بينما أبلغت دراسات أخرى عن مقاومة الإنسولين، وعدم تحمل الجلوكوز (Glucose Intolerance)، وفقدان خلايا بيتا. هذه التناقضات يمكن أن تُعزى إلى اختلافات في تركيب المغذيات الكبرى للحمية الكيتونية المختلفة، أو اختلاف إجمالي السعرات الحرارية المستهلكة، أو مدة بروتوكول التغذية.

تصميم الدراسة ومنهجيتها

هدفت الدراسة الحالية إلى التحقق من آثار التغذية الحرة طويلة الأمد (ad libitum) لحمية كيتوزية (KD) في إحداث الكيتوزية على الصحة الأيضية العامة في فئران C57BL/6J من الذكور والإناث، على مدار ما يقرب من عام. تم مقارنة تأثير الحمية الكيتونية (KD) مع أربعة أنظمة غذائية أخرى: نظام غذائي قياسي قليل الدهون (LFD)، نظام غذائي قليل الدهون ومعتدل البروتين (LFMP) يتطابق محتواه البروتيني مع الحمية الكيتونية، ونظام غذائي عالي الدهون (HFD) بنسبة 60% من السعرات الحرارية من الدهون، والذي يستخدم تقليديًا في دراسات السمنة المستحدثة بالنظام الغذائي.

تضمنت الحمية الكيتونية المستخدمة في هذه الدراسة 89.9% من السعرات الحرارية من الدهون، 0.1% من الكربوهيدرات، و 10% من البروتين. وللتأكد من أن هذه الحمية تسبب حالة مستمرة من الكيتوزية، تم قياس مستويات بيتا-هيدروكسي بيوتيرات (BHB)، وهو أكثر الأجسام الكيتونية انتشارًا في الدم. وأظهرت النتائج أن مستويات BHB ارتفعت بشكل ملحوظ في الفئران التي تتناول الحمية الكيتونية بغض النظر عن حالة التغذية. كما أظهرت الفئران التي تتناول الحمية الكيتونية نسبة تبادل تنفسي (RER) مسطحة بقيمة 0.73، مما يشير إلى حالة مستمرة من الكيتوزية.

استمرت الفئران الذكور على الأنظمة الغذائية لمدة 36 أسبوعًا، والإناث لمدة 44 أسبوعًا. وتم إجراء تحليل شامل للمعايير الأيضية، بما في ذلك اختبارات تحمل الجلوكوز (GTTs)، واختبارات تحمل الإنسولين (ITTs)، ومقاييس إفراز الإنسولين المحفز بالجلوكوز (GSIS) في الجسم الحي (in vivo) وخارجه (ex vivo) باستخدام نظام التروية، بالإضافة إلى تقنية التثبيت عالي السكر (hyperglycemic clamp). كما تم تحليل الملف الجيني (Transcriptomics) لجزر البنكرياس والكبد والفحص المجهري الإلكتروني (EM).

النتائج الأيضية: الوقاية من زيادة الوزن على المدى الطويل

فيما يتعلق بوزن الجسم، أظهرت الفئران الذكور والإناث التي تناولت الحمية الكيتونية حماية من زيادة الوزن مقارنة بالفئران التي تناولت الحمية عالية الدهون (60% HFD). بينما اكتسبت فئران HFD الوزن بسرعة، كانت زيادة الوزن على الحمية الكيتونية أبطأ. في نهاية 36 أسبوعًا، كان وزن ذكور HFD يبلغ 54 جرامًا مقابل 43 جرامًا لذكور الحمية الكيتونية، وفي الإناث (بعد 44 أسبوعًا)، بلغ وزن فئران HFD 60 جرامًا مقابل 35 جرامًا لـ KD.

كانت زيادة الوزن في فئران KD الذكور تعود بشكل رئيسي إلى زيادة الكتلة الدهنية (Fat Mass)، مع عدم ملاحظة تغييرات في الكتلة الخالية من الدهون (Lean Mass) مقارنة بفئران LFD. ومع ذلك، في فئران HFD الذكور، كانت هناك زيادة في الكتلة الدهنية (19 جرامًا) والكتلة الخالية من الدهون (8 جرامات) بعد 26 أسبوعًا. أما الإناث على الحمية الكيتونية، فقد كانت زيادة الوزن ناتجة عن زيادة في كل من الكتلة الدهنية (13 جرامًا) والكتلة الخالية من الدهون (3.5 جرامات).

يمكن تفسير هذه الاختلافات في الوزن جزئيًا باختلاف كمية الطعام المتناولة؛ حيث كان متوسط استهلاك السعرات الحرارية اليومي هو الأعلى في فئران HFD، تليها فئران KD. الذكور على HFD استهلكوا 13.4 سعرًا حراريًا، مقارنة بـ 11.1 سعرًا حراريًا لـ KD.

خلل في استقلاب الدهون ووظائف الكبد

على الرغم من أن فئران الحمية الكيتونية كانت أخف وزنًا من فئران HFD، إلا أن الحمية الكيتونية أدت إلى تطور فرط شحميات الدم (Hyperlipidemia) وكبد دهني (Hepatic Steatosis) حاد وعدم تحمل شديد للجلوكوز.

فرط شحميات الدم: نظرًا لأن حوالي 90% من السعرات الحرارية في الحمية الكيتونية تأتي من الدهون، فقد تم تقييم استقلاب الدهون. أظهرت كل من الذكور والإناث التي تتناول الحمية الكيتونية مستويات أعلى بشكل ملحوظ من الدهون الثلاثية في البلازما (Plasma Triglycerides - TGs) مقارنة بأي مجموعة أخرى، بما في ذلك فئران HFD. كانت مستويات الدهون الثلاثية أعلى 1.7 مرة في فئران KD مقارنة بـ HFD. وبالمثل، كانت مستويات الأحماض الدهنية غير المستخلصة في البلازما (NEFA) أعلى بشكل ملحوظ في فئران KD مقارنة بالمجموعات الأخرى (أعلى 2.75 مرة في الذكور و 1.8 مرة في الإناث مقارنة بـ HFD). تشير هذه النتائج إلى وجود وفرة مفرطة من الدهون في الجسم لدى فئران الحمية الكيتونية، على الرغم من كونها أنحف من فئران HFD.

وظائف الكبد والكبد الدهني: كان ملف فرط شحميات الدم لدى فئران KD دافعاً لتقييم صحة الكبد ووظيفته. في الذكور، كانت مستويات الكبد الدهني (Steatosis) - المقدرة بنسبة مساحة قطرات الدهون - مرتفعة في فئران HFD و KD على حد سواء، ولم يكن هناك فرق بينهما. أما في الإناث، فقد لوحظ الكبد الدهني بشكل كبير فقط في فئران HFD، بينما لم تظهر الإناث على الحمية الكيتونية دهونًا كبدية مرتفعة.

كما تم قياس إنزيم ألانين أمينوترانسفيراز في البلازما (ALT) كمؤشر لوظيفة الكبد. في الذكور، كانت مستويات ALT أعلى بحوالي 4.5 مرة في فئران KD مقارنة بالحميات قليلة الدهون. وفي الإناث، كانت مستويات ALT مرتفعة أيضًا في KD و HFD، لكنها لم تكن مختلفة بين LFD و KD. تشير هذه النتائج إلى خلل في وظائف الكبد والكبد الدهني في الذكور الذين يتناولون الحمية الكيتونية، ولكن ليس في الإناث، مما يشير إلى وجود اختلافات جنسية في الاستجابة الكبدية للحمية الكيتونية.

أظهر تحليل الجينوم (transcriptome) للكبد في الذكور أن ملفات التعبير الجيني كانت متشابهة جدًا بين فئران HFD و KD، وكانت مختلفة بشكل كبير عن LFD. العديد من الجينات التي تم تغيير تعبيرها مرتبطة بالكبد الدهني والتليف والالتهاب، بما يتفق مع النتائج النسيجية والكيميائية الحيوية.

عدم تحمل الجلوكوز الشديد والحساسية للإنسولين

على عكس فئران HFD، التي طورت مقاومة للإنسولين، ظلت فئران الحمية الكيتونية حساسة للإنسولين. ومع ذلك، أظهرت هذه الفئران عدم تحمل شديد للجلوكوز (Glucose Intolerance).

تطور عدم تحمل الجلوكوز: بعد فترة طويلة (بين 27 و 32 أسبوعًا للذكور و 15 أسبوعًا للإناث)، ارتفع جلوكوز الصيام في فئران HFD و KD على حد سواء مقارنة بـ LFD. وكشف اختبار تحمل الجلوكوز (GTT) عن عدم تحمل للجلوكوز مماثل لما لوحظ في فئران HFD بعد 11 أسبوعًا في الذكور و 31 أسبوعًا في الإناث.

لكن عدم تحمل الجلوكوز أصبح أكثر حدة بكثير في الذكور بعد 33 أسبوعًا على الحمية الكيتونية؛ حيث وصل جلوكوز الدم الأقصى في ذكور KD إلى 539 ملجم/ديسيلتر، مقابل 427 ملجم/ديسيلتر في HFD، وانخفض جلوكوز الدم فقط بمقدار 95 ملجم/ديسيلتر بعد ساعتين (مقارنة بـ 168 ملجم/ديسيلتر في HFD).

الحساسية للإنسولين: تم إجراء اختبار تحمل الإنسولين (ITTs) لتحديد ما إذا كان عدم تحمل الجلوكوز ناتجًا عن مقاومة الإنسولين. أظهرت النتائج أن فئران HFD طورت مقاومة للإنسولين بمرور الوقت. على العكس من ذلك، أظهرت كل من فئران KD الذكور والإناث انخفاضًا ملحوظًا في جلوكوز الدم عند حقن الإنسولين، مما يؤكد أنها ظلت حساسة للإنسولين (Insulin Sensitive) ولم تطور مقاومة للإنسولين كما حدث في فئران HFD.

الآلية الرئيسية: ضعف إفراز الإنسولين

نظرًا لأن فئران الحمية الكيتونية كانت تعاني من عدم تحمل للجلوكوز ولكنها ظلت حساسة للإنسولين، فقد تم استنتاج أن الخلل يكمن في إفراز الإنسولين.

اختبار إفراز الإنسولين (GSIS) في الجسم الحي: عند قياس مستويات الإنسولين في البلازما استجابة لجرعة جلوكوز (in vivo GSIS)، وجد أن مستويات الإنسولين الصائم في فئران KD كانت منخفضة ومماثلة لمجموعة LFD، على عكس مجموعة HFD التي أظهرت ارتفاعًا في الإنسولين (فرط إنسولين الدم). الأهم من ذلك، في حين أن فئران LFD أظهرت زيادة كبيرة في الإنسولين عند حقن الجلوكوز، فإن فئران KD لم تظهر أي زيادة ملحوظة في الإنسولين استجابة للجلوكوز في نقاط زمنية متعددة، مما يشير إلى نقص في إفراز الإنسولين.

تجربة التثبيت عالي السكر (Hyperglycemic Clamp): كشف اختبار التثبيت عالي السكر (لإبقاء الجلوكوز ثابتًا عند 250 ملجم/ديسيلتر) عن عدم كفاءة في إفراز الإنسولين السريع في فئران KD. بينما ارتفعت مستويات الإنسولين بسرعة في فئران LFD و HFD (بنسبة 87% و 68% على التوالي)، فإن مستويات الإنسولين في فئران KD انخفضت في البداية ولم تبدأ في الارتفاع إلا ببطء بعد 30 دقيقة من بدء ضخ الجلوكوز، وبلغت ذروتها عند 90 دقيقة. هذا الارتفاع البطيء يتزامن مع الوقت الذي بدأ فيه جلوكوز الدم في الانخفاض في هذه المجموعة. هذا النمط يشير إلى خلل في الإفراز السريع للإنسولين.

اختبار GSIS خارج الجسم الحي (Ex vivo): لتقييم العيوب الذاتية في الخلايا، تم عزل جزر البنكرياس واختبارها. أفرزت جزر KD و HFD كميات أقل من الإنسولين مقارنة بجزر LFD عند تحفيزها بالجلوكوز. وعند تحفيز الخلايا بـ كلوريد البوتاسيوم (KCl)، الذي يسبب إزالة استقطاب لخلايا بيتا بشكل مستقل عن استشعار الجلوكوز، أفرزت جزر KD و HFD إنسولينًا أقل بشكل ملحوظ من جزر LFD. بالنسبة لجزر HFD، كان الإفراز الذروي تحت KCl أعلى مما كان عليه تحت الجلوكوز، مما يشير إلى نقص في استشعار الجلوكوز بالإضافة إلى خلل في الإفراز. أما جزر KD، فكان الإفراز الذروي تحت KCl مساويًا للإفراز تحت الجلوكوز، مما يشير إلى خلل في آليات إفراز الإنسولين نفسها وليس في استشعار الجلوكوز.

الآليات الجزيئية والخلوية: إجهاد الشبكة الإندوبلازمية وجهاز جولجي

للحصول على رؤية أعمق للسبب الجزيئي وراء الخلل الإفرازي في جزر KD، تم تحليل الملف الجيني (Transcriptome) للجزر المعزولة.

أظهر تحليل الجينوم أن الحمية الكيتونية غيرت الملف الجيني لجزر البنكرياس أكثر بكثير مما فعلته الحمية عالية الدهون مقارنة بـ LFD. كشف تحليل إثراء المسار (Pathway Enrichment Analysis) للجينات التي تميز جزر KD عن كل من HFD و LFD عن إثراء محدد للمسارات المرتبطة بـ: الترجمة واستقلاب الببتيد (Translation and Peptide Metabolism)، إجهاد الشبكة الإندوبلازمية (ER Stress)، والنقل من الشبكة الإندوبلازمية إلى جولجي (ER to Golgi Transport).

أشار هذا التحليل إلى وجود توقيع محتمل لـ إجهاد الشبكة الإندوبلازمية/جولجي. تم تأكيد إجهاد ER/Golgi الشديد في جزر KD من خلال تحليل مستهدف أظهر تعبيرًا متغيرًا بشكل ملحوظ في 12.3% من الجينات المرتبطة بـ "جهاز جولجي" وحوالي 20% من جينات "الاستجابة لإجهاد الشبكة الإندوبلازمية". كما تم تنظيم جين *Creb3l3*، وهو علامة على إجهاد ER/Golgi، بشكل أعلى في KD مقارنة بكل من HFD و LFD.

الفحص المجهري الإلكتروني (EM): لتأكيد النتائج الجينية، تم الحصول على صور مجهرية إلكترونية لجزر LFD و KD. بينما كانت حبيبات الإنسولين موجودة في خلايا بيتا من كلا المجموعتين، بدا جهاز جولجي في خلايا بيتا لـ KD مختلفًا تمامًا، حيث ظهر متوسعًا (dilated) ومحاطًا بالحويصلات (vesiculating). هذا التوسع والتورم في جولجي يتوافق مع وجود خلل في نقل حبيبات الإنسولين وإفرازها، مما يؤدي إلى "ازدحام مروري" للبروتينات في جولجي.

تشير هذه البيانات إلى نموذج يتم فيه تعطيل إفراز الإنسولين في الحمية الكيتونية بسبب تضخم جولجي الناتج عن إجهاد الشبكة الإندوبلازمية/جولجي والاضطراب اللاحق في حركة البروتين، مما يمنع النقل السريع لحبيبات الإنسولين الناضجة إلى غشاء الخلية للإفراز.

الحمية الكيتونية في سياق فقدان الوزن

على الرغم من أن الحمية الكيتونية تكتسب شعبية كتدخل لفقدان الوزن وعلاج السمنة والسكري، أظهرت هذه الدراسة أن فوائد الحمية الكيتونية لفقدان الوزن ليست دائمة وقد تكون أقل فعالية من الأنظمة الغذائية قليلة الدهون.

فقدان الوزن مقابل LFD: عند تبديل الفئران التي عانت من سمنة مستحدثة بحمية HFD إلى الحمية الكيتونية أو LFD/LFMP، لوحظ فقدان فوري للوزن. ومع ذلك، فقدت الفئران التي تحولت إلى LFMP وزنًا أكبر بكثير (أربعة أضعاف تقريبًا في الذكور) مقارنة بالفئران التي تحولت إلى الحمية الكيتونية.

عدم عكس الخلل الأيضي: الأهم من ذلك، بينما ارتبط فقدان الوزن تحت LFD و LFMP بانخفاض مستويات الكوليسترول والدهون الثلاثية وتحسن تحمل الجلوكوز، فإن الفئران التي فقدت وزنها تحت الحمية الكيتونية ظلت تعاني من فرط شحميات الدم وكانت غير متحملة للجلوكوز مثل فئران HFD التي لم تفقد وزنها.

كشفت قياسات الإنسولين أن الفئران التي تحولت إلى LFD/LFMP تخلصت من فرط إنسولين الدم واستعادت استجابة GSIS الطبيعية. في المقابل، وعلى الرغم من أن الفئران على الحمية الكيتونية كان لديها الآن مستويات منخفضة من الإنسولين، إلا أن إفراز الإنسولين استجابةً للجلوكوز اختفى.

قابلية عكس الآثار السلبية: في ملاحظة إيجابية، أظهرت الدراسة أن النمط الظاهري لعدم تحمل الجلوكوز الناجم عن الحمية الكيتونية كان قابلاً للعكس. فبعد أربعة أسابيع من التحول من الحمية الكيتونية طويلة الأمد إلى LFMP، اختفت حالة عدم تحمل الجلوكوز.

الخلاصة والتحذيرات

تشير هذه النتائج إلى أن الحمية الكيتونية، على المدى الطويل (ما يقرب من عام)، تؤدي إلى انحرافات متعددة في المعايير الأيضية التي تثير الحذر ضد استخدامها المنهجي كتدخل غذائي معزز للصحة.

الخلاصة الرئيسية للدراسة هي:

1. الوقاية من زيادة الوزن: الحمية الكيتونية تحمي من زيادة الوزن مقارنة بحمية HFD، ولكنها أقل فعالية في إنقاص الوزن مقارنة بالحميات قليلة الدهون.

2. فرط شحميات الدم واعتلال الكبد: تسبب الحمية الكيتونية فرطًا شديدًا في الدهون الثلاثية والأحماض الدهنية غير المستخلصة في البلازما في كلا الجنسين. كما أدت إلى كبد دهني وخلل وظيفي في الكبد لدى الذكور.

3. عدم تحمل الجلوكوز: يتطور عدم تحمل الجلوكوز الشديد ويزداد سوءًا بمرور الوقت.

4. الآلية المختلفة عن HFD: خلافًا لفئران HFD التي تطور مقاومة الإنسولين وفرط إنسولين الدم، فإن فئران KD تظل حساسة للإنسولين ولكنها تعاني من فشل في إفراز الإنسولين.

5. الخلل الخلوي: يعود ضعف إفراز الإنسولين إلى خلل في آلات الإفراز وليس في استشعار الجلوكوز. ويرتبط هذا الخلل بـ إجهاد الشبكة الإندوبلازمية وجهاز جولجي واضطراب في حركة البروتين وحبيبات الإنسولين، والذي تم تأكيده من خلال المجهر الإلكتروني الذي أظهر تضخم جهاز جولجي.

يشير الباحثون إلى أن المستويات المنخفضة جدًا من الإنسولين المرتبطة بالحمية الكيتونية، والتي تُعتبر غالبًا علامة إيجابية، قد تكون في الواقع دليلًا على خلل في خلايا بيتا. وقد لا تكون هذه المستويات المنخفضة كافية لكبت تحلل الدهون وتعزيز التخزين السليم للدهون، مما قد يفاقم الصحة الأيضية عن طريق زعزعة استقرار استقلاب الدهون. ولذلك، ينبغي التشكيك في فكرة استخدام الحمية الكيتونية كعلاج للأمراض الأيضية، حتى لو لوحظت تحسينات أولية في الصحة. هناك حاجة لمزيد من الدراسات لتحديد ما إذا كانت أنواع الدهون وتركيب المغذيات الكبرى في الحمية الكيتونية تؤثر على هذه النتائج الأيضية.

...............................................

References

Gallop, M. R., Vieira, R. F., Mower, P. D., Matsuzaki, E. T., Liou, W., Smart, F. E., Roberts, S., Evason, K. J., Holland, W. L., & Chaix, A. (2025). A long-term ketogenic diet causes hyperlipidemia, liver dysfunction, and glucose intolerance from impaired insulin secretion in mice. Science Advances. https://doi.org/10.1126/sciadv.adx2752

اضف تعليق