عام 2024 هو عام الانتخابات في دول العالم، حيث تشهد ما يقاربُ خمسين دولة، انتخابات تشريعية او رئاسيّة، ولكن ما يهمنا هي الانتخابات التي جرت في دول أوروبا وفي ايران، والتي ستجري خلال شهر تشرين الثاني في أميركا، وفي ضوء نتائجها سيتعزّز مسار اللاحرب في المنطقة...
هذا ما اتوقعه، ونتمنى انَّ ندركه ..عام 2024 هو عام الانتخابات في دول العالم، حيث تشهد ما يقاربُ خمسين دولة، انتخابات تشريعية او رئاسيّة، ولكن ما يهمنا هي الانتخابات التي جرت في دول أوروبا وفي ايران، والتي ستجري خلال شهر تشرين الثاني في أميركا، وفي ضوء نتائجها سيتعزّز مسار اللاحرب في المنطقة .
تدور الآن في المنطقة، في شمال فلسطين، بين حزب الله وقوات الكيان المحتل، حرب عسكريّة، وبمختلف الصنوف والدقة والتكنولوجيا، وتدور حرب ابادة في غزّة، ترتكبها قوات الكيان المحتل، ضّدَ المدنيين والأطفال، وبمختلف الأسلحة والوسائل المُحرّمة.
لكن الجميع يترقّب ويتخّوف من حرب واسعة وشاملة في شمال فلسطين وجنوب لبنان، لها تداعياتها على المنطقة وعلى العالم. والجميع يعلمُ بأنَّ أيران و أميركا لهما تأثير كبير على مسار وتطورات الوضع في المنطقة، مع فارق بين تأثير ودور أميركا وتأثير ودور إيران .
ما هو الفارق او بالأحرى، الفوارق؟
أولاً، أميركا وشركاؤها الاوربيون، يشاركون إسرائيل في القتال، او في حرب الابادة، لا سيما في غزّة، يشاركونها، بالمقاتلين او المرتزقة وبالسلاح المتطور هجومياً او دفاعياً، وبالمعلومات .
في محور المقاومة، نُلاحظ ثلاثة مستويات او خطوط في الحرب الدائرة في غزة: الخط الاول وهمُ مقاتلو المقاومة الإسلامية والفلسطينة في غزّة، ولا احد غيرهم، وهم في مواجهة مباشرة مع قوات الاحتلال، يليهم الخط الثاني او المستوى الثاني والذي يشكل “جبهة الإسناد“، ويتألف من مقاتلي حزب الله في جنوب لبنان، وتصّرح قيادة الحزب بأنَّ عملياتها هي لإسناد المقاومة في غزّة، ومتى ما توقفت حرب الابادة في غزَة سنوقف عمليات الإسناد. ويلي حزب الله في جبهة الإسناد، الحوثيون، ويليهم فصائل مقاومة في العراق، والمستوى الثالث او الخط الثالث للحرب وهو ساحة الإسناد، والمؤلف من إيران و سوريّة، وساحة الإسناد داعمة في السلاح للخط الاول وللخط الثاني، ولكن من دون مشاركة فعلية لهم في القتال .
ثانياً، فارق آخر بين التأثير الأمريكي على إسرائيل والتأثير الإيراني على المقاومة. ليس أميركا هي التي تؤثّر على إسرائيل، و انما العكس. أميركا تتصرف على ضوء التوجيهات والاملاءات الصهيونية الضامنة لإسرائيل، وغالباً ما تتمرّد اسرائيل على نصائح او قرارات أمريكية، وغالباً ايضاً ما تتوّددْ الادارة الأمريكية لإسرائيل من اجل كسب رضا الصهيونية .
بين ايران وحركات المقاومة في المنطقة علاقة متوازنة ومتبادلة، وقائمة على هدف مشترك وتفاهم تفهّم مشترك، هذه العلاقة تسمح لايران بممارسة دور كبير ومؤثر على فصائل وحركات المقاومة ضد إسرائيل في المنطقة .
القيادة الإيرانية الجديدة والادارة الأمريكية القادمة، لا غيرهما، سيؤثران على مسار حرب الابادة في غزّة وعلى مسار معارك الإسناد، والتي يقودها حزب الله و فصائل المقاومة في جنوب لبنان وشمال فلسطين .
الرئيس الإيراني الجديد ليس فقط اصلاحياً وانما من المدافعين عن فكرة انفتاح إيران على أوروبا والغرب واعادة الحياة إلى الاتفاق النووي بين ايران وأميركا والعالم، ومدرك لتداعيات الأزمة الاقتصادية الخانقة، التي تمّر بها ايران. قبوله هذه المّرة، في الدخول في المنافسة الانتخابية، وعدم رفض ترشيحه من قبل مجلس تشخيص مصلحة النظام، يعني القبول بأفكاره وبرنامج عمله وخططه المستقبلية، وهذه اشارة واضحة وقويّة للغرب وللعالم بتوجهات وبرغبات ايران.
خروج إيران من الأزمة الاقتصادية، وانهاء مشاكل الملف النووي مع أميركا والغرب يستلزمان تخفيف او ازالة التوتر في المنطقة، وهذا يتطلب تعطيل ايّ مبادرة او مغامرة نحو حرب واسعة في المنطقة، وهذا ما تريده أميركا (على ما يبدو)، ولا يريده نتنياهو !
مجيء حكومات يمينية في دول اوروبية (ايطاليا، المانيا، فرنسا، هولندا)، مهتمة بالوضع الداخلي، اكثر من اهتمامها بالوضع الخارجي، يُلزمها بتفادي حرب واسعة اخرى في العالم. يكفيها ما تعرّضت له اقتصادياتها من تدهور جراء الحرب الدائرة في أوكرانيا.
الادارة الامريكية القادمة ستدرك كلَّ هذه المعطيات السياسية والميدانية، والتي يفرضها الواقع: ستدرك أنَّ الحكومات الاوربية اليمينيّة لم تعدْ تطيق ”دلال إسرائيل” وتخبّط الادارة الامريكية وتماديها في سياسة دعم إسرائيل دون خطوط حمر؛ الادارة الامريكية القادمة ستدرك أنَّ حكومات اليمين القادمة في فرنسا والمانيا تحتفظ بعلاقات جيدة مع الرئيس بوتين، ما يجعلها تُفكّر جدياً بانهاء الحرب في أوكرانيا، وليس إشعال فتيل حرب أخرى مُكلفة ومدمّرة في الشرق الأوسط .
التغيرات السياسية في أوروبا، والقادمة في أميركا، هي حُجّة وفرصة مواتية جداً للتحرّر من المواقف السياسية، التي تبنتها الحكومات السابقة والتي (واقصد الحكومات) كانت مرتهنة الارادات بما تريده وتفرضه إسرائيل والصهيونية .
اضف تعليق