الحديث عن فساد الأحزاب في العراق يثير الحزن لأهل العراق، فقد أضاعت الطبقة السياسية فرصة تاريخية ليصبح العراق من البلدان المتقدمة، بفعل عامل الأموال المتوفر والحرية المتاحة، لكن نتيجة سوء الإدارة وفتح الباب على مصراعيه للفساد، فتبخرت كل الأحلام وتحولت لأوهام، لينخر الفساد في جسد مؤسسات الدولة، حتى أصبح العراق في صدارة الدول الفاسدة عالميا.
سنحاول في هذه السطور تفكيك القصة للتعرف على نتائج فساد أحزاب السلطة ومدى تأثيرهم على العراق وشعب العراق.
● الفساد السياسي
يمكن تعريف الفساد السياسي بأنه إساءة استخدام السلطة من قبل القادة السياسيين، من اجل تحقيق الربح الخاص، وكذلك من اجل زيادة قوتهم ونفوذهم وثرواتهم، ولا يحتاج الفساد السياسي الى التعامل مع الأموال مباشرة، بل هو عملية استغلال للنفوذ (تجارة النفوذ)، لمنح الافضليات التي سممت الحياة السياسية والديمقراطية في العراق.
فيتم التدخل في الصفقات الحكومية من قبل المسؤول، عبر منحها لمن يدين لهم بالولاء، أو يكون بتزكية حزبية خاصة! مقابل نسب تحت الطاولة، فيصبح المنصب عبارة عن مكتب تجاري، وكل شيء يجري شكليا حسب القانون والتعليمات، لكن بالحقيقة كل شيء تم تحريفه، لتكون الإعمال الحكومية باب للاسترزاق لسعادة الوزير أو النائب أو المدير العام، مما يعني ضياع مشاريع الدولة ومؤسساتها في بطون شبكة الفساد السياسية.
● اللعب بالمحظور
أما الفساد السياسي الأكثر فداحة، فهو دفع الرشاوى للحصول على منافع محظورة.
وعند انتشار هذا النوع من الفساد تسبب بوهن القانون، وتحول الطبقة السياسية الى طبقة معطلة للقانون، والوصول لمنافع خارج أطار القانون والتعليمات، ومع غياب الرقابة والمحاسبة تم التمادي كثيرا في هذا النوع من الفساد، مما جعل المؤسسات الحكومية بوابة مهمة لنشر الفساد، وتم تعطيل أي برنامج للرقي بالبلد والتطور، وتحويل مكاسب بيع البترول الى جيوب طبقة محدودة، مع إفقار الشعب العراقي، والذي توجد فيه أعلى نسب للبطالة والفقر.
● فقدان الثقة
من أهم نتائج الفساد السياسي فقدان الجماهير الثقة بالأحزاب وبالطبقة السياسية، فالجماهير عاشت تجربة مريرة مع طبقة سياسية فاسدة، لا هم لها الا سرقة المال العام وتضييع حق الأمة، والان هناك اتجاه جماهيري كبير لإقصاء الطبقة السياسية الفاسدة عبر الحق الانتخابي، وهذا ما يخيف الساسة ويسعون لجعل نظام الانتخابات في صالحهم.
لكن الغريب أن نجد من يطبل للساسة الان ويدعمهم ويروج لهم، مع أنهم مجرد لصوص ومفسدين، أما الساسة فيعتبرون أنفسهم عباقرة خارقين، وحل الأزمات لا يمر الا من خلالهم، وإنهم أصحاب فضل على العراقيين، وان إدارتهم للدولة حكيمة، وهذا الأمر يذكرني بنص قرأته للكاتب الغربي تيودور فانتي يقول فيه (وكم من ديك يعتقد أن الشمس تشرق بصياحه، وكم من أحمق يعتقد أن الحياة لن تستمر بدونه).
فالنتيجة الاهم للفساد السياسي هي فقدان تام للثقة بكل الساسة والأحزاب الموجودة.
● دعوة للقادة السياسيين في العراق
بما أن الساسة يرفعون جميعهم شعار واحد وهو محاربة الفساد، فاعتقد تبدأ حربهم من المقربين منهم، من داخل أحزابهم وكتلهم، ومن داخل قصورهم ومدراء مكاتبهم، من وزرائهم ومدرائهم وبرلمانيهم، فان قمتم بحرب حقيقية في هذه المواطن، فحتما أن الفساد سيزول عن مؤسسات البلد، وينعم العراق بالطمأنينة، ونغادر صدارة الدول الفاسدة، اذن الأمر بيد قادة الكتل والأحزاب والكيانات السياسية، فالاهم صدق النية، وتواجد الإرادة للفعل، وليس مجرد لقلقة لسان.
اضف تعليق