إن الجمال لن يكون مبعثاً للخوف ابداً، إنما ما وراء هذا الجمال عندما يجيّره البعض لأغراضه الخاصة، هو الذي يجب نقف بوجهه، فعندما نحتفي بالجمال يُفتضح القبح ويكون عارياً وحيداً في الساحة، فالنوايا الحسنة تمتزج مع المظاهر الحَسَنة والجميلة فتتكون ثقافة وعادات وسلوكيات حسنة في المجتمع والأمة بأجمعها...
"الجمال الظاهر حسن الصورة الجمال الباطن حسن السريرة"
أمير المؤمنين، عليه السلام
الجمال من حقائق الحياة يعارضها القُبح، فمن حيث العقل نحكم على جمال الاشياء وقبحها، ثم نميل الى الجميل ونهفو اليه لما يثير فينا من مشاعر البهجة والارتياح، بيد أن هذه الاشياء ليست مستقلة بذاتها إنما تبقى مظاهر جامدة او ثابتة يحركها او يصوغها الانسان وفق رغباته، فالوردة الجميلة الفواحة، يمكن أن تكون هدية رائعة لمريض راقد في المستشفى او لصديق وصل للتوّ من السفر، كما يمكن أن تُهدى باقة زهور لديكتاتور سفّاح لدى نزوله من الطائرة، في الحالتين لن يتغير مفهوم الجمال في الازهار وتبقى جميلة تسر الناظرين.
نفس الشيء ينطبق على ظاهرة الطيف الشمسي التي يسميها البعض "قوس قزح"، وهي نتاج طبيعي لتقاطع رذاذ المطر مع أشعة الشمس فيتمخض عن خطوط مقوّسة بين السماء والارض بألوان زاهية وجميلة تبدأ بالاحمر ثم الاصفر والبرتقالي ثم الاخضر والازرق والبنفسجي، وقد تعوّد الناس على الاستمتاع بهذه الالوان المصفوفة بشكل بديع تنبئ عن براعة الخالق –سبحانه وتعالى- فكنا نجد استخدام هذه الالوان في المطبوعات والنقوش والزخارف وحتى الملابس، حتى قفز في الوسط الاجتماعي والانساني بالعالم جماعة من البشر مصابون بعقد نفسية وأزمات اجتماعية رهيبة دفعتهم لتبني حالة الشذوذ الجنسي و التخلّي عن الزواج، علماً أن هذه الحالة المرضية موجود منذ أمد بعيد، ربما منذ مئات السنين، قبل أن يعلن هؤلاء اتخاذهم ألوان الطيف الشمسي شعاراً لهم على شكل علم يرمز لتجمعاتهم وانديتهم، وقد حصل هذا في وقت متأخر، ربما منذ بداية القرن الحالي.
لن أشك قيد أنملة في استشعار هؤلاء قبح ما يفعلون، وأنهم يتقاطعون مع الفطرة الإلهية، بل ومع ميولهم الجنسية الطبيعية، بيد أن التدهور الاخلاقي وانهيار كيان الأسرة، وتشوّه مفهوم الزواج بين الرجل والمرأة في البلاد الغربية لاسباب لسنا بوارد الخوض فيها، وهو الذي يدفع هؤلاء للمغالطة وإرضاء النفس وتسكينها، والادعاء بأن ما يفعلون هو الخيار الأفضل لحياة سعيدة، وإلا من الصعب جداً ان يخدع الانسان نفسه.
ولعل ما يؤكد حقيقة قبح الشذوذ الجنسي لجوء هؤلاء الى حُسن وجمال ألوان الطيف الشمسي، وإلا فان عديد المنظمات والجمعيات ذات التوجه الاجتماعي والفني والبيئي في العالم تتخذ لها اشكالاً مختلفة شعاراً لها، وهذا بدوره يدعونا لعدم الاستفزاز من أي وجود لألوان الطيف الشمسي في أي مكان، فهل يمكننا إلغاء ظهور هذه الالوان الزاهية من الاجواء الماطرة والاعتراض على الطبيعة؟! وإنما الحديث عن هذه الظاهرة الطبيعية الجميلة في المدارس و الاوساط الاجتماعية على أنها من عطاءات الله –تعالى- لإدخال البهجة في نفوس البشر، وهكذا سائر المظاهر الجميلة في الطبيعة والحياة، ينبغي الاكثار في الحديث عنها، سواءً تلك التي من صنع الله –تعالى- او حتى من صنع البشر ايضاً، فهو بدوره يستقي من خياله صور الجمال فيسكبها في لوحات فنية او كلمات تخترق القلوب، او صناعات يدوية او أعمال مختلفة.
إن الجمال لن يكون مبعثاً للخوف ابداً، إنما ما وراء هذا الجمال عندما يجيّره البعض لأغراضه الخاصة، هو الذي يجب نقف بوجهه، فعندما نحتفي بالجمال يُفتضح القبح ويكون عارياً وحيداً في الساحة، فالنوايا الحسنة تمتزج مع المظاهر الحَسَنة والجميلة فتتكون ثقافة وعادات وسلوكيات حسنة في المجتمع والأمة بأجمعها.
اضف تعليق