تتنازع العاملين في مسيرتهم قوى متعددة كل واحدة منها تجرهم إليها..
قوة الدين وقوة الدنيا..
فقوة الدين تتحالف مع العقل لتجرّ الإنسان نحو الحق والمواقف النبيلة بينما تتحالف الدنيا مع الشهوات لتسف به نحو الباطل.. فجبهة الدين العقل والعدل وجبهة الدنيا الشهوات والباطل والإنسان بينهما في صراع دائب فإما أن يتمسك بالدين وجبهته وهذا يتطلب منه صبراً وصموداً ومقاومة وتحدياً للمشاكل والأزمات.
وإما يركن إلى الدنيا وجبهتها وحصاده منها بريق ورعيد ولذات وأطماع تغر وتضر وتمر!! وعلى العاقل أن يعرف أين يضع نفسه وعلى أي جبهة يحسب!!
أما أن يتصور البعض أنه يجمع بين الدين والدنيا فيكون صديقاً للظلم أو مكثراً لسواد الظالمين وحليفاً لهم وفي نفس الوقت رافضاً للظلم مطالباً بحقوق المظلومين!!
ولكلمة يكون متقياً أبياً في الوقت الذي يأبى مقاطعة الظلم ويتوقى أن يقول للظالم يا ظالم!!
فهذا أمر من الصعب تعقله أو تفسيره تفسيراً مقبولاً!!
إلاّ إذا آمنا بإمكان اجتماع المتضادات.
فهل يعقل أن يكون الإنسان متعاطفاً مع علي (ع) الذي هو مع الحق ويدور معه حيثما دار في نفس الوقت الذي يكون متعاطفاً مع معاوية أيضاً وهو رمز الباطل وكل أعماله وتصرفاته تشير إلى أنه ضد الحق؟! وهل يمكن الإنسان أن يتضامن مع الحق ويكون من جنوده كما يتضامن مع الباطل أيضاً فينسّق مع هذا ومع ذاك؟!.
ويعتبر في كلا تنسيقيه مبدئي الموقف راسخ القدم واضح الخطوات!!
معلوم أن درب الحق شائك المسافة صعب المسير لأنه يعاكس التيار الغالب الذي خدعته الدنيا والذي يمشي عكس التيار قد يعد غريباً في مواقفه متفرداً في نهجه محكوماً عليه بالخطأ من قبل البعض أو الفشل من قبل البعض الآخر، وربما يحكم عليه بشيء أكبر وأخطر!! وهذا ليس جديداً على أهل الحق فقديماً اتهموا بهذا أو مثله والتهم لم تصدر من الخصوم بل وربما من الأصدقاء أيضاً إلاّ أن الذي يرى عواقب الأمور بعين الحق وببعد المدى يكتشف صحة موقفهم وسمو أنفسهم وعلو همتهم.. ومن قبل قال مولانا أمير المؤمنين (ع): «ما أبقى لي الحق من صديق»..
وذلك لأن بريق الباطل وإمكاناته المدعومة بأموال السلاطين ونفوذهم ومغريات الشياطين وحلاوة الدنيا تخدع الكثير من العاملين فيركنوا إليها بعد أن يتذوقوا طعم راحتها ولذّة مأكلها ومشربها.. فيبدأ شيئاً فشيئاً ينسحبون من الميدان واحداً بعد آخر بأعذار وحجج وتبريرات هي من تلبيس إبليس وخداعه أكثر من كونها بني آدمية!!
فترى البعض يعرف حقيقة الظالم وجناياته ولكن رغم ذلك يحب الحديث معه ومزاورته وربما مشاركته في بعض آراءه وقراءاته.. بحجة أنه لا يمكن التخلي عنه!!
والبعض الآخر يبرر أخطاءه وربما يدافع عنها ويتهم أهل الحق لأنهم صامدون ومجاهدون لا يبيعون الدين بثمن بخس لا يتجاوز القليل من الاعتبار أو القليل من الدينار؟!
والبعض يتحدى مشاعر إخوانه المؤمنين ويضحي بأصدقائه الذين شاركوه في الآلام والآمال من أجل أن يرضى عليه زيد أو بكر من الظلمة وأعوان الظلمة!! هذا وغيره.. ليس بالأمر الجديد على التاريخ ولا على العاملين المخلصين كما ليس هو بالأمر الآخر أيضاً فإن الدنيا كانت وستبقى دار امتحان واختبار.. تجر أجيالاً إليها كما تطلقها أجيال.. كما يبقى الشيطان يضم أجيالاً إلى جيشه كما يحارب أجيال، أليس في التاريخ مدرستان.. مدرسة الحق ومدرسة الباطل؟!.
صحيح أن أهل الحق في الغالب مستضعفون بحسب المقاييس الظاهرية.. إلاّ أن من ينظر إلى الأمور بعين متبصرة وبقلب سليم معتقد بالله سبحانه وحكمته في الأشياء يجد الأمر مقلوباً تماماً...
فقد جعل الله سبحانه وتعالى في هذه الدنيا موازين وقيماً عادلة تحكم الدنيا وأهلها وتعطي كل ذي حق حقه فتنصف المظلوم من ظالمه وترفع قوماً آمنوا واتقوا وعملوا وجاهدوا ولم تأخذهم في الله لومة لائم كما تلقي بالآخرين إلى.. ما لا يحمد عقباه..
فقوانين الله سبحانه وحكومته العادلة هي التي تحكم الأشياء وتجري على الإنسان فتحكم له أو عليه بما قدم وأخّر..
وأما من يتصور أنه يعيش لحظته الراهنة فيفعل ما يشاء متغافلاً عن النتائج والحكم العدل الذي سوف يضع كلاً موضعه فقد أخطأ الطريق!!
فمن يتمكن أن ينجو من الحكومة الإلهية بلا أن ينال جزاءه.. وقد قال مولانا أمير المؤمنين (ع) في دعاء كميل: «ولا يمكن الفرار من حكومتك»؟.
ربما يتمكن الإنسان الغافل أن يغطي على بعض مساوئ أعماله أو يبرر بعض مواقفه المتخاذلة على البعض وربما يتمكن أن يغري البعض ببعض الشعارات أو قليل من المصالح والهدايا والأعطيات فيكسب ود هذا أو تأييد ذاك.. إلاّ أنه هل يتمكن أن يخدع نفسه التي هي عليه بصيرة وتصارحه بالحقائق في كل لحظة وآن مهما لبس أو أعطى وزيف؟!
قال تعالى: (بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره) وإذا تمادى الإنسان في خداعه.. وتمكن أن يتجاهل حكم النفس وتأنيبها.. – جدلاً-.
فهل يقوى على مخادعة الناقد البصير الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء؟!
إذن لا يمكن الفرار من حكومة العدل الإلهي.. وعلى العاقل اللبيب أن يفكر في مساوئ العواقب وسيئات الأعمال التي ربما لا تصيبه وحده فقط بل قد تشمل مردوداتها السلبية حتى أهله وذويه ومن ثم أصدقاؤه وذلك ليعمل جاهداً على تجنبها والحذر منها..
قال مولانا أمير المؤمنين (ع): «على العاقل أن يحصي على نفسه مساوئها في الدين والرأي والأخلاق والأدب فيجمع ذلك في صدره أو في كتاب ويعمل على إزالتها»(1).
فإن من العجب بمكان أن يعمل الإنسان لإصلاح الناس وتحذيرهم من العواقب في الدنيا والآخرة وهو نفسه لا يتحذر.. قال أمير المؤمنين (ع): «عجبت لمن يتصدى لإصلاح الناس ونفسه أشد فساداً فلا يصلحها ويتصدى لإصلاح غيره» (2).
ولعل سائل يقول: ماذا نعمل من أجل أن تكون عواقبنا محمودة؟!
لعل الإجابة تستدعي مجالاً أوسع إلاّ أننا نذكّر ببعض النقاط التي قد يكون التفكير بها دليلاً هادياً.. فإن طول الفكر يحمد العواقب ويستدرك فساد الأمور وبتكراره نضمن سلامة النتائج (3).
الدين أولاً
1- أن نفكر في الدين وننظر إلى الأمور من منظاره أولاً..
وحتى أولئك الذين يفكرون في مصالح الدنيا ومنافعها الوقتية إذا التزموا بمعيار الدين وتعاملوا بموازينه فإنهم سيضمنون الدين والدنيا معاً..
قال مولانا أمير المؤمنين (ع): «عليك بالآخرة تأتيك الدنيا صاغرة»(4).
وهذا واضح.. لن من يعتصم بالله سبحانه ويجعله نصب عينيه في كل أموره فإنه سوف يعصمه من كل شيء ويعطيه ما يريد.. وفي الحديث عن الإمام علي (ع) أيضاً: «من خدم الدنيا استخدمته ومن خدم الله سبحانه خدمه»(5).
والروايات في ذلك كثيرة جداً.. أما الذين يركن إلى الذين ظلموا من أجل منفعة أو مصلحة فإن ما يخسره أكثر مما يكسبه بكثير وبالتالي تحل به الندامة.. وذلك لأن الظلمة لا وفاء لهم ولا عهد ولا قرار.. فهم الذين ظلموا أنفسهم وصاروا من الظالمين كيف لا يظلمون من يتقرّب إليهم ويدنو منهم هؤلاء الذين يوقعوا بمن مشى في ركابهم معتقداً فكيف بمن علموا أنه تقرب إليهم للمصلحة؟!
أليس من شيمة الظلمة وأعوانهم الغدر والوقيعة والخذلان؟
قال مولانا أمير المؤمنين(ع):«عادة الأشرار أذية الرفاق»(6)، «وعادة اللئام قبح الوقيعة»(7)، كما أن من عادتهم «المكافأة بالقبيح عن الإحسان»(8).
ومع هذه الحقائق فإن من يدنو إلى الظالم -وهو الذي لا وفاء له ولا نصح- ويتعامل معه يكون قد أوقع نفسه في الهلكة وعليه أن ينتظر الوقيعة منه إن لم يكن اليوم فغداً؟! فإن دولة اللئام مذلة الكرام ومحن الأخيار وأذية الأبرار الأحرار(9).
فالتعامل مع الأشياء من زاوية الدين تعطي الإنسان جوهره وتجعل مصيره ممدوحاً محموداً أما الذي يظن أنه يتمكن أن يجمع بين الدين والدنيا وأخذ يتعامل مع الظالمين حتى لو كانت غايته شريفة فقد أخطأ النظر وخسر الدين والدنيا معاً.. فإنه لا دين لمن دان الله بطاعة الظالم(10) ومن أرضى سلطاناً بما يسخط الله سبحانه خرج من دين الله عز وجل(11) وكل من لم يحب على الدين ولم يبغض على الدين فلا دين له(12) كما لا دين لمن دان لمخلوق في معصية الخالق(13) ومعلوم أن الذي يخسر الدين يخسر الدنيا أيضاً والعكس صحيح لما ورد في الحديث: «صن دينك بدنياك تربحهما ولا تصن دنياك بدينك فتخسرهما»(14)، وأيضاً «إن جعلت دينك تبعاً لدنياك أهلكت دينك ودنياك وكنت من الخاسرين، وإن جعلت دنياك تبعاً لدينك أحرزت دينك ودنياك وكنت في الآخرة من الفائزين»(15).
فالدين منظار حكيم يبصرنا مناهج الحق ولو التزمنا به سنضمن حياة هانئة محمودة العواقب في الدين والدنيا..
ثانياً - حساب المستقبل
أن نفكر في المستقبل وما سيلاقيه الإنسان في قابل أيامه جراء مواقفه وأعماله.. لاشك أن الأيام تزول وتتبدل ولا يبقى القوي قوياً دائماً كما لا يبقى الضعيف ضعيفاً بل تلك الأيام يداولها ربها بين الناس فيوم لهذا ويوم لذاك ليختبر العباد ويظهر فيهم الغث من السمين..
ورب عمل قام به الإنسان اليوم ندم عليه غداً بعد أن صار غلاً في يديه ووصمة في جبينه تسوؤه أينما حلّ.. ورب موقف شجاع يفقد الإنسان راحته وقراره وينغص عليه حياته الهانئة الهادئة اليوم وربما أودعه السجن أو الأشد من ذلك سيحسب له في المستقبل نصراً مؤزراً ويعده الآخرون مدرسة يتعلمون منها الكثير ويمدحها الكثير وستعود عليه بالكثير من الأمن والاستقرار والكلمة المسموعة والدور القيادي البارز.. فالدنيا دول ومن يزرع فيها يحصد..
لذا ينبغي على العاقل أن حفظ مستقبله ويضمن مصيره بحسن مواقفه.. ملاك الأمور حسن الخواتم وملاك الخواتم ما أسفر عن رضا الله سبحانه(16).
قال الشاعر:
إن اللبيب الذي لم يرتكب عملاً.....حتى يفكر ما تجني عواقبه
وواضح إنّ من عانى من الظلمة لا يقاس بمن سانده ووقف إلى جانبه ولو ساكتاً كما أن من حارب الظلم وجاهد لقطع دابره ليس كمن استسلم له أو تعامل معه.. فإن المستقبل يكشف كل شيء ويعطي كل شخص حدّه وقدره هذا فضلاً عن حرمة الظلم وعقابه الإلهي..
جزاء الظالمين
عن سليمان الجعفري قال: قلت لأبي الحسن الرضا(ع) ما تقول في أعمال السلطان؟ فقال: يا سليمان الدخول في أعمالهم والعون لهم والسعي في حوائجهم عديل الكفر والنظر إليهم على العمد من الكبائر التي يستحق بها النار(17).
وقال(ع) أيضاً: «من مشى مع الظالم لعينه وهو يعلم أنه ظالم فقد خرج من الإسلام» ويتصور البعض أن الارتباط بالحاكم الظالم مباشرة محظور شرعاً وربما عقلاً إلاّ أن الارتباط بأصدقائه وأعوانه أو حتى مؤسساته مما لا إشكال فيه لأن الكثير منهم حسن النوايا ومخلص العمل وبريء مما يفعله الظالم إلاّ أن رسول الله)صلّى الله عليه وآله) يقول: «إياكم وأبواب السلطان وحواشيها فإن أقربكم من أبواب السلطان وحواشيها أبعدكم من الله تعالى ومن آثر السلطان على الله تعالى أذهب الله عنه الورع وجعله حيراناً»(18).
ويتصور البعض أنه يبني علاقاته مع الظلمة من أجل أن ينتفع من أموالهم ونفوذهم في سبيل أهدافه العليا ونواياه النبيلة لذلك لا يعتبر علاقاته بأصدقاء الظلمة وارتباطه بمؤسساتهم دعماً للظالم ومساندة للظلم بل دعماً للأهداف الصالحة إلاّ أن هذا التصور لا يحظى بالدقة الكافية وذلك لأن الظالم مثلما يعطي يريد وكما يمنح يأخذ أيضاً.. بل غالباً يأخذ أكثر مما يعطي..
ومعلوم أن الظالم لا يريد من الإنسان مالاً أو منصباً ونحوها لأنه في غنى عن ذلك وإنما يحتاج إلى ما هو أكبر وأعظم بكثير.. وهو الجاه والشرعية وبعبارة أخرى يحتاج إلى الدين ليغطي به سوءاته بعد أن فقده وأغرته الدنيا وخدعه الحكم وصار في عداد الظالمين..
فهو يعطي ويعطي حتى يسلب من الإنسان دينه وإذا سلبه دينه سلبه ضميره وعند ذلك يتركه يركض وراءه أسيراً ذليلاً تلمساً لبعض الفتات من حطام الدنيا الزائل وهو في هذا الحال أيضاً لا يعطي إلاّ مقابل تنازلات أكبر وأكبر لا تنتهي إلاّ بالقضاء على دين الإنسان ودنياه..
ومعلوم أن المسلوب من سلب دينه.. وكان مولانا الصادق(ع) يقول عند المصائب والابتلاءات المادية «الحمد لله الذي لم يجعل مصيبتي في ديني»(19) وكان الإمام علي(ع) يحذر أصحابه من الانخداع ببريق الباطل وصولاته وجولاته.. لأن عاقبته إلى شر ويدفعهم إلى التمسك بنهج الحق رغم ما فيه من صعوبات ومشاكل لأن عاقبته إلى خير فيقول:«اصبر على مرارة الحق وإياك أن تنخدع لحلاوة الباطل»(20).
وقال لأبي ذر (رضوان الله عليه) عندما وقف في وجه الباطل مكابداً قساوتهم وظلمهم.. يبشره بحسن عواقب المجاهدين «يا أبا ذر إن غضبت لله فارجُ من غضبت له.. إن القوم خافوك على دنياهم وخفتهم على دينك فاترك في أيديهم ما خافوك عليه واهرب منهم بما خفتهم عليه فما أحوجهم إلى ما منعتهم وما أغناك عما منعوك.. ولو أن السموات والأرض كانتا على عبد رتقاً ثم اتقى الله لجعل له منهما مخرجاً.. فلا يؤنـــسنّك إلاّ الحق ولا يوحشنك إلاّ الباطل. فلو قبلت دنياهم لأحبوك ولو قرضت منها لأمنوك»(21)، هذا أولاً..
وثانياً: إن للأعمال آثاراً وضعية تنعكس على أصحابها وتصيبهم تبعاتها.. ولذا فإن ما يحصله الإنسان من أيدي الظالمين -وإن تصور أنه سوف يخدم أهدافه- مسلوب البركة وربما يصبح وبالاً عليه وحينئذ تكون خسائره أكبر من نفعه..
قال الإمام الصادق (ع):«صونوا دينكم بالورع وقوة التقى والاستغناء بالله عن طلب الحوائج من السلطان.. واعلموا أن أيما مؤمن خضع لصاحب سلطان أو من يخالفه على دينه طالباً لما في يديه أهمله الله تعالى وقعته ووكله الله إليه وإن هو غلب على شيء من دنياه وصار في يده منه شيء نزع الله البركة منه ولم يؤجره على شيء ينفقه في حج ولا عمرة ولا عتق»(22).
وبعد هذا يبقى حساب الآخرة أشد وأبقى..
فإن في جهنم جبلاً يقال له الصعداء وإن في الصعداء لوادياً يقال له سقر وإن في سقر لجبّاً يقال له هبهب كلما كشف غطاء ذلك الجبّ ضجّ أهل النار من حرّه وذلك منازل الجبارين(23) وأعوانهم أيضاً لأن من أحب فعل قوم حشر معهم(24).
وللتاريخ كلمة أيضاً
أن نفكر في محكمة التاريخ العادلة -فضلاً عن محكمة الآخرة- فإن الأيام التي نعيشها اليوم ستصبح تاريخاً في غد وإذا كانت اليوم ملكنا نفعل فيها ما نريد فإنها في غد ستكون ملك غيرنا ولا ننال منها إلاّ الجزاء العادل.. ربما يحاول البعض أن يبرر بعض أعماله ومواقفه غير المحمودة والتي لا تنسجم مع الموازين الإلهية إلاّ أنه في غد سيفشل في ذلك لأن التاريخ عادةً لا يجامل في حكمه أحداً وإنما يقرأ الأحداث ويتابع المواقف ويبدأ بتحليلها وكشف أبعادها وخفاياها ثم يعطي حكمه في أهله..
فأهل الحق ينالون ثمرة جهودهم وجهادهم.. والذي يقف في الصف الآخر يحصل جزاء ما قدم أيضاً.. حيث أن الدنيا في نتيجتها سوق ربح فيها قوم وخسر آخرون..
فما أحوجنا اليوم ونحن نعيش الأزمات والمشاكل بحلوها ومرّها أن نتبصر الطـــريق ونعرف أين نضـــع أقدامنا لنبني حياتنا في حاضرها ومستقبلها مكللة بالفخر والاعتزاز وفي نصرة الحق وأهله.. ونيل مكاسبه في الدين والدنيا..
كما نجعل لنا تاريخاً يليق أن يكون قدوة لمن بعدنا.. وما النصر إلاّ من عند الله العزيز الحميد.
اضف تعليق