وإذا لم يقم البشر بتسخين الكوكب عن طريق حرق الوقود الأحفوري، كان من المستحيل تقريبا تسجيل درجات حرارة قصوى خلال شهر تموز 2023 مثل التي شهدناها في الولايات المتحدة، المكسيك وجنوب أوروبا. وتعد موجات الحر من بين أكثر الأخطار الطبيعية فتكا حيث يموت آلاف الأشخاص من أسباب مرتبطة...
تجتاح موجات الحر الشديد أجزاء واسعة من نصف الكرة الشمالي خلال هذا الصيف الذي يتسم بدرجات حرار متطرفة، مما تسبب في أضرار جسيمة لصحة الناس والبيئة.
سجلت الصين رقما قياسيا جديدا لدرجات الحرارة اليومية، وقد تم تحطيم درجات الحرارة القياسية التي سُجلت مسبقا في العديد من المناطق.
تسببت حرائق الغابات في مقتل العشرات من الناس وتدمير مساحات شاسعة وأجبرت آلاف الأشخاص على الإجلاء في أجزاء من البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك الجزائر واليونان وإيطاليا وإسبانيا.
خدمة مراقبة الغلاف الجوي التابعة لكوبرنيكوس المعنية بمراقبة تغير المناخ سجلت زيادة كبيرة في كثافة وانبعاثات حرائق الغابات في شرق البحر الأبيض المتوسط خلال النصف الثاني من شهر تموز/يوليو، لا سيما في اليونان.
وأفادت تقارير بأن الانبعاثات من حرائق الغابات كانت الأعلى في هذه الفترة الزمنية في اليونان في آخر 21 عاما. وشهدت كندا أسوأ موسم حرائق غابات على الإطلاق، مما أضر بجودة الهواء بالنسبة لملايين الأشخاص في أمريكا الشمالية.
وسجلت درجات حرارة سطح البحر أرقاما قياسية جديدة، مع موجات حر بحرية شديدة في البحر الأبيض المتوسط وقبالة سواحل فلوريدا.
وقال الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، البروفيسور بيتيري تالاس:
"إن الطقس المتطرف - الذي يتكرر حدوثه بشكل متزايد في مناخنا الآخذ في الاحترار - له تأثير كبير على صحة الإنسان، والنظم البيئية، والاقتصادات، والزراعة، وإمدادات الطاقة والمياه. إن هذا يؤكد الحاجة الملحة المتزايدة لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بأسرع ما يمكن".
بالإضافة إلى ذلك، يقول المسؤول الأممي إنه "يتعين علينا تكثيف الجهود لمساعدة المجتمعات على التكيف مع الوضع الطبيعي الجديد". وأضاف:
"يقدم مجتمع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تنبؤات وتحذيرات لحماية الأرواح وسبل العيش بينما نسعى جاهدين لتحقيق هدفنا المتمثل في توفير نظم الإنذارات المبكرة للجميع".
أفادت دراسة أصدرها علماء المناخ في شبكة World Weather Attribution بأن موجات الحرارة تحمل بصمة واضحة لتغير المناخ.
وفقا للدراسة التي تم نشرها في 25 تموز/يوليو الجاري، "لولا تغير المناخ الذي يسببه الإنسان، لكانت هذه الأحداث الحرارية نادرة للغاية. الصين كان من الممكن أن تشهد حدثا واحدا في كل 250 عاما تقريبا. وإذا لم يقم البشر بتسخين الكوكب عن طريق حرق الوقود الأحفوري، كان من المستحيل تقريبا تسجيل درجات حرارة قصوى خلال شهر تموز/يوليو 2023 مثل التي شهدناها في الولايات المتحدة، المكسيك وجنوب أوروبا".
وتعد موجات الحر من بين أكثر الأخطار الطبيعية فتكا حيث يموت آلاف الأشخاص من أسباب مرتبطة بالحرارة كل عام.
وقد صرح خبراء المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بأن التأثير الكامل لموجة الحر غالبا ما يكون غير معروف إلا بعد أسابيع أو شهور.
سجلت فرنسا واليونان وإيطاليا وإسبانيا والجزائر وتونس سجلات درجات حرارة قصوى جديدة خلال النهار والليل.
تحذير في كوريا الجنوبية
وأعلنت وزارة الداخلية والسلامة في كوريا الجنوبية رفع التحذير من حرارة الطقس إلى أعلى مستوى لأول مرة منذ أربع سنوات، في ظل ارتفاع درجات الحرارة في أجزاء من البلاد لتتجاوز 38 درجة مئوية.
وقال مسؤول في وكالة الإطفاء الوطنية إن التقديرات تشير إلى أن الحرارة الشديدة تسببت في ما لا يقل عن 22 حالة وفاة في عموم البلاد حتى يوم الثلاثاء، أي أكثر من ثلاثة أمثال الرقم القياسي المسجل خلال الفترة نفسها من العام الماضي وبلغ سبع حالات وفاة.
ويصدر التحذير من المستوى الأعلى "الخطير" عندما يُتوقع أن تصل درجة الحرارة الظاهرية إلى 35 درجة مئوية أو أعلى في 40 بالمئة على الأقل من مناطق البلاد التي يبلغ عددها 180 منطقة لمدة ثلاثة أيام أو أكثر.
ويمكن إصداره أيضا عندما يكون من المحتمل أن تكون درجة الحرارة الظاهرية 38 درجة مئوية أو أعلى لمدة ثلاثة أيام أو أكثر في عشرة بالمئة من مناطق البلاد.
وحث الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول المسؤولين على تكثيف الإجراءات لمنع سقوط المزيد من الضحايا، خاصة بين من يعملون في الأماكن المفتوحة والمسنين ومن يعيشون في منازل مؤقتة بدون أنظمة تكييف هواء مناسبة.
وبالقرب من مكتب يون عقد عمال بناء مؤتمرا صحفيا ودعوا إلى اتخاذ تدابير ملموسة.
أمريكا تكتوي بنار موجة حارة
كما تعرض عشرات الملايين من الأمريكيين لضربة مزدوجة بتضافر عاملي زيادة درجات الحرارة والرطوبة العالية في الوقت الذي استقرت فيه موجة شديدة الحرارة فوق الغرب الأوسط والساحل الشرقي، ومن المتوقع أن تستمر مطلع الأسبوع المقبل.
وقالت خدمة الأرصاد الجوية الوطنية الأمريكية إن أكثر من 175 مليون شخص في الولايات المتحدة أصبحوا مشمولين بتحذيرات شديدة وإرشادات صارمة تحذرهم من الحرارة، حيث ارتفعت قراءات مؤشر الحرارة في منتصف النهار في العديد من المواقع فوق 38 درجة مئوية.
وافتتحت بعض من أكبر المدن في البلاد، بما في ذلك شيكاجو ونيويورك وفيلادلفيا، مراكز تبريد في المكتبات العامة والمراكز المجتمعية ليلجأ إليها من لا يملكون سبيلا للهروب من درجات الحرارة المرتفعة.
وأعلنت مدينة بوسطن حالة الطوارئ بسبب ارتفاع درجات الحرارة وجاء في بيان على موقعها على الإنترنت أن "الحرارة الشديدة يمكن أن تكون خطيرة على الصحة، بل وقد تكون قاتلة". وأضاف البيان أن فرقا تابعة للمدينة ستوفر المياه على الطرق.
ويحث المسؤولون وخبراء الأرصاد في الولايات المتحدة المواطنين على عدم التعرض للحرارة لأنها قد تسبب أمراضا، خاصة لمن يعملون أو يشاركون في الأنشطة التي تتم في أماكن مفتوحة، ومن يبلغون من العمر 65 عاما أو أكثر، والأطفال ومن يعانون من أمراض مزمنة.
وقالت خدمة الأرصاد الجوية الوطنية "اشربوا الكثير من السوائل، وامكثوا في غرفة مكيفة، وابتعدوا عن أشعة الشمس، واطمئنوا على الأقارب والجيران".
وفي فيلادلفيا، التي يمكن أن تصل درجات الحرارة فيها إلى 42 درجة مئوية، مدد المسؤولون ساعات فتح حمامات السباحة العامة وغيرها من مرافق وخدمات رش المياه لساعات يومي الجمعة والسبت.
وفي مدينة نيويورك، حيث يتوقع وصول الحرارة إلى 39 درجة مئوية، نشر المسؤولون مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي يحثون فيه أصحاب الحيوانات الأليفة على التأكد من رطوبة أجسادها.
وأعلن مشغلو الشبكات الكهربائية في جميع أنحاء البلاد توجيهات تتعلق بالطقس الحار هذا الأسبوع وطلبوا من شركات الطاقة تأجيل أعمال الصيانة غير الضرورية. وعلى الرغم من الحرارة الشديدة، لم يتخذ أي من مشغلي الشبكات الأمريكية إجراءات صارمة.
ويقول الخبراء إن تواتر موجات الطقس المتطرف هو عرض من أعراض تغير المناخ العالمي، مع توقع استمرار موجات الحر في معظم أنحاء العالم حتى أغسطس آب.
وكان الشهر الماضي هو أشد شهر يونيو سخونة على الإطلاق منذ بدء تسجيل درجات الحرارة في الولايات المتحدة.
إيران في عطلة رسمية
وأوردت وسائل إعلام رسمية في إيران إعلان البلاد يومي الأربعاء والخميس عطلة رسمية بسبب "الحرارة غير المسبوقة" وطلبت من كبار السن ومن لديهم مشاكل صحية ملازمة منازلهم.
يئن العديد من المدن في جنوب إيران بالفعل تحت وطأة حر شديد منذ عدة أيام. وذكرت وسائل إعلام رسمية أن درجات الحرارة تجاوزت هذا الأسبوع 51 درجة مئوية في مدينة الأهواز بجنوب البلاد.
ونقلت وسائل الإعلام عن المتحدث باسم الحكومة علي بهادري جهرمي قوله إن يومي الأربعاء والخميس سيكونان عطلة، بينما قالت وزارة الصحة إن المستشفيات ستكون في حالة تأهب قصوى.
ومن المتوقع أن تصل درجات الحرارة في طهران يوم الأربعاء إلى 39 درجة مئوية.
وتعرضت مناطق كثيرة في العالم لموجات حر في الأسابيع الأخيرة، وربط علماء ذلك بتغير المناخ.
الكويت تحاول التكيف مع درجات الحرارة العالية
زقاق وأشجار نخيل ومتاجر أسفل المباني الصغيرة وشرفات مطاعم مزدحمة: يبدو المكان كطريق عادي في أحد الشوارع، ولكنه في الحقيقة يقع في مركز تسوق فاخر مكيَّف في الكويت، أحد أكثر دول العالم حرا.
يقتبس هذا المكان مظهرا من مظاهر الحياة الطبيعية ليوفر ملاذا لبعض من سكان الدولة الخليجية الغنية بالنفط والبالغ عددهم نحو أربعة ملايين، وقد اعتادوا على صيف حارق تصل فيه الحرارة إلى حوالي 50 درجة مئوية.
أما في الخارج، فنادرا ما يشاهد المارة، حتى في السوق التقليدي حيث يسير عدد قليل من الأشخاص وقد أنهكتهم الحرارة.
في هذا السوق، يفتح عبد الله أشكناني متجر التمور الذي يديره منذ 30 عامًا خلال فصل الصيف رغم انه يدرك تماما بأن الحر يحد من أعداد الزبائن بشكل كبير.
وقال الإيراني البالغ من العمر 53 عاما والمقيم في الكويت منذ 1997 "في الصيف يغادر معظم الناس ويبقى عدد قليل. لا أحد في السوق" في غالبية الأوقات.
خلف قماش شفاف عند شرفة مقهى قريب، تجلس مجموعة من الكويتيين بالقرب من مكيف هواء.
ويقول أبو محمد الذي ارتدى ثوبا تقليديا أبيض "نجحنا في تحمل (الحرارة) بفضل التكييف في المنزل وفي السيارة وفي هذا المقهى".
لكن هذا المتقاعد الذي يقول إنه نسي عمره، يدرك أيضا أن الاستهلاك المفرط للطاقة، من ناطحات السحاب إلى السيارات الكبيرة، "جلب هذا الحر" إلى الكويت.
وعلى غرار دول الخليج الاخرى، فالكويت دولة منتجة للنفط، وهي صناعة تساهم في ظاهرة الاحتباس الحراري. وتسهم الدولة في أحد أعلى معدلات انبعاث ثاني أكسيد الكربون للفرد في العالم.
في حين أن النصف الشمالي من الكرة الأرضية يمر بحالة من "الغليان" هذا الصيف، يحذّر خبير الأرصاد الجوية الكويتي المعروف عيسى رمضان من أنّ "ما يحصل عندنا سيحصل في مكان آخر".
ويرى أنّ مناطق جنوب العراق وشمال السعودية تشهد صيفا حارًا وجافًا بشكل خاص بسبب موقعها الجغرافي والرياح الشمالية الغربية.
ففي شمال الكويت، وبعد تجاوز الحرارة فيها 50 درجة مئوية، تسجّل منطقة مطربة القاحلة بعضاً من أعلى درجات الحرارة في العالم بعد وادي الموت في الولايات المتحدة.
ومع تزايد الاستهلاك للطاقة، اشتدت معدلات الاحتباس الحراري على مدى العشرين عامًا الماضية، وامتدت فترة الحرارة الشديدة "من أسبوعين إلى شهر تقريبًا"، بحسب رمضان.
وأوضح "هناك زحف للفصول. ففصل الصيف مثلا، بدل أن ينتهي نسبيا وندخل فصل الخريف في بداية أيلول/سبتمبر، أصبح يمتد لفترة أكبر، ما بين اسبوعين إلى شهر تقريبا (...) فتبدأ الحرارة تنخفض بداية تشرين الأول/اكتوبر".
وقال إنّه في نهاية القرن الماضي، أصبح عدد الأيام التي تبلغ فيها الحرارة اكثر من 50 درجة مئوية نحو 64.
وتملك الدولة الثرية بعض أكبر احتياطيات الذهب الأسود في العالم، وقد استثمرت مؤخرًا فقط في النقل العام والطاقة الخضراء، ولا سيما مشروع الشقايا، أول محطة تجارية للطاقة الشمسية الكهروضوئية في البلاد.
مشاريع للطاقة المتجددة
تؤكد المديرة العامة بالوكالة للهيئة العامة للبيئة سميرة الكندري أنّه "بالفعل هناك ارتفاع في درجات الحرارة خلال السنوات الاخيرة"، مشيرة إلى وجود "عدة مشاريع للطاقة المتجددة أهمها الشقايا".
وذكرت أن المرحلة الأولى من المشروع "اكتملت"، مضيفة "نقوم حاليا بالتحضير للمرحلة الثانية حتى يصبح 15 بالمئة من انتاج الطاقة عن طريق الطاقة المتجددة بحلول 2035. وان شاء الله في خطوة مستقبلية نزيد هذه النسبة".
على الأرض، هناك بعض المبادرات الفردية، ومن بينها مبادرة عيسى العيسى، وهو طبيب أسنان يبلغ من العمر 46 عامًا وقد قام بزراعة الأشجار في المنزل "كهواية".
لكن خلال عام 2020، درس القضية بشكل أكبر وأسس مشروع "غابة الكويت" لزراعة "أول غابة" في البلاد على مشارف العاصمة، مدركا أنّ الأشجار تمتص ثاني أكسيد الكربون.
وفي قطعة أرض خالية بالقرب من منزله، بدأ بزراعة الأشجار، وبتفقدها في الصباح الباكر في ظل 46 درجة مئوية.
ويقول "أكثر الأماكن التي نحتاج فيها للأشجار هي الأماكن الملوثة والأماكن الصناعية والأماكن التي يعيش فيها البشر"، معتبرا أنّه أصبح من الملحّ "فصل المناطق السكنية بالخضرة".
ارتفاع قياسي في درجات الحرارة خلال الشتاء في أميركا الجنوبية
بعيدا عن درجات الحرارة المرتفعة للغاية المسجّلة صيفا في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، تشهد بلدان في الجنوب مثل تشيلي والأرجنتين حرّا قياسيا رغم أنها في فصل الشتاء حاليا.
والثلاثاء، وصلت الحرارة في بلدة فيكونيا الجبلية وسط تشيلي إلى 37 درجة مئوية.
وقال خبير الأرصاد الجوية التشيلي كريستوبال تويس لفرانس برس "مرّ أكثر من 70 عاما على تسجيل درجات حرارة من هذا النوع" في فيكونيا.
وتم تسجيل درجات حرارة مرتفعة بشكل غير معهود على بعد 450 كلم جنوبا في العاصمة سانتياغو بلغت 24 درجة مئوية الأربعاء فيما يتوقع بأن تبقى عند هذا المستوى.
في الأثناء في بوينوس أيرس تجاوزت الحرارة 30 درجة مئوية، وهي أعلى درجة تسجل في الأول من آب/اغسطس منذ بدء تسجيل البيانات، بحسب هيئة الأرصاد الجوية الوطنية الأرجنتينية.
ويتراوح معدل الحرارة خلال شهر آب/اغسطس في بوينوس أيرس عادة بين 18 وتسع درجات مئوية.
كما وصلت الحرارة إلى 30 درجة مئوية في عدة مدن في الأوروغواي.
وقالت وزيرة البيئة التشيلية ميسا روخا "ما نشهده هو مزيج ظاهرتين: احترار عالمي نظرا لتغير المناخ إضافة إلى ظاهرة إل نينيو".
وأضافت "عندما تنتهي إل نينيو، يفترض أن يصبح وضع الطقس العالمي أقل تطرفًا".
وتتميّز ظاهرة "إل نينيو" بارتفاع درجات الحرارة في المحيط الهادئ ما يتسبب بتساقط الأمطار والانهيارات الثلجية في غرب أميركا الجنوبية إضافة إلى موجات الحر.
ويتوقع بأن تعود درجات الحرارة في سانتياغو وبوينوس أيرس ومونتيفيديو إلى طبيعتها في الأيام المقبلة، لكن يرجّح بأن تصبح موجات الحر هذه أكثر تكرارا.
وأوضح خبير المناخ لدى جامعة سانتياغو راؤول كورديرو أن "من المرجح إلى حد كبير أن يتم تجاوز الحد الأقصى للحر هذا العام (في سانتياغو) وهو أمر غير طبيعي إلى حد استثنائي. قبل 10 سنوات، شهدنا موجتي حر سنويا واليوم نتحدث عن تسع".
ولعل تداعيات الطقس الحار الأبرز تظهر في الأنهار الجليدية على الجبال التي تعد أساسية لإمدادات المياه في العاصمة التشيلية.
وقال كورديرو إن "موجات الحر الشتوية تحمل تداعيات مدمّرة على الأنهار الجليدية والثلوج".
وحذّرت روخا أيضا من تأثير الحرارة على القطبين الشمالي والجنوبي.
وقالت على "إكس" (تويتر سابقا) إن "الجليد حول المنطقتين القطبيتين بلغ أدنى مستوياته... خصوصا في محيط القارة القطبية الجنوبية حيث ينمو الجليد في هذا الوقت من العام ليصل إلى أعلى مستوياته في أيلول/سبتمبر. إنه عند أدنى مستوياته تاريخيا".
انبعاثات كربون قياسية جراء حرائق الغابات
وصلت انبعاثات الكربون الناتجة عن الحرائق في كندا إلى مستويات غير مسبوقة وسجّلت في نهاية تموز/يوليو أكثر من ضعف المستوى القياسي السنوي الأخير الذي سجّل عام 2014، بحسب بيانات نشرها المرصد الأوروبي كوبرنيكوس.
وقال المرصد "حاليًا يبلغ إجمالي الانبعاثات من حرائق الغابات في كندا نحو 290 ميغاطن (من الكربون)، بينما الرّقم القياسي السابق الذي سجّل في العام 2014 بلغ 138 ميغاطن".
ولا يعكس الرقم المسجّل حتى الآن لعام 2023 سوى كمية الانبعاثات منذ بداية العام والجزء الأساسي منها سجّل منذ بداية أيار/مايو عندما بدأت الحرائق تندلع في البلاد، فيما لم ينته بعد موسم الحرائق.
وقال مارك بارينغتون وهو عالم في خدمة مراقبة الغلاف الجوي في كوبرنيكوس "لقد راقبنا انبعاثات الحرائق في جميع أنحاء كندا خلال الأشهر الثلاثة منذ بداية أيار/مايو. وخلال هذه الفترة استمرت في الارتفاع بشكل شبه مستمر ووصلت إلى مستوى أعلى مما هو مسجّل في قاعدة بياناتنا مدة عام كامل في البلاد". وتجدر الإشارة إلى أنّ تاريخ البيانات يعود إلى بداية عام 2003.
وأضاف "الانبعاثات المرتبطة بالحرائق في المناطق الشمالية تبلغ ذروتها عادةً في أواخر تموز/يوليو أو أوائل آب/أغسطس، لذا فمن المفترض أن يستمرّ مستواها في الارتفاع لبضعة أسابيع اخرى".
واجهت كندا التي ترتفع درجة حرارتها بشكل أسرع من بقية العالم بسبب موقعها الجغرافي، ظواهر مناخية متطرفة في السنوات الأخيرة، زادت حدتها وتواترها بسبب تغير المناخ.
واجتاح البلاد اعتبارا من 30 تموز/يوليو أكثر من 990 حريقًا من بينها 613 صنّفت خارج نطاق السّيطرة. وحتى الآن احترق أكثر من 12 مليون هكتار هذا العام، وهو أعلى بكثير من مجمل ما شهدت البلاد على الإطلاق.
موجة الحر تنعش عمل مُسن فلسطيني
مع ضيق الكثيرين من ارتفاع درجات الحرارة هذه الأيام في أنحاء الشرق الأوسط، فإن عمل المُسن الفلسطيني مصطفى عبده في إصلاح المراوح الكهربائية في غزة يشهد انتعاشا مع تزايد الطلب على المراوح لتلطيف الجو نسبيا.
ويقول عبده (70 عاما)، وهو جالس وسط أكوام من المراوح والأجهزة الكهربائية الأخرى في ورشته الصغيرة بمخيم الشاطئ للاجئين في غزة، "صار لي 40 سنة في ها الصنعة، ما مرش عليَ بالمرة متل ها الحر، درجة الحرارة مرتفعة بشكل فظيع".
وتجاوزت درجات الحرارة 38 درجة مئوية في غزة، ويدفع انقطاع التيار الكهربائي المتكرر مزيدا من الناس إلى تعديل مراوحهم لتعمل ببطاريات. كما أن هناك طلبا مستمرا على أعمال الصيانة.
وأضاف عبده الذي يأتي معظم عملائه من المخيم، إضافة إلى البعض من أماكن أخرى، "زمان ما كانش فيه موجة الحر زي هادي كنا بنصلح كم مروحة، عدد بسيط خفيف، بس مع ازدياد نسبة الحرارة الشديد هادا ازدادت كمية الطلب ع المراوح وازداد التصليح، ازداد التصليح لأنه موجة الحر غير مسبوقة".
ورغم أنه محاط بالمراوح فإن عبده كان يتصبب عرقا وهو يتحدث لرويترز لأن مروحته لم تكن تعمل بسبب انقطاع الكهرباء.
ويعيش في قطاع غزة، وهو شريط ساحلي ضيق، أكثر من 2.3 مليون فلسطيني.
يقول مسؤولون محليون إن القطاع يحتاج إلى نحو 500 ميجاوات من الطاقة يوميا في الصيف، لكنه لا يحصل إلا على 120 ميجاوات من إسرائيل و60 من محطة الطاقة الوحيدة به.
اضف تعليق