تُعرّف الموجة الحرارية على نطاق واسع بأنها فترة طقس حار استثنائي إحصائيا يستمر لعدد من الأيام والليالي. تُستخدم المؤشرات المستندة إلى الظروف المناخية المحلية للتوصيف الموضوعي للحدث وإعلانه موجة حرّ. من أجل حماية المجتمعات من الأمراض المرتبطة بالحرارة التي يمكن تجنبها، يجب أن يكون الجمهور على دراية...
في ظل موجات الحرارة الشديدة التي تجتاح بعض الدول، تدرك المنظمة العالمية للأرصاد الجوية الاهتمام الحالي بتطوير أنظمة تصنيف تلك الموجات وتسميتها، على غرار تسمية الأعاصير. مع ذلك، فإن ما تم تحديده للأعاصير المدارية قد لا يترجم بالضرورة بسهولة عبر موجات الحر.
وتنظر لجنة خدمات المنظمة العالمية للأرصاد الجوية حاليا في مزايا وعيوب تسمية موجات الحر، فبصفتها وكالة متخصصة تابعة للأمم المتحدة ومسؤولة عن الطقس والمناخ والماء، تضطلع المنظمة بدور قيادي في تنسيق المصطلحات المعترف بها عالميا المتعلقة بإطلاق أسماء على أحداث الطقس المتطرف.
تُعرّف الموجة الحرارية على نطاق واسع بأنها فترة طقس حار استثنائي إحصائيا يستمر لعدد من الأيام والليالي. تُستخدم المؤشرات المستندة إلى الظروف المناخية المحلية للتوصيف الموضوعي للحدث وإعلانه موجة حرّ.
من أجل حماية المجتمعات من الأمراض المرتبطة بالحرارة التي يمكن تجنبها، يجب أن يكون الجمهور على دراية بالإجراءات التي يجب اتخاذها أثناء أحداث الحرارة الشديدة، بالإضافة إلى التعرّف على عوامل ضعفهم الشخصية، مثل العمر أو الأدوية التي تؤخذ أو الحالات الطبية، وهي ظروف يمكن أن تجعل التعرّض المطوّل للحرارة - حتى تلك التي لا تصل إلى درجة موجات حرّ - مميتة أيضا.
وتشير الدراسات إلى أن الأمراض والوفيات المرتبطة بالحرارة ترتبط ارتباطا وثيقا بالأيام الحارّة "المعتدلة" التي تحدث خارج أحداث موجات الحرّ المعلنة، بما في ذلك الليالي الحارّة.
ولا يوجد حاليا نظام أو بروتوكول دولي متفق عليه لتسمية أو تنسيق تسمية أحداث موجة الحرّ. وتُستخدم بروتوكولات التسمية الدولية والإقليمية لدعم إدارة المخاطر لأنواع مختلفة من العواصف بما في ذلك الأعاصير المدارية. وثمة حاجة إلى بروتوكولات تسمية العواصف وآليات التنسيق الحكومية الدولية المتفق عليها لمنع أي أخطاء في التسمية ولتنسيق تسمية الأحداث العابرة للحدود أو الإقليمية.
ورغم إطلاق تسميات على العواصف والأعاصير، تدعو المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إلى توخي الحذر عند مقارنة أو تطبيق الدروس أو البروتوكولات من نوع خطِر إلى آخر، بسبب الاختلافات المهمة في الطبيعة الفيزيائية واختلاف تأثيرات العواصف وموجات الحر.
في معظم البلدان، تتحمل الوكالات الوطنية المعينة فقط، مثل خدمات الطقس أو وكالات الصحة العامة، المسؤولية الوطنية لإصدار تحذيرات رسمية من الحرارة.
والممارسات المستقلة لتصنيف وتسمية موجات الحر غير المنسقة مع أنظمة الإنذار الرسمية قد تخاطر بتعطيل بروتوكولات الحماية المدنية وجهود التنسيق، مما يجلب عواقب سلبية غير مقصودة، أو يقلل من فعالية الإجراءات الاستشارية للحرارة والاستجابة.
لذا، يُقترح تنسيق أنشطة "تسمية الموجات الحارّة التجريبية" مع أنظمة التنبيه بالحرارة الرسمية في بلد ما لمنع أي ارتباك وتداخل مع الرسائل العامة القائمة والإجراءات والبروتوكولات التشغيلية المعينة.
بحسب المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، يمكن التنبؤ بموجات الحر حتى 10 أيام مقدما في العديد من المناطق (بشكل أساسي المناطق خارج المدارية وخطوط العرض العليا) ولكنها تفتقر إلى المهارة في فترة ثلاثة أيام تسبق الموجة (في المناطق الاستوائية بشكل أساسي). وتخلق التسمية القائمة على التنبؤ تحديات إضافية، فقد لا تحدث الأحداث المسماة بالفعل، أو قد تكون أقل خطورة، أو تحدث في مناطق مختلفة. ويمكن أن يقوّض هذا أي فوائد لزيادة الوعي من خلال التسمية وإنشاء إنذارات كاذبة.
من هذا المنطلق، تواصل المنظمة العمل مع الشركاء المعنيين، على دعم تطوير أنظمة الإنذار المبكر بالحرارة، بما في ذلك تحديث الإرشادات المتعلقة بالحرارة الشديدة واستراتيجيات الاتصال المرتبطة بمخاطر الحرارة الشديدة.
وتتمثل الأولوية القصوى للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية وأعضائها في إنقاذ الأرواح من خلال التنبؤات الدقيقة والإنذارات المبكرة.
موجات حرارة شديدة تجتاح المملكة المتحدة وأوروبا الغربية
حذرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية من وصول درجات إلى 40 درجة مئوية، وأصدرت أول تحذير من نوعه باللون أحمر بشأن الحرارة الاستثنائية.
وفقا لبيان صادر من الوكالة الأممية، من المتوقع أن تؤثر الحرارة المفرطة على جزء كبير من إنكلترا، في وقت مبكر من هذا الأسبوع، حيث من المحتمل أن تصل درجات الحرارة إلى 30 درجة مئوية في بعض الأماكن وربما تصل إلى 40 درجة مئوية.
وقال رئيس الأرصاد الجوية في المملكة المتحدة، بول غونديرسن، "من المرجح أن تكون درجات الحرارة استثنائية، وربما تحطم الرقم القياسي، على الأرجح في أوائل الأسبوع المقبل، على نطاق واسع عبر منطقة التحذير الحمراء يوم الاثنين، وتركز أكثر قليلا على الشرق والشمال يوم الثلاثاء. يوجد حاليا احتمال بنسبة 50 في المائة أن نرى درجات حرارة أعلى من 40 درجة مئوية وهناك احتمال بنسبة 80 في المائة أننا نرى درجة حرارة قصوى جديدة".
وفقا للمسؤول البريطاني، من المحتمل أيضا أن تكون الليالي دافئة بشكل استثنائي، خاصة في المناطق الحضرية. "من المحتمل أن يؤدي ذلك إلى آثار واسعة النطاق على الناس والبنية التحتية. لذلك، من المهم أن يخطط الأشخاص بشأن هذه الحرارة وأن يفكروا في تغيير روتينهم. يمكن أن يكون لهذا المستوى من الحرارة آثار صحية ضارة".
هذه هي المرة الأولى التي نتوقع فيها تسجيل 40 درجة مئوية في المملكة المتحدة. تبلغ درجة الحرارة المرتفعة القياسية الحالية في المملكة المتحدة 38.7 درجة مئوية، والتي تم الوصول إليها في حديقة كامبريدج النباتية في 25 تموز/يوليو في عام 2019.
هل هذه الحرارة بسبب تغير المناخ؟
قال عالم المناخ في مكتب الأرصاد الجوية في المملكة المتحدة، الدكتور نيكوس كريستيديس:
"كنا نأمل في ألا نصل إلى هذا الوضع، لكن للمرة الأولى على الإطلاق نتوقع أن تكون درجة الحرارة أعلى من 40 درجة مئوية في المملكة المتحدة. في دراسة حديثة وجدنا أن احتمالية أن تكون الأيام شديدة الحرارة في المملكة المتحدة آخذة في الازدياد وستستمر في ذلك خلال القرن".
وأضاف المسؤول البريطاني أن تغير المناخ قد أثر بالفعل على احتمالية حدوث درجات حرارة قصوى في المملكة المتحدة، مشيرا إلى أن فرص تسجيل 40 درجة مئوية يوما في المملكة المتحدة يمكن أن تكون أكثر احتمالا في المناخ الحالي بمقدار 10 مرات مقارنة بالمناخ الطبيعي الذي لم يتأثر بالتأثير البشري.
تحدث أحداث الحرارة الشديدة في ظل التغيرات المناخية الطبيعية بسبب التغيرات في أنماط الطقس العالمية. ومع ذلك، فإن الزيادة في تواتر هذه الأحداث ومدتها وشدتها على مدى العقود الأخيرة مرتبطة بشكل واضح بالاحترار الملحوظ للكوكب ويمكن أن تُعزى إلى النشاط البشري.
يزيد تغير المناخ من مخاطر حدوث الجفاف والسخونة مما يؤدي إلى نشوب الحرائق.
انتشرت الحرارة الشديدة بالفعل في البرتغال وإسبانيا وفرنسا. في البرتغال، وصلت درجات الحرارة إلى مستويات عالية تصل إلى حوالي 46 درجة مئوية. التحذيرات باللون الأحمر سارية المفعول في معظم أنحاء البرتغال حيث تزيد الظروف الحارة من مخاطر حرائق الغابات.
اندلعت حرائق الغابات في فرنسا في الأسابيع الأخيرة، وكذلك دول أوروبية أخرى من بينها البرتغال وإسبانيا، واشتعلت النيران في أكثر من 13 ألف هكتار من الأراضي في إقليم جيروند في الأيام الخمسة الماضية.
في أحدث تحذير من سلطات الطقس، تم إدراج 15 مقاطعة من أصل 96 في فرنسا في حالة التأهب "اللون الأحمر" ووضع تحذير باللون البرتقالي في 51 مقاطعة، مع حث سكان تلك المناطق على توخي الحذر.
ومن المتوقع أن تبلغ موجة الحر في غرب فرنسا ذروتها اليوم الاثنين، لترتفع إلى فوق 40 درجة مئوية.
وفي إسبانيا المجاورة، يكافح رجال الإطفاء مع سلسلة من الحرائق اندلعت يوم السبت بعد أيام من درجات الحرارة عالية الاستثنائية التي وصلت إلى 45.7 درجة مئوية (114 فهرنهايت).
نصف البشرية في منطقة الخطر
على صعيد ذي صلة، حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش من أن "نصف البشرية في منطقة الخطر"، وهي تواجه الفيضانات والجفاف والعواصف الشديدة وحرائق الغابات.
وقال السيد غوتيريش، مخاطبا وزراء من 40 دولة في مدينة بيترسبرغ، إن هدف اتفاق باريس لعام 2015 للحد من الاحتباس الحراري العالمي إلى 1.5 درجة مئوية، كان بالفعل في غرفة الإنعاش عقب مؤتمر المناخ الذي عقد في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي".
وأعلن الأمين العام أن "الدول تواصل إلقاء اللوم على بعضها بدلا من تحمل المسؤولية عن مستقبلنا الجماعي"، داعيا البلدان إلى إعادة بناء الثقة والعمل معا.
التمتع بالشمس الحارقة
وهذه ثاني موجة حر تضرب أوروبا في ظرف شهر مع ما يرافقها من حرائق عنيفة في شبه الجزيرة الايبيرية وفرنسا.
ويأتي تكاثر موجات الحر نتيجة مباشرة للاحترار المناخي على ما يرى علماء إذ أن انبعاثات غازات الدفيئة تزيد من حدتها ومدتها وتواترها.
للمرة الأولى أصدرت وكالة السلامة الصحية البريطانية انذارا من الدرجة الرابعة الأعلى محذرة من مخاطر الحر حتى على الشباب أو الأشخاص المتمتعين بصحة جيدة.
وستبقى بعض المدارس مغلقة في حين يتوقع حدوث اضطرابات في حركة النقل المشترك.
على الصعيد السياسي، اتهمت الحكومة بالتعاطي باستهتار مع موجة الحر. وانتقد رئيس الوزراء المستقيل بوريس جونسون لتغيبه عن اجتماع طارئ بشأن هذه الأزمة الأحد مفضلا حضور حفلة وداعية في مقر اقامته اللندني.
ونددت الأوساط الطبية كذلك بتعليقات نائب رئيس الوزراء دومينيك راب الذي دعا البريطانيين إلى "التمتع بالشمس".
في إيرلندا المجاورة، سجلت 33 درجة مئوية في دبلن الاثنين وهي أعلى حرارة منذ 1887.
حرائق
وسجلت هولندا الاثنين الحرارة الأعلى خلال هذه السنة مع بلغوها 35,4 درجة مئوية في مدينة فيستدوربه في جنوب غرب البلاد. والثلاثاء قد تصل الحرارة ألى 39 درجة في جنوب البلاد ووسطها لتقترب من المستوى القياسي في هولندا البالغ 40,7 والمسجل في 25 تموز/يوليو 2019.
وتتوقع بلجيكا تسجيل مستويات قياسية أيضا مع احتمال ان تصل الحرارة إلى 40 درجة مئوية بحسب المعهد الملكي للأرصاد الجوية. وقد حددت ساعات عمل معينة لبعض المهن التي تتأثر بالحر.
في فرنسا وبعد مستويات قياسية عدة سجلت الاثنين، يرجح ان تتراجع الحرارة بشكل ملحوظ الثلاثاء على الواجهة الأطلسية لتنتقل موجة الحر باتجاه شرق البلاد بحسب مصلحة الأرصاد الجوية "ميتيو فرانس".
وسجلت مستويات حرارة قياسية في مدن عدة من بينها بريست (شمال غرب) مع 39,3 درجة ونانت (الوسط الغربي) مع 42 درجة وبيسكاروس (جنوب غرب) مع 42,6 درجة على ما أوضح المصدر نفسه. ويعود المستوى القياسي المطلق في البلاد إلى 28 حزيران/يونيو 2019 في فيرارغ (جنوب) وبلغ 46 درجة مئوية.
ولا تزال فرنسا تواجه حريقين هائلين في منطقة بوردو التهما حتى الآن 17 ألف هكتار من الغابات.
وقد تم إجلاء 16 ألف شخص في المنطقتين المعنيتين فيما تجاوزت الحرارة الأربعين درجة مئوية ما رفع عدد الأشخاص الذين اخلوا مساكنهم إلى 32 ألفا في غضون ستة أيام.
وعند أقدام موقع دون دو بيلا وهو عبارة عن كثبان رملية، قالت السلطات المحلية إن خمسة مواقع تخييم "احترقت بنسبة 90 %". وسبق أن أجلي ستة آلاف مصطاف من هذه المنطقة الأسبوع الماضي. وسمع دوي انفجارات عدة بعد ظهر الاثنين جراء قوارير غاز تركت في مواقع التخييم والمطاعم المهجورة.
"خطر حرائق كبير في إسبانيا"
وتسيطر موجة حر خانق على إسبانيا منذ أكثر من اسبوع ما أدى إلى اندلاع حرائق عدة اجتاحت عشرات آلاف الهكتارات.
واستمر الانذار الأقصى باحتمال وقوع حريق في غالبية مناطق البلاد الاثنين. ويتوقع أن تشهد إسبانيا التي تعاني منذ العاشر من تموز/يوليو من موجة الحر هذه وتتجاوز الحرارة فيها الأربعين درجة مئوية، بعض التحسن لفترة قصيرة في مطلع الأسبوع الحالي.
وقال رئيس الحكومة الإسباني بيدرو سانشيز "التغير المناخي يقتل أفرادا (..) ويقضي كذلك على نظامنا البيئي وعلى تنوعنا الحيوي".
أما في البرتغال التي تشهد بعض التحسن على صعيد درجات الحرارة المرتفعة، يستمر عناصر الإطفاء بمكافحة أربعة حرائق في وسط البلاد وشمالها. وقال الدفاع المدني إن حرائق الغابات حصدت ارواح أربعة أشخاص وتسببت بإصابة خمسة أشخاص بحروق وبإجلاء 960 شخصا.
وقالت المفوضية الأوروبية إن نصف أراضي الاتحاد الأوروبي تواجه راهنا خطر الجفاف بسبب الانحسار الطويل للمتساقطات ما يعرض دولا مثل فرنسا ورومانيا وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا لتراجع مرجح في المحاصيل الزراعية.
وموجة الحر هذه هي الثانية التي تسجل في أوروبا في غضون شهر. ويعود تكاثر هذه الظواهر إلى التداعيات المباشرة للاحترار المناخي بحسب العلماء إذ ان انبعاثات غازات الدفيئة تزيد من قوتها ومن مدتها وتواترها أيضا.
ويتوقع أن ترافق موجة الحر هذه مستويات قياسية أيضا في تلوث الجو مع تفاقم متوقع في تركز الأوزون لا سيما في منطقة الأطلسي وجنوب شرق فرنسا بحسب منصة "بريف إير" الوطنية لتوقعات جودة الهواء.
واتهمت الحكومة البريطانية الأحد بإهمال هذا الوضع بعدما فوّت رئيس الوزراء المستقيل بوريس جونسون اجتماع أزمة حول الموضوع في مقر الحكومة فيما بدا وزير العدل دومينيك راب وكأنه يرحب بتوقع ان تتجاوز الحرارة للمرة الأولى الأربعين درجة مئوية في إنكلترا.
وكانت موجة القيظ التي مرت أولا بإسبانيا تسببت بوقوع قتلى. فقد قضى رجل في الخمسين من العمر الأحد بسبب الحر مع تجاوز حرارة جسمه الأربعين درجة مئوية في توريخون دي أردوث قرب مدريد، على ما أفادت أجهزة الطوارئ. وكان توفي عامل تنظيفات في مدريد يبلغ الستين من العمر للأسباب نفسها السبت.
في فرنسا والبرتغال وإسبانيا واليونان أتت الحرائق على آلاف الهكتارات من الغابات فيما اضطر عدد كبير من السكان والسياح إلى مغادرة أماكن سكنهم.
والوضع خطر في جنوب غرب فرنسا. فمساء الأحد زادت حدة حريق التهم خلال ستة أيام 13 هكتارا في بوردو بسبب رياح لولبية ما أدى إلى عمليات إخلاء جديدة. وقالت فرق الإطفاء أن 16200 مصطاف اضطروا إلى المغادرة بشكل عاجل منذ الثلاثاء الماضي.
وعرفت البرتغال هدوءا فللمرة الأولى منذ الثامن من تموز/يوليو، لم تتجاوز الحرارة الأربعين درجة مئوية الأحد على ما أفادت هيئة الأرصاد الجوية بعدما بلغت الخميس مستوى قياسيا في تموز/يوليو وصل إلى 47 درجة مئوية.
إلا ان غالبية الأراضي البرتغالية كانت تشهد الأحد احتمالا "أقصى" أو "مرتفعا جدا" أو "مرتفعا" لوقوع حرائق لا سيما في مناطق وسط البلاد وشمالها. وأسفرت حرائق الأسبوع الماضي عن سقوط قتيلين و60 جريحا فيما اجتاحت النيران 12 إلى 15 ألف هكتار.
في هولندا أعلن المعهد الهولندي للصحة العامة والبيئة الأحد خطة وطنية لمكافحة الحر وتحذيرا من ضباب دخاني اعتبارا من الاثنين في كل مناطق البلاد متوقعا ارتفاعا في الحرارة في الأيام المقبلة قد يصل إلى 35 درجة مئوية الاثنين في الجنوب و38 درجة مئوية في بعض المناطق الثلاثاء.
وفي أماكن أخرى من العالم، تسبّبت درجات الحرارة الشديدة في حرائق الغابات خصوصاً في شمال المغرب حيث قضى شخص ودمّرت نصف المساحة التي طالتها النيران والبالغة 4660 هكتاراً.
وتضرّر غرب كندا أيضاً بفعل حريق مدمّر اشتعل منذ الخميس في منطقة ليتون في شمال فانكوفر والتي كانت قد دمّرت العام الماضي بفعل موجة حر تاريخية وحرائق مدمّرة. وأتى الحريق على 1500 هكتار من الغابات والأشجار كما التهم العديد من المنازل وأدّى إلى عمليات إخلاء.
وهذه موجة الحر الثانية التي تشهدها أوروبا في أقل من شهر. ويعدّ تكاثر هذه الظواهر نتيجةً مباشرة للاحترار العالمي وفقاً للعلماء، مع ازدياد انبعاثات الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري، من حيث شدّتها ومدّتها وتكرارها.
وقالت المتحدثة باسم المنظمة العالمية للأرصاد الجوية كلار نوليس في جنيف "تضرب موجة حرّ جديدة هي الثانية هذا العام، أوروبا الغربية. تؤثّر بشكل أساسي على اسبانيا والبرتغال، لكن من المتوقّع أن تصبح أقوى وأن تمتدّ".
ويُرافق موجة الحرّ "جفاف" و"يابسة جافّة جدًا" ولها تأثير مقلق على "الأنهار الجليدية في جبال الألب التي تتأثر فعلًا في الوقت الحالي"، بحسب قولها.
وتابعت "إنه موسم يلحق الكثير من الضرر بالأنهار الجليدية" فيما "نحن نسبيًا في بداية فصل الصيف". وجاء حديثها بعد أسبوع على انهيار جليدي في جبل مارمولادا في ايطاليا بسبب تأثير الاحتباس الحراري، ما أسفر عن مقتل 11 شخصًا.
ودعت شركات توزيع المياه في انكلترا زبائنها إلى الاقتصاد في استخدام المياه في مواجهة موجة الحرّ.
وفي مدريد، كان من الصعب جدًا على العاملين في مكاتب غير مكيّفة تحمّل هذه الحرارة.
وقالت الفنزويلية دانيا أرتياغا (43 عامًا) "إنه جحيم".
في السنوات الأخيرة، ابتعدت سويسرا هي الأخرى عن المفهوم التقليدي للحياد وتوجّهت بشكل أكبر نحو المجتمع الدولي.
وفي خطاب له أمام البرلمان، وعد رئيس الوزراء الاسباني بيدرو سانشيز بتأمين "موارد أكثر" لمواجهة حرائق غابات تسببت بها "حالة الطوارئ المناخية التي يمرّ بها الكوكب".
وحذّر رئيس الوزراء البرتغالي أنطونيو كوستا من "مخاطر قصوى" في الأيام المقبلة، فيما بلغت درجة الحرارة 43,1 مئوية في وسط البلاد.
وأضاف "تشير الدراسات إلى أنه حتى لو حقق العالم أهداف اتفاقية باريس"، التي تنص على الحد من الاحترار العالمي إلى أقل من درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الحقبة الصناعية، ومن الناحية المثالية إلى 1,5 درجة مئوية، فإن "خطر حرائق الغابات في البرتغال سيكون أكبر بست مرات".
ودعت رئيسة الوزراء الفرنسية اليزابيت بورن حكومتها إلى العمل على مواجهة موجة حرّ "لها تأثير سريع على الوضع الصحي للسكان، خصوصًا الأشخاص الأكثر هشاشة".
شنغهاي تصدر تحذيرا نادرا
للمرة الثالثة هذا الصيف، أعلنت شنغهاي حالة التأهب القصوى بسبب موجة حارة شديدة قد تؤدي إلى تسجيل أرقام قياسية في أكثر مدن الصين اكتظاظا بالسكان.
وأصدرت المدينة التي يقطنها 25 مليون نسمة تحذيرا باللون الأحمر، مما يشير إلى أنه من المتوقع أن ترتفع الحرارة إلى 40 درجة مئوية على الأقل خلال الأربع والعشرين ساعة المقبلة.
وهذا ثالث تحذير باللون الأحمر في المدينة في غضون خمسة أيام، على الرغم من أن هذا الإجراء نادر الحدوث نسبيا حيث أصدرت شنغهاي التحذير 17 مرة فقط منذ بدء تسجيل الحالات في عام 1873.
واكتوت المدينة بموجة حر شديدة ارتفعت خلالها درجات الحرارة إلى 40.9 درجة مئوية، وهو ما يعادل الرقم القياسي المسجل في أواخر يوليو تموز 2017.
ومرت نصف مناطق الصين بموجات حارة قاسية بشكل غير معتاد خلال الشهر الماضي. وعانى حوض نهر يانجتسي الذي يضم مدنا كبرى منها شنغهاي وتشونغتشينغ من عدة موجات حارة على مدار الأسبوع الماضي.
ومع ارتفاع الطلب لتشغيل أجهزة تكييف الهواء، ذكرت وسائل إعلام حكومية أن الحمل على شبكات الكهرباء وصل في سبع أقاليم ومناطق إلى مستويات قياسية.
وقالت اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح يوم الخميس إن الأحمال القصوى للكهرباء في الصين سجلت أعلى مستوياتها على الإطلاق يوم الثلاثاء عند 1.22 مليار كيلووات.
تعرضت عشرات المدن الصينية لحرارة شديدة تسببت في ذوبان أسطح المباني وهبوط الطرق ودفعت الناس للفرار إلى الملاجئ تحت الأرض بحثا عن البرودة.
ورفعت 68 مدينة، بما في ذلك شنغهاي ونانجينغ القريبة منها مستوى التحذير إلى اللون الأحمر، وهي الدرجة الأعلى في نظام التحذير من الموجات الحارة الذي يتألف من ثلاث درجات، وتوقعت درجات حرارة تزيد عن 40 درجة مئوية (104 درجات فهرنهايت) على مدار 24 ساعة قادمة.
وحذرت شنغهاي، التي لا تزال تكافح تفشي مرض كوفيد-19، سكانها البالغ عددهم 25 مليون نسمة وطلبت منهم الاستعداد للطقس الحار هذا الأسبوع. ومنذ أن بدأ حفظ السجلات في عام 1873، لم تتعرض شنغهاي لدرجات حرارة أعلى من 40 درجة مئوية إلا في 15 يوما فقط.
وأظهرت صورة انتشرت على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي لأحد المتخصصين في إجراء اختبارات كوفيد-19 مرتديا حلة وقاية تغطي الجسم بالكامل وهو يعانق كتلة من الجليد يبلغ ارتفاعها مترا واحدا على الطريق. وفي متنزه شنغهاي للحياة البرية المترامي الأطراف، تعين على موظفيها استخدام ثمانية أطنان من الجليد يوميا للحفاظ على برودة أجسام الحيوانات.
وقالت تشو دارين، وهي من سكان شنغهاي، بينما كان ابنها البالغ من العمر خمس سنوات يلعب في نافورة مياه "هذا العام، ارتفعت الحرارة في وقت أبكر قليلا من ذي قبل".
وفتحت نانجينغ، أحد أشد ثلاث مناطق في الصين حرارة في الصيف ملاجئها تحت الأرض للسكان منذ يوم الأحد، مع تجهيز مخابئها المحصنة المعدة لأوقات الحروب بخدمة الواي فاي والكتب وأجهزة نثر الماء وحتى أفران الميكروويف. وأصدرت المدينة إنذارا بالمستوى الأحمر يوم الثلاثاء.
في تشونجتشينغ، المنطقة الثانية شديدة الحرارة، ذاب سقف أحد المتاحف، وظهرت بلاطات السقف الصيني التقليدي نافرة من مواضعها عندما أذابت الحرارة طبقة القطران تحتها. وأعلنت المدينة حالة التأهب باللون الأحمر يوم الاثنين.
كما نشرت تشونغتشينغ شاحنات رش المياه للحفاظ على برودة الطرق.
ومن المتوقع أيضا هذا الأسبوع أن تتعرض مدينة ووهان المركزية، ثالث المناطق شديدة الحرارة بالصين، لدرجات الحرارة المرتفعة والرطوبة والأشعة فوق البنفسجية.
السلطات التركية تكافح حرائق
كثفت السلطات التركية جهودها لاحتواء حرائق غابات في شبه جزيرة داتشا في جنوب غربي البلاد، بعدما أججت الرياح ألسنة اللهب مما اضطر نحو 2400 شخص لمغادرة المنطقة.
وقال وحيد كِيريشتشي وزير الزراعة والغابات التركي إن التقييمات الأولية أظهرت أن الحريق اندلع في محول كهرباء في المنطقة وأن ما يصل إلى 1500 فدان من الأراضي تضررت بالفعل.
وأضاف أن الرياح الشديدة زادت من صعوبة احتواء الحرائق التي اندلعت منتصف نهار يوم الأربعاء.
وقال وزير الصحة فخر الدين قوجة إن 19 شخصا أصيبوا بسبب الحرائق وما زال تسعة منهم يتلقون العلاج حتى صباح يوم الخميس.
وقال كِيريشتشي إنه تم إجلاء 2400 شخص عن المنطقة كإجراء احترازي.
وقالت السلطات إن عشر طائرات و20 طائرة هليكوبتر، منها واحدة يمكنها العمل ليلا، تشارك في جهود مكافحة النيران.
اضف تعليق