لنقاوة الهواء أهمية لصحة الناس وحياتهم اليومية، وبوجه خاص إذا ما اعتبرنا أن تلوث الهواء هو أكبر خطر بيئي منفرد على صحة الإنسان وأحد أسباب الوفاة والمرض الرئيسية التي يمكن تجنبها على الصعيد العالمي، فضلا عن الأثر غير المتناسب الذي يخلفه تلوث الهواء على النساء والأطفال وكبار السن...
تعاني اغلب الدول من ارتفاع نسبة التلوث في الهواء نتيجة التصنيع الثقيل والسيارات وأسباب اخرى طبيعة أو صناعية، وهذا ينعكس سلباً على البيئة في الحاضر والمستقبل، ها نحن اليوم امام كارثة حقيقية بسبّب تلوث الهواء الذي ادى لوفاة 476 ألف مولود جديد سنة 2019، غالبيتهم في الهند وإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وفق دراسة حديثة أظهرت أن السبب الكامن وراء هذه الوفيات في ثلاثة أرباع الحالات هو الدخان السام الصادر عن الوقود المستخدم للطبخ، وهناك أكثر من 116 ألف رضيع هندي بسبب تلوث الهواء في الشهر الأول من العمر، وكان الرقم المقابل 236 ألفا في أفريقيا جنوب الصحراء، وفقًا لتقرير حالة الطيران العالمي لعام 2020.
تدرك الدول الأعضاء ضرورة الحد بدرجة كبيرة من عدد الوفيات والأمراض الناجمة عن التعرّض للمواد الكيميائية الخطرة، وتلويث وتلوّث الهواء والماء والتربة، بحلول عام 2030، وكذلك الحد من الأثر البيئي السلبي الفردي للمدن، بما في ذلك عن طريق إيلاء اهتمام خاص لنوعية الهواء وإدارة نفايات البلديات وغيرها، بحلول عام 2030، ولنقاوة الهواء أهمية لصحة الناس وحياتهم اليومية، وبوجه خاص إذا ما اعتبرنا أن تلوث الهواء هو أكبر خطر بيئي منفرد على صحة الإنسان وأحد أسباب الوفاة والمرض الرئيسية التي يمكن تجنبها على الصعيد العالمي، فضلا عن الأثر غير المتناسب الذي يخلفه تلوث الهواء على النساء والأطفال وكبار السن، وإذ يساورها القلق أيضا إزاء الأثر السلبي لتلوث الهواء على النظم الإيكولوجية، ويدرك المجتمع الدولي اليوم بأن تحسين نوعية الهواء يمكن أن يعزز التخفيف من آثار تغير المناخ وبأن جهود التخفيف من آثار تغير المناخ يمكن أن تؤدي إلى تحسين نوعية الهواء، وتشجعت الجمعية العامة بتزايد اهتمام المجتمع الدولي بنقاوة الهواء، فشددت على ضرورة بذل مزيد من الجهود من أجل تحسين نوعية الهواء، بما في ذلك الحد من تلوث الهواء من أجل حماية صحة الإنسان، وقررت إعلان يوم 7 أيلول/سبتمبر من كل عام بوصفه اليوم الدولي لنقاوة الهواء من أجل سماء زرقاء، بحسب موقع الأمم المتحدة.
أكبر عدو للحياة الطويلة
أظهرت بيانات نُشرت مؤشر جودة الهواء أن تلوث الهواء يؤدي إلى تراجع متوسط العمر العالمي المتوقع للرجال والنساء والأطفال بسنتين، ورأى خبراء أن ذلك يثبت أن نوعية الهواء السيئة "هي أكبر خطر يتهدد صحة الإنسان" ورأى المؤشر "الصادر عن معهد سياسات الطاقة في جامعة شيكاغو" أن تلوث الهواء يستمر بالتسبب في تقصير حياة مليارات الأشخاص عبر العالم وإصابتهم بأمراض مختلفة، ويدرس المؤشر ملوثات الهواء لا سيما تلك الناجمة عن الوقود الأحفوري وتأثيرها على صحة الإنسان.
فما وجد ان هناك تراجع ملحوظ في هذه الملوثات في الصين التي كانت من أكثر الدول تلويثا في السابق، فإن مستوى التلوث العام في الجو بقي مستقرا في العقدين الأخيرين، ففي دول مثل الهند وبنغلادش، تلوث الهواء حاد جدا بحيث أدى إلى تراجع متوسط العمر المتوقع في بعض المناطق بحوالي عشر سنوات وقال معدو البحث إن نوعية الهواء الذي يستنشقه الكثير من البشر تطرح خطراً على الصحة أعلى من ذلك الذي يشكله مرض كوفيد-19.
وقال مؤسس المؤشر مايكل غرينستون "مع أن تهديد فيروس كورونا المستجد خطر ويستحق الاهتمام الذي يعطى له، إلا ان إدراك خطورة تلوث الهواء بالزخم نفسه سيتيح لمليارات الأشخاص عيش حياة طويلة وصحية أكثر"، وحوالى ربع سكان العالم يعيشون في أربع دول آسيوية تعتبر من أكثر الدول تلوثاً، ويعيش حوالى ربع سكان العالم في أربع دول آسيوية تعتبر من أكثر الدول تلوثا وهي بنغلادش والهند ونيبال وباكستان.
ورأى المؤشر أن متوسط العمر المتوقع لسكان هذه الدول سيتراجع خمس سنوات بعد تعرضهم لمستويات تلوث أعلى بنسبة 44 % مقارنة بما كانت عليه قبل 20 سنة، وأشار إلى أن الملوثات "تثير قلقا كبيرا" في جنوب شرق آسيا حيث تساهم حرائق الغابات والمحاصيل مع التلوث الناجم عن عوادم السيارات وانبعاثات المعامل الحرارية في تسميم الأجواء، ويعيش نحو 89 % من سكان المنطقة البالغ عددهم 650 مليون نسمة في مناطق يتجاوز فيها تلوث الجو المستويات التي وضعتها منظمة الصحة العالمية، وقال المؤشر إن الولايات المتحدة واوروبا واليابان نجحت في تحسين نوعية الهواء إلا أن التلوث لا يزال يقصر سنتين من متوسط العمر المتوقع عبر العالم، وتبين أن بنغلادش تعاني من أسوأ نوعية هواء في العالم وأن نحو 250 مليون مقيم في ولايات الهند الشمالية سيخسرون ثماني سنوات من متوسط العمر المتوقع إذا لم يصبح التلوث تحت السيطرة، وأظهرت دراسات عدة أن التعرض لتلوث الهواء هو من عوامل الخطر على صعيد مرض كوفيد-19 وحث غرينستون الحكومات على جعل تلوث الهواء أولوية بعد الجائحة، بحسب موقع اليوم السابع.
400 ألف وفاة
أفادت الوكالة الأوروبية للبيئة، بأن تلوث الهواء لا يزال يمثل أكبر تهديد للصحة في أوروبا، حيث يتسبب سنويا بأكثر من 400 ألف وفاة مبكرة، وذكرت الوكالة في تقرير، أن التلوث الضوضائي يأتي في المرتبة الثانية بعد البيئي، حيث يساهم في 12 ألف حالة وفاة مبكرة، تليها تأثيرات تغير المناخ، ولا سيما موجات الحرارة، وأوضح أن البيئات منخفضة الجودة تساهم في 13 بالمئة، أو وفاة واحدة من كل ثمانية.
بدوره، اعتبر المفوض الأوروبي المسؤول عن البيئة والمحيطات ومصايد الأسماك فيرجينيوس سينكيفيجيوس، أن "هناك صلة واضحة بين حالة البيئة وصحة سكاننا"، وقال: "يجب أن يفهم الجميع أنه من خلال الاهتمام بكوكبنا، فإننا لا ننقذ النظم البيئية فحسب، بل نحافظ أيضا على الأرواح ، خاصة لأولئك الأكثر ضعفا" وبحسب تقرير الوكالة الأوروبية، يُعزى الجزء الأكبر من الوفيات، عند 27 بالمئة، إلى البيئة في البوسنة والهرسك، وأدناها في آيسلندا والنرويج بنسبة 9 بالمئة، ولفت التقرير إلى أن تلوث الهواء والضوضاء وتأثيرات تغير المناخ، مثل موجات الحر والتعرض للمواد الكيميائية الخطرة، تسبب اعتلال الصحة في أوروبا، بحسب وكالة الأناضول.
8 مليارات دولار خسائر الاقتصاد العالمي يوميا
يتسبب تلوث الهواء من حرق الوقود الأحفوري في خسائر اقتصادية بقيمة 8 مليارات دولار يوميا وفقا لتقرير من منظمة السلام الأخضر "جرين بيس"، وقال مكتب المنظمة في جنوب شرق آسيا، ومركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف أن ذلك يشكل حوالي 3.3% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي أو 2.9 تريليون دولار سنويا، وتتحمل الصين والولايات المتحدة والهند التكلفة الاقتصادية الأعلى لارتفاع التلوث بما يقدر بـ900 و600 و150 مليار دولار سنويا على التوالي.
ويواصل تلوث الهواء إلحاق الضرر بمليارات الأشخاص على أساس يومي رغم مجهودات بعض الدول والشركات لاستدامة الطاقة النظيمة وأنواع الوقود الأنظف، وقالت المنظمة إن حرق الفحم والبترول والغاز يتسبب في مشكلات صحية ويؤدي إلى 4.5 مليون وفاة مبكرة حول العالم سنويا، كما يموت 40 ألف طفل قبل عيد مولدهم الخامس بسبب تعرضهم لجزيئات الغبار الدقيقة الأصغر من 2.5 ميكرومتر.
وقال مينو سون، المناصر للهواء النظيف لدى المنظمة في شرق آسيا، "إن تلوث الهواء من الوقود الأحفوري يأخذ كل عام ملايين الأرواح ويرفع مخاطر الإصابة بالجلطات وسرطان الرئة والربو ويكلفنا تريليونات الدلولارات، ولكن هي مشكلة نعرف كيفية حلها من خلال التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة والتخلص من السيارات التي تعمل بوقود الديزل والبنزين وبناء شبكة وسائل مواصلات عامة نظيفة"، وترى المنظمة، أن التخلص التدريجي من الفحم والبترول والغاز والتحول إلى الطاقة النظيفة ضروري لتجنب أسوأ تأثير للتغير المناخي.
وقال تقرير لـ"اكسفورد ايكونوميكس" في نوفمبر الماضي إنه في غياب المجهودات للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة فإن الأرض سوف تصبح أكثر سخونة بمقدار درجتين مئويتين بحلول 2050 وهو ما سيقلص الناتج المحلي الإجمالي العالمي بما يتراوح من 2.5% إلى 7.5%.، وأوضحت منظمة السلام الأخضر أن التكلفة المالية للتعامل مع الهواء الملوث هي نتاج الأمراض التنفسية وغير المعدية بجانب القيمة الاقتصادية للسنوات التي يفقدها الأشخاص من حياتهم من خلال الوفيات المبكرة، وأضافت أن وفيات الأطفال والشباب تجلب تكلفة اقتصادية كبيرة بسبب فقدان مساهماتهم في المجتمع والاقتصاد، بحسب Economy Plus.
اضف تعليق