جون كمب
لندن (رويترز) - بلغ إنتاج النفط السعودي مستوى قياسيا في يوليو تموز وفقا للإحصاءات المنشورة ومن المرجح أن يبلغ مستوى قياسيا آخر في أغسطس آب وفقا لمصادر بالقطاع.
بعض المحللين فهموا الزيادات كاستعراض لقدرة المملكة على زيادة الإنتاج قبل اجتماع غير رسمي لوزراء النفط في الجزائر الشهر القادم.
وفقا لهذا الرأي فإن السعودية تعزز إنتاجها كرسالة تحذير إلى المنافسين أنه في حالة عدم الاتفاق على تثبيت الإنتاج فإنها قادرة على مواصلة زيادة إنتاجها وإيقاع مزيد من الألم بكل مصدري النفط.
ولعلها ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها السعودية إلى سلاح حجم الإنتاج للدفع صوب اتفاق ومعاقبة عدم الامتثال.
لكن نظرة أقرب على إحصاءات إنتاج المملكة واستهلاكها وصادراتها في الفترة الأخيرة ترسم صورة أكثر دقة.
ففي هذه المرة على الأقل لا يوجد ما يدل على أن السعودية ترفع الإنتاج لتكثيف الضغط على منافسيها من أجل التوصل إلى اتفاق على تثبيت الإنتاج.
* عوامل موسمية
عادة يزيد إنتاج النفط السعودي خلال أشهر الصيف لتلبية الاستهلاك المباشر الإضافي للخام في محطات الكهرباء بالمملكة.
وفي العشر سنوات الأخيرة كان إنتاج النفط السعودي يزيد نحو 400 ألف برميل يوميا في المتوسط في يونيو حزيران عنه في يناير كانون الثاني.
مستويات الإنتاج بين يناير كانون الثاني ويوليو تموز كانت متفاوتة بشدة حيث تراوحت بين خفض قدره 325 ألف برميل يوميا وزيادة أكثر من مليون برميل يوميا.
لكن الإنتاج يميل إلى زيادة موسمية بين 150 و650 ألف برميل يوميا وفقا لمبادرة البيانات المشتركة.
وفي 2016 زاد إنتاج الخام 440 ألف برميل يوميا بين يناير كانون الثاني ويوليو تموز وهو ما لا يخرج عن النطاق المعتاد.
درجات الحرارة في أنحاء شبه الجزيرة العربية والأجزاء المجاورة من الشرق الأوسط سجلت مستويات قياسية خلال يوليو تموز وأوائل أغسطس آب.
ومن المرجح أن يكون الطلب القوي على تكييف الهواء قد ساهم في زيادة استهلاك النفط الخام والمنتجات المكررة مثل الديزل وزيت الوقود.
في غضون ذلك زادت السعودية طاقة توليد الكهرباء بالغاز وأخذت إجراءات أخرى لتقليص الحرق المباشر للخام في منظومة الكهرباء.
وفي وقت سابق هذا الشهر قال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح إن إنتاج النفط زاد لأسباب منها "تلبية الزيادة في الطلب الموسمي خلال فصل الصيف".
وأوضح قائلا "يشهد الطلب المحلي عادة زيادة خلال فصل الصيف بسبب ارتفاع معدلات استهلاك الكهرباء لأغراض تكييف الهواء."
لكنه أشار أيضا إلى أن "الزيادة المسجلة خلال هذا الصيف تقل كثيرا عن الزيادات التي سجلت خلال فصول الصيف السابقة" بسبب إجراءات رفع الكفاءة.
تظهر البيانات الرسمية أن الحرق المباشر للخام تجاوز بقليل 700 ألف برميل يوميا في يونيو حزيران انخفاضا من 894 ألف برميل يوميا في يونيو حزيران 2015 و827 ألف برميل يوميا في يونيو حزيران 2014.
بيانات الاستهلاك المباشر للخام خلال موجات الحر لشهري يوليو تموز وأغسطس آب لن تتاح قبل سبتمبر أيلول وأكتوبر تشرين الأول.
* الصادرات والمخزونات
زاد إنتاج النفط السعودي أيضا لتلبية "الطلب المرتفع من عملائنا" وفقا للوزير الذي قال "لا يزال إنتاجنا من النفط الخام يشهد طلبا قويا في معظم أنحاء العالم."
بلغت صادرات الخام السعودية 7.456 مليون برميل يوميا في يونيو حزيران منخفضة نحو 380 ألف برميل يوميا مقارنة مع يناير كانون الثاني لكن مرتفعة 91 ألف برميل يوميا عنها قبل عام.
وصادرات الخام السعودية مستقرة نسبيا منذ 2014. لقد دافعت المملكة بنجاح عن حجم إنتاجها لكنها لم ترفعه.
كانت زيادة الإنتاج في يوليو تموز (والزيادة المفترضة في أغسطس آب) ضرورية لأن استهلاك الخام ومبيعات التصدير تجاوزا الإنتاج.
فقد تراجعت مخزونات النفط الخام على الأراضي السعودية في كل شهر بين نوفمبر تشرين الثاني 2015 ومايو أيار 2016 بما مجموعه أكثر من 40 مليون برميل.
من المحتمل أنه قد تم نقل مخزونات النفط من مجمعات صهاريج داخل المملكة إلى منشآت تخزين في الولايات المتحدة والكاريبي وسنغافورة والصين وكوريا واليابان لكي تكون أقرب إلى العملاء.
لكن من المحتمل أيضا أن مخزونات المملكة قد شهدت تراجعا حقيقيا. وربما لمح وزير الطاقة إلى ذلك في المقابلة التي أجرتها معه وكالة الأنباء السعودية ونشرت في 11 أغسطس آب.
فقد سئل الوزير "تجاوز المعروض حجم الإنتاج خلال الشهر الماضي حيث بلغ 10.75 مليون برميل في اليوم فهل هذا يعني أنكم احتجتم إلى السحب من المخزون؟"
وأجاب "بالفعل سحبنا كمية بسيطة من المخزون خلال الشهر الماضي وهو أمر متوقع خلال هذه الفترة.
"لكن في ظل المحاولات الحثيثة لإعادة التوازن بين العرض والطلب نتوقع استمرار زيادة السحب من المخزون في جميع أنحاء العالم."
* مزيد من الانفتاح
تبدو مقابلة الفالح المصاغة بعناية مع وكالة الأنباء السعودية كمحاولة لتسليط مزيد من الضوء على بيانات النفط السعودية للسوق عموما.
وللأسف شابها سوء التنفيذ حيث تسربت نسخة من التصريحات قبل النشر ولعل الحوار اتسم بقدر زائد من التبحر فجاء مبهما وليس كاشفا للرسالة التي أراد الوزير توجيهها.
لكن المقابلة تبدو جهدا جادا صوب مزيد من الانفتاح ومحاولة حقيقية لتحسين فهم سياسة الإنتاج السعودية.
ركز معظم المعلقين على تصريحات الوزير عن الاستعداد لاتخاذ "أي إجراء لاستعادة التوازن في السوق" جنبا إلى جنب مع المنتجين من داخل أوبك وخارجها.
فقد قال إن اجتماع الجزائر سيتيح منتدى لمناقشة وضع السوق بما في ذلك "الإجراءات الممكنة التي قد يلزم تنفيذها من أجل تحقيق الاستقرار في السوق".
لكنه ختم بالقول إن "إعادة التوازن إلى السوق بدأت بالفعل لكن تصريف واستخدام مخزونات النفط الخام والمنتجات سوف يستغرق وقتا طويلا. إننا نسير في الاتجاه الصحيح."
اضف تعليق