q

من المحتمل أن يزيد العراق إنتاجه من النفط في 2016 وإن كان بشكل أقل دراماتيكية من هذا العام مما سيجعل معركة الحصة السوقية تحتدم بين الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ومنافسيهم من خارجها وهي المعركة التي اضطرت بسببها بغداد لبيع بعض أنواع الخام بسعر متدن يصل إلى 30 دولار للبرميل. بحسب رويترز.

وقفز إنتاج العراق في 2015 بنحو 500 ألف برميل يوميا بما يعادل 13 بالمئة بحسب وكالة الطاقة الدولية مما جعل العراق مصدر أسرع نمو في الإنتاج في العالم وقاطرة هامة لزيادة إنتاج أوبك.

وفي الأغلب من المرجح أن يتجه هذا النمو نحو تسجيل زيادة متواضعة العام المقبل مما سيخفف الضغوط النزولية على الأسعار التي تقترب من المستويات المتدنية التي سجلتها في عام 2009. لكن رفع العقوبات عن إيران أو هدوء العنف في ليبيا من الممكن أن يزيد إنتاج أوبك أكثر إذا لم تخفض المملكة العربية السعودية أو الدول الأخرى الأعضاء في المنظمة إنتاجها.

وقال يوجين ليندل المحلل لدى جيه.بي.سي إنرجي في فيينا "استقرار نمو الإنتاج من العراق أو ارتفاعه بشكل محدود سيخلق بعض احتمالات زيادة الأسعار - إلا إذا كان لإيران قول آخر... ليبيا ورقة أخرى خطيرة."

وتنتج حقول الجنوب معظم النفط العراقي إذ إن بعدها عن مناطق القتال في أنحاء أخرى من البلاد سمح لها بالاستمرار في الإنتاج وجعلها تسجل حجما قياسيا من الصادرات كان آخرها في يوليو تموز عندما بيع 3.064 مليون برميل يوميا في الخارج.

وقال مصدر من قطاع النفط العراقي لرويترز إن العراق يخطط لتصدير ما بين ثلاثة و3.2 مليون برميل يوميا من الجنوب في 2016 لكنه رفض إعطاء توقعات لصادرات شمال العراق التي استؤنفت في أواخر 2014 وزادت إلى نحو 600 ألف برميل يوميا على الرغم من التوترات بين بغداد وإقليم كردستان.

وأدهش حجم نمو الإنتاج العراقي هذا العام الكثير من المراقبين. بالإضافة إلى ذلك فإن حجم أي تباطؤ في 2016 وحجم نمو الإنتاج في إيران لا يغيب عن فكر مندوبي أوبك الذين سيحضرون اجتماعات المنظمة في الرابع من ديسمبر كانون الأول لمناقشة سياسة الإنتاج.

وقال أحد المندوبين "العراقيون بحاجة لإطلاع أوبك على خطتهم للعام المقبل والإيرانيون لم يطلعوا أحدا إلى الآن على الكميات التي يمكنهم ضخها بالفعل...الإنتاج من هذين البلدبن مهم لأوبك كي تأخذ قرارا."

غير ان المندوب أضاف أنه من غير المرجح أن تخفض أوبك إنتاجها.

*استثمارات أقل

تراجعت الصادرات العراقية بسبب عقود من الحروب والعقوبات. ويأتي النمو بعد استثمارات من جانب شركات النفط في الحقول الجنوبية واستئناف الصادرات من الشمال.

وقفزت شحنات الجنوب في يونيو حزيران بعد أن قسم العراق الخام إلى نوعين هما خام البصرة الثقيل وخام البصرة الخفيف لحل الأمور المتعلقة بالجودة. وسمح هذا لبعض الشركات مثل لوك أويل بزيادة الإنتاج.

وتعمل شركات أخرى من بينها بي.بي ورويال داتش شل وإكسون موبيل وإيني في الحقول الجنوبية بموجب عقود خدمات تحصل بمقتضاها على رسوم دولارية ثابتة على الإنتاج.

وبسبب هبوط أسعار النفط أكثر من 50 بالمئة من أكثر من 100 دولار للبرميل في منتصف 2014 والتكلفة العالية للمعركة التي تخوضها الحكومة العراقية ضد تنظيم الدولة الإسلامية بات أمر سداد مستحقات شركات النفط أكثر صعوبة مما أدى إلى خفض الإنفاق.

وخفضت شركة بي.بي ميزانية تطوير حقل الرميلة بمقدار مليار دولار إلى 2.5 مليار دولار هذا العام كما أن الشركة تتحسب لاحتمال تسجيل زيادة كبيرة في إنتاج العراق في 2016.

وقال مايكل تاونسند رئيس بي.بي في الشرق الأوسط "من الصعب أن نرى زيادة كبيرة في الإنتاج العام المقبل."

ولا تتوقع شل أي نمو في حقل مجنون الذي تتولى الإنتاج منه حيث قال مارتن ويتسيلار رئيس عمليات الغاز المتكاملة في الشركة "في الوقت الراهن نتطلع إلى مستويات مستقرة في مجنون."

ويرى تنفيذيون آخرون يعملون في جنوب العراق أيضا أن الإنتاج سيستقر في العراق العام المقبل من دون تغيير يذكر بينما يحذر البعض من هبوط الإنتاج بحلول النصف الثاني من 2017 بسبب تراجع الاستثمارات.

ويتمتع العراق بكل ما يحفز على الاستمرار في الإنتاج بأقصى طاقته حيث أن أسعاره الفعلية أقل من أسعار الخام القياسي. ويقل السعر الرسمي لبيع خام البصرة الثقيل بمقدار 10.40 دولار في البرميل عن سعر خام برنت للشحن في ديسمبر كانون الأول. وتقول مصادر إن الشحنات تباع بسعر أقل بدولار أو اثنين عن سعر البيع الرسمي أي بأقل من 30 دولارا للبرميل.

واحتل العراق مكانة المملكة العربية السعودية كثاني أكبر مصدر للنفط إلى أوروبا بعد روسيا وأعدت إيران بالفعل قائمة من الزبائن لشراء نفطها حالما ترفع عنها العقوبات بحسب وكالة الطاقة الدولية وهو ما سيبقى الأسعار تحت ضغط على الأرجح.

وقالت الوكالة "لهذا السبب من المرجح أن تزداد المنافسة السعرية بين المنتجين."

ومن غير المؤكد حدوث تقدم سلس في صادرات العراق. ومن المحتمل أن يؤثر تصاعد النزاع بين بغداد واربيل على الشحنات القادمة من الشمال على الرغم من أن الإمدادات زادت بالرغم من بعض الهجمات التخريبية والتوترات. ويقول تجار إن هذا النمو قد يتواصل العام المقبل من ناحية فنية بحتة.

وقال ليندل "بعيدا عن خام البصرة لا نتوقع أكثر من 3.2 مليون برميل يوميا من الصادرات...من الشمال. وهذا هو ما قد تأتي المفاجآت منه."

تجار النفط يستعدون لانخفاض كبير متوقع في الأسعار

من جهتهم يستعد تجار النفط لجولة جديدة من هبوط الأسعار بحلول مارس أذار 2016 بحسب ما أظهرته بيانات للسوق حيث من المتوقع أن يضعف طقس شتوي دافئ على غير المعتاد الطلب بينما ستصل كميات متزايدة من الخام الإيراني إلى الأسواق العالمية حال رفع العقوبات المفروضة على طهران. بحسب رويترز.

وفقدت العقود الآجلة للنفط بالفعل نحو 60 بالمئة من قيمتها منذ منتصف 2014 مع زيادة المعروض عن الطلب بما يتراوح من 0.7 مليون إلى 2.5 مليون برميل يوميا وهو ما أوجد تخمة في السوق يقول محللون إنها ستستمر في عام 2016.

وقال بنك جولدمان ساكس يوم الخميس إنه توجد مخاطر كبيرة "لهبوط حاد" في أسعار النفط.

واضاف قائلا "ربما يؤدي طقس شتوي معتدل على مدى الأشهر القادمة إلى ضعف الطلب على وقود التدفئة في الولايات المتحدة وأوروبا. ومن المرجح أن يحفز ذلك على تعديلات في السوق الفعلية تدفع أسعار النفط للانخفاض لتبلغ مستويات استرداد التكلفة التي نقدرها بنحو 20 دولارا للبرميل."

ويقول جولدمان ساكس ومحللون إن زيادة إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة حيث لا يسمح للمنتجين بالتصدير ربما يتجاوز طاقة صهاريج التخزين الممتلئة بالفعل بمستويات قياسية من المخزونات.

وقد تشهد السوق أيضا زيادة سريعة في صادرات النفط الإيراني بمجرد رفع العقوبات والذي يتوقع كثير من المحللين حدوثه في النصف الأول من 2016.

ويتمثل أحد الخيارات في التعامل مع تخمة المعروض في استخدام ناقلات النفط في التخزين لكن ذلك يتطلب منحنى للسعر تكون فيه الأسعار الآجلة للخام أعلى كثيرا من أسعار البيع الفوري -وهي حالة للسوق تعرف باسم كونتانجو- حتى يمكن تغطية تكلفة التخزين.

لكن ارتفاع رسوم الناقلات وثباتا نسبيا لمنحنى كونتانجو يجعل التخزين العائم أقل جاذبية الآن ولهذا فإن محللين يقولون ان الأسعار الفورية سيتعين أن تشهد مزيدا من الانخفاض بما يجعل تخزين النفط في سفن استراتيجية قابلة للتنفيذ في السوق.

اضف تعليق