الحل الجزئي يكمن من اجل انشاء منظومات متكاملة من الالواح الشمسية والخلايا المدعومة من الحكومة التي تجعل المواطن يتوجه نحو هذه الطاقة وخصوصا الاسر الفقيرة وذوي الدخل المحدود، وبعد ان أنفقت الحكومة ما يقارب أكثر من 75 مليار دولار خلال العقدين الأخيرين على ملف الطاقة الكهربائية...

في ذروة المعاناة التي تتكرر كل صيف يتندر الكثير من مرتادي مواقع السوشيال ميديا في العراق وبمرارة تشوبها السخرية من درجات الحرارة الخمسينية التي ترسلها اشعة الشمس، ومن طرائق معالجتها التي كلفت الدولة عشرات المليارات من الدولارات دون تحسن ملموس.

 ولكن ماذا لو تحولت تلك المعاناة الى مشروع استثماري؟ لاسيما وان العراق يعدّ من الدول المشمسة (300 يوم اشراق قوي) ويحظى بأيام مشمسة كثيرة على مدار العام. لغرض تخفيف العبء المتراكم على منظومة الكهرباء الوطنية ـ بسبب التزايد السكاني المضطرد والاختناقات المستمرة فيها والتوسع المعماري ـ التي لايخفى على الجميع انها تعاني من داء عضال مزمن.

 مع تبادل الاتهامات حول العامل الداخلي والخارجي المسؤول عن الاخفاقات في الانتاج والتوزيع، ومع استمرار القاء تبعية الاخفاقات على كاهل نظرية المؤامرة كمحاولة لتفسير الاخفاقات المستمرة في التعاطي مع ملف الكهرباء.

 هذا الملف الذي اصبح ذا جنبتين سلبيتين مترادفتين: الاولى في كثرة القطوعات المبرمجة اضافة الى العطلات المستمرة، والثانية المولدات الاهلية وكلاهما تشكلان معاناة هائلة للمواطنين خاصة الطبقات التي تعيش تحت خط الفقر، إذ يحتاج العراق حاليا إلى أكثر من 32 ألف ميغاواط لتغطية حاجته الفعلية من الكهرباء، والطاقة المنتجة لاتسد الحاجة الفعلية له، فضلا عن المعاناة التي تسببها المولدات الاهلية المنتشرة في عموم العراق وبالآلاف (49 الف مولدة اهلية) والتي تسبب الكثير من التلوث البيئي والضوضاء والارتجاج الارضي ناهيك عن الغازات الدفيئة التي ترافق انتاج الكهرباء وتشغيل المولدات.

 وهذا ما سيتلافاه العراق حينما يتوجه نحو استثمار الطاقة البديلة كالطاقة الكهروشمسية، والمعروف انه لا يوجد لغاية الآن أي بلد في العالم يستخدم الطاقة الشمسية كمصدر رئيسي لإنتاج الطاقة الكهربائية وانما كمصدر مساعد لوسائل انتاج الطاقة الكهربائية التقليدية وفي مناطق معينة وهذا مايطمح اليه العراق الذي يعد في مقدمة دول العالم التي تتوافر فيها الشروط الطبيعية للاستفادة من الطاقة الشمسية.

 خاصة مع تزايد التوجه العالمي نحو الطاقة المتجددة بشكل عام لما لها من فوائد بيئية وتجنب الوقود الأحفوري، ناهيك عن العملة الصعبة التي ينفقها العراق نتيجة استيراده الغاز الايراني وبمايقدر 70 مليون متر مكعب من الغاز يوميا لتغذية محطات توليد الكهرباء في البلاد التي تولد نحو 5000 ميغاواط من الكهرباء بهذه الإمدادات.

 والحل الجزئي يكمن من اجل انشاء منظومات متكاملة من الالواح الشمسية والخلايا المدعومة من الحكومة التي تجعل المواطن يتوجه نحو هذه الطاقة وخصوصا الاسر الفقيرة وذوي الدخل المحدود، وبعد ان أنفقت الحكومة ما يقارب أكثر من 75 مليار دولار خلال العقدين الأخيرين على ملف الطاقة الكهربائية من دون الوصول إلى معدلات إنتاج مُرضية. 

المفرح ان وزارة الكهرباء تعمل على عقود لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية بواقع 2500 ميغاواط كمرحلة اولى من اصل اكثر من7 آلاف ميغاواط خلال السنوات القليلة المقبلة، وهو ما يمكن ان يشكّل 20% من اجمالي انتاج الكهرباء في العراق، والامور بدأت تبشّر بخير بعد ان قامت الهيأة العامة للاستثمار بإصدار أول إجازة استثمارية للطاقة الشمسية بالعراق وبسعة 1000 ميكاواط مع خطوط الربط والمحطات الثانوية لشركة (توتال انريجي) الفرنسية في شمال البصرة.

 ومن المؤمل ان تعمّم التجربة على عموم البلد، والامر يحتاج الى ان تقوم الحكومة بجميع وسائل الاعلام بعمليات التثقيف والتوعية الجماهرية لكسر الحاجز بين الجماهير وبين استخدام الطاقة النظيفة كما يحدث في ارجاء العالم المتحضر. وان تأتي متأخرا خيرٌ لك من لا تأتي.

اضف تعليق