يشدد العديد من الخبراء والمسؤولين في صناعة النفط أن الضغوط التي يواجهها قطاع التكرير العالمي تزيد من مخاطر الاختناقات وتقلُّب الأسعار، وقد أدى عدم التطابق الواضح بين الطلب المستمر على الهيدروكربونات والتردد في الاستثمار في القدرات، أو إبقاء مصافي النفط مفتوحة، إلى إثارة التوترات العالمية في السنوات الأخيرة...
تواجه مشروعات تطوير مصافي النفط على مستوى العالم صعوبة في تأمين التمويل اللازم لها، وسط إحجام من المصارف العالمية لتمويل مشروعات الوقود الأحفوري.
يرى الرئيس التنفيذي لمجمع بينجيرانج للطاقة في ماليزيا (Pengerang Energy Complex)، ألوين بودين، أنه في حين كون أعمال التكرير ما تزال مربحة، فإن الحصول على التمويل يمثّل تحديًا متزايدًا.
وأضاف بودين خلال مشاركته في قمة آسيا لشركات النفط التي عُقدت في سنغافورة ، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة: "من وجهة نظر العديد من المقرضين، إذا كان لديك كلمة مصفاة في أيّ مكان في عنوانك، فلن تحصل على التمويل".
مع تزايد التهديد الناجم عن تغير المناخ ومحاولة العالم التحرك نحو أهداف الحياد الكربوني، تسلّط تعليقات بودين الضوء على معاناة مصافي النفط عالميًا، وعلى الرغم من وصول الطلب العالمي على النفط الخام إلى أعلى مستوياته على الإطلاق هذا العام، فإن المقرضين أكثر حذرًا بشأن تقديم التمويل.
صناعة النفط
يشدد العديد من الخبراء والمسؤولين في صناعة النفط أن الضغوط التي يواجهها قطاع التكرير العالمي تزيد من مخاطر الاختناقات وتقلُّب الأسعار.
وقد أدى عدم التطابق الواضح بين الطلب المستمر على الهيدروكربونات والتردد في الاستثمار في القدرات، أو إبقاء مصافي النفط مفتوحة، إلى إثارة التوترات العالمية في السنوات الأخيرة.
وأضاف بودين يوم الأربعاء أن أصحاب المصانع سيحتاجون الآن إلى إثبات أن أعمالهم في طور التحول إلى أهداف الحياد الكربوني، قائلًا، إنه بالنسبة لمصافي النفط القادمة، يشمل هذا الدفع يشمل خططًا لاستعمال مخلفات المصنع وقودًا، بالإضافة إلى كهربة بعض العمليات، حسبما ذكرت وكالة بلومبرغ.
قالت مديرة التمويل الأولى في "بي تي كيالانغ بيرتامينا" (PT Kilang Pertamina)، ماريا كاترين، إن شركة شركة "بي تي بيرتامينا" (PT Pertamina) المملوكة للدولة في إندونيسيا تمكنت من الحصول على التمويل، إذ تمتلك الشركة مشروعات بيئية، لكنها لم تخفض الانبعاثات بشكل كامل بعد".
وقال المدير التنفيذي للاستدامة في بنك دي بي إس DBS، روغر تشارلز، إن المصارف وضعت المزيد من القيود على تمويل النفط والغاز، مع توقّع أن العالم سيحتاج قريبًا إلى قدر أقل من الوقود، إذ أصبح تقديم خطة واقعية لتطبيق تحول الطاقة أمرًا أساسيًا للحصول على التمويل.
من جانبه، قال المدير المالي لمجموعة "كيم وان" ChemOne Group، مايانك فيشنوي: "حتى في هذه الحالة، فإن دعم الشركات الصديقة للبيئة لا يخلو من المخاطر، إذ يوجد الكثير من الأمثلة على حوادث الغسل الأخضر، والتي يضطر فيها الناس بسبب ضغوط مختلفة إلى الالتزام بعمل شيء لا يمكنهم القيام به".
قدرة مصافي النفط العالمية
من جانبها، توقعت وكالة الطاقة الدولية أن تكون الموجة الحالية من توسيع طاقة مصافي النفط -والتي ستشهد إضافة نحو 6 ملايين برميل يوميًا إلى الطاقة العالمية- هي الأخيرة.
وأشارت في أحدث تقرير لها عن توقعات الطاقة العالمية، الذي صدر في 24 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، إلى أنها تتوقع تراجع نمو طاقة التكرير العالمية بعد عام 2030 عمومًا.
وأوضحت وكالة الطاقة الدولية أنه بناءً على السياسات الحالية، سترتفع طاقة التكرير العالمية من 102.7 مليون برميل يوميًا في عام 2022 إلى 105.2 مليون برميل يوميًا في عام 2030، بقيادة التطورات الجديدة في آسيا والولايات المتحدة والشرق الأوسط، وقد ترتفع قليلًا إلى 105.8 مليون برميل يوميا بحلول عام 2050.
وأشارت إلى أنه وفق سيناريو أكثر طموحًا لانتقال الطاقة، في حال وفاء جميع البلدان بتعهداتها الطموحة لخفض الانبعاثات خلال الوقت المحدد، من المتوقع أن تنخفض القدرة الإجمالية بنسبة 3% بحلول عام 2030 من مستويات 2022، إلى 99.4 مليون برميل يوميًا، و24% أخرى إلى 62.9 مليون برميل يوميًا بحلول 2050.
وتعدّ الهند إحدى الدول التي من المتوقع أن تنمّي قطاع التكرير لديها، إذ من المتوقع أن ترتفع الطاقة الإنتاجية من 5.2 مليون برميل يوميًا في عام 2022 إلى 7.5 مليون برميل يوميًا بحلول عام 2050، في ظل السياسات الحكومية الحالية.
وسلّط تقرير وكالة الطاقة الدولية الضوء على الهوة المتزايدة بين توقعات قدرات تكرير مصافي النفط، استنادًا إلى تدابير السياسة الحالية، والأهداف الطموحة لخفض الانبعاثات، وخاصة بالنسبة لأوروبا وأميركا الشمالية، وفي ظل سيناريو تدابير السياسة الحالية، تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن تنخفض طاقة التكرير في أميركا الشمالية بنسبة 1.4% فقط بين عامي 2022 و2030، من 21.3 مليون برميل يوميًا إلى 21.0 مليون برميل يوميًا، وبالنسبة لعام 2050 سيمثّل انخفاضًا بنسبة 2.8% عن مستويات 2022.
ومع ذلك، إذا حققت أميركا الشمالية أهدافها الخاصة بخفض الانبعاثات، فسوف تحتاج القدرة إلى الانخفاض بنسبة 7.5% مقارنة بمستويات عام 2022 بحلول عام 2030، وبنسبة 55% بحلول عام 2050، لتصل إلى 9.6 مليون برميل يوميًا.
وقالت وكالة الطاقة الدولية، إن الانخفاض المتوقع في الطلب يقوّض الأساس المنطقي لزيادة الاستثمار في قطاع النفط والغاز، حسبما ذكرت إس آند بي غلوبال بلاتس.
اضف تعليق