تبرز بطاريات تخزين الكهرباء باعتبارها صمام أمان الطاقة المتجددة؛ لدورها البارز في الحفاظ على كميات الكهرباء المولّدة من المصادر النظيفة، وحمايتها من الهدر المحتمل؛ حتى يتسنّى استعمالها في الأوقات الموسمية، أو -حتى- الظروف الاستثنائية،وفطن العديد من حكومات العالم إلى أهمية أنظمة تخزين الكهرباء...
بقلم: محمد عبد السند
تبرز بطاريات تخزين الكهرباء باعتبارها صمام أمان الطاقة المتجددة؛ لدورها البارز في الحفاظ على كميات الكهرباء المولّدة من المصادر النظيفة، وحمايتها من الهدر المحتمل؛ حتى يتسنّى استعمالها في الأوقات الموسمية، أو -حتى- الظروف الاستثنائية.
وفطن العديد من حكومات العالم إلى أهمية أنظمة تخزين الكهرباء؛ إذ يمكن التعويل عليها لدرء أي صدمات خارجية محتملة، على غرار أزمة الطاقة التي كادت تعصف بأوروبا في الشتاء الماضي، نتيجة قطع إمدادات الغاز الروسي، بعد الحرب الأوكرانية.
وفي هذا الإطار، اكتسبت بطاريات تخزين الكهرباء زخمًا شديدًا في السنوات القليلة الماضية؛ إذ إنه مع الزيادة في سعة الكهرباء المولدة بالطاقة الشمسية، تأخذ الأسعار السوقية -على الأرجح- منحنى نزوليًا، وهو ما يدق ناقوس خطر على الصناعة برمتها، حسبما أورد موقع "ريف" Reve.
ومن هنا تبرز أهمية تلك البطاريات؛ لدورها الحيوي في إدارة الطاقات المتجددة، والحد من إهدارها؛ ما يستلزم معه تسريع وضع الأطر التنظيمية التي تتيح نشر تلك البطاريات، بجانب الهيدروجين الأخضر على نطاق واسع، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
رغم الأهمية القصوى لبطاريات تخزين الكهرباء؛ فإنه لا تبدو أي من الحكومات أو الشركات مُستعدة لتركيبها؛ نظرًا إلى أنه من المستحيل نشر تلك البطاريات دون الحصول على دعم تمويلي.
وحتى إذا كان هناك دعم بالفعل لأنظمة تخزين الكهرباء؛ فإن تلك الأخيرة تفتقر إلى عامل آخر مهم لتنفيذها على نطاق واسع: اللوائح التنظيمية الواضحة.
وعلاوة على ذلك يتعين على حكومات الدول أن تضخ استثمارات سخية لتمويل مشروعات تركيب بطاريات تخزين الكهرباء التي يُعول عليها كثيرًا في تحول الطاقة السلس والآمن.
وكما تستعد فرنسا لضخ مليارات اليورو في الطاقة النووية؛ فقد حان الوقت لأن تمنح إسبانيا دفعة قوية لتركيب بطاريات تخزين الطاقة، وفق التقرير.
معضلة تراجع الأسعار
في 26 أبريل/نيسان (2022)، تجاوزت سعة الكهرباء المولدة بالطاقة الشمسية 15 ألف ميغاواط، بحسب المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
ووفقًا لأحدث البيانات الصادرة عن مشغل الشبكة الكهربائية الإسبانية "ريد إلكتريكا دي إسبانيا"، تلامس سعة الكهرباء المولدة بالطاقة الشمسية –الآن- 20.3 غيغاواط، وهي القيمة التي ستقود إلى مراجعة صعودية واضحة لهدف خطة الطاقة الوطنية والمناخ لعام 2030، والتي تصل حاليًا إلى 39.2 غيغاواط.
وتقود تلك الزيادة في سعة الكهرباء المولّدة بالطاقة الشمسية -بديهيًا- إلى أسعار منخفضة جدًا، وذلك بمساعدة إنتاج طاقة الرياح، وهبوط الطلب.
وما زالت ظاهرة هبوط الأسعار تلك، على ما يبدو، صداعًا في رأس اللاعبين الرئيسين في صناعة الطاقة المتجددة العالمية؛ ما يخلق حاجة ماسّة لتركيب بطاريات تخزين الكهرباء في منظومة تعتمد إلى حد كبير على الكهرباء المولّدة من المصادر المتجددة -ولا سيما الطاقة الشمسية وطاقة الرياح-.
وستتيح عملية تخزين الكهرباء النظيفة إدارة إنتاج الطاقة المتجددة ذات الطبيعة المتقطعة بكفاءة عالية.
وتتيح إدارة إنتاج الطاقة المتجددة -أيضًا- تخزين جزء منها، وضخه في الشبكة في أوقات لاحقة بأسعار أفضل، وهو ما يحول دون هبوط أسعار الطاقة المتجددة، وما يترتب على ذلك من أضرار جسيمة على الصناعة.
وقود الهيدروجين الأخضر
يُعوَّل على الهيدروجين الأخضر في أن يصبح وقود المستقبل دون منازع، بفضل دوره المحوري في إزالة الكربون من بعض القطاعات، مثل النقل والصناعة.
ومن المتوقع أن يرتفع الطلب على هذا الوقود النظيف بواقع 6 أضعاف على الأقل في غضون عقود قليلة.
وسيتطلب إنتاج الهيدروجين الأخضر كمية كبيرة من الطاقة المتجددة، وستكون الطاقة الشمسية هي الركيزة الأساسية في تلك العملية.
ومن خلال تهجين محطات الطاقة الشمسية بمحطات توليد الهيدروجين، و-أيضًا- بمحطات طاقة الرياح وأنظمة البطاريات، سيكون من الممكن إنتاج الهيدروجين الأخضر دون الحاجة لاستهلاك كميات كبيرة من الكهرباء المُستمدة من الشبكة، وبأسعار تنافسية جدًا.
تخزين موسمي
تتمثل الأدوار التي سيؤديها الهيدروجين الأخضر في عملية إزالة الكربون في استعماله بوصفه تقنيةً لتخزين الكهرباء موسميًا.
فالقدرة على إنتاج الهيدروجين من تحليل المياه في جهاز التحليل الكهربائي باستعمال الكهرباء، ثم إنتاج الكهرباء في خلية وقود، يجعل من هذا الوقود أداة مثالية لتخزين الكهرباء بكميات كبيرة، ولأوقات زمنية طويلة.
وفي مزيج الكهرباء، يتعين أن تكون ثمة طريقة لتخزين الفائض من الطاقة المتجددة المولدة، على سبيل المثال، عبر الطاقة الشمسية خلال موسم الصيف، وإعادة ضخها في الشبكة الوطنية في أوقات انخفاض سعة الطاقة المتجددة، وارتفاع الطلب، كما هو الحال في الشتاء.
ولا تمتلك البطاريات السعة لتخزين الكهرباء خلال تلك الأوقات الطويلة. لكن يبرز الهيدروجين الأخضر، رغم الصعوبات والقيود المتضمنة في عملية إنتاجه، أكثر ملاءمة بكثير للمساعدة موسميًا.
توقعات السعة العالمية
توقع تقرير صادر عن شركة الأبحاث وود ماكنزي، في 28 يوليو/تموز (2022) أن تقترب السوق العالمية لتخزين الكهرباء من 500 غيغاواط بحلول عام 2031.
وتستحوذ كل من الولايات المتحدة والصين على 75% من الطلب العالمي المتوقع على تخزين الكهرباء بحلول 2031، بحسب ما ورد في التقرير، وتابعته منصة الطاقة المتخصصة.
وتتربع الصين على عرش سوق تخزين الكهرباء في منطقة آسيا المحيط الهادئ، بحسب التقرير.
ووفقًا لتوقعات وود ماكنزي، سترتفع سعة التخزين التراكمية في الصين إلى 422 غيغاواط/ساعة بحلول 2031.
وفي أوروبا يتخلف الطلب عن نظيره في كل من الصين والولايات المتحدة الأميركية؛ إذ إن سوق التخزين على نطاق الشبكة لم تجد مكانتها بعد؛ إذ تمثّل 44% من الإجمالي فقط، قياسًا بـ87% و79% في الصين والولايات المتحدة على التوالي.
اضف تعليق