برزت الطاقة الحرارية الأرضية بوصفها مصدرًا نظيفًا وموثوقًا للحرارة والكهرباء؛ إذ بإمكانها أن تؤدي دورًا مهمًا في انتقال الطاقة النظيفة، جنبًا إلى جنب مع مصادر الطاقة المتجددة الأخرى، ويوفر الوضع الحالي -الذي يتميز بتقلّب شديد في أسعار النفط والغاز- فرصًا متجددة للطاقة الحرارية الأرضية...
بقلم: دينا قدري
برزت الطاقة الحرارية الأرضية بوصفها مصدرًا نظيفًا وموثوقًا للحرارة والكهرباء؛ إذ بإمكانها أن تؤدي دورًا مهمًا في انتقال الطاقة النظيفة، جنبًا إلى جنب مع مصادر الطاقة المتجددة الأخرى، ويوفر الوضع الحالي -الذي يتميز بتقلّب شديد في أسعار النفط والغاز- فرصًا متجددة للطاقة الحرارية الأرضية، لمواصلة تطويرها بوصفها بديلًا إستراتيجيًا بتوليد الكهرباء والتدفئة والتبريد في جميع أنحاء العالم.
ومع ذلك، فإن السياسات واللوائح الوطنية هي مفتاح التطوير الناجح لمشروعات الطاقة الحرارية الأرضية، وهذه تختلف بشدة في جميع أنحاء العالم.
وفي هذا الإطار، نشرت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا) والرابطة الدولية للطاقة الحرارية الأرضية تقريرًا -اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة- يسلّط الضوء على التطورات التي شهدها القطاع، فضلًا عن توصيات لتعزيز نمو السوق، واستغلال الإمكانات المتاحة.
سوق متطورة
تُعدّ الموارد الحرارية الأرضية متاحة على نطاق واسع في المناطق ذات النشاط البركاني، وكذلك في الأحواض الرسوبية (منخفض أرضي يحتوي على رواسب سميكة في الداخل ورواسب رقيقة عند حوافّه).
وأشار التقرير -الذي نشرته "آيرينا"- إلى أن الطاقة الحرارية الأرضية يُمكن أن تسهم في استقرار شبكات الكهرباء، مع النشر المتسارع الأخير للطاقة المتغيرة من طاقة الرياح والطاقة الشمسية الكهروضوئية.
بالإضافة إلى ذلك، تطورت تكنولوجيا الطاقة الحرارية الأرضية إلى ما هو أبعد من تركيزها على سوق الكهرباء، لتشمل مجموعة واسعة من التطبيقات في قطاع الطاقة، بما في ذلك التدفئة والتبريد؛ ما يجعلها مصدرًا للطاقة المتجددة منخفض التكلفة ومستقلًا عن الطقس.
وقد نما توليد الكهرباء من الطاقة الحرارية الأرضية بمعدل متواضع يبلغ نحو 3.5% سنويًا، ووصل إجمالي السعة المركبة إلى نحو 15.96 غيغاواط في عام 2021، ولا تزال تمثّل 0.5% فقط من القدرة المركبة القائمة على مصادر الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء والتدفئة والتبريد على مستوى العالم.
ومن ناحية أخرى، نما نشر الطاقة الحرارية الأرضية للتدفئة والتبريد بمعدل متوسط يبلغ نحو 9% سنويًا بين عامي 2015 و2020، ليصل إلى 107 غيغاواط حراري في عام 2020.
تحديات وعقبات
يواجه تطوير الكهرباء الحرارية الأرضية تحديات متنوعة تعوق نمو السوق ونشر المشروعات؛ وتظهر العديد من هذه التحديات خلال مراحل الاستكشاف المبكرة ذات الخطورة العالية، وكذلك خلال المراحل الأكثر تقدمًا من تطوير المشروع.
وأوضح التقرير، الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، أن التحدي الكبير الذي تواجهه العديد من المشروعات هو المقاومة العامة، وهو أمر شائع في قطاعات الموارد الطبيعية الأخرى.
فقد واجهت العديد من المشروعات معارضة من السكان المحليين والمجتمعات الأصلية والمنظمات المختلفة، بسبب اختلاف وجهات النظر وتضارب المصالح بشأن استعمال الأراضي، والمعلومات المحدودة عن التكنولوجيا، والمخاوف بشأن الآثار البيئية والاجتماعية.
وتشمل التحديات العالمية الأخرى أزمة التمويل؛ إذ تواجه مشروعات الطاقة الحرارية الأرضية صعوبة في تعبئة رأس المال أو الوصول إليه من أجل الاستكشاف المبكر وتمويل المشروعات، بسبب تعقيد المشروع ومخاطر الاستثمار وعوامل أخرى، كما تتطلب المشروعات دعمًا عامًا من خلال السياسات التمكينية وأطر التحفيز، نظرًا لأن العديد منها ليس مربحًا في ظل ظروف السوق السائدة.
وأدت القضايا المتعلقة بسوق الطاقة -مثل تعرفة الكهرباء غير التنافسية في أسواق الكهرباء المحررة والتأخير في الحصول على اتفاقيات شراء الطاقة- إلى إبطاء وتيرة نمو الصناعة، وشدد التقرير على أنه ما تزال هناك حاجة إلى التطوير والابتكار التكنولوجيين لجعل الطاقة الحرارية الأرضية حلًا للطاقة قابلًا للتطوير عالميًا.
توصيات وإصلاحات
قدّم تقرير وكالة آيرينا عددًا من التوصيات لتعزيز السوق العالمية للطاقة الحرارية الأرضية؛ وجاء في مقدّمتها تعزيز التطوير والاستفادة على نطاق واسع من جميع المصادر المتاحة، إذ ما تزال الإمكانات الكبيرة لموارد درجات الحرارة المنخفضة والمتوسطة -والمتاحة على نطاق أوسع- غير مستغلة إلى حدّ كبير.
كما يتعين تحسين الأطر التمكينية لتعزيز الاستثمارات، مع ارتفاع التكاليف الأولية ومخاطر الموارد العالية، علاوةً على ذلك، يرى مطوّرو الطاقة الحرارية الأرضية إجراءات الترخيص في العديد من الولايات القضائية، طويلة ومعقدة للغاية، وهناك حاجة إلى تعزيز التآزر بين الصناعات، والتنسيق بين الطاقة الحرارية الأرضية والقطاعات الأخرى.
إذ يتشابك تطوير واستعمال الطاقة مع قطاعات مختلفة مثل الطاقات المتجددة الأخرى مثل الرياح والطاقة الشمسية، واحتجاز الكربون وتخزينه، وإنتاج الهيدروجين، وصناعة الاستخراج، وقطاعات الاستعمال النهائي، بما في ذلك قطاعات الإسكان والصناعة والأغذية الزراعية، ويُعدّ تشجيع الابتكار التكنولوجي والبحث والتطوير مهمًا لتوسيع نطاق تطوير الطاقة الحرارية الأرضية؛ فضلًا عن تعزيز التعاون الدولي والإقليمي والوطني بين الشركاء.
اضف تعليق