النخب التعليمية عليها مسؤولية عظيمة تجسد المبادئ التصالحية والتحرك مباشرة نحو الصراع وإيقافه بدلاً من الابتعاد عنه، الدرس المستفاد هنا، ليس من الممارسات التي يجب إتقانها أو الأساليب المنافقة التي يجب التخلص منها، إنه عرض لتعقيد القضايا والعيوب والصراعات والاستعداد للانخراط في عملية جماعية للسير نحو هذا التعقيد لفهمه بشكل أفضل...
(المنافق الحقيقي هو الذي لا يُدرَك خِداعُه لأنه يكذب بصدق) الكاتب أندريه جيد
من الصعب أن نتوسم خيرا من الطلاب على عدم النفاق أو التنمر عندما يكون الوسط العلمي والمثقف مليء بهذه الممارسات المستهجنة؛ ويبدو أن البعض اتخذ شعارا منافقا "كن مناهضا للنفاق عندما يؤيد الوسط العلمي شعار التفوق التعليمي"؛ أو "إظهار التعاطف عندما تتجاهل العملية التعليمية أزمة الظلم أو التمييز."
هنا نتساءل عما إذا كان التعليم نفاقا، لا سيما عندما يتأثر الوسط النخبوي والطلابي بذلك النفاق؟ فهل يجب أن تتحمل الجامعات والكليات بعض المسؤولية لتنمية شخصية الطلاب؟ أم يجب عليهم التراجع عن مثل ذلك والتركيز على التدريس؟
في الواقع، تُظهر الممارسات في بعض المجتمعات تأثرها بالنفاق والتنمر وزيادة الفظاظة، حيث أصبح من المقبول التعبير عن المشاعر العدائية والمهينة على الرغم من الشعارات التي تصور لنا بأن الوسط التعليمي سواء "نخب" أو متعلمون لا يتأثرون بالجو العام، إلا أن التأثير نراه في مواقف كثيرة يكون فوريا وشخصيا وتراكميا. كل يوم تتم نمذجة السلوك والمواقف والنهج والقيم. كل فعل، كل خيار، يرسل رسالة تصبح جزءا من تفسير المتلقي وفهمه للوسط التعليمي.
لم أكن أنوي الكتابة عن التناقض بين "النخب" والطلاب. لكن أثناء وجودي في الوسط الأكاديمي منذ سنوات طويلة، قمت برصد حالات كثيرة واستمع للأطراف وإلى تجربتهم وجدت هناك العديد من الممارسات التي أثيرت تخص ثقافة الوسط وما يتعلق بالنفاق، حديث يجري ذلك وراء ظهور البعض؛ ويتم الإدلاء بتعليقات غير محترمة حول أعضاء هيئة التدريس والطلاب.
قيم خادعة
هناك مؤسسات تعليمية ونخب أكاديمية تتحدث عن الفضائل وعن السلوك وعن قيمة وأهمية العلم، لكنها تمارس التمييز ضد أولئك الذين لا تناسبهم طريقة التعليم أو التعلم، فماذا نسمي "النخب" التعليمية التي تصنف الطلاب من خلال نتائج الاختبارات فقط، وبالتالي إنشاء تسلسل هرمي لن يترك أمل في الارتقاء بسبب إطار تعليمي مختلف أو ممارسات غير لائقة وتصنيف الطلاب وفق أمزجة ومصالح وهو أمر تمييزي في حد ذاته.
في المؤسسة التعليمية، من الأهمية بذل قصارى الجهد لمواءمة سلوك "النخب" النزيهة مع توقعات من الطلاب وأن أي شيء دون ذلك يمثل معيارا مزدوجا والتعامل بانتقائية.
نحن بحاجة إلى عدالة صالحة تؤسس لبناء علاقات قوية وصحية وعادلة لإنشاء مجتمعات تعليمية فعالة تركز على فكرة الترابط والتعامل باحترام ووفق معايير تعليمية حقيقية فان خلاف ذلك نؤذي بعضنا البعض، وهذا يجعلنا أمام المسؤولية عن أفعالنا في بيئة قائمة على الثقة والدعم المتبادل ويمكن تطبيق العمليات التصالحية لاستعادة مجتمع التعلم الصحي.
إذ من الأجدر أن يتم تحديد النفاق بشكل علني ومناقشته في برامج مخصصة، من حيث كيفية التعليم بين "النخب" قبل أن تكون ثقافة طلابية.
خلاصة
ان التماسك بين الكلمات والأفعال مهم. وهناك شواهد كثيرة وعقلانية تؤيد بأن التماسك يؤثر بشكل إيجابي لأنه يصبح جزءا من الثقافة العامة وخلاف سيكون العكس.
النخب التعليمية عليها مسؤولية عظيمة تجسد المبادئ التصالحية والتحرك مباشرة نحو الصراع وإيقافه بدلاً من الابتعاد عنه، بقصد استخدام هذا الصراع لتحسين الثقافة التعليمية بما يجسد مجتمعا تعاونيا تصالحيا حقيقيا.
الدرس المستفاد هنا، ليس من الممارسات التي يجب إتقانها أو الأساليب المنافقة التي يجب التخلص منها. إنه عرض لتعقيد القضايا والعيوب والصراعات والاستعداد للانخراط في عملية جماعية للسير نحو هذا التعقيد لفهمه بشكل أفضل.
اضف تعليق