رغم ان طباعة الكتب المدرسية تحسنت كثيرا في الآونة الاخيرة الا ان اخراجها واستخدام الصور والالوان يكاد يكون بدائيا ولا يحقق هدفا تربويا ولا يشد الطالب الى الصورة او الكتاب. تحتاج الكتب المدرسية الى اعادة نظر شاملة وجذرية بالجانب الفني والاخراجي لها. وهذا امر سهل...
يشمل مصطلح "الاجتماعيات" المعتمد حاليا في المنهج الدراسي لدينا مواد التاريخ والجغرافيا والتربية الوطنية. وانا اقترح اضافة مادة التربية الدينية او الاسلامية أيضا، تلعب مادة الاجتماعيات دورا اساسيا في ترسيخ القيم الحضارية لدى طلبتنا.
وتتلخص فكرتي في هذا المجال بالخطوات التالية:
اولا، تحديد القيم المستهدفة والتي تشكل العمود الفقري في شخصية #المواطن_الفعال، الحضاري، والمطلوب ان يتحلى بها الطالب في نهاية الدورة المدرسية (منذ الصف الاول ابتدائي الى نهاية الصف السادس ثانوي). توضع قائمة كاملة بهذه القيم. المواطن الحضاري الفعال هو اللبنة الاولى في #الدولة_الحضارية_الحديثة. واذاً، فهذه القيم هي قيم الدولة الحضارية الحديثة.
ثانيا، يتم توزيع هذه القيم على سنوات الدراسة ال ١٢، بما يتناسب مع اعمار الطلبة في كل مرحلة دراسية. ولو فرضنا انه تم تحديد ١٢٠ قيمة، فسوف يكون لدينا ١٠ قيم للسنة الدراسية الواحدة على ان يتم استذكار قيم السنوات الماضية في كل مرحلة دراسية بحيث يتم بناء هذه القيم وغرسها بشكل تراكمي في شخصية الطالب.
ثالثا، يتم تغطية هذه القيم في كتاب الاجتماعيات وما يقوم مقامه بحيث تدور موضوعات الكتاب في الجغرافيا والتاريخ والتربية الوطنية (والتربية الاسلامية اذا تم الاخذ بمقترحي باضافتها للاجتماعيات) مدار القيم.
رابعا، توضع مجموعة من الفعاليات والمهارات الصفية واللاصفية التي تستهدف ترسيخ هذه القيم في شخصية الطالب.
خامسا، تكون اطروحة الدولة الحضارية الحديثة هي الفكرة الكلية الحاكمة على كتب الاجتماعيات. وهذا يتطلب بناء المفاهيم التالية في شخصية الطالب: الحضارة، الانسان الحضاري، المجتمع الحضاري، الدولة الحضارية، المركب الحضاري، القيم الحضارية، الايمان بالله، اولوية الانسان، تحسين نوعية الحياة، التفاعل البناء مع الطبيعة، القيمة الحضارية للزمن، القيمة الحضارية للمعرفة والعلم، انسانية الحضارة والتفاعل بين الحضارات. هذا فضلا عن التعريف بالدولة الحضارية الحديثة نفسها.
والهدف من هذا التفصيل هو كما قلت في مقال سابق تنشئة جيل جديد من المواطنين الحضاريين الفعالين الذين يكونون قاعدة الدولة الحضارية الحديثة. والمفروض ان يجعل مؤلفو كتب الاجتماعيات هذا الهدف نصب اعينهم وهم يكتبون هذه الكتب.
حاليا توجد شذرات جيدة في الكتب المتداولة يمكن ان تتخذ نقاط انطلاق لتنفيذ الفكرة التي طرحتها في هذا المقال. فعلى سبيل المثال، نلاحظ ان مقدمة كتاب الاجتماعيات للصف الاول متوسط تتضمن مفاهيم جيدة كثيرة في هذا السياق، لكن متن الكتاب لا يمثل ترجمة امينة لهذه التوجهات.
ونجد في كتاب الاجتماعيات للصف الخامس ابتدائي قائمة من ست قيم مع المهارات المصاحبة لها، والطلب الى المعلم غرس هذه القيم في نفوس التلاميذ.
ونجد في كتاب التربية الوطنية للصف الثالث متوسط عرضا جيدا للابعاد الحضارية في الدستور العراقي.
لكننا لا نجد تماسكا وتراكما في قيم بناء المواطن الحضاري الفعال او الدولة الحضارية الحديثة بشكل نتوقع ظهور اثاره على شخصية ونفسية الطالب العراقي بعد ١٢ سنة من الذهاب الى المدرسة. ولا اعتقد ان معالجة هذه المسالة من الامور الصعبة.
كمل نجد على سبيل المثال في اجتماعيات الصف الخامس ابتدائي حديثا عن "مكونات المجتمع العراقي" بشكل يوهن مفهوم المواطنة.
ثمة ملاحظة فنية. رغم ان طباعة الكتب المدرسية تحسنت كثيرا في الآونة الاخيرة الا ان اخراجها واستخدام الصور والالوان يكاد يكون بدائيا ولا يحقق هدفا تربويا ولا يشد الطالب الى الصورة او الكتاب. تحتاج الكتب المدرسية الى اعادة نظر شاملة وجذرية بالجانب الفني والاخراجي لها. وهذا امر سهل اذا انتبه المشرفون الفنيون على الكتب الى هذا الجانب ايضا.
اضف تعليق